في بداية مسيرته الفنية عام1980 تأثر الشيخ الفنان راشد بن خليفة آل خليفة الرئيس الفخري لجمعية البحرين للفنون التشكيلية, بالأعمال الزيتية لفناني المدرسة الانطباعية. لكنه اتجه في محاولاته الأولي إلي المقارنة الجمالية بين بيئتين متباينتين تماما: البيئة الصحراوية القاحلة, والريف الأوروبي الساحر, غير أنه مع تطور أعماله تنامت ميوله أكثر نحو نقل الأحاسيس التي يحملها الجو المحيط باللوحة بدلا من تصوير المناظر بتفاصيلها, ومع استمراره في تصوير الأحاسيس المحيطة انتقل إلي المرحلة الثانية في الثمانينيات والتي اتجه فيها إلي تصوير الأشكال المجازية التي يمكن فك أسرارها وصولا إلي الأعمال التي تحمل مزيدا من التلميحات التعبيرية. وفي عام1990 توجه إلي الدمج بين العناصر المجازية والطبيعية للوحاته فانتقل إلي المدرسة التجريدية التعبيرية, وكانت له خلال التسعينيات تجارب في الرسم علي لوحات بشكل منشوري مصنوعة من الخشب والقماش أتاحت له أبعاد ثلاثية فلم تكن بحاجة إلي حامل للوحات, وكانت تتيح للمشاهد إمكانية التمعن فيها من جميع الزوايا ورغم ذلك لم يكن الفنان راشد بن خليفة راضيا تماما فاتجه لمزيد من التجريدية ليبتكر اللوحة المحدبة. وإن كان يري أن الفكرة موجودة في الطبيعة كما يقول, فمثلا القمر هو جسم محدب والأشكال الكونية المحدبة أقرب إلينا من الشكل المسطح الذي لا يوجد له سوي بعد واحد. كيف استقبل الجمهور والنقاد اللوحة المحدبة؟ قال: الجمهور ينظر إليها كتجربة جديدة لهذا استحسنها, وكذلك النقاد, لكنني أحب السماع لرأي الذين لهم ملاحظات حتي أتمكن من تطوير تجربتي التي بدأتها عام1988 بلوحة ثلاثية الأضلاع, وبعد فترة وجدت أنني يجب أن أطور الفكرة, فالتجربة والصدفة ساعدتاني علي الوصول إلي هذا الشكل لكن التطوير ضروري وهذا ما جعل النتيجة أفضل, فالخروج عن المألوف أسلوب يتبعه كثير من الفنانين, وكل منهم له بصمته الخاصة في أعماله. ما هي أهم المؤثرات علي أعمالك الفنية؟ كان أول شيء تأثرت به هو المناخ الحار جدا في البحرين, كما تأثرت بدرجات ألوان الأمواج الفبروزية, وتأثرت أيضا بالمدارس العالمية كالمدرسة الانطباعية, وبالفنان ترنار الذي كانت لوحاته ضبابية وتأثرت أيضا بعالم التصميم والعمارة الهندسية والتصوير الفوتوغرافي ومررت بمراحل وتحديات واستخدمت تقنيات مختلفة, فالإنسان يدرب عينيه ويتراكم مخزونه الثقافي ويبدع من خلال هذا كله, والتجارب تتطور ولا تتوقف حتي تفرض أسلوبا أو تغيره, وكلما نضج الفنان يحدث اختزال في العناصر والأشكال وتنسحب الشخوص المباشرة أو الأشياء المباشرة, وهذا ما حدث معي في أحدث معارضي( اللوحة المحدبة). من الفنان الذي تأثرت به في أعمالك الفنية؟ من الفنانين الأوائل الذين سحرني أسلوبهم في أثناء دراستي دابليو ترنر وعندما شاهدت أعماله عندما ذهبت إلي لندن وجدت أنني أمام رائد من رواد الفن التشكيلي في العالم, وشعرت بسعادة غامرة وسرور عندما شاهدت أعماله عن قرب ومباشرة, والحقيقة أنني أحب العمل الفني كعمل, وهناك كثير من الأعمال تشدني لفنانين عرب وأجانب, وهناك أعمال أخري لا تريحني, وبصفة عامة فإنني أتابع المعارض العربية والأجنبية وما يكتب عنها, والإنترنت الآن تسهل هذه المتابعة وتجعلنا نطلع علي أحدث الأعمال والمدارس الفنية والأساليب المختلفة. كيف تأثرت بالبيئة البحرينية؟! إنها الواقع الذي خرجت منه بصغر مساحتها وقلة المناظر التي نشاهدها, فليس لدينا جبال أو أنهار, فالموضوعات محدودة ومتواضعة, لكن العين التي أراها بها هي إحساسي الذي يجعلني أري أشياء أكبر من التي أمامي, كما أن المخزون الثقافي يجعلني أستخرج الإبداعات التي شاهدتها خلال أي رحلات أو أسفار. ماذا أضاف استخدامك لخامات مستحدثة إلي أعمالك؟ أعتبرها تجارب لأساليب وتقنيات,فالخامات تستخدم لغاية معينة وأعمال محددة وهي عبارة عن أصباغ وزيوت تجعل لتقنياتي خصوصية شديدة. ما الجديد الذي تأمل أن تحققه خلال الفترة المقبلة؟ تكملة مشوار المعرض, فلا أريد أن أخيب أمل كل المتابعين في البحرين وخارجها, وأتمني أن أضيف أعمالا أخري تجد قبولا لدي المشاهدين.. وأسعي حاليا لإقامة معرض' اللوحة المحدبة' في الدول العربية والأجنبية, فالعالم ينظر إلي الفنانين العرب باحترام وتقدير ويجب أن ننتهز هذه الفرصة بعد أن تشبعت قاعات العرض الأوروبية من الأعمال الآسيوية والأوروبية, وهي منافس قوي لنا لذا أتمني أن أري معارض ومسابقات ومهرجانات وفعاليات قوية في جميع الدول العربية, خاصة أن لدينا مواهب تحتاج إلي من يكتشفها وينميها.