5 دول لن تشهد انتخابات مجلس الشيوخ.. سوريا والسودان وإسرائيل أبرزهم    محافظ القليوبية يتابع أعمال النظافة ورفع الإشغالات بالخصوص    الرئيس الإيراني يبدأ زيارة رسمية إلى باكستان السبت لتعزيز التعاون الثنائي    ملك المغرب يعطي تعليماته من أجل إرسال مساعدة إنسانية عاجلة لفائدة الشعب الفلسطيني    الرئاسة الفلسطينية: مصر لم تقصر في دعم شعبنا.. والرئيس السيسي لم يتوان لحظة عن أي موقف نطلبه    فرنسا تطالب بوقف أنشطة "مؤسسة غزة الإنسانية" بسبب "شبهات تمويل غير مشروع"    القوات الأوكرانية خسرت 7.5 آلاف عسكري في تشاسوف يار    البرلمان اللبناني يصادق على قانوني إصلاح المصارف واستقلالية القضاء    تقرير: مانشستر يونايتد مهتم بضم دوناروما حارس مرمى باريس سان جيرمان    عدي الدباغ معروض على الزمالك.. وإدارة الكرة تدرس الموقف    خالد الغندور يوجه رسالة بشأن زيزو ورمضان صبحي    راديو كتالونيا: ميسي سيجدد عقده مع إنتر ميامي حتى 2028    أبرزهم آرنولد.. ريال مدريد يعزز صفوفه بعدة صفقات جديدة في صيف 2025    مصر تتأهل لنهائي بطولة العالم لناشئي وناشئات الإسكواش بعد اكتساح إنجلترا    جنوب سيناء تكرم 107 متفوقين في التعليم والرياضة وتؤكد دعمها للنوابغ والمنح الجامعية    تحقيقات موسعة مع متهم طعن زوجته داخل محكمة الدخيلة بسبب قضية خلع والنيابة تطلب التحريات    محافظ القاهرة يقود حملة لرفع الإشغالات بميدان الإسماعيلية بمصر الجديدة    نيابة البحيرة تقرر عرض جثة طفلة توفيت فى عملية جراحية برشيد على الطب الشرعى    مراسل "الحياة اليوم": استمرار الاستعدادات الخاصة بحفل الهضبة عمرو دياب بالعلمين    مكتبة الإسكندرية تُطلق فعاليات مهرجان الصيف الدولي في دورته 22 الخميس المقبل    ضياء رشوان: تظاهرات "الحركة الإسلامية" بتل أبيب ضد مصر كشفت نواياهم    محسن جابر يشارك في فعاليات مهرجان جرش ال 39 ويشيد بحفاوة استقبال الوفد المصري    أسامة كمال عن المظاهرات ضد مصر فى تل أبيب: يُطلق عليهم "متآمر واهبل"    نائب محافظ سوهاج يُكرم حفظة القرآن من ذوي الهمم برحلات عمرة    أمين الفتوى يحذر من تخويف الأبناء ليقوموا الصلاة.. فيديو    ما كفارة عدم القدرة على الوفاء بالنذر؟ أمين الفتوى يجيب    القولون العصبي- إليك مهدئاته الطبيعية    جامعة أسيوط تطلق فعاليات اليوم العلمي الأول لوحدة طب المسنين وأمراض الشيخوخة    «بطولة عبدالقادر!».. حقيقة عقد صفقة تبادلية بين الأهلي وبيراميدز    النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بعدد من مدارس التعليم الفني ب الشرقية (الأماكن)    لتسهيل نقل الخبرات والمهارات بين العاملين.. جامعة بنها تفتتح فعاليات دورة إعداد المدربين    محقق الأهداف غير الرحيم.. تعرف على أكبر نقاط القوة والضعف ل برج الجدي    وزير العمل يُجري زيارة مفاجئة لمكتبي الضبعة والعلمين في مطروح (تفاصيل)    هيئة الدواء المصرية توقّع مذكرة تفاهم مع الوكالة الوطنية للمراقبة الصحية البرازيلية    قتل ابنه الصغير بمساعدة الكبير ومفاجآت في شهادة الأم والابنة.. تفاصيل أغرب حكم للجنايات المستأنفة ضد مزارع ونجله    الشيخ خالد الجندي: الحر الشديد فرصة لدخول الجنة (فيديو)    عالم بالأوقاف: الأب الذي يرفض الشرع ويُصر على قائمة المنقولات «آثم»    تمهيدا لدخولها الخدمة.. تعليمات بسرعة الانتهاء من مشروع محطة رفع صرف صحي الرغامة البلد في أسوان    ليستوعب 190 سيارة سيرفيس.. الانتهاء من إنشاء مجمع مواقف كوم أمبو في أسوان    تعاون مصري - سعودي لتطوير وتحديث مركز أبحاث الجهد الفائق «EHVRC»    كبدك في خطر- إهمال علاج هذا المرض يصيبه بالأورام    محافظ سوهاج يشهد تكريم أوائل الشهادات والحاصلين على المراكز الأولى عالميا    الوطنية للصلب تحصل على موافقة لإقامة مشروع لإنتاج البيليت بطاقة 1.5 مليون طن سنويا    وزير البترول يبحث مع "السويدى إليكتريك" مستجدات مجمع الصناعات الفوسفاتية بالعين السخنة    هشام يكن: انضمام محمد إسماعيل للزمالك إضافة قوية    ضبط طفل قاد سيارة ميكروباص بالشرقية    حملة «100 يوم صحة»: تقديم 23 مليونًا و504 آلاف خدمة طبية خلال 15 يوماً    انطلاق المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل من محافظة مطروح    SN أوتوموتيف تطلق السيارة ڤويا Free الفاخرة الجديدة في مصر.. أسعار ومواصفات    خبير علاقات دولية: دعوات التظاهر ضد مصر فى تل أبيب "عبث سياسي" يضر بالقضية الفلسطينية    بدء الدورة ال17 من الملتقى الدولي للتعليم العالي"اديوجيت 2025" الأحد المقبل    يديعوت أحرونوت: نتنياهو وعد بن غفير بتهجير الفلسطينيين من غزة في حال عدم التوصل لصفقة مع الفصائل الفلسطينية    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل برنامج التصميم الداخلي الإيكولوجي ب "فنون تطبيقية" حلوان    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    طارق الشناوي: لطفي لبيب لم يكن مجرد ممثل موهوب بل إنسان وطني قاتل على الجبهة.. فيديو    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    فوضى في العرض الخاص لفيلم "روكي الغلابة".. والمنظم يتجاهل الصحفيين ويختار المواقع حسب أهوائه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فلسطين تطلق العنان للشاعرة " السجينة " فدوى طوقان في مئويتها
نشر في صوت البلد يوم 06 - 07 - 2017

في بيت عمره 4 قرون بُني على الطراز الشامي القديم بمدينة نابلس تتوسطه نافورة ماء مع غرف كثيرة موزعة على أركانه المطوقة بأسوار عالية وُلِدت وتربَّت الشاعرة الفلسطينية المُخضرمة فدوى طوقان. هذا البيت، الواقع في المدينة المُسماة أرض الدِّيار أي الساحة الكبيرة بالضفة الغربية، هو سجن فدوى، بعد أن اضطرت لترك المدرسة وهي في الصف الرابع الابتدائي. ويعود ذلك إلى حادثة روتها ريما الكيلاني ابنة أديبة شقيقة طوقان، التي ألهمتها هذه الجدران كثيرا من أعمالها.
تقول الكيلاني "كانت خالتي فدوى في الصف الرابع، عندما كانت في طريق عودتها من مدرستها، وقبل وصولها للمنزل رمى أحد الفتية أمامها وردة، لم تلتقطها وواصلت خطواتها الصغيرة للبيت".
لكن سرعان ما علمت العائلة بما حصل، وقررت حرمان الطفلة من الذهاب للمدرسة فقد كانت واقعة الوردة آنذاك أمر يتنافى مع عادات المجتمع المحافظ وتقاليده".
بقيت طوقان سجينة البيت كما تشير كتاباتها غير أن شقيقها، الشاعر الكبير، إبراهيم طوقان، الذي كان الأقرب لها ساندها في محنتها وشجعها على مواصلة التعليم الذاتي وكتابة الشعر فنهلت منه الحنان والأدب.
مئوية "شاعرة فلسطين"
ولم تأخذ الفتاة وقتا طويلا حتى لقبتها الأوساط الثقافية ب"شاعرة فلسطين" بفضل نصوصها التي مثّلت أساسًا قويًا للتجارب الأنثوية في الحب والثورة واحتجاج المرأة على تقاليد المجتمع. وبلغت ابنة أرض الدِّيار درجة من التأثير على الشارع دفعت الشاعر الراحل محمود درويش لتسميتها "أم الشعر الفلسطيني".
ومن ساحة المنزل العريق، قالت الكيلاني "كانت تقف خالتي على هذه العتبات، وتلقي قصائدها، كانت تقول لنا، إنه بالرغم من حرمانها من مدرستها وإلقاء الشعر أمام الطالبات، إلا أنها تشعر، وهي تلقيها بالبيت، أن العالم كله يسمعها".
ويصادف العام ا 2017، ذكرى مرور مئة عام على مولد طوقان التي توفيت في 2003 عن عمر ناهز 86 عامًا.
وأضافت الكيلاني، التي تربت في ذات البيت الذي نشأت فيه خالتها، "لقد ولدت في نفس العام الذي شهد وعد بلفور، هذه كانت المفارقة في مولد شاعرة أحبت فلسطين، وأرّخت لها".
ومنذ مطلع العام الحالي، بدأت وزارة الثقافة الفلسطينية في تنظيم فعاليات، احتفالا بمئوية طوقان، ضمن مشروع أوسع يستهدف الاحتفاء بمئويات كوكبة من أدباء وشعراء هذا البلد.
وقال وزير الثقافة إيهاب بسيسو إنه عندما أرادت وزارته الاحتفال بمئويات رواد الثقافة والتنوير، قررت أن تكون المناسبة الأولى في عام 2017، تزامنا مع ميلاد طوقان.
وأضاف بسيسو من مكتبه برام الله "مع ميلاد الشاعرة طوقان نحتفل برواد الثقافة والتنوير في فلسطين، من شكلوا حالة من التأثير بشكل كبير من الفلسطينيين والفلسطينيات في مختلف النواحي".
ابنة الربيع
وشأنها شأن العديد من أبناء جيلها، لا يُعرف يوم ميلاد طوقان على وجه الدقة، نظرا لعدم اعتماد التوثيق الرسمي للبيانات الشخصية وشهادات الميلاد آنذاك.
إلا أن والدتها كانت تقول لها إنها أنجبتها في موسم العكوب، وهو نبتة شوكية جبلية، يشتهر أهالي نابلس بطهيها، ويصادف موسمها بداية فصل الربيع.
وعن التكريم الرسمي، تقول ريما الكيلاني، "كعائلة، نعتبر بدء وزارة الثقافة مشروع المئويات بفدوى طوقان، فخر كبير لنا... ودائما نقول إننا سعداء بأن يُحتفى بمولدها لا أن تُبكى لرحيلها".
وأشارت إلى أن فعاليات "مئوية" الشاعرة طوقان، افتتحت بإطلاق طابع بريدي يحمل صورتها بالتعاون مع وزارة الاتصالات والتكنولوجيا، ليوضع على الرسائل التي تخرج من فلسطين إلى مختلف أنحاء العالم.
ورأت الكيلاني أن ذلك "يذكّر العالم بأن فلسطين باقية ولا تنس أبنائها، خاصة أن فدوى لها إرث أدبي داخل فلسطين وخارجها، وتُرجمت أعمالها للغات مختلفة، وحصلت على جوائز عالمية، ودكتوراه فخرية".
وبدأت الفعاليات في مارس/آذار الماضي، خلال مؤتمر صحفي عقدته وزارة الثقافة، أطلقت خلاله الطابع. ومن المقرر أن تنظم الوزارة سلسلة من الفعاليات الخاصة بإحياء الذكرى ابتداءً من أيلول/سبتمبر القادم، وحتى آذار/ مارس 2018.
رحلة جبلية
تتجول عينا الكيلاني في زوايا البيت، ليستقر النظر لبضع لحظات باتجاه غرفة خالتها الراحلة، فتستطرد "فدوى للجميع وليست لنا وحدنا، سيرتها تعلّم منها جميع من عرفها، بصمودها وتحديها لهذه الجدران".
وعلى الرغم من القيود التي فُرضت على فدوى، إلا أنها كانت مصدر إلهام وقدوة لسلالة العائلة، خاصة الفتيات، بحسب الكيلاني.
وهي تستحضر تاريخ خالتها، وتشير إلى زوايا المنزل، عادت مجددا إلى وصفه بأنه كان "سجنا"، تماما كما ذكرت طوقان في سيرتها المنشورة.
وكتبت طوقان سيرة حياتها في جزأين، الأول "رحلة جبلية رحلة صعبة"، والثاني "الرحلة الأصعب"، واللذين عدهما بعض النقاد من "أجمل كتب البوح والاعتراف التي نُشرت في العقدين الأخيرين".
ومن بين كل غرف المنزل أحبت الشاعرة الفلسطينية غرفة شقيقها إبراهيم الذي ساندها في رحلتها الجبلية الصعبة وكان حاضرا في أشعارها.
وتشرح الكيلاني كيف كانت تغدق طوقان عليها وأطفال العائلة بالحنان، حيث تغني لهم وترقص، مع عزف العود الذي كانت تتقنه أيضا.
ومما يُرسخ فخر أطفال العائلة بملهمتهم، أن منهج الفصل الدراسي السابع يحتوي أحد قصائدها، المعنونة ب"حريتي" ويأتي في مطلعها "صوتٌ أرددهُ بملء فم الغضبِ / تحت الرصاص وفي اللهبِ".
وعن ذلك تقول ابنة شقيقتها، "كنت أشعر بنشوة وفخر كبير بين الطالبات، أنني أعرف هذه الإنسانة، أعرف تفاصيلها، ماذا تأكل؟ ماذا تلبس؟ وأين تنام؟...إلخ".
فدوى التي لم ولن تُنجب
وعن علاقة والدتها "أديبة" بشقيقتها فدوى، قالت الكيلاني، "كانت أمي أقرب الأخوات إلى قلب خالتي، ففدوى الابنة السابعة، وأديبة الابنة الثامنة، وكان بينهن اتفاق بأن تسمي كل واحدة ابنتها باسم الأخرى".
وبالفعل تزوجت أديبة وأسمت بكرها فدوى أما الشاعرة فلم تتزوج، لكنها كانت تقول دائما لشقيقتها، "أنا لم أحنث بوعدي، لكني أنجبت لك الأدب كله".
وتشمل الاحتفالات بمئويات المحتفى بهم، إصدار عدد من المذكرات والسير والأعمال النقدية في طبعة خاصة، توزع على الجامعات والمكتبات البحثية والعامة. كما تسعى وزارة الثقافية أيضا إلى الاهتمام بالإرث الأكاديمي لهولاء لهولاء الأدباء والشعراء، وما كتب عنهم من دراسات ورسائل ماجستير، وإنتاج أعمال موسيقية أو سينمائية أو مسرحية، إضافة للمؤتمرات النقدية والجامعية وورش العمل.
ويعتقد وزير الثقافة أن "الاحتفاء بهؤلاء الرواد، ووضعهم من جديد أمام الحاضر، يعزز حضور الهوية الوطنية من جهة، ويرسم ملامح فلسطين، التي تثبت قدرتها على مواجهة كل التحديات".
وفي حديثه عن الشاعرة الراحلة أكد أن "فدوى طوقان، تمثّل حالة ثقافية مميزة، ليس لكونها امرأة شاعرة، وإنما لكونها رائدة في مجال الشعر العربي، على مستوى فلسطين والعالم العربي".
ومن إصدارات طوقان الشعرية "وحدي مع الأيام، وجدتها، أمام الباب المغلق، الليل والفرسان، على قمة الدنيا وحيدا، تموز والشئ الآخر واللحن الأخير".
في بيت عمره 4 قرون بُني على الطراز الشامي القديم بمدينة نابلس تتوسطه نافورة ماء مع غرف كثيرة موزعة على أركانه المطوقة بأسوار عالية وُلِدت وتربَّت الشاعرة الفلسطينية المُخضرمة فدوى طوقان. هذا البيت، الواقع في المدينة المُسماة أرض الدِّيار أي الساحة الكبيرة بالضفة الغربية، هو سجن فدوى، بعد أن اضطرت لترك المدرسة وهي في الصف الرابع الابتدائي. ويعود ذلك إلى حادثة روتها ريما الكيلاني ابنة أديبة شقيقة طوقان، التي ألهمتها هذه الجدران كثيرا من أعمالها.
تقول الكيلاني "كانت خالتي فدوى في الصف الرابع، عندما كانت في طريق عودتها من مدرستها، وقبل وصولها للمنزل رمى أحد الفتية أمامها وردة، لم تلتقطها وواصلت خطواتها الصغيرة للبيت".
لكن سرعان ما علمت العائلة بما حصل، وقررت حرمان الطفلة من الذهاب للمدرسة فقد كانت واقعة الوردة آنذاك أمر يتنافى مع عادات المجتمع المحافظ وتقاليده".
بقيت طوقان سجينة البيت كما تشير كتاباتها غير أن شقيقها، الشاعر الكبير، إبراهيم طوقان، الذي كان الأقرب لها ساندها في محنتها وشجعها على مواصلة التعليم الذاتي وكتابة الشعر فنهلت منه الحنان والأدب.
مئوية "شاعرة فلسطين"
ولم تأخذ الفتاة وقتا طويلا حتى لقبتها الأوساط الثقافية ب"شاعرة فلسطين" بفضل نصوصها التي مثّلت أساسًا قويًا للتجارب الأنثوية في الحب والثورة واحتجاج المرأة على تقاليد المجتمع. وبلغت ابنة أرض الدِّيار درجة من التأثير على الشارع دفعت الشاعر الراحل محمود درويش لتسميتها "أم الشعر الفلسطيني".
ومن ساحة المنزل العريق، قالت الكيلاني "كانت تقف خالتي على هذه العتبات، وتلقي قصائدها، كانت تقول لنا، إنه بالرغم من حرمانها من مدرستها وإلقاء الشعر أمام الطالبات، إلا أنها تشعر، وهي تلقيها بالبيت، أن العالم كله يسمعها".
ويصادف العام ا 2017، ذكرى مرور مئة عام على مولد طوقان التي توفيت في 2003 عن عمر ناهز 86 عامًا.
وأضافت الكيلاني، التي تربت في ذات البيت الذي نشأت فيه خالتها، "لقد ولدت في نفس العام الذي شهد وعد بلفور، هذه كانت المفارقة في مولد شاعرة أحبت فلسطين، وأرّخت لها".
ومنذ مطلع العام الحالي، بدأت وزارة الثقافة الفلسطينية في تنظيم فعاليات، احتفالا بمئوية طوقان، ضمن مشروع أوسع يستهدف الاحتفاء بمئويات كوكبة من أدباء وشعراء هذا البلد.
وقال وزير الثقافة إيهاب بسيسو إنه عندما أرادت وزارته الاحتفال بمئويات رواد الثقافة والتنوير، قررت أن تكون المناسبة الأولى في عام 2017، تزامنا مع ميلاد طوقان.
وأضاف بسيسو من مكتبه برام الله "مع ميلاد الشاعرة طوقان نحتفل برواد الثقافة والتنوير في فلسطين، من شكلوا حالة من التأثير بشكل كبير من الفلسطينيين والفلسطينيات في مختلف النواحي".
ابنة الربيع
وشأنها شأن العديد من أبناء جيلها، لا يُعرف يوم ميلاد طوقان على وجه الدقة، نظرا لعدم اعتماد التوثيق الرسمي للبيانات الشخصية وشهادات الميلاد آنذاك.
إلا أن والدتها كانت تقول لها إنها أنجبتها في موسم العكوب، وهو نبتة شوكية جبلية، يشتهر أهالي نابلس بطهيها، ويصادف موسمها بداية فصل الربيع.
وعن التكريم الرسمي، تقول ريما الكيلاني، "كعائلة، نعتبر بدء وزارة الثقافة مشروع المئويات بفدوى طوقان، فخر كبير لنا... ودائما نقول إننا سعداء بأن يُحتفى بمولدها لا أن تُبكى لرحيلها".
وأشارت إلى أن فعاليات "مئوية" الشاعرة طوقان، افتتحت بإطلاق طابع بريدي يحمل صورتها بالتعاون مع وزارة الاتصالات والتكنولوجيا، ليوضع على الرسائل التي تخرج من فلسطين إلى مختلف أنحاء العالم.
ورأت الكيلاني أن ذلك "يذكّر العالم بأن فلسطين باقية ولا تنس أبنائها، خاصة أن فدوى لها إرث أدبي داخل فلسطين وخارجها، وتُرجمت أعمالها للغات مختلفة، وحصلت على جوائز عالمية، ودكتوراه فخرية".
وبدأت الفعاليات في مارس/آذار الماضي، خلال مؤتمر صحفي عقدته وزارة الثقافة، أطلقت خلاله الطابع. ومن المقرر أن تنظم الوزارة سلسلة من الفعاليات الخاصة بإحياء الذكرى ابتداءً من أيلول/سبتمبر القادم، وحتى آذار/ مارس 2018.
رحلة جبلية
تتجول عينا الكيلاني في زوايا البيت، ليستقر النظر لبضع لحظات باتجاه غرفة خالتها الراحلة، فتستطرد "فدوى للجميع وليست لنا وحدنا، سيرتها تعلّم منها جميع من عرفها، بصمودها وتحديها لهذه الجدران".
وعلى الرغم من القيود التي فُرضت على فدوى، إلا أنها كانت مصدر إلهام وقدوة لسلالة العائلة، خاصة الفتيات، بحسب الكيلاني.
وهي تستحضر تاريخ خالتها، وتشير إلى زوايا المنزل، عادت مجددا إلى وصفه بأنه كان "سجنا"، تماما كما ذكرت طوقان في سيرتها المنشورة.
وكتبت طوقان سيرة حياتها في جزأين، الأول "رحلة جبلية رحلة صعبة"، والثاني "الرحلة الأصعب"، واللذين عدهما بعض النقاد من "أجمل كتب البوح والاعتراف التي نُشرت في العقدين الأخيرين".
ومن بين كل غرف المنزل أحبت الشاعرة الفلسطينية غرفة شقيقها إبراهيم الذي ساندها في رحلتها الجبلية الصعبة وكان حاضرا في أشعارها.
وتشرح الكيلاني كيف كانت تغدق طوقان عليها وأطفال العائلة بالحنان، حيث تغني لهم وترقص، مع عزف العود الذي كانت تتقنه أيضا.
ومما يُرسخ فخر أطفال العائلة بملهمتهم، أن منهج الفصل الدراسي السابع يحتوي أحد قصائدها، المعنونة ب"حريتي" ويأتي في مطلعها "صوتٌ أرددهُ بملء فم الغضبِ / تحت الرصاص وفي اللهبِ".
وعن ذلك تقول ابنة شقيقتها، "كنت أشعر بنشوة وفخر كبير بين الطالبات، أنني أعرف هذه الإنسانة، أعرف تفاصيلها، ماذا تأكل؟ ماذا تلبس؟ وأين تنام؟...إلخ".
فدوى التي لم ولن تُنجب
وعن علاقة والدتها "أديبة" بشقيقتها فدوى، قالت الكيلاني، "كانت أمي أقرب الأخوات إلى قلب خالتي، ففدوى الابنة السابعة، وأديبة الابنة الثامنة، وكان بينهن اتفاق بأن تسمي كل واحدة ابنتها باسم الأخرى".
وبالفعل تزوجت أديبة وأسمت بكرها فدوى أما الشاعرة فلم تتزوج، لكنها كانت تقول دائما لشقيقتها، "أنا لم أحنث بوعدي، لكني أنجبت لك الأدب كله".
وتشمل الاحتفالات بمئويات المحتفى بهم، إصدار عدد من المذكرات والسير والأعمال النقدية في طبعة خاصة، توزع على الجامعات والمكتبات البحثية والعامة. كما تسعى وزارة الثقافية أيضا إلى الاهتمام بالإرث الأكاديمي لهولاء لهولاء الأدباء والشعراء، وما كتب عنهم من دراسات ورسائل ماجستير، وإنتاج أعمال موسيقية أو سينمائية أو مسرحية، إضافة للمؤتمرات النقدية والجامعية وورش العمل.
ويعتقد وزير الثقافة أن "الاحتفاء بهؤلاء الرواد، ووضعهم من جديد أمام الحاضر، يعزز حضور الهوية الوطنية من جهة، ويرسم ملامح فلسطين، التي تثبت قدرتها على مواجهة كل التحديات".
وفي حديثه عن الشاعرة الراحلة أكد أن "فدوى طوقان، تمثّل حالة ثقافية مميزة، ليس لكونها امرأة شاعرة، وإنما لكونها رائدة في مجال الشعر العربي، على مستوى فلسطين والعالم العربي".
ومن إصدارات طوقان الشعرية "وحدي مع الأيام، وجدتها، أمام الباب المغلق، الليل والفرسان، على قمة الدنيا وحيدا، تموز والشئ الآخر واللحن الأخير".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.