مصادر: غدا اجتماع تنسيقي بمستقبل وطن لإعلان القائمة الوطنية لانتخابات النواب المقبلة    البابا تواضروس يلقي وصايا داود النبي لابنه سليمان على كهنة 7 إيبارشيات بأسيوط (صور)    أخبار الاقتصاد اليوم: ارتفاع سعر الذهب.. خدمات مجانية لتطوير الأعمال الحرفية ضمن فعاليات معرض تراثنا.. أسهم الأسواق الناشئة تواصل ارتفاعها بدعم من التفاؤل بصفقات الذكاء الاصطناعي    وزير الزراعة يوضح الحقيقة الكاملة لأزمة غرق أراضي طرح النهر    ترامب ينشر رد حماس على خطته بمنصة تروث سوشيال    قيادي بحماس ل الشروق: رد الحركة على خطة ترامب لم يمس الثوابت المتمثلة في الدولة والسلاح وحق المقاومة    اليونيفيل: الجيش الإسرائيلي ألقى قنابل قرب عناصرنا في جنوب لبنان    حلمي طولان: المنتخب في ورطة قبل كأس العرب والأندية تبحث عن مصلحتها    درجات الحرارة غدا السبت في مصر    المنيا: سقوط توك توك في حفرة صرف صحي أمام وحدة صحية بأبو قرقاص دون إصابات    مصرع شاب وإصابة آخر في حادث تصادم بقنا    أنوسة كوتة تكشف تطورات الحالة الصحية ل ماس محمد رحيم    رياض الخولي في ندوة تكريمه بمهرجان الإسكندرية: «طيور الظلام» قفزة مهمة في حياتي الفنية    أوبرا دمنهور تحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر (صور وتفاصيل)    بيحسوا بالملل.. 4 أبراج لا تحب الوحدة وتهرب من العزلة (هل أنت منهم؟)    4 عناصر يجب الانتباه إليها، النظام الغذائي المثالي للتعايش مع أمراض الكلى المزمنة    المنيا.. النيابة تنتدب الطب الشرعي لكشف ملابسات العثور على جثة شاب داخل مزرعة بسمالوط    وكيل جهاز المخابرات السابق: المصالحة الفلسطينية لم تعد أولوية في ظل الوضع الحالي    العقيد محمد عبدالقادر: إنجاز أكتوبر كان نصرًا عربيًا بامتياز    إرث أكتوبر العظيم    المحاسب الضريبى أشرف عبد الغنى: الإرادة السياسية للرئيس السيسى سر نجاح التيسيرات الضريبية    الاتحاد الأوروبي يطلق قواعد موحدة للشركات الناشئة في 2026 لتعزيز النمو    قوات جيش الاحتلال تقتحم بلدات في نابلس وتعتقل شابين فلسطينيين    لمدة 6 ساعات.. قطع المياه عن هذه المناطق بالجيزة خلال ساعات    الزمالك يدرس رحيل ثلاثة لاعبين في الشتاء.. عواد والجزيري على قائمة المغادرين    وزير الخارجية يثمن مساندة هايتي للدكتور خالد العناني في انتخابات منصب مدير عام اليونسكو    إيقاف عرض عدد من المسلسلات التركية.. والعبقري" من بينها    محمد كامل يُعلن أول قراراته: الحشد والتثقيف استعدادًا للإنتخابات    داء كرون واضطرابات النوم، كيفية التغلب على الأرق المصاحب للمرض    «لرفع العقوبات».. حاخام يهودي يعلن رغبته في الترشح ل مجلس الشعب السوري    غلق وتشميع 20 مقهى ومحل ورفع 650 حالة إشغال في الإسكندرية    افتتاح مسجد فانا في مطاي وإقامة 97 مقرأة للجمهور بالمنيا    «السكان» تشارك فى الاحتفال بيوم «عيش الكشافة» بمدينة العريش    «حاجة تليق بالطموحات».. الأهلي يكشف آخر مستجدات المدرب الجديد    وزير الرياضة يحضر تتويج مونديال اليد.. ويهنئ اللاعبين المصريين على أدائهم المميز    محمد صلاح يلتقط صورة تذكارية مع الكرة الرسمية لكأس العالم 2026    87 مليون جنيه لمشروعات الخطة الاستثمارية الجديدة بتلا والشهداء في المنوفية    حكم قراءة سورة الكهف يوم الجمعة... تعرف عليها    هل يجب الترتيب بين الصلوات الفائتة؟.. أمين الفتوى يجيب    تعرف علي موعد إضافة المواليد علي بطاقة التموين في المنيا    البلشي وعبدالرحيم يدعوان لعقد اجتماع مجلس نقابة الصحفيين داخل مقر جريدة الوفد    القهوة بالحليب.. هل هي خيار صحي لروتينك الصباحي؟ (دراسة توضح)    استشاري مناعة: أجهزة الجيم ملوثة أكثر من الحمامات ب74 مرة (فيديو)    الإسماعيلي يواصل التعثر بهزيمة جديدة أمام سموحة    نتائج الجولة الخامسة من الدوري الممتاز لكرة القدم النسائية    سبب غياب منة شلبي عن مؤتمر فيلم «هيبتا: المناظرة الأخيرة»    مواقيت الصلاه في المنيا اليوم الجمعه 3 أكتوبر 2025 اعرفها بدقه    مهرجان شرم الشيخ للمسرح يعلن لجنة تحكيم مسابقة "عصام السيد"    عاجل- سكك حديد مصر تُسيّر الرحلة ال22 لقطارات العودة الطوعية لنقل الأشقاء السودانيين إلى وطنهم    اسعار الحديد فى أسيوط اليوم الجمعة 3102025    باراجواي تعلن دعمها الرسمي للدكتور خالد العناني في انتخابات اليونسكو 2025    تعرف على آداب وسنن يوم الجمعة    "يونيسف": الحديث عن منطقة آمنة فى جنوب غزة "مهزلة"    ضبط متهمين بالتعدي على طلاب أمام مدرسة بالمطرية    المصري يواجه البنك الأهلي اليوم في الجولة العاشرة من دوري نايل    تكريم 700 حافظ لكتاب الله من بينهم 24 خاتم قاموا بتسميعه فى 12 ساعة بقرية شطورة    استشاري تغذية علاجية: الأضرار المحتملة من اللبن تنحصر في حالتين فقط    بالصور.. مصرع طفلة وإصابة سيدتين في انهيار سقف منزل بالإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فلسطين تطلق العنان للشاعرة " السجينة " فدوى طوقان في مئويتها
نشر في صوت البلد يوم 06 - 07 - 2017

في بيت عمره 4 قرون بُني على الطراز الشامي القديم بمدينة نابلس تتوسطه نافورة ماء مع غرف كثيرة موزعة على أركانه المطوقة بأسوار عالية وُلِدت وتربَّت الشاعرة الفلسطينية المُخضرمة فدوى طوقان. هذا البيت، الواقع في المدينة المُسماة أرض الدِّيار أي الساحة الكبيرة بالضفة الغربية، هو سجن فدوى، بعد أن اضطرت لترك المدرسة وهي في الصف الرابع الابتدائي. ويعود ذلك إلى حادثة روتها ريما الكيلاني ابنة أديبة شقيقة طوقان، التي ألهمتها هذه الجدران كثيرا من أعمالها.
تقول الكيلاني "كانت خالتي فدوى في الصف الرابع، عندما كانت في طريق عودتها من مدرستها، وقبل وصولها للمنزل رمى أحد الفتية أمامها وردة، لم تلتقطها وواصلت خطواتها الصغيرة للبيت".
لكن سرعان ما علمت العائلة بما حصل، وقررت حرمان الطفلة من الذهاب للمدرسة فقد كانت واقعة الوردة آنذاك أمر يتنافى مع عادات المجتمع المحافظ وتقاليده".
بقيت طوقان سجينة البيت كما تشير كتاباتها غير أن شقيقها، الشاعر الكبير، إبراهيم طوقان، الذي كان الأقرب لها ساندها في محنتها وشجعها على مواصلة التعليم الذاتي وكتابة الشعر فنهلت منه الحنان والأدب.
مئوية "شاعرة فلسطين"
ولم تأخذ الفتاة وقتا طويلا حتى لقبتها الأوساط الثقافية ب"شاعرة فلسطين" بفضل نصوصها التي مثّلت أساسًا قويًا للتجارب الأنثوية في الحب والثورة واحتجاج المرأة على تقاليد المجتمع. وبلغت ابنة أرض الدِّيار درجة من التأثير على الشارع دفعت الشاعر الراحل محمود درويش لتسميتها "أم الشعر الفلسطيني".
ومن ساحة المنزل العريق، قالت الكيلاني "كانت تقف خالتي على هذه العتبات، وتلقي قصائدها، كانت تقول لنا، إنه بالرغم من حرمانها من مدرستها وإلقاء الشعر أمام الطالبات، إلا أنها تشعر، وهي تلقيها بالبيت، أن العالم كله يسمعها".
ويصادف العام ا 2017، ذكرى مرور مئة عام على مولد طوقان التي توفيت في 2003 عن عمر ناهز 86 عامًا.
وأضافت الكيلاني، التي تربت في ذات البيت الذي نشأت فيه خالتها، "لقد ولدت في نفس العام الذي شهد وعد بلفور، هذه كانت المفارقة في مولد شاعرة أحبت فلسطين، وأرّخت لها".
ومنذ مطلع العام الحالي، بدأت وزارة الثقافة الفلسطينية في تنظيم فعاليات، احتفالا بمئوية طوقان، ضمن مشروع أوسع يستهدف الاحتفاء بمئويات كوكبة من أدباء وشعراء هذا البلد.
وقال وزير الثقافة إيهاب بسيسو إنه عندما أرادت وزارته الاحتفال بمئويات رواد الثقافة والتنوير، قررت أن تكون المناسبة الأولى في عام 2017، تزامنا مع ميلاد طوقان.
وأضاف بسيسو من مكتبه برام الله "مع ميلاد الشاعرة طوقان نحتفل برواد الثقافة والتنوير في فلسطين، من شكلوا حالة من التأثير بشكل كبير من الفلسطينيين والفلسطينيات في مختلف النواحي".
ابنة الربيع
وشأنها شأن العديد من أبناء جيلها، لا يُعرف يوم ميلاد طوقان على وجه الدقة، نظرا لعدم اعتماد التوثيق الرسمي للبيانات الشخصية وشهادات الميلاد آنذاك.
إلا أن والدتها كانت تقول لها إنها أنجبتها في موسم العكوب، وهو نبتة شوكية جبلية، يشتهر أهالي نابلس بطهيها، ويصادف موسمها بداية فصل الربيع.
وعن التكريم الرسمي، تقول ريما الكيلاني، "كعائلة، نعتبر بدء وزارة الثقافة مشروع المئويات بفدوى طوقان، فخر كبير لنا... ودائما نقول إننا سعداء بأن يُحتفى بمولدها لا أن تُبكى لرحيلها".
وأشارت إلى أن فعاليات "مئوية" الشاعرة طوقان، افتتحت بإطلاق طابع بريدي يحمل صورتها بالتعاون مع وزارة الاتصالات والتكنولوجيا، ليوضع على الرسائل التي تخرج من فلسطين إلى مختلف أنحاء العالم.
ورأت الكيلاني أن ذلك "يذكّر العالم بأن فلسطين باقية ولا تنس أبنائها، خاصة أن فدوى لها إرث أدبي داخل فلسطين وخارجها، وتُرجمت أعمالها للغات مختلفة، وحصلت على جوائز عالمية، ودكتوراه فخرية".
وبدأت الفعاليات في مارس/آذار الماضي، خلال مؤتمر صحفي عقدته وزارة الثقافة، أطلقت خلاله الطابع. ومن المقرر أن تنظم الوزارة سلسلة من الفعاليات الخاصة بإحياء الذكرى ابتداءً من أيلول/سبتمبر القادم، وحتى آذار/ مارس 2018.
رحلة جبلية
تتجول عينا الكيلاني في زوايا البيت، ليستقر النظر لبضع لحظات باتجاه غرفة خالتها الراحلة، فتستطرد "فدوى للجميع وليست لنا وحدنا، سيرتها تعلّم منها جميع من عرفها، بصمودها وتحديها لهذه الجدران".
وعلى الرغم من القيود التي فُرضت على فدوى، إلا أنها كانت مصدر إلهام وقدوة لسلالة العائلة، خاصة الفتيات، بحسب الكيلاني.
وهي تستحضر تاريخ خالتها، وتشير إلى زوايا المنزل، عادت مجددا إلى وصفه بأنه كان "سجنا"، تماما كما ذكرت طوقان في سيرتها المنشورة.
وكتبت طوقان سيرة حياتها في جزأين، الأول "رحلة جبلية رحلة صعبة"، والثاني "الرحلة الأصعب"، واللذين عدهما بعض النقاد من "أجمل كتب البوح والاعتراف التي نُشرت في العقدين الأخيرين".
ومن بين كل غرف المنزل أحبت الشاعرة الفلسطينية غرفة شقيقها إبراهيم الذي ساندها في رحلتها الجبلية الصعبة وكان حاضرا في أشعارها.
وتشرح الكيلاني كيف كانت تغدق طوقان عليها وأطفال العائلة بالحنان، حيث تغني لهم وترقص، مع عزف العود الذي كانت تتقنه أيضا.
ومما يُرسخ فخر أطفال العائلة بملهمتهم، أن منهج الفصل الدراسي السابع يحتوي أحد قصائدها، المعنونة ب"حريتي" ويأتي في مطلعها "صوتٌ أرددهُ بملء فم الغضبِ / تحت الرصاص وفي اللهبِ".
وعن ذلك تقول ابنة شقيقتها، "كنت أشعر بنشوة وفخر كبير بين الطالبات، أنني أعرف هذه الإنسانة، أعرف تفاصيلها، ماذا تأكل؟ ماذا تلبس؟ وأين تنام؟...إلخ".
فدوى التي لم ولن تُنجب
وعن علاقة والدتها "أديبة" بشقيقتها فدوى، قالت الكيلاني، "كانت أمي أقرب الأخوات إلى قلب خالتي، ففدوى الابنة السابعة، وأديبة الابنة الثامنة، وكان بينهن اتفاق بأن تسمي كل واحدة ابنتها باسم الأخرى".
وبالفعل تزوجت أديبة وأسمت بكرها فدوى أما الشاعرة فلم تتزوج، لكنها كانت تقول دائما لشقيقتها، "أنا لم أحنث بوعدي، لكني أنجبت لك الأدب كله".
وتشمل الاحتفالات بمئويات المحتفى بهم، إصدار عدد من المذكرات والسير والأعمال النقدية في طبعة خاصة، توزع على الجامعات والمكتبات البحثية والعامة. كما تسعى وزارة الثقافية أيضا إلى الاهتمام بالإرث الأكاديمي لهولاء لهولاء الأدباء والشعراء، وما كتب عنهم من دراسات ورسائل ماجستير، وإنتاج أعمال موسيقية أو سينمائية أو مسرحية، إضافة للمؤتمرات النقدية والجامعية وورش العمل.
ويعتقد وزير الثقافة أن "الاحتفاء بهؤلاء الرواد، ووضعهم من جديد أمام الحاضر، يعزز حضور الهوية الوطنية من جهة، ويرسم ملامح فلسطين، التي تثبت قدرتها على مواجهة كل التحديات".
وفي حديثه عن الشاعرة الراحلة أكد أن "فدوى طوقان، تمثّل حالة ثقافية مميزة، ليس لكونها امرأة شاعرة، وإنما لكونها رائدة في مجال الشعر العربي، على مستوى فلسطين والعالم العربي".
ومن إصدارات طوقان الشعرية "وحدي مع الأيام، وجدتها، أمام الباب المغلق، الليل والفرسان، على قمة الدنيا وحيدا، تموز والشئ الآخر واللحن الأخير".
في بيت عمره 4 قرون بُني على الطراز الشامي القديم بمدينة نابلس تتوسطه نافورة ماء مع غرف كثيرة موزعة على أركانه المطوقة بأسوار عالية وُلِدت وتربَّت الشاعرة الفلسطينية المُخضرمة فدوى طوقان. هذا البيت، الواقع في المدينة المُسماة أرض الدِّيار أي الساحة الكبيرة بالضفة الغربية، هو سجن فدوى، بعد أن اضطرت لترك المدرسة وهي في الصف الرابع الابتدائي. ويعود ذلك إلى حادثة روتها ريما الكيلاني ابنة أديبة شقيقة طوقان، التي ألهمتها هذه الجدران كثيرا من أعمالها.
تقول الكيلاني "كانت خالتي فدوى في الصف الرابع، عندما كانت في طريق عودتها من مدرستها، وقبل وصولها للمنزل رمى أحد الفتية أمامها وردة، لم تلتقطها وواصلت خطواتها الصغيرة للبيت".
لكن سرعان ما علمت العائلة بما حصل، وقررت حرمان الطفلة من الذهاب للمدرسة فقد كانت واقعة الوردة آنذاك أمر يتنافى مع عادات المجتمع المحافظ وتقاليده".
بقيت طوقان سجينة البيت كما تشير كتاباتها غير أن شقيقها، الشاعر الكبير، إبراهيم طوقان، الذي كان الأقرب لها ساندها في محنتها وشجعها على مواصلة التعليم الذاتي وكتابة الشعر فنهلت منه الحنان والأدب.
مئوية "شاعرة فلسطين"
ولم تأخذ الفتاة وقتا طويلا حتى لقبتها الأوساط الثقافية ب"شاعرة فلسطين" بفضل نصوصها التي مثّلت أساسًا قويًا للتجارب الأنثوية في الحب والثورة واحتجاج المرأة على تقاليد المجتمع. وبلغت ابنة أرض الدِّيار درجة من التأثير على الشارع دفعت الشاعر الراحل محمود درويش لتسميتها "أم الشعر الفلسطيني".
ومن ساحة المنزل العريق، قالت الكيلاني "كانت تقف خالتي على هذه العتبات، وتلقي قصائدها، كانت تقول لنا، إنه بالرغم من حرمانها من مدرستها وإلقاء الشعر أمام الطالبات، إلا أنها تشعر، وهي تلقيها بالبيت، أن العالم كله يسمعها".
ويصادف العام ا 2017، ذكرى مرور مئة عام على مولد طوقان التي توفيت في 2003 عن عمر ناهز 86 عامًا.
وأضافت الكيلاني، التي تربت في ذات البيت الذي نشأت فيه خالتها، "لقد ولدت في نفس العام الذي شهد وعد بلفور، هذه كانت المفارقة في مولد شاعرة أحبت فلسطين، وأرّخت لها".
ومنذ مطلع العام الحالي، بدأت وزارة الثقافة الفلسطينية في تنظيم فعاليات، احتفالا بمئوية طوقان، ضمن مشروع أوسع يستهدف الاحتفاء بمئويات كوكبة من أدباء وشعراء هذا البلد.
وقال وزير الثقافة إيهاب بسيسو إنه عندما أرادت وزارته الاحتفال بمئويات رواد الثقافة والتنوير، قررت أن تكون المناسبة الأولى في عام 2017، تزامنا مع ميلاد طوقان.
وأضاف بسيسو من مكتبه برام الله "مع ميلاد الشاعرة طوقان نحتفل برواد الثقافة والتنوير في فلسطين، من شكلوا حالة من التأثير بشكل كبير من الفلسطينيين والفلسطينيات في مختلف النواحي".
ابنة الربيع
وشأنها شأن العديد من أبناء جيلها، لا يُعرف يوم ميلاد طوقان على وجه الدقة، نظرا لعدم اعتماد التوثيق الرسمي للبيانات الشخصية وشهادات الميلاد آنذاك.
إلا أن والدتها كانت تقول لها إنها أنجبتها في موسم العكوب، وهو نبتة شوكية جبلية، يشتهر أهالي نابلس بطهيها، ويصادف موسمها بداية فصل الربيع.
وعن التكريم الرسمي، تقول ريما الكيلاني، "كعائلة، نعتبر بدء وزارة الثقافة مشروع المئويات بفدوى طوقان، فخر كبير لنا... ودائما نقول إننا سعداء بأن يُحتفى بمولدها لا أن تُبكى لرحيلها".
وأشارت إلى أن فعاليات "مئوية" الشاعرة طوقان، افتتحت بإطلاق طابع بريدي يحمل صورتها بالتعاون مع وزارة الاتصالات والتكنولوجيا، ليوضع على الرسائل التي تخرج من فلسطين إلى مختلف أنحاء العالم.
ورأت الكيلاني أن ذلك "يذكّر العالم بأن فلسطين باقية ولا تنس أبنائها، خاصة أن فدوى لها إرث أدبي داخل فلسطين وخارجها، وتُرجمت أعمالها للغات مختلفة، وحصلت على جوائز عالمية، ودكتوراه فخرية".
وبدأت الفعاليات في مارس/آذار الماضي، خلال مؤتمر صحفي عقدته وزارة الثقافة، أطلقت خلاله الطابع. ومن المقرر أن تنظم الوزارة سلسلة من الفعاليات الخاصة بإحياء الذكرى ابتداءً من أيلول/سبتمبر القادم، وحتى آذار/ مارس 2018.
رحلة جبلية
تتجول عينا الكيلاني في زوايا البيت، ليستقر النظر لبضع لحظات باتجاه غرفة خالتها الراحلة، فتستطرد "فدوى للجميع وليست لنا وحدنا، سيرتها تعلّم منها جميع من عرفها، بصمودها وتحديها لهذه الجدران".
وعلى الرغم من القيود التي فُرضت على فدوى، إلا أنها كانت مصدر إلهام وقدوة لسلالة العائلة، خاصة الفتيات، بحسب الكيلاني.
وهي تستحضر تاريخ خالتها، وتشير إلى زوايا المنزل، عادت مجددا إلى وصفه بأنه كان "سجنا"، تماما كما ذكرت طوقان في سيرتها المنشورة.
وكتبت طوقان سيرة حياتها في جزأين، الأول "رحلة جبلية رحلة صعبة"، والثاني "الرحلة الأصعب"، واللذين عدهما بعض النقاد من "أجمل كتب البوح والاعتراف التي نُشرت في العقدين الأخيرين".
ومن بين كل غرف المنزل أحبت الشاعرة الفلسطينية غرفة شقيقها إبراهيم الذي ساندها في رحلتها الجبلية الصعبة وكان حاضرا في أشعارها.
وتشرح الكيلاني كيف كانت تغدق طوقان عليها وأطفال العائلة بالحنان، حيث تغني لهم وترقص، مع عزف العود الذي كانت تتقنه أيضا.
ومما يُرسخ فخر أطفال العائلة بملهمتهم، أن منهج الفصل الدراسي السابع يحتوي أحد قصائدها، المعنونة ب"حريتي" ويأتي في مطلعها "صوتٌ أرددهُ بملء فم الغضبِ / تحت الرصاص وفي اللهبِ".
وعن ذلك تقول ابنة شقيقتها، "كنت أشعر بنشوة وفخر كبير بين الطالبات، أنني أعرف هذه الإنسانة، أعرف تفاصيلها، ماذا تأكل؟ ماذا تلبس؟ وأين تنام؟...إلخ".
فدوى التي لم ولن تُنجب
وعن علاقة والدتها "أديبة" بشقيقتها فدوى، قالت الكيلاني، "كانت أمي أقرب الأخوات إلى قلب خالتي، ففدوى الابنة السابعة، وأديبة الابنة الثامنة، وكان بينهن اتفاق بأن تسمي كل واحدة ابنتها باسم الأخرى".
وبالفعل تزوجت أديبة وأسمت بكرها فدوى أما الشاعرة فلم تتزوج، لكنها كانت تقول دائما لشقيقتها، "أنا لم أحنث بوعدي، لكني أنجبت لك الأدب كله".
وتشمل الاحتفالات بمئويات المحتفى بهم، إصدار عدد من المذكرات والسير والأعمال النقدية في طبعة خاصة، توزع على الجامعات والمكتبات البحثية والعامة. كما تسعى وزارة الثقافية أيضا إلى الاهتمام بالإرث الأكاديمي لهولاء لهولاء الأدباء والشعراء، وما كتب عنهم من دراسات ورسائل ماجستير، وإنتاج أعمال موسيقية أو سينمائية أو مسرحية، إضافة للمؤتمرات النقدية والجامعية وورش العمل.
ويعتقد وزير الثقافة أن "الاحتفاء بهؤلاء الرواد، ووضعهم من جديد أمام الحاضر، يعزز حضور الهوية الوطنية من جهة، ويرسم ملامح فلسطين، التي تثبت قدرتها على مواجهة كل التحديات".
وفي حديثه عن الشاعرة الراحلة أكد أن "فدوى طوقان، تمثّل حالة ثقافية مميزة، ليس لكونها امرأة شاعرة، وإنما لكونها رائدة في مجال الشعر العربي، على مستوى فلسطين والعالم العربي".
ومن إصدارات طوقان الشعرية "وحدي مع الأيام، وجدتها، أمام الباب المغلق، الليل والفرسان، على قمة الدنيا وحيدا، تموز والشئ الآخر واللحن الأخير".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.