إقبال كبير على قمة مصر الدولية لوسائل التنقل الكهربائية |منصة الفرص    منتخب الفراعنة ينتفض وينتزع فوزا قاتلا أمام زيمبابوى 2-1 فى افتتاح مشواره بأمم أفريقيا    فولر ينصح شتيجن بمغادرة برشلونة حفاظا على فرصه في مونديال 2026    منتخب مصر يخطف فوزا قاتلا 2-1 على زيمبابوي في أمم إفريقيا    بعد أسبوع من زواجهما، مصرع عروسين إثر تسرب غاز داخل شقة بأكتوبر    45 يوما داخل معدتها.. كيف أنقذ أطباء كفر الشيخ مريضة ابتلعت 34 مسمارا؟    ميرال الهريدي: تحركات الرئيس السيسي ترسم ملامح نظام عالمي متوازن    شاشات عرض فى شوارع المنيا لمتابعة مباراة مصر وزيمبابوى فى بطولة أمم أفريقيا    زيلينسكي: أنجزنا كل ما يلزم لإعداد مسودات أولية لاتفاق سلام مع روسيا    ستار بوست| أحمد الفيشاوى ينهار.. ومريم سعيد صالح تتعرض لوعكة صحية    دراما بوكس| «المتر سمير» ينافس في رمضان 2026.. وأيتن عامر تعتذر    مدرب جنوب أفريقيا: مواجهة مصر مختلفة تماما.. ونعرف كيف نستعد لها    وسط شائعات النقص.. الحكومة تطمئن المواطنين بشأن توافر الأدوية: لا أزمة في السوق    النيابة ترسل صورة من تحقيقات قضية وفاة السباح يوسف محمد لوزارة الرياضة    «الهلال المصرى» يقاوم برد غزة |قافلة طبية لدعم الأشقاء فى السودان    برلماني يقترح إنشاء هيئة لتنظيم السوق العقاري وحماية المواطنين من النصب    مروة عبد المنعم: حزينة من كمية التطاول غير المهني على الفنان محمد صبحي.. بابا ونيس خط أحمر    وليد صلاح عبداللطيف: منتخب مصر مرشح للتتويج بأمم أفريقيا    «الشيوخ» يدعم الشباب |الموافقة نهائيًا على تعديلات «نقابة المهن الرياضية»    متحدث الصحة: التشغيل التجريبي للتأمين الصحي الشامل يبدأ في المنيا بالربع الأول من 2026    مصر و الأردن يؤكدان تعزيز التعاون في النقل البري خلال اجتماعات اللجنة الفنية المشتركة بعمان    مسؤول سابق بالناتو: احتجاجات مزارعين أوروبا تتصاعد بسبب تقليص الدعم    فضل صيام شهر رجب وأثره الروحي في تهيئة النفس لشهر رمضان    رمضان عبدالمعز: دعوة المظلوم لا تُرد    زيلينسكي: أوكرانيا بدأت إنتاج أنظمة الدفاع الجوي محليًا    ميرال الطحاوي تفوز بجائزة سرد الذهب فرع السرود الشعبية    رئيس الهيئة الدولية لدعم فلسطين: الاحتلال لا يسمح سوى بدخول أقل من ثلث المساعدات المتفق عليها إلى غزة    مصدر من الأهلي ل في الجول: لا نعرقل انتقال حمزة عبد الكريم ل برشلونة.. وهذا موقفنا    تعيينات جديدة بكلية التربية جامعة عين شمس    الكويت وروسيا تبحثان تعزيز التعاون في مجالات الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية    البورصة تختتم تعاملاتها اليوم الإثنين بتباين كافة المؤشرات    "يتمتع بخصوصية مميزة".. أزهري يكشف فضل شهر رجب(فيديو)    خلال 24 ساعة.. رصد 153 مخالفة على الطرق في الغربية    محافظ بني سويف يوجه بتيسير عمل البعثة المصرية الروسية لترميم معبد بطليموس الثاني    "هعيش حزين".. أول تعليق من أحمد الفيشاوي بعد وفاة والدته    جنايات الإرهاب تقضى بالمؤبد والسجن المشدد ل5 متهمين بخلية التجمع    يضم 950 قطعة أثرية.... محافظ المنيا يتفقد متحف آثار ملوي    انتظام أعمال امتحانات الفصل الدراسي الأول بجامعة قنا    في مشهد مهيب.. الأزهر ينجح في إخماد فتنة ثأرية بالصعيد    برلمانية الشيوخ ب"الجبهة الوطنية" تؤكد أهمية الترابط بين لجان الحزب والأعضاء    قصة قصيرة ..بدران والهلباوى ..بقلم ..القاص : على صلاح    فرحة وحيدة لمنتخب مصر في الاستضافة العربية لأمم أفريقيا    مدير تعليم الجيزة يواصل سياسة العمل الميداني بزيارة مفاجئة لإدارتي «العياط والصف»    الانتقام المجنون.. حكاية جريمة حضرها الشيطان في شقة «أبو يوسف»    السيطرة على حريق بسوق عرفان فى محرم بك بالإسكندرية دون إصابات.. صور    تشكيل مجلس إدارة غرفة الرعاية الصحية فى اتحاد الصناعات    إطلاق حملة "ستر ودفا وإطعام" بالشرقية    مدبولي: توجيهات من الرئيس بإسراع الخطى في تنفيذ منظومة التأمين الصحي الشامل    محافظ المنوفية يتفقد مركز خدمة عملاء مركز معلومات شبكات المرافق بقويسنا.. صور    نائب محافظ القدس: التوسع الاستيطاني الإسرائيلي يستهدف تهجير العائلات    غرف دردشة الألعاب الإلكترونية.. بين التفاعل الرقمي وحماية الأطفال    ننشر مواعيد امتحانات الفصل الدراسى الأول بمحافظة القاهرة    الحقيقة الكاملة لسحب الجنسية من البلوجر علي حسن    وكيل الأزهر يحذِّر من الفراغ التربوي: إذا لم يُملأ بالقيم ملأته الأفكار المنحرفة    قمة منتظرة تشعل حسابات المجموعة الثانية.. بث مباشر جنوب إفريقيا وأنجولا في كأس أمم إفريقيا 2025    وزير قطاع الأعمال: نحرص على تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي    وزير الثقافة ورئيس صندوق التنمية الحضرية يوقّعان بروتوكول تعاون لتنظيم فعاليات ثقافية وفنية بحديقة «تلال الفسطاط»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المؤتمرات الدينية في مصر استعراض للقوة على حساب التجديد
نشر في صوت البلد يوم 18 - 03 - 2017

يبدو أنّ الصراع بين المؤسسات الدينية الرسمية في مصر، الأزهر ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء، حول تطوير الخطاب الديني، وسعي كل منها إلى إظهار أنها الأجدر بقيادة الملف، انعكس على طبيعة المؤتمرات الدينية التي تقام بين حين وآخر، وكانت كل جهة تردّ على الأخرى بطريقتها الخاصة، بينما يخرج كل مؤتمر بمجموعة من التوصيات غالبا لا تنفّذ على الأرض.
خلال الأسبوعين الماضيين فقط، أقيمت ثلاثة مؤتمرات، اثنان للأزهر وواحد للأوقاف، وجميعها دارت في فلك واحد، وإما البحث عن طريقة لتجديد الخطاب الديني، أو وضع حلّ لمواجهة تمدد الفكر التكفيري والتشدد الديني ومحاربة الإرهاب، ولم تخلُ المؤتمرات من إبراز الصراع القائم بين المؤسستين.
المؤتمر الأول كان نهاية شهر فبراير الماضي أقامه الأزهر حول تعزيز المواطنة كأساس لمواجهة التطرف، ولم يتم تخصيص كلمة لمختار جمعة وزير الأوقاف خلال المؤتمر برغم حضوره نيابة عن شريف إسماعيل رئيس الوزراء، ما أثار غضب الوزير وأعاد إلى المشهد الصراع التقليدي بين الأزهر والأوقاف حول العديد من القضايا الدينية ومن له الكلمة العليا فيها.
لم تصمت الأوقاف على تجاهل الأزهر لوزيرها، فأقامت مؤتمرًا للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الأسبوع الماضي، حول دور القادة وصانعي القرار في مواجهة الإرهاب، ورفضت تخصيص كلمة لأحمد الطيب شيخ الأزهر، ووجهت إليه الدعوى للحضور فقط ، ما دفعه للرد على ذلك بتجاهل المشاركة في المؤتمر ولم يرسل كالمعتاد وكيله عباس شومان.
تكرر الأمر، بعدما عقد الأزهر مؤتمره الدولي الثاني خلال أسبوعين فقط، حول تجديد الخطاب الديني بين دقة الفهم وتصحيح المفاهيم، الذي نظمته كلية الدراسات الإسلامية، ولم يدع إليه وزير الأوقاف، بل إن الطيب قال خلال كلمته التي ألقاها نيابة عنه وكيله عباس شومان إن “الأزهر ماضٍ في استعادة الخطاب الديني من خاطفيه على الموائد الدعوية”.
واستخدم الطيب المؤتمر ذاته منصة للهجوم على من ينتقدون أو يحاولون وضع إطار جديد لإصلاحه، حينما ذكر أن “أزمة الخطاب الديني ليست في مناهج الأزهر، إنما تكمن في الأداء المنفلت الذي يمارسه البعض والتطفل على الموائد الدعوية من قبل البعض من غير المتخصصين وأن الأزهر ماض في طريقه ولا يلتفت لمن يحاولون النيل منه والعبث بقوانينه”.
ويبدو حديث شيخ الأزهر موجهًا بالأساس إلى أعضاء مجلس النواب الذين يحاولون تعديل قانون الأزهر، بما يسمح لرئيس الجمهورية إضافة علماء من خارج المجال الديني لعضوية هيئة كبار العلماء يكون لهم صلة بعلم النفس والاجتماع والثقافة، بدلًا من اقتصار الهيئة على علماء الدين فقط، مع تحديد مدة لولاية شيخ الأزهر نفسه بعدها يجري تغييره.
مصادر على صلة بالمؤسسات الدينية، قالت :إن الحضور في المؤتمرات من علماء الدول الإسلامية لاحظوا غياب كل من الطرفين أحمد الطيب ومختار جمعة عن المؤتمرات التي يقيمها الطرف الآخر، لدرجة أنهم أشاروا في بعض اللقاءات الجانبية إلى أن المؤتمرات التي تعقد هنا وهناك تبدو متقاربة في الفكرة والمضمون.
ويرى مراقبون أن تحوّل المؤتمرات الدينية إلى استعراض للعضلات بين الأزهر والأوقاف يفرغها من مضمونها ويجعل قضية تجديد الخطاب الديني ومواجهة التطرف والإرهاب قابعة عند نقطة واحدة لا تتحرك، لا سيما وأن كل طرف يستغل مؤتمره للدفاع عن نفسه من الاتهامات الموجهة إليه بالتقصير في ملف التطرف وتجديد الخطاب.
ويقول هؤلاء إن المؤسسات الدينية أصبحت تتسارع لإثبات نفسها كقوة دينية أمام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي يمكن الاعتماد عليها في مسألة تجديد الخطاب الديني تحديدًا، باعتبار أن هذا الملف يرعاه رئيس الدولة بشكل رسمي، وبالتالي فإنهم يستخدمون المؤتمرات المتكررة أداة لإظهار قوتهم في حشد علماء الدول الإسلامية إلى مصر لمناقشة هذا الملف.
وتحدث باحثون في الشأن الديني حول أن أكثرية المؤتمرات التي أقيمت منذ دعوة السيسي إلى ضرورة تجديد الخطاب الديني قبل عامين، وبلغت 21 مؤتمرًا، تدور جميعها في فلك واحد تقريبًا، وكل مؤسسة دينية تريد أن تفرض رؤيتها على هذا الملف وتتهم الآخر بالتسبب في تنامي الفكر المتطرف والمتشدد.
ويقول هؤلاء الباحثون إن المؤتمرات الدينية وإن كانت تركز على قضايا مصيرية وضرورية، إلا أن الجهات التي تنظمها تبدو عاجزة عن إصلاح نفسها أولًا قبل أن تتوجه بإصلاح الأطراف البعيدة عنها ما يشكك في مصداقيتها أمام المجتمع، حيث أن كل مؤسسة لا ترى السلبيات الموجودة بداخلها، التي إن جرى مواجهتها بشجاعة سوف يتم البدء في عملية التجديد على الأرض.
الأزهر يدافع في كل مؤتمراته عن مناهجه التي يدرّسها للطلاب وينفي عنها (المناهج) تهمة تخريج متشددين دينيا وفكريًا، ويدافع عنها بدعوى الحفاظ على التراث، على الرغم من أن البعض من العمليات الإرهابية، وأهمها اغتيال النائب العام المصري عبدالمجيد محمود كانت على يد خريجين من الأزهر، حتى أن اللجنة الدينية في مجلس النواب ترى ضرورة تنقيح هذه المناهج لكن الأزهر يدافع عنها باستماتة في كل مؤتمراته.
أما وزارة الأوقاف، فهي ترى أن رؤيتها بشأن طريقة إدارة المساجد وفرض خطبة موحدة لموضوع واحد يجري تناوله على مستوى المحافظات كل يوم جمعة، هو السبيل لمنع استغلال المنابر في قضايا سياسية وأن ذلك هو نقطة البداية في التجديد، برغم تحذير الكثير من علماء الدين والوسطيين من أنّ ذلك سوف يجعل البعض يلجأ إلى منابر التيارات السلفية بعدما جرى تفريغ الخطبة في مساجد الأوقاف من مضمونها.
في حين أنّ دار الإفتاء المصرية، التي تحاول إرضاء الأزهر والأوقاف وتقف على مسافة واحدة من الطرفين لتجنب أن تحسب على مؤسسة بعينها، فإنها تريد من خلال مؤتمراتها تقديم نوع جديد من التجديد من خلال تشكيل لجان فتاوى بالمحافظات المصرية أحيانا ما تتعارض فتاواها مع فتاوى الأزهر ودار الإفتاء نفسها.
وقال أحمد صابر، الباحث في الشأن الديني إن المؤتمرات الدينية أصبحت السبيل الأمثل لضرب كل مؤسسة للأخرى، فهي لم تفد القضايا الدينية في شيء، ولم تنفذ توصياتها على أرض الواقع، والخطاب الديني لن يتجدد بمثل هذه الجلسات الدورية، بقدر ما يبدأ من تغيير الوجوه الحالية وسياساتها وأن تبدأ كل واحدة بنفسها أولًا بدلًا من استخدام المنصات لضرب نفوذ المؤسسة الأخرى.
وأضاف أن الرئيس السيسي ملّ من هذا الصراع لكنه خرج من إطار تبادل الاتهامات إلى استسهال المؤتمرات، ما دفع البرلمان مؤخرًا للتحرك نحو البدء في التجديد من خلال إطار تشريعي يُعيد هيكلة المؤسسات الدينية، فهو الآن ماضٍ في تعديل قانون الأزهر، ويسعى إلى إعادة ضبط مسار دار الإفتاء بتنظيم أمورها الداخلية وتحديد أهدافها، مشيرًا إلى اتحاد المؤسسات الدينية على إطار واحد للتجديد سيكون البداية الحقيقة للمضي لمواجهة الفكر الديني المتشدد.
ويرى متابعون أنّ فرص الوصول إلى بصيص أمل في مسألة تجديد الخطاب الديني بعيدة المنال في ظل هذه الأجواء الخلافية، بعدما استغل أصحاب المرجعيات المختلفة، كالإخوان والدعوة السلفية وأنصار السنة والتبليغ والدعوة، صراع المؤسسات الدينية الرسمية وعادوا لأنشطتهم في البعض من زوايا المساجد التي أغلقتها الأوقاف منذ عام 2013.
يبدو أنّ الصراع بين المؤسسات الدينية الرسمية في مصر، الأزهر ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء، حول تطوير الخطاب الديني، وسعي كل منها إلى إظهار أنها الأجدر بقيادة الملف، انعكس على طبيعة المؤتمرات الدينية التي تقام بين حين وآخر، وكانت كل جهة تردّ على الأخرى بطريقتها الخاصة، بينما يخرج كل مؤتمر بمجموعة من التوصيات غالبا لا تنفّذ على الأرض.
خلال الأسبوعين الماضيين فقط، أقيمت ثلاثة مؤتمرات، اثنان للأزهر وواحد للأوقاف، وجميعها دارت في فلك واحد، وإما البحث عن طريقة لتجديد الخطاب الديني، أو وضع حلّ لمواجهة تمدد الفكر التكفيري والتشدد الديني ومحاربة الإرهاب، ولم تخلُ المؤتمرات من إبراز الصراع القائم بين المؤسستين.
المؤتمر الأول كان نهاية شهر فبراير الماضي أقامه الأزهر حول تعزيز المواطنة كأساس لمواجهة التطرف، ولم يتم تخصيص كلمة لمختار جمعة وزير الأوقاف خلال المؤتمر برغم حضوره نيابة عن شريف إسماعيل رئيس الوزراء، ما أثار غضب الوزير وأعاد إلى المشهد الصراع التقليدي بين الأزهر والأوقاف حول العديد من القضايا الدينية ومن له الكلمة العليا فيها.
لم تصمت الأوقاف على تجاهل الأزهر لوزيرها، فأقامت مؤتمرًا للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الأسبوع الماضي، حول دور القادة وصانعي القرار في مواجهة الإرهاب، ورفضت تخصيص كلمة لأحمد الطيب شيخ الأزهر، ووجهت إليه الدعوى للحضور فقط ، ما دفعه للرد على ذلك بتجاهل المشاركة في المؤتمر ولم يرسل كالمعتاد وكيله عباس شومان.
تكرر الأمر، بعدما عقد الأزهر مؤتمره الدولي الثاني خلال أسبوعين فقط، حول تجديد الخطاب الديني بين دقة الفهم وتصحيح المفاهيم، الذي نظمته كلية الدراسات الإسلامية، ولم يدع إليه وزير الأوقاف، بل إن الطيب قال خلال كلمته التي ألقاها نيابة عنه وكيله عباس شومان إن “الأزهر ماضٍ في استعادة الخطاب الديني من خاطفيه على الموائد الدعوية”.
واستخدم الطيب المؤتمر ذاته منصة للهجوم على من ينتقدون أو يحاولون وضع إطار جديد لإصلاحه، حينما ذكر أن “أزمة الخطاب الديني ليست في مناهج الأزهر، إنما تكمن في الأداء المنفلت الذي يمارسه البعض والتطفل على الموائد الدعوية من قبل البعض من غير المتخصصين وأن الأزهر ماض في طريقه ولا يلتفت لمن يحاولون النيل منه والعبث بقوانينه”.
ويبدو حديث شيخ الأزهر موجهًا بالأساس إلى أعضاء مجلس النواب الذين يحاولون تعديل قانون الأزهر، بما يسمح لرئيس الجمهورية إضافة علماء من خارج المجال الديني لعضوية هيئة كبار العلماء يكون لهم صلة بعلم النفس والاجتماع والثقافة، بدلًا من اقتصار الهيئة على علماء الدين فقط، مع تحديد مدة لولاية شيخ الأزهر نفسه بعدها يجري تغييره.
مصادر على صلة بالمؤسسات الدينية، قالت :إن الحضور في المؤتمرات من علماء الدول الإسلامية لاحظوا غياب كل من الطرفين أحمد الطيب ومختار جمعة عن المؤتمرات التي يقيمها الطرف الآخر، لدرجة أنهم أشاروا في بعض اللقاءات الجانبية إلى أن المؤتمرات التي تعقد هنا وهناك تبدو متقاربة في الفكرة والمضمون.
ويرى مراقبون أن تحوّل المؤتمرات الدينية إلى استعراض للعضلات بين الأزهر والأوقاف يفرغها من مضمونها ويجعل قضية تجديد الخطاب الديني ومواجهة التطرف والإرهاب قابعة عند نقطة واحدة لا تتحرك، لا سيما وأن كل طرف يستغل مؤتمره للدفاع عن نفسه من الاتهامات الموجهة إليه بالتقصير في ملف التطرف وتجديد الخطاب.
ويقول هؤلاء إن المؤسسات الدينية أصبحت تتسارع لإثبات نفسها كقوة دينية أمام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي يمكن الاعتماد عليها في مسألة تجديد الخطاب الديني تحديدًا، باعتبار أن هذا الملف يرعاه رئيس الدولة بشكل رسمي، وبالتالي فإنهم يستخدمون المؤتمرات المتكررة أداة لإظهار قوتهم في حشد علماء الدول الإسلامية إلى مصر لمناقشة هذا الملف.
وتحدث باحثون في الشأن الديني حول أن أكثرية المؤتمرات التي أقيمت منذ دعوة السيسي إلى ضرورة تجديد الخطاب الديني قبل عامين، وبلغت 21 مؤتمرًا، تدور جميعها في فلك واحد تقريبًا، وكل مؤسسة دينية تريد أن تفرض رؤيتها على هذا الملف وتتهم الآخر بالتسبب في تنامي الفكر المتطرف والمتشدد.
ويقول هؤلاء الباحثون إن المؤتمرات الدينية وإن كانت تركز على قضايا مصيرية وضرورية، إلا أن الجهات التي تنظمها تبدو عاجزة عن إصلاح نفسها أولًا قبل أن تتوجه بإصلاح الأطراف البعيدة عنها ما يشكك في مصداقيتها أمام المجتمع، حيث أن كل مؤسسة لا ترى السلبيات الموجودة بداخلها، التي إن جرى مواجهتها بشجاعة سوف يتم البدء في عملية التجديد على الأرض.
الأزهر يدافع في كل مؤتمراته عن مناهجه التي يدرّسها للطلاب وينفي عنها (المناهج) تهمة تخريج متشددين دينيا وفكريًا، ويدافع عنها بدعوى الحفاظ على التراث، على الرغم من أن البعض من العمليات الإرهابية، وأهمها اغتيال النائب العام المصري عبدالمجيد محمود كانت على يد خريجين من الأزهر، حتى أن اللجنة الدينية في مجلس النواب ترى ضرورة تنقيح هذه المناهج لكن الأزهر يدافع عنها باستماتة في كل مؤتمراته.
أما وزارة الأوقاف، فهي ترى أن رؤيتها بشأن طريقة إدارة المساجد وفرض خطبة موحدة لموضوع واحد يجري تناوله على مستوى المحافظات كل يوم جمعة، هو السبيل لمنع استغلال المنابر في قضايا سياسية وأن ذلك هو نقطة البداية في التجديد، برغم تحذير الكثير من علماء الدين والوسطيين من أنّ ذلك سوف يجعل البعض يلجأ إلى منابر التيارات السلفية بعدما جرى تفريغ الخطبة في مساجد الأوقاف من مضمونها.
في حين أنّ دار الإفتاء المصرية، التي تحاول إرضاء الأزهر والأوقاف وتقف على مسافة واحدة من الطرفين لتجنب أن تحسب على مؤسسة بعينها، فإنها تريد من خلال مؤتمراتها تقديم نوع جديد من التجديد من خلال تشكيل لجان فتاوى بالمحافظات المصرية أحيانا ما تتعارض فتاواها مع فتاوى الأزهر ودار الإفتاء نفسها.
وقال أحمد صابر، الباحث في الشأن الديني إن المؤتمرات الدينية أصبحت السبيل الأمثل لضرب كل مؤسسة للأخرى، فهي لم تفد القضايا الدينية في شيء، ولم تنفذ توصياتها على أرض الواقع، والخطاب الديني لن يتجدد بمثل هذه الجلسات الدورية، بقدر ما يبدأ من تغيير الوجوه الحالية وسياساتها وأن تبدأ كل واحدة بنفسها أولًا بدلًا من استخدام المنصات لضرب نفوذ المؤسسة الأخرى.
وأضاف أن الرئيس السيسي ملّ من هذا الصراع لكنه خرج من إطار تبادل الاتهامات إلى استسهال المؤتمرات، ما دفع البرلمان مؤخرًا للتحرك نحو البدء في التجديد من خلال إطار تشريعي يُعيد هيكلة المؤسسات الدينية، فهو الآن ماضٍ في تعديل قانون الأزهر، ويسعى إلى إعادة ضبط مسار دار الإفتاء بتنظيم أمورها الداخلية وتحديد أهدافها، مشيرًا إلى اتحاد المؤسسات الدينية على إطار واحد للتجديد سيكون البداية الحقيقة للمضي لمواجهة الفكر الديني المتشدد.
ويرى متابعون أنّ فرص الوصول إلى بصيص أمل في مسألة تجديد الخطاب الديني بعيدة المنال في ظل هذه الأجواء الخلافية، بعدما استغل أصحاب المرجعيات المختلفة، كالإخوان والدعوة السلفية وأنصار السنة والتبليغ والدعوة، صراع المؤسسات الدينية الرسمية وعادوا لأنشطتهم في البعض من زوايا المساجد التي أغلقتها الأوقاف منذ عام 2013.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.