منافس الأهلي.. بورتو يسابق الزمن لضم فيجا قبل انطلاق مونديال الأندية    7 لاعبين مهددون بالرحيل عن ريال مدريد    أحمد الفيشاوي يثير الجدل مجددًا بظهوره ب«حلق» في أحدث إطلالة على إنستجرام    من مدريد إلى نيويورك..فى انتظار ولادة صعبة لحل الدولتين    باريس سان جيرمان ينهي عقدة تاريخية لأندية فرنسا أوروبيًا    بعد رحيله عن الأهلي.. هل طلب سامي قمصان ضم ميشيل يانكون لجهاز نادي زد؟    لاعبان سابقان.. الزمالك يفاضل بين ثلاثي الدوري لضم أحدهم (تفاصيل)    معاكسة فتاة ببنها تنتهى بجثة ومصاب والأمن يسيطر ويضبط المتهمين    متحدث الصحة: نضع خطة طوارئ متكاملة خلال إجازة العيد.. جاهزية كل المستشفيات    ديستربتيك: استثمرنا 65% من محفظتنا فى شركات ناشئة.. ونستعد لإطلاق صندوق جديد خلال عامين    مطالب برلمانية للحكومة بسرعة تقديم تعديل تشريعى على قانون مخالفات البناء    البلشي يرفض حبس الصحفيين في قضايا النشر: حماية التعبير لا تعني الإفلات من المحاسبة    القومي لحقوق الإنسان يكرم مسلسل ظلم المصطبة    الحبس والغرامة للمتهمين باقتطاع فيديوهات للإعلامية ريهام سعيد وإعادة نشرها    «سيبتك» أولى مفاجآت ألبوم حسام حبيب لصيف 2025    مدير فرع هيئة الرعاية الصحية بالإسماعيلية يستقبل وفدا من الصحة العالمية    رئيس النحالين العرب: 3 جهات رقابية تشرف على إنتاج عسل النحل المصري    وزير الصحة: تجاوزنا أزمة نقص الدواء باحتياطي 3 أشهر.. وحجم التوسع بالمستشفيات مش موجود في العالم    بحثًا عن الزمن المفقود فى غزة    مصطفى كامل وأنوشكا ونادية مصطفى وتامر عبد المنعم فى عزاء والد رئيس الأوبرا    20 صورة.. مستشار الرئيس السيسي يتفقد دير مارمينا في الإسكندرية    موعد أذان مغرب السبت 4 من ذي الحجة 2025.. وبعض الآداب عشر ذي الحجة    بعد نجاح مسابقته السنويَّة للقرآن الكريم| الأزهر يطلق «مسابقة السنَّة النبويَّة»    ماذا على الحاج إذا فعل محظورًا من محظورات الإحرام؟.. الدكتور يسري جبر يجيب    الهمص يتهم الجيش الإسرائيلي باستهداف المستشفيات بشكل ممنهج في قطاع غزة    الإخوان في فرنسا.. كيف تُؤسِّس الجماعة حياةً يوميةً إسلاميةً؟.. خطة لصبغ حياة المسلم فى مجالات بعيدة عن الشق الدينى    المجلس القومي لحقوق الإنسان يكرم أبطال مسلسل ظلم المصطبة    وزارة الزراعة تنفي ما تردد عن بيع المبنى القديم لمستثمر خليجي    برونو يحير جماهير مانشستر يونايتد برسالة غامضة    القاهرة الإخبارية: القوات الروسية تمكنت من تحقيق اختراقات في المواقع الدفاعية الأوكرانية    "أوبك+": 8 أعضاء سيرفعون إنتاج النفط في يوليو ب411 ألف برميل يوميا    قواعد تنسيق العام الجديد.. اعرف تفاصيل اختبارات القدرات    ما حكم بيع جزء من الأضحية؟    محافظ القليوبية يوجه بسرعة الانتهاء من رصف وتطوير محور مصرف الحصة    ب حملة توقيعات.. «الصحفيين»: 5 توصيات ل تعديل المادة 12 من «تنظيم الصحافة والإعلام» (تفاصيل)    استعدادًا لعيد الأضحى| تفتيش نقاط الذبيح ومحال الجزارة بالإسماعيلية    محافظ أسيوط ووزير الموارد المائية والري يتفقدان قناطر أسيوط الجديدة ومحطتها الكهرومائية    تكشف خطورتها.. «الصحة العالمية» تدعو الحكومات إلى حظر جميع نكهات منتجات التبغ    وزير الخارجية يبحث مع عضو لجنة الخدمات العسكرية ب"الشيوخ الأمريكي" سبل دعم الشراكة الاستراتيجية    مصادرة 37 مكبر صوت من التكاتك المخالفة بحملة بشوارع السنبلاوين في الدقهلية    حظك اليوم السبت 31 مايو 2025 وتوقعات الأبراج    لماذا سيرتدي إنتر القميص الثالث في نهائي دوري أبطال أوروبا؟    تفاصيل ما حدث في أول أيام امتحانات الشهادة الإعدادية بالمنوفية    "حياة كريمة" تبدأ تنفيذ المسح الميداني في المناطق المتضررة بالإسكندرية    بدر عبد العاطى وزير الخارجية ل"صوت الأمة": مصر تعكف مصر على بذل جهود حثيثة بالشراكة مع قطر أمريكا لوقف الحرب في غزة    وزير التربية والتعليم يبحث مع منظمة "يونيسف" وضع خطط لتدريب المعلمين على المناهج المطورة وطرق التدريس    استخراج حجر بطارية ألعاب من مريء طفل ابتلعه أثناء اللعب.. صور    أفضل الأدعية المستجابة عند العواصف والرعد والأمطار    رئيس الإنجيلية يستهل جولته الرعوية بالمنيا بتنصيب القس ريموند سمعان    ماذا قالت وكالة الطاقة الذرية في تقريرها عن أنشطة إيران؟    مصدر كردي: وفد من الإدارة الذاتية الكردية يتجه لدمشق لبحث تطبيق اتفاق وقّعته الإدارة الذاتية مع الحكومة السورية قبل نحو 3 أشهر    "نفرح بأولادك"..إلهام شاهين توجه رسالة ل أمينة خليل بعد حفل زفافها (صور)    قبل وقفة عرفة.. «اليوم السابع» يرصد تجهيزات مشعر عرفات "فيديو"    عمرو الدجوى يقدم بلاغا للنائب العام يتهم بنات عمته بالاستيلاء على أموال الأسرة    عيد الأضحى 2025.. محافظ الغربية يؤكد توافر السلع واستعداد المستشفيات لاستقبال العيد    سحب 700 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    لمكافحة التلاعب بأسعار الخبز.. ضبط 4 طن دقيق مدعم بالمحافظات    سويلم: الأهلي تسلم الدرع في الملعب وحسم اللقب انتهى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزهر الشريف يهنئ المرأة بمناسبة يومها العالمي
نشر في صوت البلد يوم 08 - 03 - 2017

يهنىء الأزهر الشريف وإمامه الأكبر أ.د/ أحمد الطيب ، شيخ الأزهر ، نساء مصر والعالم بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، الذي يوافق 8 مارس من كل عام.
و يؤكد الأزهر الشريف، أن الإسلام الحنيف كرم المرأة وأعلى مكانتها، وجَعَلها شريكة الرجل في الحقوق والواجبات، واعترف بأهمية الدور الذي يجب أن تكون عليه كشريكٍ أساسي في بناء الأوطان .
والأزهر الشريف إذ يقدر دور المرأة ويؤكد فضلها في النهوض بالمجتمعات؛ فإنه يرفض ممارسة أي عنف أوتمييز ضدها، مطالبًا العالم أجمع بتمكين المرأة، ووضعها في مكانها الصحيح، واحترام حقوقها التي كفلها الإسلام لها قبل أن تنادي بها المنظمات الحقوقية في العالم، مشددًا على ضرورة عدم تهميش دورها أو إقصائها، ودعم دورها في البناء والتجديد والإبداع والتطوير وتنمية المجتمع .
وكان فضيلة الإمام الأكبر قد أفرد مقاله الإسبوعي بجريدة "صوت الأزهر" والذي جاء تحت عنوان "شقائق الرجال .. المرأة .. ودعم مسيرة التطوير"، ليؤكد على مكانة المرأة في الإسلام ، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للمرأة والذي يوافق 8 مارس من كل عام .
وفيما يلي نص مقال فضيلة الإمام الأكبر :
شَقَائِقُ الرِّجَال ..
المرأةُ .. ودعم مسيرة التَّطوير
فضيلة الإمام الأكبر
أ.د/ أحمَد الطيِّب، شيخ الأزهَر الشَّريف
المرأةُ في شريعةِ الإسلامِ شريكةُ الرَّجلِ في الحُقوقِ والواجباتِ، فالإسلامُ هو أوَّل نظامٍ في العالمِ حرَّر المرأةَ مِن كافَّةِ الأغلالِ والقُيودِ الظَّالمةِ الَّتي كانتْ عليها، وذلكَ لأنَّ ظلمَ المرأةِ وتهميشَ دَوْرِها كانَ جُزءًا مِن طبيعةِ النِّظامِ الاجتماعيِّ قبلَ الإسلامِ، فَجاء الإسلامُ ليَقفَ بجوارِ المرأةِ: أمًّا وأختًا وبنتًا وزوجةً، ويَضْمَنَ لها جميعَ حُقوقِها .
ولهذَا؛ فإنَّه مِن الخطأ النَّظر إلى أنَّ بعضَ ما تُعانيه المرأةُ الشرقيَّة من تهميشٍ إنَّما هو بسبب تعاليمِ الإسلام، فهذا زَعْمٌ باطلٌ، والصحيح أنَّ هذه المعاناةَ إنَّما لحقتْها بسبب مخالفةِ تعاليمِ الإسلام الخاصَّة بالمرأة، وإيثار تقاليدَ عتيقةٍ وأعرافٍ باليةٍ لا عَلاقةَ لها بالإسلام، وتقديم هذه التقاليدِ على الأحكام المتعلِّقة بالمرأة في الشريعةِ الإسلاميَّة ، فالمرأة المسلمةُ عانَتْ بسبب كثيرٍ من القُيود خارجَ إطار الشريعةِ الإسلاميَّة، وهو ما أدَّى إلى ظُهور العديد مِن المشكلات؛ مثل العُنوسة والحرمانِ من الميراثِ وغيرها، بل إنَّ المجتمعَ المسلمَ فَقَدَ كثيرًا مِن طاقاتِه المبدعةِ حين سَمَحْنا –نحنُ المسلمينَ- بتهميش دَور المرأة وإقصائِها عَن مواقعِ التَّأثيرِ في مجتمعاتِنا.
ومِن جانبي فإنَّني لا أعرفُ موضوعًا آخرَ استنزفَ من عقولِ العُلَمَاء والمُفكِّرين والباحثينَ والباحثاتِ، منذ مَطْلَعِ القَرن الماضي حتَّى يومِنا هذا، ما استنزفه موضوعُ المرأةِ.. وفي مكتبتنا العربيَّةِ والإسلاميَّة المعاصرةِ آلافُ الكتبِ والأبحاثِ والمؤتمراتِ والنَّدواتِ الَّتي تناولتْ موضوعَ المرأةِ وقَتلَتْهُ بحثًا ودراسةً ومقترحًا، ورغم ذلك يظلُّ هذا الموضوعُ وكأنه لم يَمْسَسْه فِكْرٌ ولا قَلَمٌ من قبلُ..
والَّذي يَبدُو لي -بعدَ طُولِ نَظَرٍ- في هذه القضيةِ أنَّه يُمكِنُ النَّظر إليها من زوايا ثلاثٍ:
الزَّاويةُ الأُولى: زاوية الإسلام الَّذي أنصفَ المرأةَ المسلمةَ وحرَّرها مِن الأغلالِ والقُيود التي كبَّلتْها بها حضاراتٌ معاصرةٌ لظهور الإسلام، وفي مُقدِّمتها: حضارةُ اليونان مُمثَّلَةً في قطبيها الكبيرين: أفلاطون وأرسطو، وشريعة الرومان، وأديان الهند، وكتب مقدَّسةٌ حمَّلَتِ المرأةَ وحدَها مسؤوليَّةَ الخطيئةِ الأولى، والجاهليَّةِ العربيَّة الَّتِي صادرتْ على المرأة حقَّ الحياةِ، وحقَّ التعلُّم، وحقَّ التملُّك، وحقَّ الميراث، إلى آخره..
ولكن أقولُ: إنَّه في هذا الجوِّ الخانِقِ للمَرأةِ ظهرَ الإسلامُ وكانَتْ له كلمتُه الحاسمةُ، ولو أَنَّه صَمَتَ في ذلكم الوقتِ عن مظالمِ المرأة واستذلالِها ما توجَّه إليه عَتْبٌ ولا لَوْمٌ، فقد كانت الدُّنيا بأسرِها ضِدَّ المَرأة وَضِدَّ حقوقها وضِدَّ كرامتها كإنسانٍ، لكنه لم يلبَث أنْ صَدَعَ في النَّاس بقولهِ تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾{2/228}، ﴿وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لَّتَعْتَدُواْ﴾{2/231}، وكان آخر كلماته ﷺ: «النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَال» ، وأوقفَ وإلى الأبد وَأْدَ البنات، وملَّكها حقوقًا سبقتْ بها نظيراتها في العالم بأربعةَ عشرَ قرنًا من الزمان.. ملَّكها حقَّ الإرث وحقَّ التعليم وحقَّ اختيار الزوج، وجعل لها ذمةً ماليةً مستقلةً عن زوجها، تتصرَّفُ فيها تصرُّفَ المالك في مِلكه الخالص مع الاحتفاظ باسم عائلتِها حتَّى لا تذوبَ شخصيتُها في شخصيةِ شريكِها، وساوى بينها وبينَ الرَّجل في التكاليفِ وتحمُّل المسؤوليةِ.
ومعلومٌ أنَّ هذه الحقوقَ لا بُدَّ أنْ تصنعَ من المرأةِ عنصرًا مبدعًا في المجتمع لا يقلُّ شأنًا عن الرَّجُل إنْ لم تَزِدْ عليه، وقد صَحَّ أنَّهُ ﷺ قالَ: «...فَلَوْ كُنْتُ مُفَضِّلا أَحَدًا لَفَضَّلْتُ النِّسَاءَ على الرِّجَال»، وهذا التَّفضيلُ ليسَ مِن بابِ جَبْرِ الخاطرِ لضعيفٍ مهضومِ الحقِّ، وإنَّما هو لفتٌ للأنظارِ إلى ميزاتٍ وخصائصَ تتفوَّقُ فيها النِّساءُ وقد يَفْضُلْنَ بها الرَّجال.
أمَّا الزاويةُ الثَّانية: فهي الزاويةُ التي تأثَّرتْ بالعاداتِ والتقاليدِ أكثر مِمَّا تأثَّرت بأحكام القُرآن والسُّنَّة والنصوصِ الصريحة الَّتي ترفعُ من شأن المرأة ومِن قدرها العلميِّ والاجتماعيِّ والإنسانيِّ، وهذه الزاويةُ أو هذا المذهبُ كادَ يعودُ بالمرأة في كثيرٍ من مظاهرِ حياتها إلى ما كانتْ عليه قبلَ نزولِ القرآن، فصادرَ عليها كثيرًا من حقوقِها التي كفَلَها الإسلامُ للمرأة، واستدعَى في نظرتِه للمرأة فقهًا غريبًا ضربَ عليها حصارًا من العُزلة والغُربة، حتَّى كادتْ تَألفُ غُربتَها وعُزلتَها، وما جاء الإسلامُ إلَّا ليحرِّرَ المرأةَ مِن هذا الحصارِ، ويُلقِي بها في قلب المجتمع لتتحمَّلَ مسؤوليَّاتها في إعمارهِ وتنميتِه وتقدُّمِه.
أمَّا الزاويةُ الثَّالثة: فهي زاويةُ الحداثةِ الغَربيَّة المرتبطةِ بمفاهيمَ خاصَّةٍ وفلسفاتٍ جديدةٍ تنكَّرتْ لكثيرٍ من القيم الثَّابتةِ في تاريخِ هذهِ المجتمعاتِ وعقائدِها، وأُبَادرُ بالقول –في عبارةٍ موجزةٍ- إِنَّني أُفرِّقُ تفرقةً حاسمةً بين الحداثةِ بكلِّ محاذيرها، والتحديثِ الَّذي هو تفاعلٌ واجتهادٌ وتجديدٌ للتُّراثِ الدِّيني والأخلاقيِّ، والإفادةِ من كُنوزه؛ فالحداثةٌ بمفهومِها الغربيِّ ليسَتْ هي الأُنموذجُ الأمثلُ الَّذي يستحقُّ تعميمَه وتسويقَه عالميًّا وعولميَّا.
وَهذا ما يدفعُنا إلى التَّساؤُل : هَل الحداثةُ هي البديلُ الأمثلُ لمجتمعٍ يَحفظ قِيَمَ الأُمُومة والأُسرة رغمَ ما يلحقُها باسم الدِّينِ من تجاوزاتٍ، أو أَنْ نَقبلَ هذا الواقعَ ونحاول تغييرَهُ وتجديدَه انطلاقًا من هُويَّاتنا المختلفة وثقافاتنا المتعدَّدة؛ لأنَّ البديلَ الآخَرَ وبكلِّ تأكيدٍ هو الدَّمارُ والكارثةُ بالمعنيين: المادِّيِّ والمعنويِّ.
إنَّ العالمَ العربيَّ والإسلاميَّ الآنَ، وأكثر من أيِّ وقتٍ مضى، في أمَسِّ الحاجةِ لإعلاءِ مكانةِ المرأة ودورِها في دَعمِ مسيرة التَّطوير وتنميةِ المجتمعات، لا سيِّما في ظلِّ التحديات الرَّاهنة الَّتي تشهدُها مجتمعاتُنا العربيَّةُ والإسلاميَّة، وهُو ما يتطلَّب التأكيد على أهميَّة تعظيم دَور المرأة، وتكريمها، وإنصافها، واستغلالِ طاقاتها المُهدرة، واحترام حقوقِها التي كفَلَها الإسلام.
يهنىء الأزهر الشريف وإمامه الأكبر أ.د/ أحمد الطيب ، شيخ الأزهر ، نساء مصر والعالم بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، الذي يوافق 8 مارس من كل عام.
و يؤكد الأزهر الشريف، أن الإسلام الحنيف كرم المرأة وأعلى مكانتها، وجَعَلها شريكة الرجل في الحقوق والواجبات، واعترف بأهمية الدور الذي يجب أن تكون عليه كشريكٍ أساسي في بناء الأوطان .
والأزهر الشريف إذ يقدر دور المرأة ويؤكد فضلها في النهوض بالمجتمعات؛ فإنه يرفض ممارسة أي عنف أوتمييز ضدها، مطالبًا العالم أجمع بتمكين المرأة، ووضعها في مكانها الصحيح، واحترام حقوقها التي كفلها الإسلام لها قبل أن تنادي بها المنظمات الحقوقية في العالم، مشددًا على ضرورة عدم تهميش دورها أو إقصائها، ودعم دورها في البناء والتجديد والإبداع والتطوير وتنمية المجتمع .
وكان فضيلة الإمام الأكبر قد أفرد مقاله الإسبوعي بجريدة "صوت الأزهر" والذي جاء تحت عنوان "شقائق الرجال .. المرأة .. ودعم مسيرة التطوير"، ليؤكد على مكانة المرأة في الإسلام ، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للمرأة والذي يوافق 8 مارس من كل عام .
وفيما يلي نص مقال فضيلة الإمام الأكبر :
شَقَائِقُ الرِّجَال ..
المرأةُ .. ودعم مسيرة التَّطوير
فضيلة الإمام الأكبر
أ.د/ أحمَد الطيِّب، شيخ الأزهَر الشَّريف
المرأةُ في شريعةِ الإسلامِ شريكةُ الرَّجلِ في الحُقوقِ والواجباتِ، فالإسلامُ هو أوَّل نظامٍ في العالمِ حرَّر المرأةَ مِن كافَّةِ الأغلالِ والقُيودِ الظَّالمةِ الَّتي كانتْ عليها، وذلكَ لأنَّ ظلمَ المرأةِ وتهميشَ دَوْرِها كانَ جُزءًا مِن طبيعةِ النِّظامِ الاجتماعيِّ قبلَ الإسلامِ، فَجاء الإسلامُ ليَقفَ بجوارِ المرأةِ: أمًّا وأختًا وبنتًا وزوجةً، ويَضْمَنَ لها جميعَ حُقوقِها .
ولهذَا؛ فإنَّه مِن الخطأ النَّظر إلى أنَّ بعضَ ما تُعانيه المرأةُ الشرقيَّة من تهميشٍ إنَّما هو بسبب تعاليمِ الإسلام، فهذا زَعْمٌ باطلٌ، والصحيح أنَّ هذه المعاناةَ إنَّما لحقتْها بسبب مخالفةِ تعاليمِ الإسلام الخاصَّة بالمرأة، وإيثار تقاليدَ عتيقةٍ وأعرافٍ باليةٍ لا عَلاقةَ لها بالإسلام، وتقديم هذه التقاليدِ على الأحكام المتعلِّقة بالمرأة في الشريعةِ الإسلاميَّة ، فالمرأة المسلمةُ عانَتْ بسبب كثيرٍ من القُيود خارجَ إطار الشريعةِ الإسلاميَّة، وهو ما أدَّى إلى ظُهور العديد مِن المشكلات؛ مثل العُنوسة والحرمانِ من الميراثِ وغيرها، بل إنَّ المجتمعَ المسلمَ فَقَدَ كثيرًا مِن طاقاتِه المبدعةِ حين سَمَحْنا –نحنُ المسلمينَ- بتهميش دَور المرأة وإقصائِها عَن مواقعِ التَّأثيرِ في مجتمعاتِنا.
ومِن جانبي فإنَّني لا أعرفُ موضوعًا آخرَ استنزفَ من عقولِ العُلَمَاء والمُفكِّرين والباحثينَ والباحثاتِ، منذ مَطْلَعِ القَرن الماضي حتَّى يومِنا هذا، ما استنزفه موضوعُ المرأةِ.. وفي مكتبتنا العربيَّةِ والإسلاميَّة المعاصرةِ آلافُ الكتبِ والأبحاثِ والمؤتمراتِ والنَّدواتِ الَّتي تناولتْ موضوعَ المرأةِ وقَتلَتْهُ بحثًا ودراسةً ومقترحًا، ورغم ذلك يظلُّ هذا الموضوعُ وكأنه لم يَمْسَسْه فِكْرٌ ولا قَلَمٌ من قبلُ..
والَّذي يَبدُو لي -بعدَ طُولِ نَظَرٍ- في هذه القضيةِ أنَّه يُمكِنُ النَّظر إليها من زوايا ثلاثٍ:
الزَّاويةُ الأُولى: زاوية الإسلام الَّذي أنصفَ المرأةَ المسلمةَ وحرَّرها مِن الأغلالِ والقُيود التي كبَّلتْها بها حضاراتٌ معاصرةٌ لظهور الإسلام، وفي مُقدِّمتها: حضارةُ اليونان مُمثَّلَةً في قطبيها الكبيرين: أفلاطون وأرسطو، وشريعة الرومان، وأديان الهند، وكتب مقدَّسةٌ حمَّلَتِ المرأةَ وحدَها مسؤوليَّةَ الخطيئةِ الأولى، والجاهليَّةِ العربيَّة الَّتِي صادرتْ على المرأة حقَّ الحياةِ، وحقَّ التعلُّم، وحقَّ التملُّك، وحقَّ الميراث، إلى آخره..
ولكن أقولُ: إنَّه في هذا الجوِّ الخانِقِ للمَرأةِ ظهرَ الإسلامُ وكانَتْ له كلمتُه الحاسمةُ، ولو أَنَّه صَمَتَ في ذلكم الوقتِ عن مظالمِ المرأة واستذلالِها ما توجَّه إليه عَتْبٌ ولا لَوْمٌ، فقد كانت الدُّنيا بأسرِها ضِدَّ المَرأة وَضِدَّ حقوقها وضِدَّ كرامتها كإنسانٍ، لكنه لم يلبَث أنْ صَدَعَ في النَّاس بقولهِ تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾{2/228}، ﴿وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لَّتَعْتَدُواْ﴾{2/231}، وكان آخر كلماته ﷺ: «النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَال» ، وأوقفَ وإلى الأبد وَأْدَ البنات، وملَّكها حقوقًا سبقتْ بها نظيراتها في العالم بأربعةَ عشرَ قرنًا من الزمان.. ملَّكها حقَّ الإرث وحقَّ التعليم وحقَّ اختيار الزوج، وجعل لها ذمةً ماليةً مستقلةً عن زوجها، تتصرَّفُ فيها تصرُّفَ المالك في مِلكه الخالص مع الاحتفاظ باسم عائلتِها حتَّى لا تذوبَ شخصيتُها في شخصيةِ شريكِها، وساوى بينها وبينَ الرَّجل في التكاليفِ وتحمُّل المسؤوليةِ.
ومعلومٌ أنَّ هذه الحقوقَ لا بُدَّ أنْ تصنعَ من المرأةِ عنصرًا مبدعًا في المجتمع لا يقلُّ شأنًا عن الرَّجُل إنْ لم تَزِدْ عليه، وقد صَحَّ أنَّهُ ﷺ قالَ: «...فَلَوْ كُنْتُ مُفَضِّلا أَحَدًا لَفَضَّلْتُ النِّسَاءَ على الرِّجَال»، وهذا التَّفضيلُ ليسَ مِن بابِ جَبْرِ الخاطرِ لضعيفٍ مهضومِ الحقِّ، وإنَّما هو لفتٌ للأنظارِ إلى ميزاتٍ وخصائصَ تتفوَّقُ فيها النِّساءُ وقد يَفْضُلْنَ بها الرَّجال.
أمَّا الزاويةُ الثَّانية: فهي الزاويةُ التي تأثَّرتْ بالعاداتِ والتقاليدِ أكثر مِمَّا تأثَّرت بأحكام القُرآن والسُّنَّة والنصوصِ الصريحة الَّتي ترفعُ من شأن المرأة ومِن قدرها العلميِّ والاجتماعيِّ والإنسانيِّ، وهذه الزاويةُ أو هذا المذهبُ كادَ يعودُ بالمرأة في كثيرٍ من مظاهرِ حياتها إلى ما كانتْ عليه قبلَ نزولِ القرآن، فصادرَ عليها كثيرًا من حقوقِها التي كفَلَها الإسلامُ للمرأة، واستدعَى في نظرتِه للمرأة فقهًا غريبًا ضربَ عليها حصارًا من العُزلة والغُربة، حتَّى كادتْ تَألفُ غُربتَها وعُزلتَها، وما جاء الإسلامُ إلَّا ليحرِّرَ المرأةَ مِن هذا الحصارِ، ويُلقِي بها في قلب المجتمع لتتحمَّلَ مسؤوليَّاتها في إعمارهِ وتنميتِه وتقدُّمِه.
أمَّا الزاويةُ الثَّالثة: فهي زاويةُ الحداثةِ الغَربيَّة المرتبطةِ بمفاهيمَ خاصَّةٍ وفلسفاتٍ جديدةٍ تنكَّرتْ لكثيرٍ من القيم الثَّابتةِ في تاريخِ هذهِ المجتمعاتِ وعقائدِها، وأُبَادرُ بالقول –في عبارةٍ موجزةٍ- إِنَّني أُفرِّقُ تفرقةً حاسمةً بين الحداثةِ بكلِّ محاذيرها، والتحديثِ الَّذي هو تفاعلٌ واجتهادٌ وتجديدٌ للتُّراثِ الدِّيني والأخلاقيِّ، والإفادةِ من كُنوزه؛ فالحداثةٌ بمفهومِها الغربيِّ ليسَتْ هي الأُنموذجُ الأمثلُ الَّذي يستحقُّ تعميمَه وتسويقَه عالميًّا وعولميَّا.
وَهذا ما يدفعُنا إلى التَّساؤُل : هَل الحداثةُ هي البديلُ الأمثلُ لمجتمعٍ يَحفظ قِيَمَ الأُمُومة والأُسرة رغمَ ما يلحقُها باسم الدِّينِ من تجاوزاتٍ، أو أَنْ نَقبلَ هذا الواقعَ ونحاول تغييرَهُ وتجديدَه انطلاقًا من هُويَّاتنا المختلفة وثقافاتنا المتعدَّدة؛ لأنَّ البديلَ الآخَرَ وبكلِّ تأكيدٍ هو الدَّمارُ والكارثةُ بالمعنيين: المادِّيِّ والمعنويِّ.
إنَّ العالمَ العربيَّ والإسلاميَّ الآنَ، وأكثر من أيِّ وقتٍ مضى، في أمَسِّ الحاجةِ لإعلاءِ مكانةِ المرأة ودورِها في دَعمِ مسيرة التَّطوير وتنميةِ المجتمعات، لا سيِّما في ظلِّ التحديات الرَّاهنة الَّتي تشهدُها مجتمعاتُنا العربيَّةُ والإسلاميَّة، وهُو ما يتطلَّب التأكيد على أهميَّة تعظيم دَور المرأة، وتكريمها، وإنصافها، واستغلالِ طاقاتها المُهدرة، واحترام حقوقِها التي كفَلَها الإسلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.