هل الاتحاد الأوروبي بحاجة لمزيد من محطات شحن السيارات الكهربائية؟    انفجارات في مقاطعة كييف ومدينة سومي في أوكرانيا    أول تعليق من الزمالك على تجاوزات مصطفى شلبي بعد الفوز    محمد عواد يكشف حقيقة رحيله إلى الدوري السعودي ويؤكد: "هذا سبب تراجع مستويا مع الزمالك"    إصابة 13 شخصا بحالة اختناق بعد استنشاق غاز الكلور في قنا    مصرع شخص وإصابة 16 آخرين في حادث تصادم بالمنيا    روجينا تنعي المخرج عصام الشماع    مجتمع رقمي شامل.. نواب الشعب يكشفون أهمية مركز الحوسبة السحابية    خالد الغندور يوجه انتقادات حادة ل محمد عبد المنعم ومصطفى شلبي (فيديو)    هيثم فاروق يوجه رسالة لحمزة المثلوثي بعد التأهل لنهائي الكونفدرالية| تفاصيل    ختام فعاليات مبادرة «دوّي» بكفر الشيخ    مطار الملك خالد يصدر بيانًا بشأن حادث انحراف طائرة عن المدرج الرئيسي    إصابة 17 شخصا في حادث مروري بالمنيا    عمره 3 أعوام.. أمن قنا ينجح في تحرير طفل خطفه جاره لطلب فدية    عيار 21 الآن يسجل هذا الرقم.. أسعار الذهب اليوم الإثنين 29 إبريل 2024 في الصاغة    سامي مغاوري يكشف سبب استمراره في الفن 50 عامًا    رابطة العالم الإسلامي تعرب عن بالغ قلقها جراء تصاعد التوتر في منطقة الفاشر شمال دارفور    «مسلم»: إسرائيل تسودها الصراعات الداخلية.. وهناك توافق فلسطيني لحل الأزمة    نتنياهو يعيش في رعب.. هل تصدر محكمة العدل الدولية مذكرة باعتقاله؟    أول رد رسمي من الزمالك على احتفال مصطفى شلبي المثير للجدل (فيديو)    مدحت شلبي يقدم اقتراحا لحل أزمة الشحات والشيبي    عامر حسين: إقامة قرعة كأس مصر الأسبوع القادم بنظامها المعتاد    شاهد صور زواج مصطفى شعبان وهدى الناظر تثير السوشيال ميديا    شقيقة الفلسطيني باسم خندقجي ل«الوطن»: أخي تعرض للتعذيب بعد ترشحه لجائزة البوكر    سامي مغاوري عن صلاح السعدني: «فنان موسوعي واستفدت من أفكاره»    برلمانية: افتتاح مركز البيانات والحوسبة يؤكد اهتمام الدولة بمواكبة التقدم التكنولوجي    بعد عامين من انطلاقه.. برلماني: الحوار الوطني خلق حالة من التلاحم    تموين الإسكندرية: توريد نحو 5427 طن قمح إلى الصوامع والشون    التهديد الإرهابي العالمي 2024.. داعش يتراجع.. واليمين المتطرف يهدد أمريكا وأوروبا    بعد طرح برومو الحلقة القادمة.. صاحبة السعادة تتصدر ترند مواقع التواصل الاجتماعي    فراس ياغى: ضغوط تمارس على الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية للوصول لهدنة في غزة    "بلومبرج": الولايات المتحدة تضغط من أجل هدنة في غزة وإطلاق سراح الرهائن    السفيه يواصل الهذيان :بلاش كليات تجارة وآداب وحقوق.. ومغردون : ترهات السيسي كلام مصاطب لا تصدر عن رئيس    قرار عاجل من الزمالك بشأن احتفال مصطفى شلبي    إخلاء سبيل سائق سيارة الزفاف المتسبب في مصرع عروسين ومصور ب قنا    الأرصاد الجوية تكشف حالة الطقس اليوم الإثنين وتُحذر: ظاهرة جوية «خطيرة»    فيديو.. سامي مغاوري: أنا اتظلمت.. وجلينا مأخدش حقه    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    هل مشروبات الطاقة تزيد جلطات القلب والمخ؟ أستاذ مخ وأعصاب يجيب    فهم حساسية العين وخطوات الوقاية الفعّالة    العناية بصحة الرموش.. وصفات طبيعية ونصائح فعّالة لتعزيز النمو والحفاظ على جمالها    «حياة كريمة».. جامعة كفر الشيخ تكرم الفريق الطبي المشارك بالقوافل الطبية    هل يؤثر تراجع الطلب على الأسماك في سعر الدواجن.. مسئول بالاتحاد العام للدواجن يجيب    وزير الاتصالات: 170 خدمة رقمية على بوابة مصر الرقمية    4 مليارات جنيه لاستكمال المرحلة الثانية من مبادرة حياة كريمة لعام 24/25    ربان الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في مصر يحتفل بعيد الشعانين ورتبة الناهيرة    ندوة حول تطور أذواق المستهلكين بالمؤتمر الدولي للنشر بأبوظبي    مصرع شاب في انقلاب سيارة نقل بالوادي الجديد    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    دعاء في جوف الليل: اللهم جُد علينا بكرمك وأنعم علينا بغفرانك    3 حالات لا يجوز فيها الإرث شرعًا.. يوضحها أمين الفتوى    ضربة للمحتكرين.. ضبط 135 ألف عبوة سجائر مخبأة لرفع الأسعار    البابا ثيودروس الثاني يحتفل بأحد الشعانين في الإسكندرية    الاستعداد للعريس السماوي أبرز احتفالات الرهبان    بالصور.. الوادي الجديد تستقبل 120 طالبًا وطالبة من كلية آداب جامعة حلوان    طريقة تحضير بودينج الشوكولاتة    محمد أبو هاشم: حجاج كثر يقعون في هذا الخطأ أثناء المناسك    في أحد الشعانين.. أول قداس بكنيسة "البشارة" بسوهاج الجديدة |صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عاصفة رملية : دراما إنسانية لمجتمع مهمش يعصف به الحرمان
نشر في صوت البلد يوم 02 - 02 - 2017

تدور أحدث فيلم «عاصفة رملية» حول عائلة بدوية في منطقة صحراء النقب والقرى التي لاتعترف اسرائيل بوجودها والتي تعيش في حالة تهميش وعزلة، ويروي حكاية ليلى التي تحب زميلها في الجامعة لكن هذا الحب يُحكم عليه بالإعدام بسبب العادات والتقاليد الصارمة التي تعطي الأب سلطات مطلقة وغير محدودة،حوار الفيلم باللغة العربية وحصلت مخرجته عليت زكتسر على عدة جوائز في عدة مهرجانات منها ست جوائز «أوفير» السينمائية، التي تعتبر من أكبر وأهم الجوائز السينمائية في إسرائيل وحصدت كذلك على جائزة لجنة التحكيم عن فئة «سينما العالم» في في مهرجان «ساندانس» السينمائي، كما رشحت إسرائيل هذا الفيلم رسميا لجائزة الأوسكار للأفلام الناطقة بغير الإنجليزية، هذا الفيلم هو التجربة الروائية الطويلة الأولى بعد تجربتها مع فيلم»تسنيم»، وهو فيلم قصير يروي حكاية طفلة بدوية تبلغ من العمر 10 سنوات تواجه الأعراف العشائرية المحافظة، المخرجة والكاتبة ليليت زكتسر ، تعشق البادية وقرى النقب وعاشت ما يقرب الأربع سنوات في هذه القرى للتتعلم العادات والتقاليد ومعايشة الناس والحياة الطبيعية.
ويحكي الممثل سهل الدبسان لموقع وصحيفة بانيت أنه قام بتدريب الممثلين على اللهجة البدوية وكانت المهمة شاقة ومتعبة وكشف أن ميزانية الفيلم كانت ضئيلة للغاية مقارنة مع أفلام أخرى، وكانت التوقعات بأن يكون النجاح على المستوى المحلي ولكن نجاح الفيلم فاق كل التوقعات حيث وصل إلى الأوسكار وسيمثل البلاد في جوائز عالمية. وأنه يرشح فوز الفيلم في جوائز الأوسكار كأفضل فيلم أجنبي، وبرأيه فأن عدة عوامل ساهمت في نجاح الفيلم منها وجود حبكة درامية مميزة ، وأيضا اختيار الممثلين والأماكن حيث تم تصوير الفيلم في قرية غير معترف بها، هذه الأماكن أضافت رونقا خاصا للفيلم، كما أن اللهجة البدوية التي كانت بمثابة جوهرة التاج في الفيلم، فيلم عاصفة رملية يعد أول فيلم ينتج في إسرائيل باللغة العربية واللهجة البدوية طوال الفيلم.
فيلم أنثوي وقضايا شائكة
بالنسبة للممثلة لميس عمار التي جسدت دور (ليلى) تحدثت في حوار مع قناة مساواة الفضائية وكشفت أن القرار لم يكن سهلا للمشاركة في فيلم إسرائيلي ومع مخرجة يهودية ولذلك فقد درست السيناريو بعناية كونها خافت أن تكون فيه وجهات نظر تتعارض مع قناعاتها ومن فوائد هذا العمل أنه أتاح لها فرصة التعرف على بدو النقب ومعايشتهم ومعرفة حياتهم الصعبة والظروف التي لا نعيها ولا نحس بها، فهؤلاء يتم تهميشهم ولا يتحدث عنهم أحد، الفيلم يحكي علاقة أم بابنتها وركز الفيلم في المقام الأول على هاتين الشخصيتين أي نحن مع فيلم أنثوي واجتماعي ولكنه تحدث عن مشاكل سكان المنطقة مثل هدم البيوت والغرامات الظالمة وصور لنا البؤس والفقر والحرمان وعدم وجود الخدمات الأساسية كالكهرباء أي أننا مع تفاصيل وصورة صحيحة للواقع، عن صعوبات العمل شرحت أن تعلم اللهجة لم يكن أمرا سهلا ولكن الناس رحبت بهم ووجدوا الدعم والتشجيع.
جليلة تستعرض بصمت مراسم قدوم الزوجة الجديدة لزوجها سليمان، إنه قانون الرجال ولا يجب لنساء قول كلمة لا، تكتشف الأم بالصدفة أن ليلى تعيش قصة حب مع شاب من خارج العشيرة وهنا يكون المنعطف الهام في الفيلم، ليلى تظن أن أبوها سينصرها ويستقبل حبيبها ويفهم مشاعرها، لكنها تصاب بصدمة عنيفة من هذا الأب الذي يبدو لنا في البداية كأنه أخ أو صديق وتكون ردة فعله تزويجها من شاب أقل منها، هنا تثور جليلة التي صبرت وتحملت وجود زوجة ثانية، تتصرف وكأنها رجل وتقول لا وتكون النتيجة طلاقها، لا تكترث جليلة بهذه الإهانات ونجدها تشجع ابنتها ليلى على الهروب والتمسك بالحب ويبدو أنها تود أن تعيش ابنتها بعيدا عن هذه القسوة والحرمان.
الفيلم يحاول أن ينتصر للنساء، فالنساء هنا أول ضحايا هذا العالم المغلق والغير قابل للتغيير والبعيد عن التأثيرات المدنية، ليلى هي الوحيدة تحتك مع المؤثرات المدنية والحضارية ورغم ذلك تعود إلى حضن مجتمعها ولا نرى أنها تعالت أو كرهت محيطها وحبيبها يعيش في قرية أخرى وهو فلسطيني مثلها لكننا هنا نعيش وضعا مختلفا فلكل عشيرة أو قرية حدودها وقوانينها، الحدود هنا ليست الجدران ولا الأسلاك الشائكة ولا اللغة هي أقسى وأعنف من هذه الحواجز المادية فيتحول مجرد قيادة السيارة إلى عيب وقلة حياء بحسب تعبير الجدة عندما تأتي ليلى وهي تقود السيارة ونرى الجدة تنتزع المفتاح لكن الأم جليلة تعيده إلى ليلى رغم معارضة الجدة.
الشخصيات والدلالات البليغة
هنا الشخصيات ليس مجرد شخصيات حكائية ولكنها تحمل الكثير من الدلالات البليغة وهي في مواجهات وصدامات ديناميكية مستمرة على طول الفيلم، كما أن الصراعات الداخلية في شخصية جليلة وليلى تأخذ حيزا مهما ومساحة قوية، التحولات كانت مدهشة وغير متوقعة أي ثورة الأم جليلة فهي هنا الشخصية تبدو في البداية غامضة وهشة ثم تتحول إلى شخصية قوية ومتمردة ولا تأبه بالنتيجة فالمرأة المطلقة في مثل هذه المجتمعات تعيش ظروفا قاسية وتزداد قيودها، الرجل لا يعيبه أي شيء، فالشاب الذي يتزوج ليلى يكون أقل منها ثقافيا وعلميا لكن هذه العناصر لا قيمة لها، الرجل يفرض قانونه وليس ملزما بشرح وتوضيح أفعاله، هكذا نرى سليمان يغلق باب الحديث مع جليلة ويكفي أن يقول لا أريد سماع أو التحدث في موضوع زواجه الثاني، كما نراه يصم أذنيه ولا يريد سماع ليلى ويؤكد أن خياراته صحيحه.
سليمان شخصية أسيرة مجتمعها أيضا ونراه يدخن بشراهة وهو محكوم أيضا بعادات وتقاليد مجتمعه ويخاف من تهور وتمرد ليلى أي مخافة العار والفضيحة لذلك يضغط ويقبل في الأخير التفاوض مع ليلى التي تقبل الزواج بذلك الشاب من قريتها شرط عودة أمها إلى البيت، هنا تضطر ليلى لتضحي بعشقها وعواطفها مقابل حفظ كرامة أمها ووحدة عائلتها.
وأخيراً يمكن أن نشير إلى دور الطفلة تسنيم التى كانت بمثابة كاميرا متحركة وحريصة على نقل تفاصيل مهمة، نرى مشهد دخول سليمان على زوجته الثانية من خلال وجهة نظر الطفلة وكذلك في النهاية دخول الشاب على ليلى ومن خلال قضبان النافذة الذي أنعكست ظلالها بوضوح على ليلى، هنا دلالات متعددة يمكن فهمها بقبول ليلى لهذا الواقع الأشبه بالسجن وكذلك بوجود تسنيم حرة طليقة أي هناك تفاؤل بتحرر ليلى وبقاء تسنيم حرة وكنا شاهدنا هذه الطفلة ترفض الحجاب ولكن أمها تجبرها على تغطيه رأسها، بعد خروجها تنزع هذا الغطاء وتنطلق لتركض وتلعب، كما أن المشهد الأخير يحمل مخاوف من بقاء هذا المجتمع بأكمله يظل سجينا ومهمشا ومحروما من الفرح والحب.
وعلى الرغم من أن الثقافة البدوية قد تبدو بعيدة جدا بالنسبة لنا ويصعب علينا فهمها لكنها عندما يتم قراءتها بعمق ولغة سينمائية فإنها تتحول إلى لغة عالمية ونحس بشخصيات هذا الفيلم والقضايا المعقدة التي تواجهها وهي معقدة لأنه ستكون هناك دائما مجموعة من الآثار التي تتداخل مع رغبات الشخصيات ونلمس الخير في جميع الشخصيات، فالأب هنا ليس شريرا، هذا العنف والقسوة نتيجة طبيعية لهذه الحالة والقهر الذي يعيشه هذا المجتمع والذي ينغلق على ذاته ويتمسك بأرضه وعاداته هذه التصرفات تبدو أيضا كوسيلة من وسائل مقاومة الاحتلال.
تدور أحدث فيلم «عاصفة رملية» حول عائلة بدوية في منطقة صحراء النقب والقرى التي لاتعترف اسرائيل بوجودها والتي تعيش في حالة تهميش وعزلة، ويروي حكاية ليلى التي تحب زميلها في الجامعة لكن هذا الحب يُحكم عليه بالإعدام بسبب العادات والتقاليد الصارمة التي تعطي الأب سلطات مطلقة وغير محدودة،حوار الفيلم باللغة العربية وحصلت مخرجته عليت زكتسر على عدة جوائز في عدة مهرجانات منها ست جوائز «أوفير» السينمائية، التي تعتبر من أكبر وأهم الجوائز السينمائية في إسرائيل وحصدت كذلك على جائزة لجنة التحكيم عن فئة «سينما العالم» في في مهرجان «ساندانس» السينمائي، كما رشحت إسرائيل هذا الفيلم رسميا لجائزة الأوسكار للأفلام الناطقة بغير الإنجليزية، هذا الفيلم هو التجربة الروائية الطويلة الأولى بعد تجربتها مع فيلم»تسنيم»، وهو فيلم قصير يروي حكاية طفلة بدوية تبلغ من العمر 10 سنوات تواجه الأعراف العشائرية المحافظة، المخرجة والكاتبة ليليت زكتسر ، تعشق البادية وقرى النقب وعاشت ما يقرب الأربع سنوات في هذه القرى للتتعلم العادات والتقاليد ومعايشة الناس والحياة الطبيعية.
ويحكي الممثل سهل الدبسان لموقع وصحيفة بانيت أنه قام بتدريب الممثلين على اللهجة البدوية وكانت المهمة شاقة ومتعبة وكشف أن ميزانية الفيلم كانت ضئيلة للغاية مقارنة مع أفلام أخرى، وكانت التوقعات بأن يكون النجاح على المستوى المحلي ولكن نجاح الفيلم فاق كل التوقعات حيث وصل إلى الأوسكار وسيمثل البلاد في جوائز عالمية. وأنه يرشح فوز الفيلم في جوائز الأوسكار كأفضل فيلم أجنبي، وبرأيه فأن عدة عوامل ساهمت في نجاح الفيلم منها وجود حبكة درامية مميزة ، وأيضا اختيار الممثلين والأماكن حيث تم تصوير الفيلم في قرية غير معترف بها، هذه الأماكن أضافت رونقا خاصا للفيلم، كما أن اللهجة البدوية التي كانت بمثابة جوهرة التاج في الفيلم، فيلم عاصفة رملية يعد أول فيلم ينتج في إسرائيل باللغة العربية واللهجة البدوية طوال الفيلم.
فيلم أنثوي وقضايا شائكة
بالنسبة للممثلة لميس عمار التي جسدت دور (ليلى) تحدثت في حوار مع قناة مساواة الفضائية وكشفت أن القرار لم يكن سهلا للمشاركة في فيلم إسرائيلي ومع مخرجة يهودية ولذلك فقد درست السيناريو بعناية كونها خافت أن تكون فيه وجهات نظر تتعارض مع قناعاتها ومن فوائد هذا العمل أنه أتاح لها فرصة التعرف على بدو النقب ومعايشتهم ومعرفة حياتهم الصعبة والظروف التي لا نعيها ولا نحس بها، فهؤلاء يتم تهميشهم ولا يتحدث عنهم أحد، الفيلم يحكي علاقة أم بابنتها وركز الفيلم في المقام الأول على هاتين الشخصيتين أي نحن مع فيلم أنثوي واجتماعي ولكنه تحدث عن مشاكل سكان المنطقة مثل هدم البيوت والغرامات الظالمة وصور لنا البؤس والفقر والحرمان وعدم وجود الخدمات الأساسية كالكهرباء أي أننا مع تفاصيل وصورة صحيحة للواقع، عن صعوبات العمل شرحت أن تعلم اللهجة لم يكن أمرا سهلا ولكن الناس رحبت بهم ووجدوا الدعم والتشجيع.
جليلة تستعرض بصمت مراسم قدوم الزوجة الجديدة لزوجها سليمان، إنه قانون الرجال ولا يجب لنساء قول كلمة لا، تكتشف الأم بالصدفة أن ليلى تعيش قصة حب مع شاب من خارج العشيرة وهنا يكون المنعطف الهام في الفيلم، ليلى تظن أن أبوها سينصرها ويستقبل حبيبها ويفهم مشاعرها، لكنها تصاب بصدمة عنيفة من هذا الأب الذي يبدو لنا في البداية كأنه أخ أو صديق وتكون ردة فعله تزويجها من شاب أقل منها، هنا تثور جليلة التي صبرت وتحملت وجود زوجة ثانية، تتصرف وكأنها رجل وتقول لا وتكون النتيجة طلاقها، لا تكترث جليلة بهذه الإهانات ونجدها تشجع ابنتها ليلى على الهروب والتمسك بالحب ويبدو أنها تود أن تعيش ابنتها بعيدا عن هذه القسوة والحرمان.
الفيلم يحاول أن ينتصر للنساء، فالنساء هنا أول ضحايا هذا العالم المغلق والغير قابل للتغيير والبعيد عن التأثيرات المدنية، ليلى هي الوحيدة تحتك مع المؤثرات المدنية والحضارية ورغم ذلك تعود إلى حضن مجتمعها ولا نرى أنها تعالت أو كرهت محيطها وحبيبها يعيش في قرية أخرى وهو فلسطيني مثلها لكننا هنا نعيش وضعا مختلفا فلكل عشيرة أو قرية حدودها وقوانينها، الحدود هنا ليست الجدران ولا الأسلاك الشائكة ولا اللغة هي أقسى وأعنف من هذه الحواجز المادية فيتحول مجرد قيادة السيارة إلى عيب وقلة حياء بحسب تعبير الجدة عندما تأتي ليلى وهي تقود السيارة ونرى الجدة تنتزع المفتاح لكن الأم جليلة تعيده إلى ليلى رغم معارضة الجدة.
الشخصيات والدلالات البليغة
هنا الشخصيات ليس مجرد شخصيات حكائية ولكنها تحمل الكثير من الدلالات البليغة وهي في مواجهات وصدامات ديناميكية مستمرة على طول الفيلم، كما أن الصراعات الداخلية في شخصية جليلة وليلى تأخذ حيزا مهما ومساحة قوية، التحولات كانت مدهشة وغير متوقعة أي ثورة الأم جليلة فهي هنا الشخصية تبدو في البداية غامضة وهشة ثم تتحول إلى شخصية قوية ومتمردة ولا تأبه بالنتيجة فالمرأة المطلقة في مثل هذه المجتمعات تعيش ظروفا قاسية وتزداد قيودها، الرجل لا يعيبه أي شيء، فالشاب الذي يتزوج ليلى يكون أقل منها ثقافيا وعلميا لكن هذه العناصر لا قيمة لها، الرجل يفرض قانونه وليس ملزما بشرح وتوضيح أفعاله، هكذا نرى سليمان يغلق باب الحديث مع جليلة ويكفي أن يقول لا أريد سماع أو التحدث في موضوع زواجه الثاني، كما نراه يصم أذنيه ولا يريد سماع ليلى ويؤكد أن خياراته صحيحه.
سليمان شخصية أسيرة مجتمعها أيضا ونراه يدخن بشراهة وهو محكوم أيضا بعادات وتقاليد مجتمعه ويخاف من تهور وتمرد ليلى أي مخافة العار والفضيحة لذلك يضغط ويقبل في الأخير التفاوض مع ليلى التي تقبل الزواج بذلك الشاب من قريتها شرط عودة أمها إلى البيت، هنا تضطر ليلى لتضحي بعشقها وعواطفها مقابل حفظ كرامة أمها ووحدة عائلتها.
وأخيراً يمكن أن نشير إلى دور الطفلة تسنيم التى كانت بمثابة كاميرا متحركة وحريصة على نقل تفاصيل مهمة، نرى مشهد دخول سليمان على زوجته الثانية من خلال وجهة نظر الطفلة وكذلك في النهاية دخول الشاب على ليلى ومن خلال قضبان النافذة الذي أنعكست ظلالها بوضوح على ليلى، هنا دلالات متعددة يمكن فهمها بقبول ليلى لهذا الواقع الأشبه بالسجن وكذلك بوجود تسنيم حرة طليقة أي هناك تفاؤل بتحرر ليلى وبقاء تسنيم حرة وكنا شاهدنا هذه الطفلة ترفض الحجاب ولكن أمها تجبرها على تغطيه رأسها، بعد خروجها تنزع هذا الغطاء وتنطلق لتركض وتلعب، كما أن المشهد الأخير يحمل مخاوف من بقاء هذا المجتمع بأكمله يظل سجينا ومهمشا ومحروما من الفرح والحب.
وعلى الرغم من أن الثقافة البدوية قد تبدو بعيدة جدا بالنسبة لنا ويصعب علينا فهمها لكنها عندما يتم قراءتها بعمق ولغة سينمائية فإنها تتحول إلى لغة عالمية ونحس بشخصيات هذا الفيلم والقضايا المعقدة التي تواجهها وهي معقدة لأنه ستكون هناك دائما مجموعة من الآثار التي تتداخل مع رغبات الشخصيات ونلمس الخير في جميع الشخصيات، فالأب هنا ليس شريرا، هذا العنف والقسوة نتيجة طبيعية لهذه الحالة والقهر الذي يعيشه هذا المجتمع والذي ينغلق على ذاته ويتمسك بأرضه وعاداته هذه التصرفات تبدو أيضا كوسيلة من وسائل مقاومة الاحتلال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.