معركة الدعاية الانتخابية تشتعل وزيارة لأهل المدد والأضرحة في أسيوط    المنيا تُجهز 469 مقرًا لانتخابات الشيوخ (صور)    محافظ دمياط يُهنئ مدير الأمن لتوليه مهام عمله الجديد    انتخابات مجلس الشيوخ.. "بدوي": الدعاية الانتخابية مستمرة حتى نهاية الشهر دون رصد أي خروقات    الديون خطورة للخلف |وزير المالية: بدأنا خفض المديونية.. والمؤشرات «مشجعة جداً»    تباين أداء الأسهم الأمريكية في مستهل التداولات بعد إعلان اتفاق تجاري مرتقب مع الاتحاد الأوروبي    قطع التيار الكهربائي عن 18 منطقة بمدينة فوه بكفر الشيخ لمدة 3 ساعات    المنيا تخصص أراضٍ لإنشاء 20 مدرسة ومعاهد أزهرية جديدة    عاطف زايد يكتب: القضية الفلسطينية في قلب مصر    عماد الدين حسين: هناك من حاول التشكيك في دور مصر الداعم لفلسطين    ألمانيا في ظلام دبلوماسي مع إعادة تقييم واشنطن لانتشار قواتها العسكرية في أوروبا    العراق: اعتقال المتسبب الرئيسي في القتال بين قوات الأمن والحشد الشعبي    منتخب الريشة الطائرة يحصد برونزية إفريقيا المدرسية في الجزائر    رسميًا.. الأهلي يعلن عدم إذاعة مباراة إنبي الودية    «انتقال أليو ديانج إلى بيراميدز؟».. شوبير يكشف الحقيقة    ديفيد ديفيز: "سعيد بالعودة للأهلي.. وهذه رسالتي للجماهير"    وضعتها في دولاب.. حبس المتهمة بقتل الطفلة سارة بقنا    عودة لمسرح الجريمة.. الزوج القاتل يمثل الواقعة بمنزله بالبحيرة    ميمي جمال: أُهدي تكريمي ب«القومي للمسرح» لرفيق دربي الفنان حسن مصطفى    ب "ملابس البحر".. جنا عمرو دياب تستمتع بإجازة الصيف وسط البحر بصحبة أصدقائها    مفتي الجمهورية يبحث مع رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة تعزيز التعاون    سميرة صدقي تتحدث عن تجربتها في فيلم «الجواز العرفي»    هل يجوز إلقاء بقايا الطعام في القمامة؟.. أمينة الفتوى تجيب    تفاصيل إصابة طبيب بجرح قطعي في الرأس إثر اعتداء من مرافق مريض بمستشفى أبو حماد المركزي بالشرقية    طريقة بسيطة وسهلة لتقديم كيك الشوكولاتة    8 أنواع من الفاكهة مهمة ل مرضى السكري    نقيب الإعلاميين: كلمة الرئيس السيسي بشأن غزة رد عملي على حملات التضليل    الداخلية: لا توجد تجمعات بالمحافظات والإخوان وراء هذه الشائعات    مصطفى: مؤتمر حل الدولتين يحمل وعدا لشعب فلسطين بانتهاء الظلم    محمد عبد السميع يتعرض لإصابة قوية فى ودية الإسماعيلى وزد    برومو تشويقى ل مسلسل "ما تراه ليس كما يبدو".. سبع حكايات ومفاجآت غير متوقعة    محافظ جنوب سيناء يتابع تطوير محطة معالجة دهب والغابة الشجرية (صور)    أزهري: الابتلاء أول علامات محبة الله لعبده    «المصري اليوم» داخل قطار العودة إلى السودان.. مشرفو الرحلة: «لا رجوع قبل أن نُسلّم أهلنا إلى حضن الوطن»    توقعات: دوري ملتهب وحار جدًا!    هل "الماكياج" عذر يبيح التيمم للنساء؟.. أمينة الفتوى تُجيب    وزارة الصحة: حصول مصر على التصنيف الذهبي للقضاء على فيروس سي نجاح ل100 مليون صحة    5 شركات تركية تدرس إنشاء مصانع للصناعات الهندسية والأجهزة المنزلية في مصر    بيراميدز يعلن رسمياً التعاقد مع البرازيلي إيفرتون داسيلفا    محافظ القاهرة يكرم 30 طالبا وطالبة من أوائل الثانوية العامة والمكفوفين والدبلومات الفنية    هل ظهور المرأة بدون حجاب أمام رجل غريب ينقض وضوءها؟.. أمينة الفتوى توضح    الحر الشديد خطر صامت.. كيف تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على القلب والدماغ؟    وثيقة لتجديد الخطاب الديني.. تفاصيل اجتماع السيسي مع مدبولي والأزهري    توجيهات بترشيد استهلاك الكهرباء والمياه داخل المنشآت التابعة ل الأوقاف في شمال سيناء    التحقيق في مصرع شخصين في حادث دهس تريلا بدائرى البساتين    ينطلق غدا.. تفاصيل الملتقى 22 لشباب المحافظات الحدودية ضمن مشروع "أهل مصر"    منال عوض تتابع ملفات وزارة البيئة وتبحث تطوير منظومة إدارة المخلفات    الشرطة التايلاندية: 4 قتلى في إطلاق نار عشوائي بالعاصمة بانكوك    "13 سنة وانضم لهم فريق تاني".. الغندور يثير الجدل حول مباريات الأهلي في الإسماعيلية    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي لأكثر من مليون فرد    "اوراسكوم كونستراكشون" تسعى إلى نقل أسهمها إلى سوق أبو ظبي والشطب من "ناسداك دبي"    متحدثة الهلال الأحمر الفلسطيني: 133 ضحية للمجاعة فى غزة بينهم 87 طفلًا    مفوض حقوق الإنسان يدعو لاتخاذ خطوات فورية لإنهاء الاحتلال من أراضى فلسطين    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    رئيس جامعة القاهرة يشهد تخريج الدفعة 97 من الطلاب الوافدين بكلية طب الأسنان    «تغير المناخ» بالزراعة يزف بشرى سارة بشأن موعد انكسار القبة الحرارية    محاكمة 8 متهمين بقضية "خلية الإقراض الأجنبي" اليوم    جامعة العريش تنظم حفلا لتكريم أوائل الخريجين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عاصفة رملية : دراما إنسانية لمجتمع مهمش يعصف به الحرمان
نشر في صوت البلد يوم 02 - 02 - 2017

تدور أحدث فيلم «عاصفة رملية» حول عائلة بدوية في منطقة صحراء النقب والقرى التي لاتعترف اسرائيل بوجودها والتي تعيش في حالة تهميش وعزلة، ويروي حكاية ليلى التي تحب زميلها في الجامعة لكن هذا الحب يُحكم عليه بالإعدام بسبب العادات والتقاليد الصارمة التي تعطي الأب سلطات مطلقة وغير محدودة،حوار الفيلم باللغة العربية وحصلت مخرجته عليت زكتسر على عدة جوائز في عدة مهرجانات منها ست جوائز «أوفير» السينمائية، التي تعتبر من أكبر وأهم الجوائز السينمائية في إسرائيل وحصدت كذلك على جائزة لجنة التحكيم عن فئة «سينما العالم» في في مهرجان «ساندانس» السينمائي، كما رشحت إسرائيل هذا الفيلم رسميا لجائزة الأوسكار للأفلام الناطقة بغير الإنجليزية، هذا الفيلم هو التجربة الروائية الطويلة الأولى بعد تجربتها مع فيلم»تسنيم»، وهو فيلم قصير يروي حكاية طفلة بدوية تبلغ من العمر 10 سنوات تواجه الأعراف العشائرية المحافظة، المخرجة والكاتبة ليليت زكتسر ، تعشق البادية وقرى النقب وعاشت ما يقرب الأربع سنوات في هذه القرى للتتعلم العادات والتقاليد ومعايشة الناس والحياة الطبيعية.
ويحكي الممثل سهل الدبسان لموقع وصحيفة بانيت أنه قام بتدريب الممثلين على اللهجة البدوية وكانت المهمة شاقة ومتعبة وكشف أن ميزانية الفيلم كانت ضئيلة للغاية مقارنة مع أفلام أخرى، وكانت التوقعات بأن يكون النجاح على المستوى المحلي ولكن نجاح الفيلم فاق كل التوقعات حيث وصل إلى الأوسكار وسيمثل البلاد في جوائز عالمية. وأنه يرشح فوز الفيلم في جوائز الأوسكار كأفضل فيلم أجنبي، وبرأيه فأن عدة عوامل ساهمت في نجاح الفيلم منها وجود حبكة درامية مميزة ، وأيضا اختيار الممثلين والأماكن حيث تم تصوير الفيلم في قرية غير معترف بها، هذه الأماكن أضافت رونقا خاصا للفيلم، كما أن اللهجة البدوية التي كانت بمثابة جوهرة التاج في الفيلم، فيلم عاصفة رملية يعد أول فيلم ينتج في إسرائيل باللغة العربية واللهجة البدوية طوال الفيلم.
فيلم أنثوي وقضايا شائكة
بالنسبة للممثلة لميس عمار التي جسدت دور (ليلى) تحدثت في حوار مع قناة مساواة الفضائية وكشفت أن القرار لم يكن سهلا للمشاركة في فيلم إسرائيلي ومع مخرجة يهودية ولذلك فقد درست السيناريو بعناية كونها خافت أن تكون فيه وجهات نظر تتعارض مع قناعاتها ومن فوائد هذا العمل أنه أتاح لها فرصة التعرف على بدو النقب ومعايشتهم ومعرفة حياتهم الصعبة والظروف التي لا نعيها ولا نحس بها، فهؤلاء يتم تهميشهم ولا يتحدث عنهم أحد، الفيلم يحكي علاقة أم بابنتها وركز الفيلم في المقام الأول على هاتين الشخصيتين أي نحن مع فيلم أنثوي واجتماعي ولكنه تحدث عن مشاكل سكان المنطقة مثل هدم البيوت والغرامات الظالمة وصور لنا البؤس والفقر والحرمان وعدم وجود الخدمات الأساسية كالكهرباء أي أننا مع تفاصيل وصورة صحيحة للواقع، عن صعوبات العمل شرحت أن تعلم اللهجة لم يكن أمرا سهلا ولكن الناس رحبت بهم ووجدوا الدعم والتشجيع.
جليلة تستعرض بصمت مراسم قدوم الزوجة الجديدة لزوجها سليمان، إنه قانون الرجال ولا يجب لنساء قول كلمة لا، تكتشف الأم بالصدفة أن ليلى تعيش قصة حب مع شاب من خارج العشيرة وهنا يكون المنعطف الهام في الفيلم، ليلى تظن أن أبوها سينصرها ويستقبل حبيبها ويفهم مشاعرها، لكنها تصاب بصدمة عنيفة من هذا الأب الذي يبدو لنا في البداية كأنه أخ أو صديق وتكون ردة فعله تزويجها من شاب أقل منها، هنا تثور جليلة التي صبرت وتحملت وجود زوجة ثانية، تتصرف وكأنها رجل وتقول لا وتكون النتيجة طلاقها، لا تكترث جليلة بهذه الإهانات ونجدها تشجع ابنتها ليلى على الهروب والتمسك بالحب ويبدو أنها تود أن تعيش ابنتها بعيدا عن هذه القسوة والحرمان.
الفيلم يحاول أن ينتصر للنساء، فالنساء هنا أول ضحايا هذا العالم المغلق والغير قابل للتغيير والبعيد عن التأثيرات المدنية، ليلى هي الوحيدة تحتك مع المؤثرات المدنية والحضارية ورغم ذلك تعود إلى حضن مجتمعها ولا نرى أنها تعالت أو كرهت محيطها وحبيبها يعيش في قرية أخرى وهو فلسطيني مثلها لكننا هنا نعيش وضعا مختلفا فلكل عشيرة أو قرية حدودها وقوانينها، الحدود هنا ليست الجدران ولا الأسلاك الشائكة ولا اللغة هي أقسى وأعنف من هذه الحواجز المادية فيتحول مجرد قيادة السيارة إلى عيب وقلة حياء بحسب تعبير الجدة عندما تأتي ليلى وهي تقود السيارة ونرى الجدة تنتزع المفتاح لكن الأم جليلة تعيده إلى ليلى رغم معارضة الجدة.
الشخصيات والدلالات البليغة
هنا الشخصيات ليس مجرد شخصيات حكائية ولكنها تحمل الكثير من الدلالات البليغة وهي في مواجهات وصدامات ديناميكية مستمرة على طول الفيلم، كما أن الصراعات الداخلية في شخصية جليلة وليلى تأخذ حيزا مهما ومساحة قوية، التحولات كانت مدهشة وغير متوقعة أي ثورة الأم جليلة فهي هنا الشخصية تبدو في البداية غامضة وهشة ثم تتحول إلى شخصية قوية ومتمردة ولا تأبه بالنتيجة فالمرأة المطلقة في مثل هذه المجتمعات تعيش ظروفا قاسية وتزداد قيودها، الرجل لا يعيبه أي شيء، فالشاب الذي يتزوج ليلى يكون أقل منها ثقافيا وعلميا لكن هذه العناصر لا قيمة لها، الرجل يفرض قانونه وليس ملزما بشرح وتوضيح أفعاله، هكذا نرى سليمان يغلق باب الحديث مع جليلة ويكفي أن يقول لا أريد سماع أو التحدث في موضوع زواجه الثاني، كما نراه يصم أذنيه ولا يريد سماع ليلى ويؤكد أن خياراته صحيحه.
سليمان شخصية أسيرة مجتمعها أيضا ونراه يدخن بشراهة وهو محكوم أيضا بعادات وتقاليد مجتمعه ويخاف من تهور وتمرد ليلى أي مخافة العار والفضيحة لذلك يضغط ويقبل في الأخير التفاوض مع ليلى التي تقبل الزواج بذلك الشاب من قريتها شرط عودة أمها إلى البيت، هنا تضطر ليلى لتضحي بعشقها وعواطفها مقابل حفظ كرامة أمها ووحدة عائلتها.
وأخيراً يمكن أن نشير إلى دور الطفلة تسنيم التى كانت بمثابة كاميرا متحركة وحريصة على نقل تفاصيل مهمة، نرى مشهد دخول سليمان على زوجته الثانية من خلال وجهة نظر الطفلة وكذلك في النهاية دخول الشاب على ليلى ومن خلال قضبان النافذة الذي أنعكست ظلالها بوضوح على ليلى، هنا دلالات متعددة يمكن فهمها بقبول ليلى لهذا الواقع الأشبه بالسجن وكذلك بوجود تسنيم حرة طليقة أي هناك تفاؤل بتحرر ليلى وبقاء تسنيم حرة وكنا شاهدنا هذه الطفلة ترفض الحجاب ولكن أمها تجبرها على تغطيه رأسها، بعد خروجها تنزع هذا الغطاء وتنطلق لتركض وتلعب، كما أن المشهد الأخير يحمل مخاوف من بقاء هذا المجتمع بأكمله يظل سجينا ومهمشا ومحروما من الفرح والحب.
وعلى الرغم من أن الثقافة البدوية قد تبدو بعيدة جدا بالنسبة لنا ويصعب علينا فهمها لكنها عندما يتم قراءتها بعمق ولغة سينمائية فإنها تتحول إلى لغة عالمية ونحس بشخصيات هذا الفيلم والقضايا المعقدة التي تواجهها وهي معقدة لأنه ستكون هناك دائما مجموعة من الآثار التي تتداخل مع رغبات الشخصيات ونلمس الخير في جميع الشخصيات، فالأب هنا ليس شريرا، هذا العنف والقسوة نتيجة طبيعية لهذه الحالة والقهر الذي يعيشه هذا المجتمع والذي ينغلق على ذاته ويتمسك بأرضه وعاداته هذه التصرفات تبدو أيضا كوسيلة من وسائل مقاومة الاحتلال.
تدور أحدث فيلم «عاصفة رملية» حول عائلة بدوية في منطقة صحراء النقب والقرى التي لاتعترف اسرائيل بوجودها والتي تعيش في حالة تهميش وعزلة، ويروي حكاية ليلى التي تحب زميلها في الجامعة لكن هذا الحب يُحكم عليه بالإعدام بسبب العادات والتقاليد الصارمة التي تعطي الأب سلطات مطلقة وغير محدودة،حوار الفيلم باللغة العربية وحصلت مخرجته عليت زكتسر على عدة جوائز في عدة مهرجانات منها ست جوائز «أوفير» السينمائية، التي تعتبر من أكبر وأهم الجوائز السينمائية في إسرائيل وحصدت كذلك على جائزة لجنة التحكيم عن فئة «سينما العالم» في في مهرجان «ساندانس» السينمائي، كما رشحت إسرائيل هذا الفيلم رسميا لجائزة الأوسكار للأفلام الناطقة بغير الإنجليزية، هذا الفيلم هو التجربة الروائية الطويلة الأولى بعد تجربتها مع فيلم»تسنيم»، وهو فيلم قصير يروي حكاية طفلة بدوية تبلغ من العمر 10 سنوات تواجه الأعراف العشائرية المحافظة، المخرجة والكاتبة ليليت زكتسر ، تعشق البادية وقرى النقب وعاشت ما يقرب الأربع سنوات في هذه القرى للتتعلم العادات والتقاليد ومعايشة الناس والحياة الطبيعية.
ويحكي الممثل سهل الدبسان لموقع وصحيفة بانيت أنه قام بتدريب الممثلين على اللهجة البدوية وكانت المهمة شاقة ومتعبة وكشف أن ميزانية الفيلم كانت ضئيلة للغاية مقارنة مع أفلام أخرى، وكانت التوقعات بأن يكون النجاح على المستوى المحلي ولكن نجاح الفيلم فاق كل التوقعات حيث وصل إلى الأوسكار وسيمثل البلاد في جوائز عالمية. وأنه يرشح فوز الفيلم في جوائز الأوسكار كأفضل فيلم أجنبي، وبرأيه فأن عدة عوامل ساهمت في نجاح الفيلم منها وجود حبكة درامية مميزة ، وأيضا اختيار الممثلين والأماكن حيث تم تصوير الفيلم في قرية غير معترف بها، هذه الأماكن أضافت رونقا خاصا للفيلم، كما أن اللهجة البدوية التي كانت بمثابة جوهرة التاج في الفيلم، فيلم عاصفة رملية يعد أول فيلم ينتج في إسرائيل باللغة العربية واللهجة البدوية طوال الفيلم.
فيلم أنثوي وقضايا شائكة
بالنسبة للممثلة لميس عمار التي جسدت دور (ليلى) تحدثت في حوار مع قناة مساواة الفضائية وكشفت أن القرار لم يكن سهلا للمشاركة في فيلم إسرائيلي ومع مخرجة يهودية ولذلك فقد درست السيناريو بعناية كونها خافت أن تكون فيه وجهات نظر تتعارض مع قناعاتها ومن فوائد هذا العمل أنه أتاح لها فرصة التعرف على بدو النقب ومعايشتهم ومعرفة حياتهم الصعبة والظروف التي لا نعيها ولا نحس بها، فهؤلاء يتم تهميشهم ولا يتحدث عنهم أحد، الفيلم يحكي علاقة أم بابنتها وركز الفيلم في المقام الأول على هاتين الشخصيتين أي نحن مع فيلم أنثوي واجتماعي ولكنه تحدث عن مشاكل سكان المنطقة مثل هدم البيوت والغرامات الظالمة وصور لنا البؤس والفقر والحرمان وعدم وجود الخدمات الأساسية كالكهرباء أي أننا مع تفاصيل وصورة صحيحة للواقع، عن صعوبات العمل شرحت أن تعلم اللهجة لم يكن أمرا سهلا ولكن الناس رحبت بهم ووجدوا الدعم والتشجيع.
جليلة تستعرض بصمت مراسم قدوم الزوجة الجديدة لزوجها سليمان، إنه قانون الرجال ولا يجب لنساء قول كلمة لا، تكتشف الأم بالصدفة أن ليلى تعيش قصة حب مع شاب من خارج العشيرة وهنا يكون المنعطف الهام في الفيلم، ليلى تظن أن أبوها سينصرها ويستقبل حبيبها ويفهم مشاعرها، لكنها تصاب بصدمة عنيفة من هذا الأب الذي يبدو لنا في البداية كأنه أخ أو صديق وتكون ردة فعله تزويجها من شاب أقل منها، هنا تثور جليلة التي صبرت وتحملت وجود زوجة ثانية، تتصرف وكأنها رجل وتقول لا وتكون النتيجة طلاقها، لا تكترث جليلة بهذه الإهانات ونجدها تشجع ابنتها ليلى على الهروب والتمسك بالحب ويبدو أنها تود أن تعيش ابنتها بعيدا عن هذه القسوة والحرمان.
الفيلم يحاول أن ينتصر للنساء، فالنساء هنا أول ضحايا هذا العالم المغلق والغير قابل للتغيير والبعيد عن التأثيرات المدنية، ليلى هي الوحيدة تحتك مع المؤثرات المدنية والحضارية ورغم ذلك تعود إلى حضن مجتمعها ولا نرى أنها تعالت أو كرهت محيطها وحبيبها يعيش في قرية أخرى وهو فلسطيني مثلها لكننا هنا نعيش وضعا مختلفا فلكل عشيرة أو قرية حدودها وقوانينها، الحدود هنا ليست الجدران ولا الأسلاك الشائكة ولا اللغة هي أقسى وأعنف من هذه الحواجز المادية فيتحول مجرد قيادة السيارة إلى عيب وقلة حياء بحسب تعبير الجدة عندما تأتي ليلى وهي تقود السيارة ونرى الجدة تنتزع المفتاح لكن الأم جليلة تعيده إلى ليلى رغم معارضة الجدة.
الشخصيات والدلالات البليغة
هنا الشخصيات ليس مجرد شخصيات حكائية ولكنها تحمل الكثير من الدلالات البليغة وهي في مواجهات وصدامات ديناميكية مستمرة على طول الفيلم، كما أن الصراعات الداخلية في شخصية جليلة وليلى تأخذ حيزا مهما ومساحة قوية، التحولات كانت مدهشة وغير متوقعة أي ثورة الأم جليلة فهي هنا الشخصية تبدو في البداية غامضة وهشة ثم تتحول إلى شخصية قوية ومتمردة ولا تأبه بالنتيجة فالمرأة المطلقة في مثل هذه المجتمعات تعيش ظروفا قاسية وتزداد قيودها، الرجل لا يعيبه أي شيء، فالشاب الذي يتزوج ليلى يكون أقل منها ثقافيا وعلميا لكن هذه العناصر لا قيمة لها، الرجل يفرض قانونه وليس ملزما بشرح وتوضيح أفعاله، هكذا نرى سليمان يغلق باب الحديث مع جليلة ويكفي أن يقول لا أريد سماع أو التحدث في موضوع زواجه الثاني، كما نراه يصم أذنيه ولا يريد سماع ليلى ويؤكد أن خياراته صحيحه.
سليمان شخصية أسيرة مجتمعها أيضا ونراه يدخن بشراهة وهو محكوم أيضا بعادات وتقاليد مجتمعه ويخاف من تهور وتمرد ليلى أي مخافة العار والفضيحة لذلك يضغط ويقبل في الأخير التفاوض مع ليلى التي تقبل الزواج بذلك الشاب من قريتها شرط عودة أمها إلى البيت، هنا تضطر ليلى لتضحي بعشقها وعواطفها مقابل حفظ كرامة أمها ووحدة عائلتها.
وأخيراً يمكن أن نشير إلى دور الطفلة تسنيم التى كانت بمثابة كاميرا متحركة وحريصة على نقل تفاصيل مهمة، نرى مشهد دخول سليمان على زوجته الثانية من خلال وجهة نظر الطفلة وكذلك في النهاية دخول الشاب على ليلى ومن خلال قضبان النافذة الذي أنعكست ظلالها بوضوح على ليلى، هنا دلالات متعددة يمكن فهمها بقبول ليلى لهذا الواقع الأشبه بالسجن وكذلك بوجود تسنيم حرة طليقة أي هناك تفاؤل بتحرر ليلى وبقاء تسنيم حرة وكنا شاهدنا هذه الطفلة ترفض الحجاب ولكن أمها تجبرها على تغطيه رأسها، بعد خروجها تنزع هذا الغطاء وتنطلق لتركض وتلعب، كما أن المشهد الأخير يحمل مخاوف من بقاء هذا المجتمع بأكمله يظل سجينا ومهمشا ومحروما من الفرح والحب.
وعلى الرغم من أن الثقافة البدوية قد تبدو بعيدة جدا بالنسبة لنا ويصعب علينا فهمها لكنها عندما يتم قراءتها بعمق ولغة سينمائية فإنها تتحول إلى لغة عالمية ونحس بشخصيات هذا الفيلم والقضايا المعقدة التي تواجهها وهي معقدة لأنه ستكون هناك دائما مجموعة من الآثار التي تتداخل مع رغبات الشخصيات ونلمس الخير في جميع الشخصيات، فالأب هنا ليس شريرا، هذا العنف والقسوة نتيجة طبيعية لهذه الحالة والقهر الذي يعيشه هذا المجتمع والذي ينغلق على ذاته ويتمسك بأرضه وعاداته هذه التصرفات تبدو أيضا كوسيلة من وسائل مقاومة الاحتلال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.