توج فيلم صدأ وعظام للمخرج الفرنسي جاك اوديار، وهو انتاج فرنسي بلجيكي مشترك، بجائزة أفضل فيلم في الدورة 56 لمهرجان لندن السينمائي الدولي. وهذه هي المرة الثانية التي يتوج مهرجان لندن السينمائي اوديار بجائزته، اذ سبق أن فاز فيلمه نبي بالجائزة ذاتها عام 2009. ووصف رئيس لجنة التحكيم السير ديفيد هير المخرج اوديار بأن لديه حرفة كتابة فنية فريدة تتكون من (مزاوجة) الموسيقى والمونتاج والتصوير الفوتغرافي والصوت والتصميم البصري والتمثيل. انه واحد من حفنة قليلة من المخرجين في العالم الذين اتقنوا، ويمكنهم مزج كل عنصر في العملية الفنية لتحقيق هدف واحد. مما جعل من فيلم صدأ وعظام مفعما بالعاطفة والعنف والحب . ويحكي الفيلم حول قصة شاب معدم يهوى الملاكمة يدعى (علي) تسوء اوضاعه ولا يجد ما يعيل به ابنه الصغير(سام) فيقرر الذهاب بصحبة ولده إلى شقيقته بجنوبي فرنسا، حيث يجد هناك فرصة للعمل حارس أمن في ملهى ليلي، ويتعرف فيه على فتاة تعمل مدربة للدلافين،عند تدخله في حادثة وقعت في الملهى الليلي. بيد أن تطورا مأساويا يقع حين تفقد الفتاة رجليها في حادث، يقود الى اندماج حياتيهما معا وارتباطهما بعلاقة خاصة يكتشفان فيها روحيهما وحاجتهما لبعض ويتحديان الاعاقة، فاذا كان عوق ستيفاني جسدي بعد اصابتها فان عوق علي اجتماعي من واقع البؤس والفشل الذي عاشه. ويقدم أوديار هنا معالجة مفعمة بالمشاعر الانسانية لتطور العلاقة بينهما، فينجح علي في اعادة ثقة ستيفاني بنفسها لتعود الى السباحة على الرغم من عوقها كما تكتشف انوثتها معه رغم حاجز الاعاقة. ويبرع اوديار كعادته في ادارة ممثليه واظهار قدراتهم وسط تلك المشاهد الانسانية المفعمة بالعاطفة والاحساس بالتضامن الانساني. وهما الممثلة الفرنسية ماريون كوتيّار التي سبق ان حصلت على اوسكار افضل ممثلة عام 2008 عن ادائها شخصية المطربة الفرنسية إديت بياف. الى جانب الممثل البلجيكي ماتياس شونارتس الذي اشتهر بأدائه المميز في فيلم Bullhead العام الماضي الذي رشح لأوسكار أفضل فيلم أجنبي. اختطف فيلم اوديار الجائزة من بين 12 فيلما اخر تنافست على جائزة افضل فيلم في المهرجان من بينها فيلم لا للمخرج التشيلي بابلو لارين الذي سبق أن فاز بجائزة نصف شهر المخرجين في مهرجان كان الدولي، والفيلم هو الجزء الاخير من ثلاثيته السينمائية التي تدور احداثها ابان الحكم الديكتاتوري للجنرال أوغستينو بينوشية، وفيلم سالي وجينجر للمخرجة البريطانية سالي بوتر (مخرجة فيلم اورنالدو عن عمل لفيرجينيا وولف). هناك أيضا الفيلم المكسيكي بعد لوسيا للمخرج ميخيل فرانكو، وفيلم ايند اوف ووتش أو نهاية نوبة العمل للمخرج وكاتب السيناريو الامريكي ديفيد ايير، وفيلم في البيت للمخرج الفرنسي فرانسوا أوزو (من افلامه بوتشي مع كاترين دينوف وجيرار ديبارديو) وفيلم كاتب السيناريو والمخرج مايكل ماغدونا سبعة مرضى نفسيين . وفيلم المخرجة الاسرائيلية راما بورشتاين املأ الفراغ وفيلم اطفال منتصف الليل للمخرجة الكندية من اصول هندية ديبا مهتا عن رواية الكاتب سلمان رشدي بالعنوان نفسه وقد كتب رشدي السيناريو للفيلم . وفاز المخرج الامريكي بين زيتلن بجائزة سوذرلاند لافضل فيلم روائي اول عن فيلمه وحوش البرية الجنوبية وقد وصفته عضو لجنة التحكيم هانا ماكجيل أنه فيلم جريء جدا وغني في تفاصيله . وقد نال الفيلم اشادة نقدية واسعة منذ عرضه في مهرجان ساندانس السينمائي الدولي ومهرجان كان الدولي في وقت سابق من هذا العام وتوج فيهما بجائزة الكاميرا الذهبية وجائزة لجنة التحكيم الكبرى. يقدم الفيلم ملحمة بصرية عبر حكاية الطفلة هاشبوبي وعمرها 6 سنوات تعيش في منطقة بائسة منعزلة وفي بيوت أيلة للسقوط في جزيرة خيالية بجنوبي لويزيانا تدعى باثتب. وقد هجرتها امها بينما يغرق والدها في الكحول لنسيان الواقع المر الذي يعيش فيه. ومع مرض والدها يصبح عليها مواجهة غرق واختفاء المنطقة كلها بارتفاع منسوب المياه بفعل ذوبان الغطاء الثلجي في الكرة الارضية، الذي يرافقه ظهور مخلوقات من عصور ما قبل التاريخ. وقد استلهم الفيلم احداثه من الفيضان الذي اصاب ولاية لويزيانا الامريكية . وقد عمل مخرج الفيلم مع ممثلين غير محترفين، اذ قدمت بطلة فيلمه الطفلة كينزنزانه ويليس اداء ساحرا وتوقع لها عدد من النقاد ان تكون اصغر ممثلة ترشح لنيل جائزة الاوسكار. وقد تنافس تحت هذه الفئة 12 مخرجا بيتهم المخرجة السعودية هيفاء المنصور عن فيلمها وجدة والمخرجة البريطانية من اصول مصرية سالي الحسيني عن فيلمها اخي الشيطان . ومنحت المخرجة البريطانية من أصول مصرية سالي الحسيني جائزة افضل موهبة بريطانية واعدة عن فيلمها اخي الشيطان الذي يناقش قضايا الشباب والمراهقين المتحدرين من اسر مهاجرة الى بريطانيا ومشكلات الهوية والتهميش، عبر تتبع حكاية الشقيقين مو ورشيد في عائلة مصرية مهاجرة تعيش في حي هاكني شرقي لندن. فمو 14 عاما (فادي السيد) ينظر باحترام لأخيه الاكبر رشيد (جيمس فلويد) على الرغم من انه عاطل عن العمل ومتورط بالعمل مع عصابات المخدرات في الحي، اذ يرى فيه صورة القوة والنفوذ بالنسبة له كمراهق. ويبدأ رشيد بادراك ورطته مع مقتل احد اقرب اصدقائه على ايدي عصابة منافسة فيحاول الانتقام اولا لكنه يفشل في التنفيذ ثم يحاول الانسحاب من هذا العالم مع تعرفه على صديق من اصول مغاربية (الممثل سعيد طغماوي) الذي يوفر عملا له كمصور فوتوغرافي معه ، الا انه يكتشف لاحقا انه له ميول جنسية مثلية ، كما يمثل هذا الاكتشاف لأخيه مو مشكلة كبيرة تدفعه اكثر الى احضان عصابة توزيع المخدرات. وتجمع سالي خيوط حبكتها الدرامية مع تقدم رشيد للتضحية بنفسه من اجل انقاذ اخيه، إذ يتطوع لقتل زعيم العصابة المنافسة مقابل ابتعاد العصابة عن اخيه الصغير، لنكتشف لاحقا ان هدف العصابة الحقيقي كان التخلص من رشيد نفسه، الا أن اخاه مو وصديقه المصور (المثلي) يتمكنان من انقاذه ويصاب مو بإطلاقة نارية في كتفه في هذه المحاولة لكنه ينجو من الموت. وتصف سالي الحسيني فيلمها بالقول انه في النهاية فيلم عن الشجاعة التي يتطلبها (فعل) أن تكون مختلفا وان تكون نفسك . لقد قدمت سالي الحسيني في عملها الاول هذا تجربة اخراجية ناجحة وفيلما واقعيا، ونجحت في تصوير الشباب البريطاني المتحدر من اصول مهاجرة وتوزعه بين مشكلات الفقر والتهميش والبحث عن هوية، وهو عالم تعرفه جيدا فهي متحدرة من اب مصري مهاجر وام بريطانية. كما نجحت في ادارة ممثليها واستخلاص اداء مميز منهم على الرغم من انهم من الممثلين الهواة، وقد اختارتهم من بيئة مشابهة ليؤدوا على الشاشة ادوارا قريبة مما يعيشونه في حياتهم اليومية. وكان قد رشح لنيل هذه الجائزة ايضا الممثل الشاب فادي السيد الذي ادى دور مو في الفيلم نفسه. وذهبت جائزة افضل فيلم وثائقي للمخرج اليكس جيبني ميا ماكسيما كُلبا: صمت في بيت الرب الذي قدم فيه تحقيقا استقصائيا في قضية الاساءات والانتهاكات الجنسية في الكنيسة الكاثوليكية. وتنافس على هذه الجائزة التي حملت اسم السينمائي التسجيلي البريطاني الشهير جريرسون 12 فيلما نذكر منها: فيلم المخرج جي بلغر حذار من السيد بيكر عن حياة عازف الدرامز الشهير جنجر بيكر بين عوالم موسيقى الجاز والروك امدرول وادمان المخدرات، وفيلم الاثنوغرافي الذي يتابع رحلة عالم الانثروبولوجيا الانجليزي جون هيلاري بالمر الذي اختار العيش والعمل وسط مجتمع ويتشي المهمش والمعزول في ريف الارجنتين. فضلا عن فيلم البارك المركزي الخامس للمخرج كين بيرنز والذي يبحث في عدد من الجرائم المروعة في الولاياتالمتحدة والنظام القضائي الامريكي. وفيلم اللامرئيون للمخرج الفرنسي سيباستيان ليفشيتز ، الذي يتابع فيه حياة 11 شخصا من المثليين من الرجال والنساء باعمار فوق السبعين، و فيلم المخرجة ساره غيفرن قرية في نهاية العالم الذي قدمت فيه صورة للحياة في قرية نائية شمالي غرينلاند يبلغ عدد سكانها 59 نسمة فقط. كما منح معهد الفيلم البريطاني جائزة تكريمية خاصة للمخرج تيم برتون والممثله هيلينا بونام كارتر وهما الثنائي الابداعي الذي وقف وراء فيلم افتتاح المهرجان فرانكينويني . وهو تكريم سبق منحه لاسماء وشخصيات فنية كبيرة ومتميزة من امثال اورسون ويلز وديفيد لين وكلينت ايستوود وجودي دينيش ومايكل كين ورالف فينيس وداني بويل.