السفارات المصرية في 18 دولة تفتح أبوابها لاستقبال الناخبين في جولة الإعادة بمجلس النواب    محافظ قنا يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة العام الميلادي    الجامعة المصرية بكازاخستان تحتفل بتخريج الدفعة الأولى من مركز "تراث"    بدء صرف الدفعة الثانية من الأسمدة الشتوية لمزارعي الجيزة عبر كارت الفلاح    موسكو تعلن تقدما ميدانيا شمال شرق أوكرانيا.. وبوتين يأمر بتوسيع المنطقة العازلة    زد يستدرج حرس الحدود في كأس عاصمة مصر    4 قضايا أمام الإسماعيلى لرفع إيقاف القيد بعد إزالة مساعد جاريدو    أمم أفريقيا 2025| التشكيل المتوقع للجزائر وغينيا الاستوائية في لقاء اليوم    نظر جلسة محاكمة 3 فتيات بتهمة الاعتداء على الطالبة كارما بالتجمع بعد قليل    فتح التقديم بالمدارس المصرية اليابانية للعام الدراسى 2026/ 2027 غدا    القبض على المتهمين بسرقة محل بلايستيشن فى مدينة 6 أكتوبر    الأمل فى 2026 التحليل النفسى لأبراج العام الجديد    الليلة... نجوم الطرب في الوطن العربي يشعلون حفلات رأس السنة    108 دقة جرس كيف يحتفى العالم برأس السنة كل عام؟    "هتعمل إيه في رأس السنة"؟.. هادعي ربنا يجيب العواقب سليمة ويرضي كل انسان بمعيشته    طبيبة تحسم الجدل| هل تناول الكبدة والقوانص مضر ويعرضك للسموم؟    «ماء الموز» موضة غذائية جديدة بين الترطيب الحقيقي والتسويق الذكي    لماذا ترتفع معدلات الأزمات القلبية في فصل الشتاء؟ 9 إرشادات طبية للوقاية    الصحة تؤكد أهمية تطعيم الحمى الشوكية لطلاب المدارس للوقاية من الالتهاب السحائي    إيمري يقلل من أهمية عدم مصافحة أرتيتا بعد مواجهة أرسنال وأستون فيلا    ليلة استثنائية.. نجوم الأوبرا وعلاء عبد السلام يفتتحون عام 2026 بأغانى الخلود    الحكومة تصدر قرارًا جديدًا بشأن الإجازات الدينية للأخوة المسيحيين| تفاصيل    الإمارات تستجيب لطلب السعودية وتنهي وجودها العسكري باليمن    «اتصال» وImpact Management توقعان مذكرة تفاهم لدعم التوسع الإقليمي لشركات تكنولوجيا المعلومات المصرية    التضامن: إلزام الأسر المستفيدة بالمشروطية التعليمية ضمن برنامج تكافل وكرامة    مطار الغردقة الدولي يستقبل 19 ألف سائح على متن 97 رحلة طيران احتفالا بليلة رأس السنة    محمد جمال وكيلاً لوزارة الصحة ومحمد زين مستشارا للمحافظ للشؤون الصحية    تجديد حبس عاطلين قتلا مالك كافيه رفض معاكستهما لفتاة في عين شمس    اليوم.. نظر محاكمة 5 متهمين بخلية النزهة الإرهابية    تعرف على سعر الدينار البحريني أمام الجنيه في مصر اليوم الأربعاء 31-12-2025    أسعار البيض اليوم الأربعاء 31 ديسمبر    اليوم.. نظر محاكمة المتهم في قضية «صغار الهرم»    دميترييف يسخر من تمويل أوروبا المتحضرة للمنظمات غير الحكومية لغسل أدمغة الناس    وفاة إيزايا ويتلوك جونيور نجم مسلسل "The Wire" الشهير عن 71 عاما    نتنياهو: عواقب إعادة إيران بناء قدراتها وخيمة    نخبة الإعلام والعلاقات العامة يجتمعون لمستقبل ذكي للمهنة    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأربعاء 31 ديسمبر    وخلق الله بريجيت باردو    طقس رأس السنة.. «الأرصاد» تحذر من هذه الظواهر    توتر متصاعد في البحر الأسود بعد هجوم مسيّرات على ميناء توابسه    زيلينسكي يناقش مع ترامب تواجد قوات أمريكية في أوكرانيا    "25يناير."كابوس السيسي الذي لا ينتهي .. طروحات عن معادلة للتغيير و إعلان مبادئ "الثوري المصري" يستبق ذكرى الثورة    د.حماد عبدالله يكتب: نافذة على الضمير !!    «مسار سلام» يجمع شباب المحافظات لنشر ثقافة السلام المجتمعي    خالد الصاوي: لا يمكن أن أحكم على فيلم الست ولكن ثقتي كبيرة فيهم    تموين القاهرة: نتبنى مبادرات لتوفير منتجات عالية الجودة بأسعار مخفضة    استشهاد فلسطيني إثر إطلاق الاحتلال الإسرائيلي الرصاص على مركبة جنوب نابلس    الأمم المتحدة تحذر من أن أفغانستان ستظل من أكبر الأزمات الإنسانية خلال 2026    "البوابة نيوز" ينضم لمبادرة الشركة المتحدة لوقف تغطية مناسبات من يطلق عليهم مشاهير السوشيال ميديا والتيك توكرز    المحامى محمد رشوان: هناك بصيص أمل فى قضية رمضان صبحى    رضوى الشربيني عن قرار المتحدة بمقاطعة مشاهير اللايفات: انتصار للمجتهدين ضد صناع الضجيج    قبل المباراة المقبلة.. التاريخ يبتسم لمصر في مواجهة بنين    هل يجب خلع الساعة والخاتم أثناء الوضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    هل تبطل الصلاة بسبب خطأ فى تشكيل القرآن؟ الشيخ عويضة عثمان يجيب    جامعة عين شمس تستضيف لجنة منبثقة من قطاع طب الأسنان بالمجلس الأعلى للجامعات    خالد الجندى: القبر محطة من محطات ما بعد الحياة الدنيا    الأهلي يواجه المقاولون العرب.. معركة حاسمة في كأس عاصمة مصر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حسن الشافعي: نعمل على تأريخ اللغة العربية والخليج يعتبرها أمناً قومياً
نشر في صوت البلد يوم 14 - 01 - 2017

رأى رئيس مجمع اللغة العربية في القاهرة الدكتور حسن الشافعي، أن التراث لا ينفصل عن حاضر اللغة العربية. وقال في حوار مع «الحياة» على هامش احتفالات المجمع باليوم العالمي للغة العربية في القاهرة، إن اللغة تتأثر بحال أهلها. وأضاف أن العرب يشعرون بالذنب والتقصير نحو لغتهم القومية، مشدداً على أن المعارك والمآسي التي تضرب أكثر من بلد عربي تؤثر سلباً في عمل مجامع اللغة العربية فيها، حتى أن بعض رؤساء تلك المجامع لم يتمكنوا من حضور اجتماعات اتحاد المجامع العربية التي عقدت أخيراً في القاهرة.وهنا نص الحوار:
- ذهب كثيرون إلى أن التراجع الذي تشهده اللغة العربية اليوم ليس سوى انعكاس لحال أهلها، فما رأيكم؟
أما أن اللغة تتأثر بحال أهلها فحق، وهذه ليست تهمة أو إساءة إلينا، وإنما توصيف للواقع، لأن اللغة لا تنمو ولا تتطور إلا بفعل أهلها وبمقدار ازديادهم ثقافة ووعياً وعلماً بالواقع حولهم، ولا تتطور كذلك إلا بمقدار ما ينتجون من أدب وثقافة ويشاركون في ذلك العالمَ. سوف لا تكون للغتنا الأهمية ذاتها ما لم يكن أهلها عند مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقهم في هذا الشأن. مثلاً، نحن نهتم بمشروع اسمه «المدوَّنة العربية»، ويعمل في إطاره كثيرون. وهناك في السعودية جهود لإنتاج مدونة لغوية، وكذلك في الجزائر.
- مشروع «المدونة العربية» واحدٌ من مشروعات المجمع؟
هو واحد مما ينسقه المجمع من أعمال، لأن دورنا ليس القيام بكل شيء، وإنما هو تنسيق العمل العربي، خصوصاً في إطار اتحاد المجامع العربية، نحن فعلاً نهتم بذلك في إطار اهتمامنا بجملة أمور، بالشهادة العربية الدولية، بحيث تصدر مناسبة للعالم العربي كله وللاعتبارات الفنية والتعليمية، وكذلك نهتم بالمشروعات الكبرى، كالمدونة. وهناك شيء ثالث هو تأريخ اللغة العربية، وهو مشروع عبارة عن وضع معجم تاريخي للغة العربية يبين متى ظهرت الكلمة، وكيف تطورت على مر التاريخ أو تغيرت أو بقيت أو ماتت، هذا موجود في سائر اللغات الحية، وللأسف تفتقده العربية.
- هل بدأتم بالفعل مشروع التأريخ اللغوي؟
بدأنا بالفعل واقتحمنا الميدان، ولم نكتف بالقول إن هذا يجب أن يكون، وإنما دخلنا فيه بمعجم بدأنا العمل به منذ خمس سنوات، اسمه «معجم الشعر العربي»، واقتصر العمل فيه على الشعر، من أول شعراء الجاهلية قبل الإسلام ثم شعراء العصر الإسلامي ثم العصور اللاحقة ثم العصر الحديث، حتى أمير الشعراء أحمد شوقي ومن بعده.
- تعملون في هذا المعجم التاريخي في القاهرة فحسب أم تنسقون مع مجامع أخرى؟
هذا بالذات بقي في إطار القاهرة، لكنه سيكون رافداً من روافد المعجم التاريخي الذي لا تستطيع أن تنهض به القاهرة وحدها، ولعلك سمعتني أشير إلى المعجم الكبير للغة العربية، وأن بعض الحروف فيه يصل إلى مجلدين كبيرين، وقد وصلنا في العمل إلى حروف السين والضاد والطاء، أي قاربنا الثلثين في المعجم الكبير، وكان أسلافنا أنجزوا نصفه في أربعين عاماً. المعجم الكبير من عمل القاهرة، وكلاهما (معجم الشعر والمعجم الكبير) سيكونان رافداً للمعجم التاريخي، الذي يجب أن تتشارك فيه المجامع كلها وأن يتم التنسيق بشأنه في مجلس اتحاد المجامع.
- نريد مزيداً من التفصيل في شأن مشروع المدوّنة؟
هو مشروع طموح، يضم حتى الآن بليوني كلمة. هدفه أن يوفر مادة لغوية للعاملين في مجال اللغة، فهو أشبه بمادة خام تضم كل ما نطق به العرب من كلام، شعراً أو نثراً أو حكمة أو ديناً أو ضد الدين، في الأخلاق الحسنة أو الرديئة من الناحية اللغوية... كل ما نطق به الفم العربي. هذا هو هدف المدونة، لكنه هدف ضخم ويحتاج إلى أجيال.
- تنسقون في مشروع المدوّنة مع مجامع أخرى؟
نحن ننتفع بما تمّ وننسق العمل، لأن هناك أقطاراً عربية عدة تعمل في هذا المجال، والتنسيق مطلوب، وليس من الضروري أن يستقل مجمع القاهرة بمعجم الشعر أو المعجم الكبير، فهذه مهمة ثقيلة وليست سهلة، ولكن يقوم مجمع القاهرة بالتنسيق باعتباره الحاضن لاتحاد المجامع، وإن كانت له الآن دار كبيرة تكفَّل بإنشائها حاكم الشارقة الشيخ سلطان القاسمي، وهي الآن جاهزة لتُملأ بالمصادر العلمية والأجهزة اللغوية، وبدأنا بالحواسيب اللازمة ولكن يلزمنا مكتبة إلكترونية، ومكتبة ورقية، ومجموعة من الخبراء، لأن العمل كما رأينا يبدأ ببحوث الخبراء ثم ينتهي إلى أعضاء المجمع الذين ينقحون ويحاولون تصفية هذه المادة ثم تُطبَع بعد ذلك ويُدفَع بها إلى النشر.
- وكيف تمضي العلاقة بينكم وبين المجامع اللغوية في البلدان التي تشهد حروباً، مثل العراق وسورية واليمن؟
للأسف، الأزمات الدائرة في العالم العربي، بل المعارك والمآسي، تؤثر سلباً على الأداء المجمعي، لكن زملاءنا في دمشق يأتون إلينا على رغم ذلك، ومجمع العراق أحياناً ينجح في الوصول، وأحياناً لا ينجح، بسبب تعقيدات سياسية تتعلق بتصاريح المغادرة. لا ننكر أن هذه الأحوال تؤثر ولكن نحاول أن نغالبها وأن نعقد الاجتماعات في بلاد عربية أخرى، وسوف نعقد اجتماع اتحاد المجامع المقبل في مدينة الجزائر، لنحيي التيار العربي واللغة العربية في هذه البلاد، وأيضاً لكي نقوم بالتنسيق الواجب بين الجهود الموجودة في أطراف العالم العربي.
- البعض يتهم مجمع اللغة العربية بأنه لا يتواصل مع الإعلام والجمهور العام كما يجب؟
كان المجمع منغلقاً على نفسه، ويقل اتصاله بالجمهور حتى داخل الجمهور المثقف، ولكن أعتقد أنه خرج من الشرنقة ودخل في الميدان ويتواصل من طريق نشرته الشهرية ومجلته النصف سنوية ومن طريق المؤتمرات واللقاءات والندوات. نحن نتواصل مع المجتمع المدني هنا، لأن هناك جمعيات لغوية في مصر تخدم العربية وتغار عليها، وهي نحو عشر جمعيات الآن، وندعوها إلى مؤتمراتنا السنوية ونشاركها بعض احتفالاتها ونتبادل معها المطبوعات والأعمال.
- بم ترد على من يعتبر الحديث عن حال اللغة وحمايتها من ضروب الترف، في ظل الأزمات التي تعصف بأمة الضاد اليوم؟
أظن أنه يوجد الآن في مصر وفي العالم العربي كله وفي دول الخليج إحساس بالتقصير والذنب نحو اللغة القومية، ولا أقول كلغة أم، وإنما اللغة الأم، التي تجمع الجميع، فالإحساس بالتقصير وبالذنب هو الخطوة الأولى، يليها علاج هذا القصور. لم يعد العرب غافلين عن قضية اللغة. في الخليج يتحدثون عن الأمن اللغوي، أصبحت المسألة تهم الدولة وتهم الأمن القومي، وتصبح قضية مجتمعية وليست مجمعية. وعلاج ذلك بيد خبراء من مختلف أنحاء العالم يتواصل معهم مجمع القاهرة، ويتواصلون معه، خصوصاً عبر مؤتمره السنوي العام. تلك هي مهمتنا في الماضي وفي الحاضر وفي المستقبل.
- كيف تنظر إلى واقع اللغة العربية في ضوء تراثها؟
التراث لا ينفصل عن حاضر اللغة، ولكن كل لغة في الدنيا تتجدد وتتطور وتتسع وتضيق بحسب ظروفها المختلفة. من بين اللجان العلمية في المجمع، لجنة لإحياء التراث، وهي تعلن عن مسابقات سنوبا.
-كيف تنظر إلى موقع اللغة العربية في دعوات تجديد الخطاب الديني؟
تجد أنني مسؤول عن المجمع وأزهري، وأنا أقول للصحافيين من أمثالك إن التعانق بين الأزهر والمجمع يتمثل في هذه العمامة (أشار إلى عمامته). المهمة واحدة، والخطاب الديني يستخدم في الواقع اللغة العربية في مرحلتين: في فهم التراث وفي تقديم الخطاب اللائق بالعصر، اللغة داخلة في صميم العملية.
- وماذا عن انتخاب أمين عام للمجمع خلفاً للشاعر الراحل فاروق شوشة؟
ترشح ثلاثة من أعضاء المجمع للمنصب، ونال الدكتور عبد الحميد عبد المنعم مدكور، أستاذ الفلسفة الإسلامية والتصوف في كلية دار العلوم، 19 من 28 صوتاً.
- هل هناك تعاون بين المجامع العربية المختلفة في إصدار معجم الأطفال؟
هناك تعاون، لأن هناك أعمالاً مماثلة في بعض البلدان العربية، وكما قلت لا يمكن مجمع القاهرة أن يقوم بكل شيء. نحن حصلنا على المدونة السعودية، توجهنا إليهم واستجابوا لنا، وأنا عضو في مجمع اللغة العربية السعودي الذي يسمي «اللجنة الدولية لخادم الحرمين الشريفين لخدمة اللغة العربية»، ومن هذا الطريق ننسق، ولدينا الآن 13 عضواً في اتحاد المجامع اللغوية العربية. أرجو أن يتم التنسيق بين أعضاء الاتحاد في هذه المجالات التي تطرقنا إليها.
رأى رئيس مجمع اللغة العربية في القاهرة الدكتور حسن الشافعي، أن التراث لا ينفصل عن حاضر اللغة العربية. وقال في حوار مع «الحياة» على هامش احتفالات المجمع باليوم العالمي للغة العربية في القاهرة، إن اللغة تتأثر بحال أهلها. وأضاف أن العرب يشعرون بالذنب والتقصير نحو لغتهم القومية، مشدداً على أن المعارك والمآسي التي تضرب أكثر من بلد عربي تؤثر سلباً في عمل مجامع اللغة العربية فيها، حتى أن بعض رؤساء تلك المجامع لم يتمكنوا من حضور اجتماعات اتحاد المجامع العربية التي عقدت أخيراً في القاهرة.وهنا نص الحوار:
- ذهب كثيرون إلى أن التراجع الذي تشهده اللغة العربية اليوم ليس سوى انعكاس لحال أهلها، فما رأيكم؟
أما أن اللغة تتأثر بحال أهلها فحق، وهذه ليست تهمة أو إساءة إلينا، وإنما توصيف للواقع، لأن اللغة لا تنمو ولا تتطور إلا بفعل أهلها وبمقدار ازديادهم ثقافة ووعياً وعلماً بالواقع حولهم، ولا تتطور كذلك إلا بمقدار ما ينتجون من أدب وثقافة ويشاركون في ذلك العالمَ. سوف لا تكون للغتنا الأهمية ذاتها ما لم يكن أهلها عند مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقهم في هذا الشأن. مثلاً، نحن نهتم بمشروع اسمه «المدوَّنة العربية»، ويعمل في إطاره كثيرون. وهناك في السعودية جهود لإنتاج مدونة لغوية، وكذلك في الجزائر.
- مشروع «المدونة العربية» واحدٌ من مشروعات المجمع؟
هو واحد مما ينسقه المجمع من أعمال، لأن دورنا ليس القيام بكل شيء، وإنما هو تنسيق العمل العربي، خصوصاً في إطار اتحاد المجامع العربية، نحن فعلاً نهتم بذلك في إطار اهتمامنا بجملة أمور، بالشهادة العربية الدولية، بحيث تصدر مناسبة للعالم العربي كله وللاعتبارات الفنية والتعليمية، وكذلك نهتم بالمشروعات الكبرى، كالمدونة. وهناك شيء ثالث هو تأريخ اللغة العربية، وهو مشروع عبارة عن وضع معجم تاريخي للغة العربية يبين متى ظهرت الكلمة، وكيف تطورت على مر التاريخ أو تغيرت أو بقيت أو ماتت، هذا موجود في سائر اللغات الحية، وللأسف تفتقده العربية.
- هل بدأتم بالفعل مشروع التأريخ اللغوي؟
بدأنا بالفعل واقتحمنا الميدان، ولم نكتف بالقول إن هذا يجب أن يكون، وإنما دخلنا فيه بمعجم بدأنا العمل به منذ خمس سنوات، اسمه «معجم الشعر العربي»، واقتصر العمل فيه على الشعر، من أول شعراء الجاهلية قبل الإسلام ثم شعراء العصر الإسلامي ثم العصور اللاحقة ثم العصر الحديث، حتى أمير الشعراء أحمد شوقي ومن بعده.
- تعملون في هذا المعجم التاريخي في القاهرة فحسب أم تنسقون مع مجامع أخرى؟
هذا بالذات بقي في إطار القاهرة، لكنه سيكون رافداً من روافد المعجم التاريخي الذي لا تستطيع أن تنهض به القاهرة وحدها، ولعلك سمعتني أشير إلى المعجم الكبير للغة العربية، وأن بعض الحروف فيه يصل إلى مجلدين كبيرين، وقد وصلنا في العمل إلى حروف السين والضاد والطاء، أي قاربنا الثلثين في المعجم الكبير، وكان أسلافنا أنجزوا نصفه في أربعين عاماً. المعجم الكبير من عمل القاهرة، وكلاهما (معجم الشعر والمعجم الكبير) سيكونان رافداً للمعجم التاريخي، الذي يجب أن تتشارك فيه المجامع كلها وأن يتم التنسيق بشأنه في مجلس اتحاد المجامع.
- نريد مزيداً من التفصيل في شأن مشروع المدوّنة؟
هو مشروع طموح، يضم حتى الآن بليوني كلمة. هدفه أن يوفر مادة لغوية للعاملين في مجال اللغة، فهو أشبه بمادة خام تضم كل ما نطق به العرب من كلام، شعراً أو نثراً أو حكمة أو ديناً أو ضد الدين، في الأخلاق الحسنة أو الرديئة من الناحية اللغوية... كل ما نطق به الفم العربي. هذا هو هدف المدونة، لكنه هدف ضخم ويحتاج إلى أجيال.
- تنسقون في مشروع المدوّنة مع مجامع أخرى؟
نحن ننتفع بما تمّ وننسق العمل، لأن هناك أقطاراً عربية عدة تعمل في هذا المجال، والتنسيق مطلوب، وليس من الضروري أن يستقل مجمع القاهرة بمعجم الشعر أو المعجم الكبير، فهذه مهمة ثقيلة وليست سهلة، ولكن يقوم مجمع القاهرة بالتنسيق باعتباره الحاضن لاتحاد المجامع، وإن كانت له الآن دار كبيرة تكفَّل بإنشائها حاكم الشارقة الشيخ سلطان القاسمي، وهي الآن جاهزة لتُملأ بالمصادر العلمية والأجهزة اللغوية، وبدأنا بالحواسيب اللازمة ولكن يلزمنا مكتبة إلكترونية، ومكتبة ورقية، ومجموعة من الخبراء، لأن العمل كما رأينا يبدأ ببحوث الخبراء ثم ينتهي إلى أعضاء المجمع الذين ينقحون ويحاولون تصفية هذه المادة ثم تُطبَع بعد ذلك ويُدفَع بها إلى النشر.
- وكيف تمضي العلاقة بينكم وبين المجامع اللغوية في البلدان التي تشهد حروباً، مثل العراق وسورية واليمن؟
للأسف، الأزمات الدائرة في العالم العربي، بل المعارك والمآسي، تؤثر سلباً على الأداء المجمعي، لكن زملاءنا في دمشق يأتون إلينا على رغم ذلك، ومجمع العراق أحياناً ينجح في الوصول، وأحياناً لا ينجح، بسبب تعقيدات سياسية تتعلق بتصاريح المغادرة. لا ننكر أن هذه الأحوال تؤثر ولكن نحاول أن نغالبها وأن نعقد الاجتماعات في بلاد عربية أخرى، وسوف نعقد اجتماع اتحاد المجامع المقبل في مدينة الجزائر، لنحيي التيار العربي واللغة العربية في هذه البلاد، وأيضاً لكي نقوم بالتنسيق الواجب بين الجهود الموجودة في أطراف العالم العربي.
- البعض يتهم مجمع اللغة العربية بأنه لا يتواصل مع الإعلام والجمهور العام كما يجب؟
كان المجمع منغلقاً على نفسه، ويقل اتصاله بالجمهور حتى داخل الجمهور المثقف، ولكن أعتقد أنه خرج من الشرنقة ودخل في الميدان ويتواصل من طريق نشرته الشهرية ومجلته النصف سنوية ومن طريق المؤتمرات واللقاءات والندوات. نحن نتواصل مع المجتمع المدني هنا، لأن هناك جمعيات لغوية في مصر تخدم العربية وتغار عليها، وهي نحو عشر جمعيات الآن، وندعوها إلى مؤتمراتنا السنوية ونشاركها بعض احتفالاتها ونتبادل معها المطبوعات والأعمال.
- بم ترد على من يعتبر الحديث عن حال اللغة وحمايتها من ضروب الترف، في ظل الأزمات التي تعصف بأمة الضاد اليوم؟
أظن أنه يوجد الآن في مصر وفي العالم العربي كله وفي دول الخليج إحساس بالتقصير والذنب نحو اللغة القومية، ولا أقول كلغة أم، وإنما اللغة الأم، التي تجمع الجميع، فالإحساس بالتقصير وبالذنب هو الخطوة الأولى، يليها علاج هذا القصور. لم يعد العرب غافلين عن قضية اللغة. في الخليج يتحدثون عن الأمن اللغوي، أصبحت المسألة تهم الدولة وتهم الأمن القومي، وتصبح قضية مجتمعية وليست مجمعية. وعلاج ذلك بيد خبراء من مختلف أنحاء العالم يتواصل معهم مجمع القاهرة، ويتواصلون معه، خصوصاً عبر مؤتمره السنوي العام. تلك هي مهمتنا في الماضي وفي الحاضر وفي المستقبل.
- كيف تنظر إلى واقع اللغة العربية في ضوء تراثها؟
التراث لا ينفصل عن حاضر اللغة، ولكن كل لغة في الدنيا تتجدد وتتطور وتتسع وتضيق بحسب ظروفها المختلفة. من بين اللجان العلمية في المجمع، لجنة لإحياء التراث، وهي تعلن عن مسابقات سنوبا.
-كيف تنظر إلى موقع اللغة العربية في دعوات تجديد الخطاب الديني؟
تجد أنني مسؤول عن المجمع وأزهري، وأنا أقول للصحافيين من أمثالك إن التعانق بين الأزهر والمجمع يتمثل في هذه العمامة (أشار إلى عمامته). المهمة واحدة، والخطاب الديني يستخدم في الواقع اللغة العربية في مرحلتين: في فهم التراث وفي تقديم الخطاب اللائق بالعصر، اللغة داخلة في صميم العملية.
- وماذا عن انتخاب أمين عام للمجمع خلفاً للشاعر الراحل فاروق شوشة؟
ترشح ثلاثة من أعضاء المجمع للمنصب، ونال الدكتور عبد الحميد عبد المنعم مدكور، أستاذ الفلسفة الإسلامية والتصوف في كلية دار العلوم، 19 من 28 صوتاً.
- هل هناك تعاون بين المجامع العربية المختلفة في إصدار معجم الأطفال؟
هناك تعاون، لأن هناك أعمالاً مماثلة في بعض البلدان العربية، وكما قلت لا يمكن مجمع القاهرة أن يقوم بكل شيء. نحن حصلنا على المدونة السعودية، توجهنا إليهم واستجابوا لنا، وأنا عضو في مجمع اللغة العربية السعودي الذي يسمي «اللجنة الدولية لخادم الحرمين الشريفين لخدمة اللغة العربية»، ومن هذا الطريق ننسق، ولدينا الآن 13 عضواً في اتحاد المجامع اللغوية العربية. أرجو أن يتم التنسيق بين أعضاء الاتحاد في هذه المجالات التي تطرقنا إليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.