وزير الكهرباء يبحث مستجدات تنفيذ مشروعات «مصدر» الإماراتية في مصر    مصر تشجب إعلان حالة المجاعة في قطاع غزة    الأهلي بطلا لكأس السوبر السعودي على حساب النصر    استئناف الإسكندرية تفتح تحقيقات موسعة بصدد حادث الغرق الجماعي في شاطىء أبو تلات    توجيهات حكومية بسرعة إنهاء أعمال تطوير المواقع الأثرية بالإسكندرية    محافظ الغربية يفتتح قسم جراحة المخ والأعصاب بمستشفى كفر الزيات العام    مذكرة تفاهم بين جامعتي الأزهر ومطروح تتضمن التعاون العلمي والأكاديمي وتبادل الخبرات    وزير الصحة الفلسطيني: فقدنا 1500 كادر طبي.. وأطباء غزة يعالجون المرضى وهم يعانون من الجوع والإرهاق    بحوث الصحراء.. دعم فني وإرشادي لمزارعي التجمعات الزراعية في سيناء    تفعيل البريد الموحد لموجهي اللغة العربية والدراسات الاجتماعية بالفيوم    إسلام جابر: لم أتوقع انتقال إمام عاشور للأهلي.. ولا أعرف موقف مصطفى محمد من الانتقال إليه    مؤتمر ألونسو: هذا سبب تخطيط ملعب التدريبات.. وموقفنا من الانتقالات    إسلام جابر: تجربة الزمالك الأفضل في مسيرتي.. ولست نادما على عدم الانتقال للأهلي    استقالات جماعية للأطباء ووفيات وهجرة الكفاءات..المنظومة الصحية تنهار فى زمن العصابة    قيادي بمستقبل وطن: تحركات الإخوان ضد السفارات المصرية محاولة بائسة ومشبوهة    مصر القومي: الاعتداء على السفارات المصرية امتداد لمخططات الإخوان لتشويه صورة الدولة    وزارة الصحة تقدم 314 ألف خدمة طبية مجانية عبر 143 قافلة بجميع المحافظات    وزير خارجية باكستان يبدأ زيارة إلى بنجلاديش    وزير العمل يتفقد وحدتي تدريب متنقلتين قبل تشغيلهما غدا بالغربية    وزيرا الإنتاج الحربي والبترول يبحثان تعزيز التعاون لتنفيذ مشروعات قومية مشتركة    منال عوض تناقش استعدادات استضافة مؤتمر الأطراف ال24 لحماية بيئة البحر الأبيض المتوسط من التلوث    "التنمية المحلية": انطلاق الأسبوع الثالث من الخطة التدريبية بسقارة غدًا -تفاصيل    50 ألف مشجع لمباراة مصر وإثيوبيا في تصفيات كأس العالم    "قصص متفوتكش".. رسالة غامضة من زوجة النني الأولى.. ومقاضاة مدرب الأهلي السابق بسبب العمولات    ماذا ينتظر كهربا حال إتمام انتقاله لصفوف القادسية الكويتي؟    الموت يغيب عميد القضاء العرفي الشيخ يحيى الغول الشهير ب "حكيم سيناء" بعد صراع مع المرض    الداخلية تكشف ملابسات اعتداء "سايس" على قائد دراجة نارية بالقاهرة    وزارة النقل تناشد المواطنين عدم اقتحام المزلقانات أو السير عكس الاتجاه أثناء غلقها    «لازم إشارات وتحاليل للسائقين».. تامر حسني يناشد المسؤولين بعد حادث طريق الضبعة    إزالة مزرعة سمكية مخالفة بمركز الحسينية في الشرقية    وفاة سهير مجدي .. وفيفي عبده تنعيها    مؤسسة فاروق حسني تطلق الدورة ال7 لجوائز الفنون لعام 2026    قلق داخلي بشأن صديق بعيد.. برج الجدي اليوم 23 أغسطس    غدا.. قصور الثقافة تطلق ملتقى دهب العربي الأول للرسم والتصوير بمشاركة 20 فنانا    تم تصويره بالأهرامات.. قصة فيلم Fountain of Youth بعد ترشحه لجوائز LMGI 2025    تكريم الفنانة شيرين في مهرجان الإسكندرية السينمائي بدورته ال41    موعد إجازة المولد النبوي 2025.. أجندة الإجازات الرسمية المتبقية للموظفين    كيف تكون مستجابا للدعاء؟.. واعظة بالأزهر توضح    مصر ترحب بخارطة الطريق الأممية لتسوية الأزمة الليبية    وزير الدفاع الأمريكي يجيز ل2000 من الحرس الوطني حمل السلاح.. ما الهدف؟    الصحة: حملة «100 يوم صحة» قدّمت 59 مليون خدمة طبية مجانية خلال 38 يوما    رئيس «الرعاية الصحية»: تقديم أكثر من 2.5 مليون خدمة طبية بمستشفيات الهيئة في جنوب سيناء    فحص وصرف العلاج ل247 مواطنا ضمن قافلة بقرية البرث في شمال سيناء    نور القلوب يضىء المنصورة.. 4 من ذوى البصيرة يبدعون فى مسابقة دولة التلاوة    ضبط وتحرير 18 محضرا فى حملة إشغالات بمركز البلينا فى سوهاج    8 وفيات نتيجة المجاعة وسوء التغذية في قطاع غزة خلال ال24 ساعة الماضية    محاضرة فنية وتدريبات خططية في مران الأهلي استعدادًا للمحلة    رغم تبرئة ساحة ترامب جزئيا.. جارديان: تصريحات ماكسويل تفشل فى تهدئة مؤيديه    طقس الإمارات اليوم.. غيوم جزئية ورياح مثيرة للغبار على هذه المناطق    مصر تستضيف النسخة الأولى من قمة ومعرض "عالم الذكاء الاصطناعي" فبراير المقبل    تحرير 125 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    إعلام فلسطينى: مصابون من منتظرى المساعدات شمال رفح الفلسطينية    حسن الخاتمة.. وفاة معتمر أقصري أثناء أدائه مناسك الحج    تنسيق الجامعات 2025| مواعيد فتح موقع التنسيق لطلاب الشهادات المعادلة    «مياه الأقصر» تسيطر على بقعة زيت فى مياه النيل دون تأثر المواطنين أو إنقطاع الخدمة    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم السبت 23 أغسطس 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حسن الشافعي: نعمل على تأريخ اللغة العربية والخليج يعتبرها أمناً قومياً
نشر في صوت البلد يوم 14 - 01 - 2017

رأى رئيس مجمع اللغة العربية في القاهرة الدكتور حسن الشافعي، أن التراث لا ينفصل عن حاضر اللغة العربية. وقال في حوار مع «الحياة» على هامش احتفالات المجمع باليوم العالمي للغة العربية في القاهرة، إن اللغة تتأثر بحال أهلها. وأضاف أن العرب يشعرون بالذنب والتقصير نحو لغتهم القومية، مشدداً على أن المعارك والمآسي التي تضرب أكثر من بلد عربي تؤثر سلباً في عمل مجامع اللغة العربية فيها، حتى أن بعض رؤساء تلك المجامع لم يتمكنوا من حضور اجتماعات اتحاد المجامع العربية التي عقدت أخيراً في القاهرة.وهنا نص الحوار:
- ذهب كثيرون إلى أن التراجع الذي تشهده اللغة العربية اليوم ليس سوى انعكاس لحال أهلها، فما رأيكم؟
أما أن اللغة تتأثر بحال أهلها فحق، وهذه ليست تهمة أو إساءة إلينا، وإنما توصيف للواقع، لأن اللغة لا تنمو ولا تتطور إلا بفعل أهلها وبمقدار ازديادهم ثقافة ووعياً وعلماً بالواقع حولهم، ولا تتطور كذلك إلا بمقدار ما ينتجون من أدب وثقافة ويشاركون في ذلك العالمَ. سوف لا تكون للغتنا الأهمية ذاتها ما لم يكن أهلها عند مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقهم في هذا الشأن. مثلاً، نحن نهتم بمشروع اسمه «المدوَّنة العربية»، ويعمل في إطاره كثيرون. وهناك في السعودية جهود لإنتاج مدونة لغوية، وكذلك في الجزائر.
- مشروع «المدونة العربية» واحدٌ من مشروعات المجمع؟
هو واحد مما ينسقه المجمع من أعمال، لأن دورنا ليس القيام بكل شيء، وإنما هو تنسيق العمل العربي، خصوصاً في إطار اتحاد المجامع العربية، نحن فعلاً نهتم بذلك في إطار اهتمامنا بجملة أمور، بالشهادة العربية الدولية، بحيث تصدر مناسبة للعالم العربي كله وللاعتبارات الفنية والتعليمية، وكذلك نهتم بالمشروعات الكبرى، كالمدونة. وهناك شيء ثالث هو تأريخ اللغة العربية، وهو مشروع عبارة عن وضع معجم تاريخي للغة العربية يبين متى ظهرت الكلمة، وكيف تطورت على مر التاريخ أو تغيرت أو بقيت أو ماتت، هذا موجود في سائر اللغات الحية، وللأسف تفتقده العربية.
- هل بدأتم بالفعل مشروع التأريخ اللغوي؟
بدأنا بالفعل واقتحمنا الميدان، ولم نكتف بالقول إن هذا يجب أن يكون، وإنما دخلنا فيه بمعجم بدأنا العمل به منذ خمس سنوات، اسمه «معجم الشعر العربي»، واقتصر العمل فيه على الشعر، من أول شعراء الجاهلية قبل الإسلام ثم شعراء العصر الإسلامي ثم العصور اللاحقة ثم العصر الحديث، حتى أمير الشعراء أحمد شوقي ومن بعده.
- تعملون في هذا المعجم التاريخي في القاهرة فحسب أم تنسقون مع مجامع أخرى؟
هذا بالذات بقي في إطار القاهرة، لكنه سيكون رافداً من روافد المعجم التاريخي الذي لا تستطيع أن تنهض به القاهرة وحدها، ولعلك سمعتني أشير إلى المعجم الكبير للغة العربية، وأن بعض الحروف فيه يصل إلى مجلدين كبيرين، وقد وصلنا في العمل إلى حروف السين والضاد والطاء، أي قاربنا الثلثين في المعجم الكبير، وكان أسلافنا أنجزوا نصفه في أربعين عاماً. المعجم الكبير من عمل القاهرة، وكلاهما (معجم الشعر والمعجم الكبير) سيكونان رافداً للمعجم التاريخي، الذي يجب أن تتشارك فيه المجامع كلها وأن يتم التنسيق بشأنه في مجلس اتحاد المجامع.
- نريد مزيداً من التفصيل في شأن مشروع المدوّنة؟
هو مشروع طموح، يضم حتى الآن بليوني كلمة. هدفه أن يوفر مادة لغوية للعاملين في مجال اللغة، فهو أشبه بمادة خام تضم كل ما نطق به العرب من كلام، شعراً أو نثراً أو حكمة أو ديناً أو ضد الدين، في الأخلاق الحسنة أو الرديئة من الناحية اللغوية... كل ما نطق به الفم العربي. هذا هو هدف المدونة، لكنه هدف ضخم ويحتاج إلى أجيال.
- تنسقون في مشروع المدوّنة مع مجامع أخرى؟
نحن ننتفع بما تمّ وننسق العمل، لأن هناك أقطاراً عربية عدة تعمل في هذا المجال، والتنسيق مطلوب، وليس من الضروري أن يستقل مجمع القاهرة بمعجم الشعر أو المعجم الكبير، فهذه مهمة ثقيلة وليست سهلة، ولكن يقوم مجمع القاهرة بالتنسيق باعتباره الحاضن لاتحاد المجامع، وإن كانت له الآن دار كبيرة تكفَّل بإنشائها حاكم الشارقة الشيخ سلطان القاسمي، وهي الآن جاهزة لتُملأ بالمصادر العلمية والأجهزة اللغوية، وبدأنا بالحواسيب اللازمة ولكن يلزمنا مكتبة إلكترونية، ومكتبة ورقية، ومجموعة من الخبراء، لأن العمل كما رأينا يبدأ ببحوث الخبراء ثم ينتهي إلى أعضاء المجمع الذين ينقحون ويحاولون تصفية هذه المادة ثم تُطبَع بعد ذلك ويُدفَع بها إلى النشر.
- وكيف تمضي العلاقة بينكم وبين المجامع اللغوية في البلدان التي تشهد حروباً، مثل العراق وسورية واليمن؟
للأسف، الأزمات الدائرة في العالم العربي، بل المعارك والمآسي، تؤثر سلباً على الأداء المجمعي، لكن زملاءنا في دمشق يأتون إلينا على رغم ذلك، ومجمع العراق أحياناً ينجح في الوصول، وأحياناً لا ينجح، بسبب تعقيدات سياسية تتعلق بتصاريح المغادرة. لا ننكر أن هذه الأحوال تؤثر ولكن نحاول أن نغالبها وأن نعقد الاجتماعات في بلاد عربية أخرى، وسوف نعقد اجتماع اتحاد المجامع المقبل في مدينة الجزائر، لنحيي التيار العربي واللغة العربية في هذه البلاد، وأيضاً لكي نقوم بالتنسيق الواجب بين الجهود الموجودة في أطراف العالم العربي.
- البعض يتهم مجمع اللغة العربية بأنه لا يتواصل مع الإعلام والجمهور العام كما يجب؟
كان المجمع منغلقاً على نفسه، ويقل اتصاله بالجمهور حتى داخل الجمهور المثقف، ولكن أعتقد أنه خرج من الشرنقة ودخل في الميدان ويتواصل من طريق نشرته الشهرية ومجلته النصف سنوية ومن طريق المؤتمرات واللقاءات والندوات. نحن نتواصل مع المجتمع المدني هنا، لأن هناك جمعيات لغوية في مصر تخدم العربية وتغار عليها، وهي نحو عشر جمعيات الآن، وندعوها إلى مؤتمراتنا السنوية ونشاركها بعض احتفالاتها ونتبادل معها المطبوعات والأعمال.
- بم ترد على من يعتبر الحديث عن حال اللغة وحمايتها من ضروب الترف، في ظل الأزمات التي تعصف بأمة الضاد اليوم؟
أظن أنه يوجد الآن في مصر وفي العالم العربي كله وفي دول الخليج إحساس بالتقصير والذنب نحو اللغة القومية، ولا أقول كلغة أم، وإنما اللغة الأم، التي تجمع الجميع، فالإحساس بالتقصير وبالذنب هو الخطوة الأولى، يليها علاج هذا القصور. لم يعد العرب غافلين عن قضية اللغة. في الخليج يتحدثون عن الأمن اللغوي، أصبحت المسألة تهم الدولة وتهم الأمن القومي، وتصبح قضية مجتمعية وليست مجمعية. وعلاج ذلك بيد خبراء من مختلف أنحاء العالم يتواصل معهم مجمع القاهرة، ويتواصلون معه، خصوصاً عبر مؤتمره السنوي العام. تلك هي مهمتنا في الماضي وفي الحاضر وفي المستقبل.
- كيف تنظر إلى واقع اللغة العربية في ضوء تراثها؟
التراث لا ينفصل عن حاضر اللغة، ولكن كل لغة في الدنيا تتجدد وتتطور وتتسع وتضيق بحسب ظروفها المختلفة. من بين اللجان العلمية في المجمع، لجنة لإحياء التراث، وهي تعلن عن مسابقات سنوبا.
-كيف تنظر إلى موقع اللغة العربية في دعوات تجديد الخطاب الديني؟
تجد أنني مسؤول عن المجمع وأزهري، وأنا أقول للصحافيين من أمثالك إن التعانق بين الأزهر والمجمع يتمثل في هذه العمامة (أشار إلى عمامته). المهمة واحدة، والخطاب الديني يستخدم في الواقع اللغة العربية في مرحلتين: في فهم التراث وفي تقديم الخطاب اللائق بالعصر، اللغة داخلة في صميم العملية.
- وماذا عن انتخاب أمين عام للمجمع خلفاً للشاعر الراحل فاروق شوشة؟
ترشح ثلاثة من أعضاء المجمع للمنصب، ونال الدكتور عبد الحميد عبد المنعم مدكور، أستاذ الفلسفة الإسلامية والتصوف في كلية دار العلوم، 19 من 28 صوتاً.
- هل هناك تعاون بين المجامع العربية المختلفة في إصدار معجم الأطفال؟
هناك تعاون، لأن هناك أعمالاً مماثلة في بعض البلدان العربية، وكما قلت لا يمكن مجمع القاهرة أن يقوم بكل شيء. نحن حصلنا على المدونة السعودية، توجهنا إليهم واستجابوا لنا، وأنا عضو في مجمع اللغة العربية السعودي الذي يسمي «اللجنة الدولية لخادم الحرمين الشريفين لخدمة اللغة العربية»، ومن هذا الطريق ننسق، ولدينا الآن 13 عضواً في اتحاد المجامع اللغوية العربية. أرجو أن يتم التنسيق بين أعضاء الاتحاد في هذه المجالات التي تطرقنا إليها.
رأى رئيس مجمع اللغة العربية في القاهرة الدكتور حسن الشافعي، أن التراث لا ينفصل عن حاضر اللغة العربية. وقال في حوار مع «الحياة» على هامش احتفالات المجمع باليوم العالمي للغة العربية في القاهرة، إن اللغة تتأثر بحال أهلها. وأضاف أن العرب يشعرون بالذنب والتقصير نحو لغتهم القومية، مشدداً على أن المعارك والمآسي التي تضرب أكثر من بلد عربي تؤثر سلباً في عمل مجامع اللغة العربية فيها، حتى أن بعض رؤساء تلك المجامع لم يتمكنوا من حضور اجتماعات اتحاد المجامع العربية التي عقدت أخيراً في القاهرة.وهنا نص الحوار:
- ذهب كثيرون إلى أن التراجع الذي تشهده اللغة العربية اليوم ليس سوى انعكاس لحال أهلها، فما رأيكم؟
أما أن اللغة تتأثر بحال أهلها فحق، وهذه ليست تهمة أو إساءة إلينا، وإنما توصيف للواقع، لأن اللغة لا تنمو ولا تتطور إلا بفعل أهلها وبمقدار ازديادهم ثقافة ووعياً وعلماً بالواقع حولهم، ولا تتطور كذلك إلا بمقدار ما ينتجون من أدب وثقافة ويشاركون في ذلك العالمَ. سوف لا تكون للغتنا الأهمية ذاتها ما لم يكن أهلها عند مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقهم في هذا الشأن. مثلاً، نحن نهتم بمشروع اسمه «المدوَّنة العربية»، ويعمل في إطاره كثيرون. وهناك في السعودية جهود لإنتاج مدونة لغوية، وكذلك في الجزائر.
- مشروع «المدونة العربية» واحدٌ من مشروعات المجمع؟
هو واحد مما ينسقه المجمع من أعمال، لأن دورنا ليس القيام بكل شيء، وإنما هو تنسيق العمل العربي، خصوصاً في إطار اتحاد المجامع العربية، نحن فعلاً نهتم بذلك في إطار اهتمامنا بجملة أمور، بالشهادة العربية الدولية، بحيث تصدر مناسبة للعالم العربي كله وللاعتبارات الفنية والتعليمية، وكذلك نهتم بالمشروعات الكبرى، كالمدونة. وهناك شيء ثالث هو تأريخ اللغة العربية، وهو مشروع عبارة عن وضع معجم تاريخي للغة العربية يبين متى ظهرت الكلمة، وكيف تطورت على مر التاريخ أو تغيرت أو بقيت أو ماتت، هذا موجود في سائر اللغات الحية، وللأسف تفتقده العربية.
- هل بدأتم بالفعل مشروع التأريخ اللغوي؟
بدأنا بالفعل واقتحمنا الميدان، ولم نكتف بالقول إن هذا يجب أن يكون، وإنما دخلنا فيه بمعجم بدأنا العمل به منذ خمس سنوات، اسمه «معجم الشعر العربي»، واقتصر العمل فيه على الشعر، من أول شعراء الجاهلية قبل الإسلام ثم شعراء العصر الإسلامي ثم العصور اللاحقة ثم العصر الحديث، حتى أمير الشعراء أحمد شوقي ومن بعده.
- تعملون في هذا المعجم التاريخي في القاهرة فحسب أم تنسقون مع مجامع أخرى؟
هذا بالذات بقي في إطار القاهرة، لكنه سيكون رافداً من روافد المعجم التاريخي الذي لا تستطيع أن تنهض به القاهرة وحدها، ولعلك سمعتني أشير إلى المعجم الكبير للغة العربية، وأن بعض الحروف فيه يصل إلى مجلدين كبيرين، وقد وصلنا في العمل إلى حروف السين والضاد والطاء، أي قاربنا الثلثين في المعجم الكبير، وكان أسلافنا أنجزوا نصفه في أربعين عاماً. المعجم الكبير من عمل القاهرة، وكلاهما (معجم الشعر والمعجم الكبير) سيكونان رافداً للمعجم التاريخي، الذي يجب أن تتشارك فيه المجامع كلها وأن يتم التنسيق بشأنه في مجلس اتحاد المجامع.
- نريد مزيداً من التفصيل في شأن مشروع المدوّنة؟
هو مشروع طموح، يضم حتى الآن بليوني كلمة. هدفه أن يوفر مادة لغوية للعاملين في مجال اللغة، فهو أشبه بمادة خام تضم كل ما نطق به العرب من كلام، شعراً أو نثراً أو حكمة أو ديناً أو ضد الدين، في الأخلاق الحسنة أو الرديئة من الناحية اللغوية... كل ما نطق به الفم العربي. هذا هو هدف المدونة، لكنه هدف ضخم ويحتاج إلى أجيال.
- تنسقون في مشروع المدوّنة مع مجامع أخرى؟
نحن ننتفع بما تمّ وننسق العمل، لأن هناك أقطاراً عربية عدة تعمل في هذا المجال، والتنسيق مطلوب، وليس من الضروري أن يستقل مجمع القاهرة بمعجم الشعر أو المعجم الكبير، فهذه مهمة ثقيلة وليست سهلة، ولكن يقوم مجمع القاهرة بالتنسيق باعتباره الحاضن لاتحاد المجامع، وإن كانت له الآن دار كبيرة تكفَّل بإنشائها حاكم الشارقة الشيخ سلطان القاسمي، وهي الآن جاهزة لتُملأ بالمصادر العلمية والأجهزة اللغوية، وبدأنا بالحواسيب اللازمة ولكن يلزمنا مكتبة إلكترونية، ومكتبة ورقية، ومجموعة من الخبراء، لأن العمل كما رأينا يبدأ ببحوث الخبراء ثم ينتهي إلى أعضاء المجمع الذين ينقحون ويحاولون تصفية هذه المادة ثم تُطبَع بعد ذلك ويُدفَع بها إلى النشر.
- وكيف تمضي العلاقة بينكم وبين المجامع اللغوية في البلدان التي تشهد حروباً، مثل العراق وسورية واليمن؟
للأسف، الأزمات الدائرة في العالم العربي، بل المعارك والمآسي، تؤثر سلباً على الأداء المجمعي، لكن زملاءنا في دمشق يأتون إلينا على رغم ذلك، ومجمع العراق أحياناً ينجح في الوصول، وأحياناً لا ينجح، بسبب تعقيدات سياسية تتعلق بتصاريح المغادرة. لا ننكر أن هذه الأحوال تؤثر ولكن نحاول أن نغالبها وأن نعقد الاجتماعات في بلاد عربية أخرى، وسوف نعقد اجتماع اتحاد المجامع المقبل في مدينة الجزائر، لنحيي التيار العربي واللغة العربية في هذه البلاد، وأيضاً لكي نقوم بالتنسيق الواجب بين الجهود الموجودة في أطراف العالم العربي.
- البعض يتهم مجمع اللغة العربية بأنه لا يتواصل مع الإعلام والجمهور العام كما يجب؟
كان المجمع منغلقاً على نفسه، ويقل اتصاله بالجمهور حتى داخل الجمهور المثقف، ولكن أعتقد أنه خرج من الشرنقة ودخل في الميدان ويتواصل من طريق نشرته الشهرية ومجلته النصف سنوية ومن طريق المؤتمرات واللقاءات والندوات. نحن نتواصل مع المجتمع المدني هنا، لأن هناك جمعيات لغوية في مصر تخدم العربية وتغار عليها، وهي نحو عشر جمعيات الآن، وندعوها إلى مؤتمراتنا السنوية ونشاركها بعض احتفالاتها ونتبادل معها المطبوعات والأعمال.
- بم ترد على من يعتبر الحديث عن حال اللغة وحمايتها من ضروب الترف، في ظل الأزمات التي تعصف بأمة الضاد اليوم؟
أظن أنه يوجد الآن في مصر وفي العالم العربي كله وفي دول الخليج إحساس بالتقصير والذنب نحو اللغة القومية، ولا أقول كلغة أم، وإنما اللغة الأم، التي تجمع الجميع، فالإحساس بالتقصير وبالذنب هو الخطوة الأولى، يليها علاج هذا القصور. لم يعد العرب غافلين عن قضية اللغة. في الخليج يتحدثون عن الأمن اللغوي، أصبحت المسألة تهم الدولة وتهم الأمن القومي، وتصبح قضية مجتمعية وليست مجمعية. وعلاج ذلك بيد خبراء من مختلف أنحاء العالم يتواصل معهم مجمع القاهرة، ويتواصلون معه، خصوصاً عبر مؤتمره السنوي العام. تلك هي مهمتنا في الماضي وفي الحاضر وفي المستقبل.
- كيف تنظر إلى واقع اللغة العربية في ضوء تراثها؟
التراث لا ينفصل عن حاضر اللغة، ولكن كل لغة في الدنيا تتجدد وتتطور وتتسع وتضيق بحسب ظروفها المختلفة. من بين اللجان العلمية في المجمع، لجنة لإحياء التراث، وهي تعلن عن مسابقات سنوبا.
-كيف تنظر إلى موقع اللغة العربية في دعوات تجديد الخطاب الديني؟
تجد أنني مسؤول عن المجمع وأزهري، وأنا أقول للصحافيين من أمثالك إن التعانق بين الأزهر والمجمع يتمثل في هذه العمامة (أشار إلى عمامته). المهمة واحدة، والخطاب الديني يستخدم في الواقع اللغة العربية في مرحلتين: في فهم التراث وفي تقديم الخطاب اللائق بالعصر، اللغة داخلة في صميم العملية.
- وماذا عن انتخاب أمين عام للمجمع خلفاً للشاعر الراحل فاروق شوشة؟
ترشح ثلاثة من أعضاء المجمع للمنصب، ونال الدكتور عبد الحميد عبد المنعم مدكور، أستاذ الفلسفة الإسلامية والتصوف في كلية دار العلوم، 19 من 28 صوتاً.
- هل هناك تعاون بين المجامع العربية المختلفة في إصدار معجم الأطفال؟
هناك تعاون، لأن هناك أعمالاً مماثلة في بعض البلدان العربية، وكما قلت لا يمكن مجمع القاهرة أن يقوم بكل شيء. نحن حصلنا على المدونة السعودية، توجهنا إليهم واستجابوا لنا، وأنا عضو في مجمع اللغة العربية السعودي الذي يسمي «اللجنة الدولية لخادم الحرمين الشريفين لخدمة اللغة العربية»، ومن هذا الطريق ننسق، ولدينا الآن 13 عضواً في اتحاد المجامع اللغوية العربية. أرجو أن يتم التنسيق بين أعضاء الاتحاد في هذه المجالات التي تطرقنا إليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.