لمدة 6 أشهر.. ترامب يحظر الطلاب الأجانب من الدراسة في جامعة هارفارد    الكرملين: بوتين أبلغ ترامب بأن المحادثات مع أوكرانيا في تركيا "كانت مفيدة"    اليوم، تشغيل 4 قطارات إضافية مكيفة على خط القاهرة - أسوان    تهنئة عيد الأضحى 2025 رسمية مكتوبة    شريف بديع ل الفجر الفني: كنت شاهد على تحضيرات ريستارت..ورسالته مهمه وفي وقتها ( حوار)    عالم أزهري: أفضل أيام العشر يوم النحر يليه يوم عرفة    موعد صلاة عيد الأضحى 2025 في مصر لجميع المحافظات    ترامب يأمر بفتح تحقيق بشبهة التستر على الحالة العقلية ل بايدن    سعر الدولار أمام الجنيه الخميس 5-6-2025    وداعًا سيدة المسرح العربي| سميحة أيوب.. فصل الختام في سيرة لا تنتهي    حجاج بيت الله يواصلون التوافد إلى عرفات لأداء ركن الحج الأعظم    كامل الوزير يكشف تفاصيل إنتاج ألبان أطفال (فيديو)    فرصة تعيين جديدة.. «التعليم» تفتح باب التقدم ل 9354 و ظيفة معلم مساعد في اللغة الإنجليزية بجميع المحافظات    زلزال العيد.. هزة أرضية تضرب دولة عربية بقوة    موعد إعلان نتيجة 3 إعدادي محافظة جنوب سيناء الترم الثاني.. رابط الاستعلام بالاسم و رقم الجلوس فور اعتمادها    دعاء يوم عرفة مستجاب كما ورد في السنة النبوية    فضل الدعاء في يوم عرفة.. أمين الفتوى يوضح    أبطال مجهولون في العيد.. وقف ‬الراحات ‬وحملات ‬مكثفة ‬وانتشار ‬أمني ‬واسع    اليوم.. «بيت الزكاة والصدقات» يقدِّم 4000 وجبة إفطار للصائمين بالجامع الأزهر    عيد الأضحى موسم للتواصل مع الناخبين.. الأحزاب تسابق الزمن استعدادا للانتخابات    إصابة 3 أشخاص إثر انقلاب سيارة ملاكي في الوادي الجديد    حبس عصابة تخصصت في سرقة مواقع تحت الإنشاء ببدر    محافظ قنا يستقبل وفدًا من مطرانية الأقباط الأرثوذكس للتهنئة بعيد الأضحى    الفاصوليا ب 70 جنيهًا.. أسعار البقوليات في أسواق الشرقية الخميس 5 يونيو 2025    أيمن موسى يكتب: «جورجي إسرائيلي كوري بيلاروسي»    والدة شيكا ترفض 108 آلاف جنيه.. أبرز ما جاء فى بيان أرملة إبراهيم شيكا    حكايات العيد والحج.. إبداع بريشة المستشرقين    وول ستريت جورنال: ترامب نفد صبره من انتقادات ماسك للمشروع الضخم    تشكيل الزمالك المتوقع ضد بيراميدز في نهائي كأس مصر.. الجزيري يقود الهجوم    دي أمراض أنا ورثتها، كامل الوزير يقيل أحد مسؤولي وزارة الصناعة على الهواء (فيديو)    له فضل عظيم.. دعاء يوم عرفة    «أضحى الخير» يرسم البسمة على وجوه 5 آلاف أسرة بالوادي الجديد.. صور    قاضٍ أمريكي يوقف ترحيل عائلة المصري المشتبه به في هجوم كولورادو    ناجي الشهابي مهنئًا الرئيس السيسي بعيد الأضحى المبارك: نقف خلفكم.. ومواقفكم أعادت لمصر دورها القيادي    «اصبر أحنا مطولين مع بعض».. محامي زيزو يتوعد عضو مجلس الزمالك بعد واقعة الفيديو    بعثة الأهلى تغادر مطار دبى إلى أمريكا للمشاركة فى كأس العالم للأندية    رد جديد من اتحاد الكرة بشأن أزمة عقد زيزو مع الزمالك: «ملتزمون بهذا الأمر»    المصرية للاتصالات WE تطلق رسميًا خدمات الجيل الخامس في مصر لدعم التحول الرقمي    «صحة مطروح» تستعد لعيد الأضحى    موعد أذان الفجر اليوم في القاهرة وجميع المحافظات للصائمين يوم عرفة    الإفتاء تحسم الجدل.. هل تسقط صلاة الجمعة إذا وافقت يوم العيد؟    غرفة عمليات ذكية لضمان أجواء آمنة.. صحة مطروح تُجهز الساحل الشمالي ل صيف 2025    ب3 أرقام.. كريستيانو رونالدو يواصل كتابة التاريخ مع البرتغال    أحمد سالم: صفقة انتقال بيكهام إلى الأهلي "علامة استفهام"    رسميًا.. الهلال السعودي يعلن تعاقده مع سيموني إنزاجي خلفًا لجيسوس    بحضور نجوم الفن.. حماقي وبوسي يحييان حفل زفاف محمد شاهين ورشا الظنحاني    بعد ارتفاع عيار 21 لأعلى سعر.. أسعار الذهب اليوم الخميس 5 يونيو بالصاغة محليًا وعالميًا    نجاح أول جراحة لاستبدال الشريان الأورطي بمستشفى المقطم للتأمين الصحي    نصائح مهمة يجب اتباعها على السحور لصيام يوم عرفة بدون مشاكل    صحة الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد القصوى خلال إجازة عيد الأضحى    حدث ليلًا| استرداد قطعًا أثرية من أمريكا وتفعيل شبكات الجيل الخامس    قبل صدام بيراميدز.. كم مرة توج الزمالك ببطولة كأس مصر بالألفية الجديدة؟    نجاة السيناريست وليد يوسف وأفراد أسرته من حادث سير مروع    القائد العام للقوات المسلحة ووزير خارجية بنين يبحثان التعاون فى المجالات الدفاعية    الرسوم الجمركية «مقامرة» ترامب لانتشال الصناعة الأمريكية من التدهور    التعليم العالى تعتزم إنشاء أكبر مجمع صناعي للأجهزة التعويضية    5 أبراج «مايعرفوش المستحيل».. أقوياء لا يُقهرون ويتخطون الصعاب كأنها لعبة مُسلية    فوائد اليانسون يخفف أعراض سن اليأس ويقوي المناعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حسن الشافعي: نعمل على تأريخ اللغة العربية والخليج يعتبرها أمناً قومياً
نشر في صوت البلد يوم 14 - 01 - 2017

رأى رئيس مجمع اللغة العربية في القاهرة الدكتور حسن الشافعي، أن التراث لا ينفصل عن حاضر اللغة العربية. وقال في حوار مع «الحياة» على هامش احتفالات المجمع باليوم العالمي للغة العربية في القاهرة، إن اللغة تتأثر بحال أهلها. وأضاف أن العرب يشعرون بالذنب والتقصير نحو لغتهم القومية، مشدداً على أن المعارك والمآسي التي تضرب أكثر من بلد عربي تؤثر سلباً في عمل مجامع اللغة العربية فيها، حتى أن بعض رؤساء تلك المجامع لم يتمكنوا من حضور اجتماعات اتحاد المجامع العربية التي عقدت أخيراً في القاهرة.وهنا نص الحوار:
- ذهب كثيرون إلى أن التراجع الذي تشهده اللغة العربية اليوم ليس سوى انعكاس لحال أهلها، فما رأيكم؟
أما أن اللغة تتأثر بحال أهلها فحق، وهذه ليست تهمة أو إساءة إلينا، وإنما توصيف للواقع، لأن اللغة لا تنمو ولا تتطور إلا بفعل أهلها وبمقدار ازديادهم ثقافة ووعياً وعلماً بالواقع حولهم، ولا تتطور كذلك إلا بمقدار ما ينتجون من أدب وثقافة ويشاركون في ذلك العالمَ. سوف لا تكون للغتنا الأهمية ذاتها ما لم يكن أهلها عند مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقهم في هذا الشأن. مثلاً، نحن نهتم بمشروع اسمه «المدوَّنة العربية»، ويعمل في إطاره كثيرون. وهناك في السعودية جهود لإنتاج مدونة لغوية، وكذلك في الجزائر.
- مشروع «المدونة العربية» واحدٌ من مشروعات المجمع؟
هو واحد مما ينسقه المجمع من أعمال، لأن دورنا ليس القيام بكل شيء، وإنما هو تنسيق العمل العربي، خصوصاً في إطار اتحاد المجامع العربية، نحن فعلاً نهتم بذلك في إطار اهتمامنا بجملة أمور، بالشهادة العربية الدولية، بحيث تصدر مناسبة للعالم العربي كله وللاعتبارات الفنية والتعليمية، وكذلك نهتم بالمشروعات الكبرى، كالمدونة. وهناك شيء ثالث هو تأريخ اللغة العربية، وهو مشروع عبارة عن وضع معجم تاريخي للغة العربية يبين متى ظهرت الكلمة، وكيف تطورت على مر التاريخ أو تغيرت أو بقيت أو ماتت، هذا موجود في سائر اللغات الحية، وللأسف تفتقده العربية.
- هل بدأتم بالفعل مشروع التأريخ اللغوي؟
بدأنا بالفعل واقتحمنا الميدان، ولم نكتف بالقول إن هذا يجب أن يكون، وإنما دخلنا فيه بمعجم بدأنا العمل به منذ خمس سنوات، اسمه «معجم الشعر العربي»، واقتصر العمل فيه على الشعر، من أول شعراء الجاهلية قبل الإسلام ثم شعراء العصر الإسلامي ثم العصور اللاحقة ثم العصر الحديث، حتى أمير الشعراء أحمد شوقي ومن بعده.
- تعملون في هذا المعجم التاريخي في القاهرة فحسب أم تنسقون مع مجامع أخرى؟
هذا بالذات بقي في إطار القاهرة، لكنه سيكون رافداً من روافد المعجم التاريخي الذي لا تستطيع أن تنهض به القاهرة وحدها، ولعلك سمعتني أشير إلى المعجم الكبير للغة العربية، وأن بعض الحروف فيه يصل إلى مجلدين كبيرين، وقد وصلنا في العمل إلى حروف السين والضاد والطاء، أي قاربنا الثلثين في المعجم الكبير، وكان أسلافنا أنجزوا نصفه في أربعين عاماً. المعجم الكبير من عمل القاهرة، وكلاهما (معجم الشعر والمعجم الكبير) سيكونان رافداً للمعجم التاريخي، الذي يجب أن تتشارك فيه المجامع كلها وأن يتم التنسيق بشأنه في مجلس اتحاد المجامع.
- نريد مزيداً من التفصيل في شأن مشروع المدوّنة؟
هو مشروع طموح، يضم حتى الآن بليوني كلمة. هدفه أن يوفر مادة لغوية للعاملين في مجال اللغة، فهو أشبه بمادة خام تضم كل ما نطق به العرب من كلام، شعراً أو نثراً أو حكمة أو ديناً أو ضد الدين، في الأخلاق الحسنة أو الرديئة من الناحية اللغوية... كل ما نطق به الفم العربي. هذا هو هدف المدونة، لكنه هدف ضخم ويحتاج إلى أجيال.
- تنسقون في مشروع المدوّنة مع مجامع أخرى؟
نحن ننتفع بما تمّ وننسق العمل، لأن هناك أقطاراً عربية عدة تعمل في هذا المجال، والتنسيق مطلوب، وليس من الضروري أن يستقل مجمع القاهرة بمعجم الشعر أو المعجم الكبير، فهذه مهمة ثقيلة وليست سهلة، ولكن يقوم مجمع القاهرة بالتنسيق باعتباره الحاضن لاتحاد المجامع، وإن كانت له الآن دار كبيرة تكفَّل بإنشائها حاكم الشارقة الشيخ سلطان القاسمي، وهي الآن جاهزة لتُملأ بالمصادر العلمية والأجهزة اللغوية، وبدأنا بالحواسيب اللازمة ولكن يلزمنا مكتبة إلكترونية، ومكتبة ورقية، ومجموعة من الخبراء، لأن العمل كما رأينا يبدأ ببحوث الخبراء ثم ينتهي إلى أعضاء المجمع الذين ينقحون ويحاولون تصفية هذه المادة ثم تُطبَع بعد ذلك ويُدفَع بها إلى النشر.
- وكيف تمضي العلاقة بينكم وبين المجامع اللغوية في البلدان التي تشهد حروباً، مثل العراق وسورية واليمن؟
للأسف، الأزمات الدائرة في العالم العربي، بل المعارك والمآسي، تؤثر سلباً على الأداء المجمعي، لكن زملاءنا في دمشق يأتون إلينا على رغم ذلك، ومجمع العراق أحياناً ينجح في الوصول، وأحياناً لا ينجح، بسبب تعقيدات سياسية تتعلق بتصاريح المغادرة. لا ننكر أن هذه الأحوال تؤثر ولكن نحاول أن نغالبها وأن نعقد الاجتماعات في بلاد عربية أخرى، وسوف نعقد اجتماع اتحاد المجامع المقبل في مدينة الجزائر، لنحيي التيار العربي واللغة العربية في هذه البلاد، وأيضاً لكي نقوم بالتنسيق الواجب بين الجهود الموجودة في أطراف العالم العربي.
- البعض يتهم مجمع اللغة العربية بأنه لا يتواصل مع الإعلام والجمهور العام كما يجب؟
كان المجمع منغلقاً على نفسه، ويقل اتصاله بالجمهور حتى داخل الجمهور المثقف، ولكن أعتقد أنه خرج من الشرنقة ودخل في الميدان ويتواصل من طريق نشرته الشهرية ومجلته النصف سنوية ومن طريق المؤتمرات واللقاءات والندوات. نحن نتواصل مع المجتمع المدني هنا، لأن هناك جمعيات لغوية في مصر تخدم العربية وتغار عليها، وهي نحو عشر جمعيات الآن، وندعوها إلى مؤتمراتنا السنوية ونشاركها بعض احتفالاتها ونتبادل معها المطبوعات والأعمال.
- بم ترد على من يعتبر الحديث عن حال اللغة وحمايتها من ضروب الترف، في ظل الأزمات التي تعصف بأمة الضاد اليوم؟
أظن أنه يوجد الآن في مصر وفي العالم العربي كله وفي دول الخليج إحساس بالتقصير والذنب نحو اللغة القومية، ولا أقول كلغة أم، وإنما اللغة الأم، التي تجمع الجميع، فالإحساس بالتقصير وبالذنب هو الخطوة الأولى، يليها علاج هذا القصور. لم يعد العرب غافلين عن قضية اللغة. في الخليج يتحدثون عن الأمن اللغوي، أصبحت المسألة تهم الدولة وتهم الأمن القومي، وتصبح قضية مجتمعية وليست مجمعية. وعلاج ذلك بيد خبراء من مختلف أنحاء العالم يتواصل معهم مجمع القاهرة، ويتواصلون معه، خصوصاً عبر مؤتمره السنوي العام. تلك هي مهمتنا في الماضي وفي الحاضر وفي المستقبل.
- كيف تنظر إلى واقع اللغة العربية في ضوء تراثها؟
التراث لا ينفصل عن حاضر اللغة، ولكن كل لغة في الدنيا تتجدد وتتطور وتتسع وتضيق بحسب ظروفها المختلفة. من بين اللجان العلمية في المجمع، لجنة لإحياء التراث، وهي تعلن عن مسابقات سنوبا.
-كيف تنظر إلى موقع اللغة العربية في دعوات تجديد الخطاب الديني؟
تجد أنني مسؤول عن المجمع وأزهري، وأنا أقول للصحافيين من أمثالك إن التعانق بين الأزهر والمجمع يتمثل في هذه العمامة (أشار إلى عمامته). المهمة واحدة، والخطاب الديني يستخدم في الواقع اللغة العربية في مرحلتين: في فهم التراث وفي تقديم الخطاب اللائق بالعصر، اللغة داخلة في صميم العملية.
- وماذا عن انتخاب أمين عام للمجمع خلفاً للشاعر الراحل فاروق شوشة؟
ترشح ثلاثة من أعضاء المجمع للمنصب، ونال الدكتور عبد الحميد عبد المنعم مدكور، أستاذ الفلسفة الإسلامية والتصوف في كلية دار العلوم، 19 من 28 صوتاً.
- هل هناك تعاون بين المجامع العربية المختلفة في إصدار معجم الأطفال؟
هناك تعاون، لأن هناك أعمالاً مماثلة في بعض البلدان العربية، وكما قلت لا يمكن مجمع القاهرة أن يقوم بكل شيء. نحن حصلنا على المدونة السعودية، توجهنا إليهم واستجابوا لنا، وأنا عضو في مجمع اللغة العربية السعودي الذي يسمي «اللجنة الدولية لخادم الحرمين الشريفين لخدمة اللغة العربية»، ومن هذا الطريق ننسق، ولدينا الآن 13 عضواً في اتحاد المجامع اللغوية العربية. أرجو أن يتم التنسيق بين أعضاء الاتحاد في هذه المجالات التي تطرقنا إليها.
رأى رئيس مجمع اللغة العربية في القاهرة الدكتور حسن الشافعي، أن التراث لا ينفصل عن حاضر اللغة العربية. وقال في حوار مع «الحياة» على هامش احتفالات المجمع باليوم العالمي للغة العربية في القاهرة، إن اللغة تتأثر بحال أهلها. وأضاف أن العرب يشعرون بالذنب والتقصير نحو لغتهم القومية، مشدداً على أن المعارك والمآسي التي تضرب أكثر من بلد عربي تؤثر سلباً في عمل مجامع اللغة العربية فيها، حتى أن بعض رؤساء تلك المجامع لم يتمكنوا من حضور اجتماعات اتحاد المجامع العربية التي عقدت أخيراً في القاهرة.وهنا نص الحوار:
- ذهب كثيرون إلى أن التراجع الذي تشهده اللغة العربية اليوم ليس سوى انعكاس لحال أهلها، فما رأيكم؟
أما أن اللغة تتأثر بحال أهلها فحق، وهذه ليست تهمة أو إساءة إلينا، وإنما توصيف للواقع، لأن اللغة لا تنمو ولا تتطور إلا بفعل أهلها وبمقدار ازديادهم ثقافة ووعياً وعلماً بالواقع حولهم، ولا تتطور كذلك إلا بمقدار ما ينتجون من أدب وثقافة ويشاركون في ذلك العالمَ. سوف لا تكون للغتنا الأهمية ذاتها ما لم يكن أهلها عند مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقهم في هذا الشأن. مثلاً، نحن نهتم بمشروع اسمه «المدوَّنة العربية»، ويعمل في إطاره كثيرون. وهناك في السعودية جهود لإنتاج مدونة لغوية، وكذلك في الجزائر.
- مشروع «المدونة العربية» واحدٌ من مشروعات المجمع؟
هو واحد مما ينسقه المجمع من أعمال، لأن دورنا ليس القيام بكل شيء، وإنما هو تنسيق العمل العربي، خصوصاً في إطار اتحاد المجامع العربية، نحن فعلاً نهتم بذلك في إطار اهتمامنا بجملة أمور، بالشهادة العربية الدولية، بحيث تصدر مناسبة للعالم العربي كله وللاعتبارات الفنية والتعليمية، وكذلك نهتم بالمشروعات الكبرى، كالمدونة. وهناك شيء ثالث هو تأريخ اللغة العربية، وهو مشروع عبارة عن وضع معجم تاريخي للغة العربية يبين متى ظهرت الكلمة، وكيف تطورت على مر التاريخ أو تغيرت أو بقيت أو ماتت، هذا موجود في سائر اللغات الحية، وللأسف تفتقده العربية.
- هل بدأتم بالفعل مشروع التأريخ اللغوي؟
بدأنا بالفعل واقتحمنا الميدان، ولم نكتف بالقول إن هذا يجب أن يكون، وإنما دخلنا فيه بمعجم بدأنا العمل به منذ خمس سنوات، اسمه «معجم الشعر العربي»، واقتصر العمل فيه على الشعر، من أول شعراء الجاهلية قبل الإسلام ثم شعراء العصر الإسلامي ثم العصور اللاحقة ثم العصر الحديث، حتى أمير الشعراء أحمد شوقي ومن بعده.
- تعملون في هذا المعجم التاريخي في القاهرة فحسب أم تنسقون مع مجامع أخرى؟
هذا بالذات بقي في إطار القاهرة، لكنه سيكون رافداً من روافد المعجم التاريخي الذي لا تستطيع أن تنهض به القاهرة وحدها، ولعلك سمعتني أشير إلى المعجم الكبير للغة العربية، وأن بعض الحروف فيه يصل إلى مجلدين كبيرين، وقد وصلنا في العمل إلى حروف السين والضاد والطاء، أي قاربنا الثلثين في المعجم الكبير، وكان أسلافنا أنجزوا نصفه في أربعين عاماً. المعجم الكبير من عمل القاهرة، وكلاهما (معجم الشعر والمعجم الكبير) سيكونان رافداً للمعجم التاريخي، الذي يجب أن تتشارك فيه المجامع كلها وأن يتم التنسيق بشأنه في مجلس اتحاد المجامع.
- نريد مزيداً من التفصيل في شأن مشروع المدوّنة؟
هو مشروع طموح، يضم حتى الآن بليوني كلمة. هدفه أن يوفر مادة لغوية للعاملين في مجال اللغة، فهو أشبه بمادة خام تضم كل ما نطق به العرب من كلام، شعراً أو نثراً أو حكمة أو ديناً أو ضد الدين، في الأخلاق الحسنة أو الرديئة من الناحية اللغوية... كل ما نطق به الفم العربي. هذا هو هدف المدونة، لكنه هدف ضخم ويحتاج إلى أجيال.
- تنسقون في مشروع المدوّنة مع مجامع أخرى؟
نحن ننتفع بما تمّ وننسق العمل، لأن هناك أقطاراً عربية عدة تعمل في هذا المجال، والتنسيق مطلوب، وليس من الضروري أن يستقل مجمع القاهرة بمعجم الشعر أو المعجم الكبير، فهذه مهمة ثقيلة وليست سهلة، ولكن يقوم مجمع القاهرة بالتنسيق باعتباره الحاضن لاتحاد المجامع، وإن كانت له الآن دار كبيرة تكفَّل بإنشائها حاكم الشارقة الشيخ سلطان القاسمي، وهي الآن جاهزة لتُملأ بالمصادر العلمية والأجهزة اللغوية، وبدأنا بالحواسيب اللازمة ولكن يلزمنا مكتبة إلكترونية، ومكتبة ورقية، ومجموعة من الخبراء، لأن العمل كما رأينا يبدأ ببحوث الخبراء ثم ينتهي إلى أعضاء المجمع الذين ينقحون ويحاولون تصفية هذه المادة ثم تُطبَع بعد ذلك ويُدفَع بها إلى النشر.
- وكيف تمضي العلاقة بينكم وبين المجامع اللغوية في البلدان التي تشهد حروباً، مثل العراق وسورية واليمن؟
للأسف، الأزمات الدائرة في العالم العربي، بل المعارك والمآسي، تؤثر سلباً على الأداء المجمعي، لكن زملاءنا في دمشق يأتون إلينا على رغم ذلك، ومجمع العراق أحياناً ينجح في الوصول، وأحياناً لا ينجح، بسبب تعقيدات سياسية تتعلق بتصاريح المغادرة. لا ننكر أن هذه الأحوال تؤثر ولكن نحاول أن نغالبها وأن نعقد الاجتماعات في بلاد عربية أخرى، وسوف نعقد اجتماع اتحاد المجامع المقبل في مدينة الجزائر، لنحيي التيار العربي واللغة العربية في هذه البلاد، وأيضاً لكي نقوم بالتنسيق الواجب بين الجهود الموجودة في أطراف العالم العربي.
- البعض يتهم مجمع اللغة العربية بأنه لا يتواصل مع الإعلام والجمهور العام كما يجب؟
كان المجمع منغلقاً على نفسه، ويقل اتصاله بالجمهور حتى داخل الجمهور المثقف، ولكن أعتقد أنه خرج من الشرنقة ودخل في الميدان ويتواصل من طريق نشرته الشهرية ومجلته النصف سنوية ومن طريق المؤتمرات واللقاءات والندوات. نحن نتواصل مع المجتمع المدني هنا، لأن هناك جمعيات لغوية في مصر تخدم العربية وتغار عليها، وهي نحو عشر جمعيات الآن، وندعوها إلى مؤتمراتنا السنوية ونشاركها بعض احتفالاتها ونتبادل معها المطبوعات والأعمال.
- بم ترد على من يعتبر الحديث عن حال اللغة وحمايتها من ضروب الترف، في ظل الأزمات التي تعصف بأمة الضاد اليوم؟
أظن أنه يوجد الآن في مصر وفي العالم العربي كله وفي دول الخليج إحساس بالتقصير والذنب نحو اللغة القومية، ولا أقول كلغة أم، وإنما اللغة الأم، التي تجمع الجميع، فالإحساس بالتقصير وبالذنب هو الخطوة الأولى، يليها علاج هذا القصور. لم يعد العرب غافلين عن قضية اللغة. في الخليج يتحدثون عن الأمن اللغوي، أصبحت المسألة تهم الدولة وتهم الأمن القومي، وتصبح قضية مجتمعية وليست مجمعية. وعلاج ذلك بيد خبراء من مختلف أنحاء العالم يتواصل معهم مجمع القاهرة، ويتواصلون معه، خصوصاً عبر مؤتمره السنوي العام. تلك هي مهمتنا في الماضي وفي الحاضر وفي المستقبل.
- كيف تنظر إلى واقع اللغة العربية في ضوء تراثها؟
التراث لا ينفصل عن حاضر اللغة، ولكن كل لغة في الدنيا تتجدد وتتطور وتتسع وتضيق بحسب ظروفها المختلفة. من بين اللجان العلمية في المجمع، لجنة لإحياء التراث، وهي تعلن عن مسابقات سنوبا.
-كيف تنظر إلى موقع اللغة العربية في دعوات تجديد الخطاب الديني؟
تجد أنني مسؤول عن المجمع وأزهري، وأنا أقول للصحافيين من أمثالك إن التعانق بين الأزهر والمجمع يتمثل في هذه العمامة (أشار إلى عمامته). المهمة واحدة، والخطاب الديني يستخدم في الواقع اللغة العربية في مرحلتين: في فهم التراث وفي تقديم الخطاب اللائق بالعصر، اللغة داخلة في صميم العملية.
- وماذا عن انتخاب أمين عام للمجمع خلفاً للشاعر الراحل فاروق شوشة؟
ترشح ثلاثة من أعضاء المجمع للمنصب، ونال الدكتور عبد الحميد عبد المنعم مدكور، أستاذ الفلسفة الإسلامية والتصوف في كلية دار العلوم، 19 من 28 صوتاً.
- هل هناك تعاون بين المجامع العربية المختلفة في إصدار معجم الأطفال؟
هناك تعاون، لأن هناك أعمالاً مماثلة في بعض البلدان العربية، وكما قلت لا يمكن مجمع القاهرة أن يقوم بكل شيء. نحن حصلنا على المدونة السعودية، توجهنا إليهم واستجابوا لنا، وأنا عضو في مجمع اللغة العربية السعودي الذي يسمي «اللجنة الدولية لخادم الحرمين الشريفين لخدمة اللغة العربية»، ومن هذا الطريق ننسق، ولدينا الآن 13 عضواً في اتحاد المجامع اللغوية العربية. أرجو أن يتم التنسيق بين أعضاء الاتحاد في هذه المجالات التي تطرقنا إليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.