الرئيس اللبناني: واشنطن طرحت تعاونًا اقتصاديًا بين لبنان وسوريا    ستارمر يخطط للتشاور مع حلفاء أوكرانيا بعد تقارير عن سعي ترامب لاتفاق حول الأراضي    أمير هشام: غضب في الزمالك بعد التعادل أمام المقاولون    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 18 أغسطس 2025 في القاهرة والمحافظات    بحضور وزير قطاع الأعمال.. تخرج دفعة جديدة ب «الدراسات العليا في الإدارة»    البنك المصري الخليجي يتصدر المتعاملين الرئيسيين بالبورصة خلال جلسة بداية الأسبوع    السكك الحديدية تعلن تشغيل 49 رحلة يوميا على هذا الخط    إضافة المواليد على بطاقة التموين 2025.. الخطوات والشروط والأوراق المطلوبة (تفاصيل)    انطلاق المؤتمر الدولي السادس ل«تكنولوجيا الأغشية وتطبيقاتها» بالغردقة    رئيس "حماية المستهلك": وفرة السلع في الأسواق الضامن لتنظيم الأسعار تلقائيًا    أوسيم تضيء بذكراه، الكنيسة تحيي ذكرى نياحة القديس مويسيس الأسقف الزاهد    موعد فتح باب التقديم لوظائف وزارة الإسكان 2025    بين السَّماء والأرض.. زائر ليلي يُروّع أهل تبسة الجزائرية على التوالي بين 2024 و2025    الأمم المتحدة: نصف مليون فلسطيني في غزة مهددون بالمجاعة    أبرز تصريحات رئيس الوزراء خلال لقائه نظيره الفلسطيني الدكتور محمد مصطفى    احتجاجات غاضبة أمام مقر نتنياهو تتحول إلى مواجهات عنيفة    ماكرون: بوتين يريد استسلام أوكرانيا لا السلام    بدء اختبارات كشف الهيئة لطلاب مدارس التمريض بالإسكندرية    أمير هشام: الأهلي سيقوم بتحويل قيمة جلب حكام اجانب إلى الجبلاية    "لا يصلح"... رضا عبدالعال يوجه انتقادات قوية ليانيك فيريرا    أتلتيكو مدريد يسقط أمام إسبانيول بثنائية في الدوري الإسباني    وزارة التربية والتعليم تصدر 24 توجيهًا قبل بدء العام الدراسي الجديد.. تشديدات بشأن الحضور والضرب في المدراس    مصرع طفل أسفل عجلات القطار في أسيوط    مصرع سيدة في حادث سير على الطريق الدولي بالشيخ زويد    التحقيق في مقتل لاعبة جودو برصاص زوجها داخل شقتهما بالإسكندرية    سامح حسين يعلن وفاة الطفل حمزة ابن شقيقه عن عمر يناهز ال 4 سنوات    هاجر الشرنوبي تدعو ل أنغام: «ربنا يعفي عنها»    حدث بالفن | عزاء تيمور تيمور وفنان ينجو من الغرق وتطورات خطيرة في حالة أنغام الصحية    "بفستان جريء".. نادين الراسي تخطف الأنظار من أحدث جلسة تصوير    سامح حسين يعلن وفاة نجل شقيقه عن عمر 4 سنوات    حضريها في المنزل بمكونات اقتصادية، الوافل حلوى لذيذة تباع بأسعار عالية    متحدث الصحة يفجر مفاجأة بشأن خطف الأطفال وسرقة الأعضاء البشرية (فيديو)    متحدث الصحة يكشف حقيقة الادعاءات بخطف الأطفال لسرقة أعضائهم    أمسية دينية بلمسة ياسين التهامى فى حفل مهرجان القلعة    طارق مجدي حكما للإسماعيلي والاتحاد وبسيوني للمصري وبيراميدز    الخارجية الأمريكية: لن نتعاون مع أى جماعات لها صلات أو تعاطف مع حماس    أشرف صبحي يجتمع باللجنة الأولمبية لبحث الاستعدادات لأولمبياد لوس أنجلوس    وزير الثقافة ومحافظ الإسماعيلية يفتتحان الملتقى القومي الثالث للسمسمية    «الصيف يُلملم أوراقه».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: منخفض جوى قادم    ننشر أقوال السائق في واقعة مطاردة فتيات طريق الواحات    4 أبراج «مرهقون في التعامل»: صارمون ينتظرون من الآخرين مقابل ويبحثون عن الكمال    رضا عبد العال: فيريرا لا يصلح للزمالك.. وعلامة استفهام حول استبعاد شيكو بانزا    بداية متواضعة.. ماذا قدم مصطفى محمد في مباراة نانت ضد باريس سان جيرمان؟    انطلاق دورة تدريبية لمديري المدارس بالإسماعيلية    اليوم.. أولى جلسات محاكمة المتهمين في واقعة مطاردة طريق الواحات    وائل القباني عن انتقاده ل الزمالك: «ماليش أغراض شخصية»    رغم وفاته منذ 3 سنوات.. أحمد موسى يكشف سبب إدراج القرضاوي بقوائم الإرهاب    حماية المستهلك: نلمس استجابة سريعة من معظم التجار تجاه مبادرة خفض الأسعار    تنسيق الثانوية العامة 2025 المرحلة الثالثة.. كليات التربية ب أنواعها المتاحة علمي علوم ورياضة وأدبي    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 18 أغسطس 2025    أمينة الفتوى توضح علامات طهر المرأة وأحكام الإفرازات بعد الحيض    هل يجوز ارتداء الملابس على الموضة؟.. أمين الفتوى يوضح    4 ملايين خدمة صحية مجانية لأهالى الإسكندرية ضمن حملة 100 يوم صحة    قبل بدء الفصل التشريعى الثانى لمجلس الشيوخ، تعرف علي مميزات حصانة النواب    حلاوة المولد، طريقة عمل السمسمية في البيت بمكونات بسيطة    فيديو.. خالد الجندي: عدم الالتزام بقواعد المرور حرام شرعا    رئيس جامعة الوادي الجديد يتابع سير التقديم بكليات الجامعة الأهلية.. صور    مرصد الأزهر: تعليم المرأة فريضة شرعية.. والجماعات المتطرفة تحرمه بتأويلات باطلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لمحات ثقافية
نشر في صوت البلد يوم 01 - 01 - 2017

في السابعة والسبعين، وروايتها الأخيرة عن الرحيل وأهله. خطرت الفكرة لمارغريت درابل خلال حديث مع ناشراتها، الأمهات الشابّات، حول روايتها السابقة التي تناولت طفلاً. عكست الموضوع في «الفيضان القاتم يعلو» الصادرة عن «كاننغيت» التي ترصد الشيخوخة في هشاشتها، استسلامها، مقاومتها، عنادها وصمتها الأخير.
في آخر روايتها السابقة «الطفل الذهبي النقي»، تذكر درابل ممثلة كلاسيكية تتوقف عن العمل في المسرح الوطني لتجري عملية كبيرة وسط توقعات الأطباء السيئة. في «الفيضان القاتم يعلو»، تعود ماروشا دارلنغ إلى المسرح لتُدفَن حتى خصرها في «أيام سعيدة» لسامويل بيكيت. ترسل بعد العرض إيميلات إلى أصدقاء قلائل قبل أن تنتحر بجرعة زائدة فتفكر إحداهن في أن بيكيت يستأهل ذلك. خدمته ماروشا بإخلاص وبراعة، وهي تستحقّ خاتمة كبيرة على حسابه. شخصيات الرواية في العقدين السابع والثامن، مثقفة من الطبقة الوسطى، وتدمن المراجعة الذاتية القاسية والاستنتاجات العقلانية. النساء منهن قويات يفصلن هويّتهن عن أمومتهن، ويذكّرن ب «ريعان مس جين برودي» للإرلندية ميورييل سبارك و «رأس مقطوع» للإنكليزية آريس مردوك اللتين صدرتا في 1961. درابل هي الأكثر التصاقاً بما يعرف ب «رواية هامستِد» التي تتناول هموم الطبقة الوسطى «السطحية» في منطقة هامستِد الميسورة وجوارها. تطلّ بطلتها فرانشِسكا ستابس في أول الرواية وهي تقود سيارتها إلى مؤتمر عن دور رعاية للمسنين في برمنغهام. تفكر في ضريبة الأرض وتؤيدها، وفي شخصيات من التراث الكلاسيكي مثل كليتِمْنِسترا، دايدو، هيكوبا وأنتيغوني. تقتبس آخر كلمات كيتس، بيتهوفن، وولتر رالي وسيوورد الدنماركي. «ارفعني لأموت واقفاً لا مستلقياً كبقرة». حفظت درابل طفلة الكثير من قاموس بروير للعبارات والخرافة، وتقول أن الحفظ غيباً فقد الكثير من متعته بسبب الإنترنت.
تزعج مسرحية بيكيت فرانشِسكا، لكنها تعرف أنها ستعاني قريباً من العجز والركود الأليمين اللذين تناولهما الكاتب. تغالب ضعف جسدها وانهياره بالطبخ لزوجها، قعيد البيت، والعمل مفتشة لدور الرعاية التي تهتم بزبائن يكبرونها بقليل. يعارض نشاطها خمول زوجها السابق الجرّاح الذي اكتفى بعد تقاعده بالجلوس بين الأرائك الوثيرة وسماع ماريا كالاس في داره الكبيرة في كنزنغتن الراقية. لكن كسل كلود يبهت مقارنة بركود صديقها السير بينيت كاربنتر، تاجر التحف القديمة الذي تقاعد في جزر الكناري الشبيهة بالجنة، وبات أكثر كسلاً بعد الهزّة الضعيفة التي كسرت رجله. صديقة الطفولة تيريزا كانت مرجعاً في تعليم ذوي الحاجات الخاصة، وأصيبت بسرطان نادر. جوزفين، الأكبر سناً بين أصدقائها، علّمت في كمبريدج وتقاعدت في مبنى خصّصته الجامعة لأكاديمييها وأخذ اسمه من كتاب سيمون دو بوفوار المخيف عن الشيخوخة. قالت الكاتبة الفرنسية في 1970، أن المسنّين باتوا يتمتعون بصحة أفضل وشباب أطول، لكن ذلك جعل ركودهم أصعب احتمالاً لأنهم يحتاجون إلى سبب للعيش، ويرون البقاء وحده أسوأ من الموت. جوزفين تمضي الوقت بتعليم الشعر وتحسين قدرتها على التطريز وكتابة أطروحة عن الأدب الفكتوري.
تتساءل الشخصيات من سيرحل أولاً وكيف. حين تقضي إحدى أفضل صديقاتها بنوبة قلبية، تفكر فرانشسكا في أنها الميتة المثالية. تترك منزلها المريح إثر وفاة زوجها وتنتقل إلى ناطحة سحاب يتكرر تعطّل مصعدها في منطقة لندنية خشنة. لكنها تعوّض عن الهبوط الطبقي لعنوانها بالإطلالة الكبيرة المجيدة على المدينة. تراقب تشكّل الغيم وغطاء الشتاء الرمادي، الرتيب، الكئيب، وتنتظر الانفتاح الدرامي للربيع. «ارتفعي، تسامي، تجاوزي» يقول المشهد الواسع أمامها، ويفيد قلبها بالتأكيد صعود الدرج مرة أو اثنتين في الأسبوع.
تقلّ الأحداث في الرواية، وتعوّض كاتبتها برسم الشخصيات البارع، لكنها تغالي في البحث الذي يعرّضها، مع الادّعاء الثقافي، للنقد. كانت رواياتها الأولى قصيرة، سريعة الإيقاع ومتماسكة، لكنها وقعت في وسط العمر في غرام المكتبة البريطانية وأغرقت القارئ بالمعلومات المسهبة التي تتعلّق في هذه الرواية بتاريخ جزر الكناري وبطلات الأدب الكلاسيكي.
ترى درابل الكتابة مرضاً مزمناً لا شفاء منه، وتفضّل التمثيل الذي مارسته في كمبريدج. تزوجت زميلاً ممثلاً فور تخرجها في الحادية والعشرين، وألهت نفسها بالكتابة في الكواليس بعد تأدية أدوارها المختصرة. أقنعها دخلها من الكتابة بالتخلي عن فكرة التمثيل، وانفصلت عن كلايف سويفت بعد خمسة عشر عاماً لأن الزواج بشخص واحد طوال العمر غريب. تزوجت كاتب السيرة مايكل هولرويد بعد سبعة أعوام، لكنها بقيت تعيش في منزلها لأنها لم ترغب في علاقة تهدّدها أو تحبسها. العام الماضي صرّح هولرويد لصحيفة «ذا تلغراف» أنه يحب ناقدة ويدعوها إلى العشاء حين تسافر زوجته، لكن مرضه يمنعه من النوم معها. لم تعلّق درابل التي ترى أن الجنس، الذي مارسته كثيراً في الوقت المناسب، يستنزف المرء أحياناً ويتعسه.
بلاد أولى لغة ثانية
نهض الطبيب فجراً للكتابة قبل توافد مرضاه، وعاد إليها بعد رحيلهم فيما طفله نائم في الغرفة المجاورة. كتب عن بلاده الأولى بلغته الثانية، ولم يخطر له أنه سيحظى بناشر. كانت أفغانستان بلداً نائياً، مجهولاً لكن الجميع تعرّف إليها فجأة بعد هجمات أيلول (سبتمبر) 2001. فكر خالد حسيني في أن إنهاء الرواية سيفتقر إلى الحساسية وأنه سيبدو كأنه يستغلّ المأساة لمنفعته الشخصية. عارضت رويا، زوجته المحامية. روايته ليست عن الأحداث الراهنة، وهي تقدّم أفغانستان من منظور مختلف. لم يتخيّل أحد أن «لاعب طائرة الورق» ستبيع 31 مليون نسخة في 61 لغة ليس بفضل توقيتها أساساً، بل لتناولها أولاً علاقات الأبوة، الأخوة والصداقة و «الرغبة في أن تكون إنساناً طيباً قادراً على النظر في المرآة والإحساس باحترام الذات» وفق الطبيب الأديب.
بعد تحويل الرواية فيلماً يقتبسها مسرح ويندامز في لندن بدءاً من العاشر من الشهر المقبل. عمل مستشاراً للكاتب المسرحي ماثيو سبانغلر، ومُنح فرصة التحسين الفريدة. أحس الكاتب الخمسيني بأنه ينظر إلى صورة قديمة وشخص مختلف. على المرء أن يكون سميك الجلد ليقدر على مراجعة ما كتبه، وحساسيات اليوم تنفر من بعض ما ورد في الرواية. كان انتقد سلبية الأخ غير الشقيق تجاه عدوانية البطل، وخلال كتابة المسرحية اقترح تغيير هدية الفتى الشرير واستبدال كتاب «كفاحي» لأدولف هتلر بكرة قدم. لكن التجربة كانت جميلة، وهو تأثّر ببعض ما كتبه منذ عقد ونصف العقد. روايتاه التاليتان دخلتا أيضاً لائحة الأكثر مبيعاً، وهو يكتب رواية رابعة يتكتم حول موضوعها. أنشأ مؤسسة خيرية في أفغانستان، لكنه لم يعد إليها بعد هجرته وهو في الحادية عشرة. لا يكتب عنها بقصد التثقيف، لكنه يمتنّ بعمق إذا شعر قارئه برابط معها.
بين التمكين والتشييء
قبل الذكرى الخامسة والسبعين لولادة شخصية «المرأة العجيبة»، اقترحت شركة «دي سي إنترتينمنت» على منظمة الأمم المتحدة الاشتراك في مبادرة للاحتفال بها. في تشرين الأول الماضي، جعلتها المنظمة سفيرة شرف لتمكين الفتيات والنساء ومكافحة النمطية والتمييز والعنف ضدّهن، ثم ألغت التعيين بعد أقل من شهرين. وقّع أكثر من أربعة وأربعين ألف شخص عريضة بدأها موظفون وموظفات في المنظمة ذاتها طالبت بان كي - مون بتعيين شخصية أخرى غير خيالية. من المقلق، قالت العريضة، أن تقبل المنظمة بشخصية ذات صورة جنسية صريحة في وقت تشدّد عناوين الأنباء في الولايات المتحدة والعالم على تشييء الفتيات والنساء. «ووندر وومان» تجرح الحساسيات الثقافية في مناطق عدة في العالم بجزمتها العالية ولباسها المختصر، اللامع والضيق الذي يكشف ساقيها. خلال حفل التعيين ذاته احتجّ كثيرون بإدارة ظهورهم للجنة التي ضمّت الممثلتين اللتين أدّتا الدور، ليندا كارتر وغيل غادو.
هي ليست المرة الأولى التي تعيّن المنظمة شخصية خيالية سفيراً لها. في آذار (مارس) الماضي، عينت شخصية من لعبة الفيديو «طيور غاضبة» لمكافحة تغير المناخ يوماً واحداً. في 2009، وُظفّت «تنكربل» من رواية «بيتر بان» لدعم البيئة. وفي 1997، لعب الدب «ويني ذا بو» دور سفير شرف للصداقة. بعد «السرور البالغ» لشركتي وورنر براذرز و «دي سي إنترتينمنت» بتعاون بطلتهما مع المنظمة، قالت الشركتان أن «المرأة العجيبة» ستبقى رمزاً للسلام، العدالة والمساواة بعد انتهاء عملها الديبلوماسي.
في السابعة والسبعين، وروايتها الأخيرة عن الرحيل وأهله. خطرت الفكرة لمارغريت درابل خلال حديث مع ناشراتها، الأمهات الشابّات، حول روايتها السابقة التي تناولت طفلاً. عكست الموضوع في «الفيضان القاتم يعلو» الصادرة عن «كاننغيت» التي ترصد الشيخوخة في هشاشتها، استسلامها، مقاومتها، عنادها وصمتها الأخير.
في آخر روايتها السابقة «الطفل الذهبي النقي»، تذكر درابل ممثلة كلاسيكية تتوقف عن العمل في المسرح الوطني لتجري عملية كبيرة وسط توقعات الأطباء السيئة. في «الفيضان القاتم يعلو»، تعود ماروشا دارلنغ إلى المسرح لتُدفَن حتى خصرها في «أيام سعيدة» لسامويل بيكيت. ترسل بعد العرض إيميلات إلى أصدقاء قلائل قبل أن تنتحر بجرعة زائدة فتفكر إحداهن في أن بيكيت يستأهل ذلك. خدمته ماروشا بإخلاص وبراعة، وهي تستحقّ خاتمة كبيرة على حسابه. شخصيات الرواية في العقدين السابع والثامن، مثقفة من الطبقة الوسطى، وتدمن المراجعة الذاتية القاسية والاستنتاجات العقلانية. النساء منهن قويات يفصلن هويّتهن عن أمومتهن، ويذكّرن ب «ريعان مس جين برودي» للإرلندية ميورييل سبارك و «رأس مقطوع» للإنكليزية آريس مردوك اللتين صدرتا في 1961. درابل هي الأكثر التصاقاً بما يعرف ب «رواية هامستِد» التي تتناول هموم الطبقة الوسطى «السطحية» في منطقة هامستِد الميسورة وجوارها. تطلّ بطلتها فرانشِسكا ستابس في أول الرواية وهي تقود سيارتها إلى مؤتمر عن دور رعاية للمسنين في برمنغهام. تفكر في ضريبة الأرض وتؤيدها، وفي شخصيات من التراث الكلاسيكي مثل كليتِمْنِسترا، دايدو، هيكوبا وأنتيغوني. تقتبس آخر كلمات كيتس، بيتهوفن، وولتر رالي وسيوورد الدنماركي. «ارفعني لأموت واقفاً لا مستلقياً كبقرة». حفظت درابل طفلة الكثير من قاموس بروير للعبارات والخرافة، وتقول أن الحفظ غيباً فقد الكثير من متعته بسبب الإنترنت.
تزعج مسرحية بيكيت فرانشِسكا، لكنها تعرف أنها ستعاني قريباً من العجز والركود الأليمين اللذين تناولهما الكاتب. تغالب ضعف جسدها وانهياره بالطبخ لزوجها، قعيد البيت، والعمل مفتشة لدور الرعاية التي تهتم بزبائن يكبرونها بقليل. يعارض نشاطها خمول زوجها السابق الجرّاح الذي اكتفى بعد تقاعده بالجلوس بين الأرائك الوثيرة وسماع ماريا كالاس في داره الكبيرة في كنزنغتن الراقية. لكن كسل كلود يبهت مقارنة بركود صديقها السير بينيت كاربنتر، تاجر التحف القديمة الذي تقاعد في جزر الكناري الشبيهة بالجنة، وبات أكثر كسلاً بعد الهزّة الضعيفة التي كسرت رجله. صديقة الطفولة تيريزا كانت مرجعاً في تعليم ذوي الحاجات الخاصة، وأصيبت بسرطان نادر. جوزفين، الأكبر سناً بين أصدقائها، علّمت في كمبريدج وتقاعدت في مبنى خصّصته الجامعة لأكاديمييها وأخذ اسمه من كتاب سيمون دو بوفوار المخيف عن الشيخوخة. قالت الكاتبة الفرنسية في 1970، أن المسنّين باتوا يتمتعون بصحة أفضل وشباب أطول، لكن ذلك جعل ركودهم أصعب احتمالاً لأنهم يحتاجون إلى سبب للعيش، ويرون البقاء وحده أسوأ من الموت. جوزفين تمضي الوقت بتعليم الشعر وتحسين قدرتها على التطريز وكتابة أطروحة عن الأدب الفكتوري.
تتساءل الشخصيات من سيرحل أولاً وكيف. حين تقضي إحدى أفضل صديقاتها بنوبة قلبية، تفكر فرانشسكا في أنها الميتة المثالية. تترك منزلها المريح إثر وفاة زوجها وتنتقل إلى ناطحة سحاب يتكرر تعطّل مصعدها في منطقة لندنية خشنة. لكنها تعوّض عن الهبوط الطبقي لعنوانها بالإطلالة الكبيرة المجيدة على المدينة. تراقب تشكّل الغيم وغطاء الشتاء الرمادي، الرتيب، الكئيب، وتنتظر الانفتاح الدرامي للربيع. «ارتفعي، تسامي، تجاوزي» يقول المشهد الواسع أمامها، ويفيد قلبها بالتأكيد صعود الدرج مرة أو اثنتين في الأسبوع.
تقلّ الأحداث في الرواية، وتعوّض كاتبتها برسم الشخصيات البارع، لكنها تغالي في البحث الذي يعرّضها، مع الادّعاء الثقافي، للنقد. كانت رواياتها الأولى قصيرة، سريعة الإيقاع ومتماسكة، لكنها وقعت في وسط العمر في غرام المكتبة البريطانية وأغرقت القارئ بالمعلومات المسهبة التي تتعلّق في هذه الرواية بتاريخ جزر الكناري وبطلات الأدب الكلاسيكي.
ترى درابل الكتابة مرضاً مزمناً لا شفاء منه، وتفضّل التمثيل الذي مارسته في كمبريدج. تزوجت زميلاً ممثلاً فور تخرجها في الحادية والعشرين، وألهت نفسها بالكتابة في الكواليس بعد تأدية أدوارها المختصرة. أقنعها دخلها من الكتابة بالتخلي عن فكرة التمثيل، وانفصلت عن كلايف سويفت بعد خمسة عشر عاماً لأن الزواج بشخص واحد طوال العمر غريب. تزوجت كاتب السيرة مايكل هولرويد بعد سبعة أعوام، لكنها بقيت تعيش في منزلها لأنها لم ترغب في علاقة تهدّدها أو تحبسها. العام الماضي صرّح هولرويد لصحيفة «ذا تلغراف» أنه يحب ناقدة ويدعوها إلى العشاء حين تسافر زوجته، لكن مرضه يمنعه من النوم معها. لم تعلّق درابل التي ترى أن الجنس، الذي مارسته كثيراً في الوقت المناسب، يستنزف المرء أحياناً ويتعسه.
بلاد أولى لغة ثانية
نهض الطبيب فجراً للكتابة قبل توافد مرضاه، وعاد إليها بعد رحيلهم فيما طفله نائم في الغرفة المجاورة. كتب عن بلاده الأولى بلغته الثانية، ولم يخطر له أنه سيحظى بناشر. كانت أفغانستان بلداً نائياً، مجهولاً لكن الجميع تعرّف إليها فجأة بعد هجمات أيلول (سبتمبر) 2001. فكر خالد حسيني في أن إنهاء الرواية سيفتقر إلى الحساسية وأنه سيبدو كأنه يستغلّ المأساة لمنفعته الشخصية. عارضت رويا، زوجته المحامية. روايته ليست عن الأحداث الراهنة، وهي تقدّم أفغانستان من منظور مختلف. لم يتخيّل أحد أن «لاعب طائرة الورق» ستبيع 31 مليون نسخة في 61 لغة ليس بفضل توقيتها أساساً، بل لتناولها أولاً علاقات الأبوة، الأخوة والصداقة و «الرغبة في أن تكون إنساناً طيباً قادراً على النظر في المرآة والإحساس باحترام الذات» وفق الطبيب الأديب.
بعد تحويل الرواية فيلماً يقتبسها مسرح ويندامز في لندن بدءاً من العاشر من الشهر المقبل. عمل مستشاراً للكاتب المسرحي ماثيو سبانغلر، ومُنح فرصة التحسين الفريدة. أحس الكاتب الخمسيني بأنه ينظر إلى صورة قديمة وشخص مختلف. على المرء أن يكون سميك الجلد ليقدر على مراجعة ما كتبه، وحساسيات اليوم تنفر من بعض ما ورد في الرواية. كان انتقد سلبية الأخ غير الشقيق تجاه عدوانية البطل، وخلال كتابة المسرحية اقترح تغيير هدية الفتى الشرير واستبدال كتاب «كفاحي» لأدولف هتلر بكرة قدم. لكن التجربة كانت جميلة، وهو تأثّر ببعض ما كتبه منذ عقد ونصف العقد. روايتاه التاليتان دخلتا أيضاً لائحة الأكثر مبيعاً، وهو يكتب رواية رابعة يتكتم حول موضوعها. أنشأ مؤسسة خيرية في أفغانستان، لكنه لم يعد إليها بعد هجرته وهو في الحادية عشرة. لا يكتب عنها بقصد التثقيف، لكنه يمتنّ بعمق إذا شعر قارئه برابط معها.
بين التمكين والتشييء
قبل الذكرى الخامسة والسبعين لولادة شخصية «المرأة العجيبة»، اقترحت شركة «دي سي إنترتينمنت» على منظمة الأمم المتحدة الاشتراك في مبادرة للاحتفال بها. في تشرين الأول الماضي، جعلتها المنظمة سفيرة شرف لتمكين الفتيات والنساء ومكافحة النمطية والتمييز والعنف ضدّهن، ثم ألغت التعيين بعد أقل من شهرين. وقّع أكثر من أربعة وأربعين ألف شخص عريضة بدأها موظفون وموظفات في المنظمة ذاتها طالبت بان كي - مون بتعيين شخصية أخرى غير خيالية. من المقلق، قالت العريضة، أن تقبل المنظمة بشخصية ذات صورة جنسية صريحة في وقت تشدّد عناوين الأنباء في الولايات المتحدة والعالم على تشييء الفتيات والنساء. «ووندر وومان» تجرح الحساسيات الثقافية في مناطق عدة في العالم بجزمتها العالية ولباسها المختصر، اللامع والضيق الذي يكشف ساقيها. خلال حفل التعيين ذاته احتجّ كثيرون بإدارة ظهورهم للجنة التي ضمّت الممثلتين اللتين أدّتا الدور، ليندا كارتر وغيل غادو.
هي ليست المرة الأولى التي تعيّن المنظمة شخصية خيالية سفيراً لها. في آذار (مارس) الماضي، عينت شخصية من لعبة الفيديو «طيور غاضبة» لمكافحة تغير المناخ يوماً واحداً. في 2009، وُظفّت «تنكربل» من رواية «بيتر بان» لدعم البيئة. وفي 1997، لعب الدب «ويني ذا بو» دور سفير شرف للصداقة. بعد «السرور البالغ» لشركتي وورنر براذرز و «دي سي إنترتينمنت» بتعاون بطلتهما مع المنظمة، قالت الشركتان أن «المرأة العجيبة» ستبقى رمزاً للسلام، العدالة والمساواة بعد انتهاء عملها الديبلوماسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.