كتاب الأسرار.. إهدار موهبة أم قدرة على كشف النفس البشرية؟!

اعتبر بعض النقاد "كتاب الأسرار" مثلا حيا لإهدار الموهبة التي يتمتع بها المؤلف، والبعض الآخر يرد على الفريق الأول بأن نفوس البشر، بغموضها والتوائها ومراوغاتها وأسرارها، بحاجة لكتاب مثل مايكل هولرويد، الضليع في كشف كوميديا الحياة كبراعته في نسج خيوط السير الذاتية للمشاهير.
ويكتسب هذا الجدل بين النقاد أهمية، في ضوء حقيقة أن مايكل هولرويد، صاحب "كتاب الأسرار"، قضى عشر سنوات في إعداد هذا العمل، الذي يمزج بين الواقع والخيال، ويتناول علاقة حميمة بين امرأتين، ليثير السؤال مجددا عن العلاقة بين الأخلاق والفن، وهل يجوز النظر للفن بمعايير أخلاقية؟
وفي المقابل، هل يعني الفن أن يشطح الكاتب كما يشاء، بمعزل عن أية معايير أخلاقية أو حساسية لمزاج المجتمع ومحاذيره؟ والملاحظ أن الرؤى النقدية لهذه الأعمال، التي توصف بأنها جريئة، تختلف حتى في الغرب باختلاف الميول الثقافية واتجاهات النقاد.
ويدور الكتاب في أفلاك لا تخلو من شجن وعلاقات غير شرعية وآباء غائبين، متوغلا عند الجذور، ومحلقا في آفاق بعيدة، للتقصي والتحقق عبر سرد مشاوير العمر لشخصيات أرستقراطية من فئات عمرية مختلفة، اجتمعت معا داخل فيلا بتصميم معماري إيطالي باذخ.
غير أن مايكل هولرويد، الحاصل على لقب سير والمتزوج من الروائية مارجريت درابل، والذي يعيش في لندن، يركز بصورة مفرطة في "كتاب الأسرار"على العلاقة الحميمة بين فيوليت تريفسيوس، الابنة غير الشرعية للورد جريمثورب، وفايتا ساكفيلى وست.
والسير مايكل هولرويد كاتب سير لكوكبة من العظماء، من بينهم الكاتب الخالد جورج برنارد شو، والرسام الشهير أغسطس جون، والطريف أنه كتب أيضا عن كاتب شهير للسير الذاتية هو ليتون ستراتشي، وشغل مناصب متعددة، من بينها رئاسة جمعية المؤلفين، واتحاد الكتاب الوطني، ورابطة القلم الإنجليزية، كما أنه صاحب دراسات هامة عن السيرة الذاتية والأدب.
ويقول الناقد توني بنتلي، في سياق مديحه بصحيفة نيويورك تايمز لهذا الكتاب: إن الجدة تبقى جوهر العبقرية، أما الناقدة والكاتبة ليزا إبيجنانزي فتقول في صحيفة الأوبزرفر: إن قراءة "كتاب الأسرار" أشبه بالتجول في قاعة المرايا، فيما تنوه بقدرة هولرويد على التقاط شخصية حقيقية، وقد تكون هامشية، ليجعلها في بؤرة الاهتمام، وينسج حولها تفاصيل مثيرة بخيوط الحقائق وشطحات الخيال، وقد يستخدم أيضا مشرط الناقد.
وكان الكاتب والروائي الأيرلندي الأصل، مايكل هولرويد، قد حصل، في عام 2009، على جائزة "جيمس تيت بلاك" التذكارية عن روايته "تاريخ غريب زاخر بالأسرار"، التي تعد أقرب لسيرة ذاتية عن ممثلي مسرحيات شكسبير في القرن التاسع عشر.