شهد القطاع العقاري في مصر حالة من الاختلال والتفاوت الشديد في مستوي الوحدات السكنية بما يدعو إلي القلق فهناك مجتمع الصفوة الذي يتمتع بالوحدات السكنية المتميزة المعزولة عن المجتمع المحيط بها ومجتمع المناطق العشوائية الذي يمثل أكثر من 60% من المباني في مصر والذي يعاني سكانه من التهميش وانتشار السلبية وغياب الوعي تكريس مشاعر القهر وتنامي الاحساس بالظلم المجتمعي في ظل غياب رؤية تنموية تعتمد علي التخطيط الاقليمي خاصة أن المناطق العشوائية وصل عددها في مصر إلي 1221 منطقة . ويري الخبراء أن هذه الظاهرة هي نتاج لآليات السوق الحرة وتزايد معدلات النمو السكاني بالعاصمة مما دفع الكثير إلي البحث عن بيئة هادئة ومنعزلة وآمنة.. مؤكدين أن ازمة الاسكان تهدد الاستقرار الاجتماعي والأمني داخل الدولة حيث شهدت السوق العقارية مؤخرا العديد من الاختلالات الهيكلية في العرض والطلب في ظل ارتفاع الاسعار . وتري د. ماجدة شلبي استاذ الاقتصاد أن سبب اختلال المنظومة العقارية يرجع إلي أن السوق العقارية التي تعد من ركائز تحقيق النمو الاقتصادي حيث اجتذبت رءوس الأموال في الفترة الأخيرة مما أدي إلي المضاربة العقارية وايجاد مجتمعات جديدة متميزة في شكل منتجعات لا يقطنها سوي الفئات المتميزة ذات مستوي مرتفع من الدخول. وترجع د. ماجدة فشل وتشوه سوق الاسكان إلي تعدد السياسات والبرامج التي تحكم سوق العقارات المصرية وعدم وجود شفافية وغياب البيانات والاحصاءات الدقيقة ونظم الايجارات القديمة بالاضافة إلي تزايد عدد الوحدات المغلقة وغير المستغلة وعدم صيانة المباني القديمة والمتهالكة وغيبة التخطيط والرقابة وتفشي العشوائية في الأداء وضعف الاطار القانوني وارتفاع عائد الاستثمار العقاري . ويؤكد د. عبد الرحيم شلبي استاذ الاقتصاد وعضو المجالس القومية المتخصصة أن بداية مشكلة الاسكان ترجع إلي بيع الحكومة العقارات الخاصة بها كتمليك منذ السبعينيات وهو ما أدي إلي تخفيض ايجارات المساكن وأصبح العائد الاقتصادي غير مفيد لصاحبه. لذلك هرول جميع المستثمرين في العقارات للعمل بنظام التمليك وليس الايجار مما أوجد ظاهرة المضاربة وارتفاع اسعار مبيعات العقارات . وأضاف شلبي أن الفترة الأخيرة شهدت ارتفاعا ملحوظا في أسعار جميع مواد البناء وحتي العمالة وبالتالي أنعكس ذلك علي أسعار الشقق السكنية لتسجل أرقاما فلكية عند البيع بنظام التمليك وهو ما لا يقدر عليه الشباب خاصة في ظل تدني الأجور ومن هنا فإذا كانت الدول جادة في تعديل نظام الاسكان فإن الأسلوب الحالي خاطئ لأنه لابد من وجود مشروع انتاجي لتشغيل الشباب والمدن العمرانية الجديدة التي تقوم علي السكن لا تصلح.. ضاربا المثل بمشروع الزراعة للشباب فكان من المفروض أن يأخذ الشباب من خمسة إلي عشرة أفدنة بها سكن خاص به وحظيرة للمواشي وتتوافر بها البنية الأساسية وهو ما لا يوجد علي أرض الواقع . ويؤكد د. مصطفي كامل السيد أستاذ العلوم السياسية بالقاهرة ومدير شركاء التنمية للبحوث والاستثمارات والتدريب أن شركاء التنمية يرغبون في تحليل مشكلة الاسكان في مصر عن طريق معرفة التطورات التي لحقت بالمجتمع والنظام السياسي والاقتصادي فهناك تناقض واضح بين قدرة جماعة محددة من السكان علي الحصول علي مساحات شاسعة من الأراضي بأسعار زهيدة جدا في مواجهة الملايين الذين لا يستطيعون الحصول علي أراض للبناء.