اتهم مجلس الشعب السياسات الاجتماعية التي تتبناها الحكومة بالعجز والفشل طوال العقود الأربعة الأخيرة في توفير المسكن الصحي المناسب للفئات محدود الدخل. وانتقد المجلس في تقريره المغالاة في تكاليف الوحدات السكنية التي تقيمها الحكومة وذلك في ضوء ما تشير إليه الدراسات من أن تكلفة الوحدة السكنية التي تبنيها الدولة أعلى بحوالي 30% على الأقل من التكلفة الفعلية لنفس الوحدة التي يقوم ببنائها القطاع الخاص أو المالك وارجع المجلس زيادة تلك التكلفة إلى تعدد المصروفات الإدارية وتكاليف الإجراءات البيروقراطية والفساد. ووجه المجلس انتقادات حادة إلى الحكومة حول إعلانها بناء 85 ألف وحدة سكنية كل عام دون أن تذكر أي تفصيلات حول هذه الوحدات خاصة فيما يتعلق بتكلفة الوحدة السكنية ومقدمات الحجز وقيمة الأقساط الشهرية وصيغ الإقراض التي سيتم من خلالها تمويل المبالغ المتبقية على محدودي الدخل بعد دفع المقدمات. وحذر المجلس في تقريره من خطورة تلوث مياه الشرب التي تحتاجها المحافظات والتي تقدر تكلفتها السنوية ب800 مليون دولار لعلاج الأثار السلبية المترتبة عليها من الإصابة بحالات الإسهال وحدوث حالات وفاة لاسيما بين الأطفال فضلا عن الأمراض المتوطنة ومنها على سبيل المثال الفشل الكلوي والكبد. وأعرب المجلس في تقريره عن قلقه البالغ إزاء ما أشار إليه تقرير التنمية البشرية في مصر لعام 2005 من أن التدهور المستمر في خدمات الصرف الصحي سوف يؤدي إلى تعرض الصحة العامة لمخاطر جسيمة قد تبلغ حد الأزمة في بعض المناطق بالإضافة إلى ما يسببه من مشكلات بيئية تنعكس بالسلب على صحة المواطنين والأطفال منهم بصفة خاصة علاوة على ما تضمنه التقرير من تحذيرات شديدة اللهجة من استمرار تدهور هذه الخدمات والتي تتم بمعدلات غير مسبوقة كما حذر المجلس في تقريره مما أشار إليه تقرير التنمية البشرية في مصر من تركيز خدمات الصرف الصحي في المناطق الحضرية في الوقت الذي لا تغطي فيه هذه الخدمات سوى شريحة صغيرة في المناطق الريفية التي يعيش بها حوالي نصف سكان مصر وخاصة في محافظات الجنوب والتي وصف التقرير تدني خدمات الصرف الصحي بها " بالخطر الصامت". وشدد المجلس في تقريره على ضرورة مواجهة المخاطر البيئية والصحية التي تواجه المواطن المصري من خلال تنفيذ البرنامج الخاص بإدخال الصرف الصحي إلى ما بين 400، 450 قرية سنويا مع إعطاء أولوية لتلك القرى التي تعاني من مشاكل بيئية. وطالب المجلس في تقريره بضرورة إعطاء أولوية خاصة لمشروعات الصرف الصحي في الموازنة العامة للدولة مشيرا إلى أن توصيل الصرف الصحي لكافة القرى المحرومة يحتاج إلى تكلفة استثمارية تقدر بنحو 50 مليار جنية طبقا لما أعلن عنه الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء في الوقت الذي أشار فيه أن الاعتمادات السنوية المخصصة لهذا المشروع لا تتعدى 2 مليار جنية بما فيها مشروعات مياه الشرب في الوقت الذي أشار فيه الرئيس مبارك في برنامجه الانتخابي عن اعتماد أكثر من أربعة مليارات جنية سنويا لمشروعات الصرف الصحي. من ناحية أخرى وجه المجلس في تقريره انتقادات حادة إلى الحكومة في ضوء انخفاض متوسط نصيب الفرد من الإنفاق على الصحة وزيادة الأمراض المزمنة لدى الكبار والتفاوت الإقليمي في الخدمات الصحية المقدمة ما بين الحضر والريف مدللا على ذلك بمعدل وفيات الأطفال تحت سن الخامسة لكل ألف مولود في ريف الدلتا 52.5 مقارنة ب40.8 في حضر الدلتا ومعدل الوفيات لدى الأطفال الرضع لكل ألف مولود في ريف الدلتا 44.3 مقارنة ب33.4 في حضر الدلتا وفي جنوب الصعيد تظهر أعلى معدلات الوفاة بين الأطفال الرضع وتحت سن الخامسة حيث يبلغ الأول 58.3 والثاني 73.4. وطالب المجلس بزيادة الاعتمادات المخصصة للمستشفيات العامة والوحدات الصحية ووضع جدول زمني محدود لتطوير المستشفيات القائمة وصيانة منشآتها وتزويدها بالمعدات الطبية والارتقاء بمستوى النظافة العامة والتعقيم كما طالب بضرورة أن يكون أسلوب تقديم الخدمة للمواطنين بشكل يحفظ آدميتهم وكرامتهم مع تكثيف الزيارات التفتيشية المفاجئة على المستشفيات العامة والوحدات الصحية للوقوف على حالتها مع التوسع في نظام العيادات المتنقلة والقوافل الطبية لتوفير الخدمات الطبية المتميزة ورفع مستوى الوعي الصحي للمجتمع لاسيما في المناطق العشوائية.