تعليم القاهرة ترفع درجة الاستعداد للعام الدراسي الجديد    شعبة المستوردين: مبادرة تخفيض الأسعار تخفف الأعباء عن كاهل المواطنين    الأونروا: يجب تغيير سياسة المنع الكامل لادخال المساعدات الإنسانية إلى غزة    الخارجية الفلسطينية: استباحة الاحتلال والمستوطنين للضفة الغربية انتهاك صارخ وتكريس لمخططات التهويد والضم    الشوط الأول| بايرن ميونخ يضرب لايبزج في افتتاح الدوري الألماني    تشكيل تشيلسي أمام وست هام في الدوري الإنجليزي    إبراهيم مدكور يكتب: الرئيس يصدق.. والرياضة تنطلق    ضبط وكر لتجارة المخدرات بكلابشة والقبض على عنصرين شديدي الخطورة بأسوان    الداخلية تكشف حقيقة تعرض سيدة للضرب وتحطيم شقتها بالدقهلية    توافد جمهور «ويجز» في العلمين.. قواعد وإرشادات الحفل    أهلها يحجروا عليها| جمهور السوشيال ميديا يرد على أنباء عودة «حسام وشيرين»    ترامب: الوضع الراهن في غزة يجب أن ينتهي    عميد تجارة القاهرة الأسبق: الجامعات الحكومية ما زالت الأفضل    ليس بطلًا.. بل «مجرم حرب»    كندا تتراجع عن الرسوم الجمركية العقابية على السلع الأمريكية    التعادل السلبي يحسم مباراة السكة الحديد مع الترسانة في دوري المحترفين    خسارة سيدات الطائرة أمام صاحب الأرض ببطولة العالم بتايلاند    كرة طائرة - منتخب مصر يخسر أمام تايلاند في افتتاح بطولة العالم سيدات    ثورة جديدة بتطوير المناهج «2»    موعد إجازة المولد النبوي 2025 للقطاعين الحكومي والخاص (رسميًا)    رواية مختلقة.. وزارة الداخلية تكشف حقيقة تعدي شخص على جارته    موقف بطولي على قضبان السكة الحديد.. إنقاذ شاب من الموت تحت عجلات القطار بمزلقان الغمراوي ببني سويف    الإيجار القديم والبكالوريا والأحزاب.. وزير الشؤون النيابية يوضح مواقف الحكومة    إسلام عفيفى يكتب: الصفقات المرفوضة وتحالفات الضرورة    مدرب توتنهام: لا مكان لمن لا يريد ارتداء شعارنا    الوادي الجديد تطلق منصة إلكترونية للترويج السياحي والحرف اليدوية    صراع الخير والشر في عرض مدينة الأحلام بالمهرجان الختامي لشرائح ونوادي مسرح الطفل    هل يجوز شرعًا معاقبة تارك صلاة الجمعة بالسجن؟.. أحمد كريمة يجيب    هل إفشاء السر بدون قصد خيانة أمانة وما حكمه؟ أمين الفتوى يجيب    خدعوك فقالوا: «الرزق مال»    الماتشا تخفض الكوليسترول الضار - حقيقة أم خرافة؟    لغة لا تساوى وزنها علفًا    بعد مداهمة وكر التسول.. حملات مكثفة لغلق فتحات الكباري بالجيزة| صور    «التنظيم والإدارة» يعلن توقف الامتحانات بمركز تقييم القدرات.. لهذا السبب    شنوان.. القرية التي جعلت من القلقاس جواز سفر إلى العالم| صور    محمود فوزي: الحكومة جادة في تطبيق قانون الإيجار القديم وحماية الفئات الضعيفة    خطيب الجامع الأزهر: أعداء الأمة يحاولون تزييف التاريخ ونشر اليأس    المجاعة تهدد نصف مليون في غزة.. كيف يضغط المجتمع الدولي على إسرائيل؟    نجاح عملية دقيقة لاستئصال ورم بالمخ وقاع الجمجمة بمستشفى العامرية العام بالإسكندرية    عميد طب القصر العيني يتابع جاهزية البنية التحتية استعدادًا لانطلاق العام الدراسي    لمرضى السكري - اعتاد على تناول زبدة الفول السوداني في هذا التوقيت    محافظ مطروح ورئيس جامعة الأزهر يفتتحان كلية البنات الأزهرية بالمحافظة    "درويش" يحقق قفزة كبيرة ويتخطى 20 مليون جنيه في 9 أيام    الكشف الطبى على 276 مريضا من أهالى قرى البنجر فى قافلة مجانية بالإسكندرية    المقاومة العراقية تطالب بالانسحاب الحقيقي للقوات الأمريكية من العراق    إمام مسجد بكفر الشيخ: لابد أن نقتدى بالرسول بلغة الحوار والتفكير المنضبط.. فيديو    بنسبة تخفيض تصل 30%.. افتتاح سوق اليوم الواحد فى مدينة دهب    ضبط ورشة بها 196 قطعة سلاح في الشرابية    المرور يضبط 120 ألف مخالفة و162 متعاطيًا للمخدرات خلال 24 ساعة    الاقتصاد المصرى يتعافى    مصلحة الضرائب تنفي وجود خلاف بين الحكومة وشركات البترول حول ضريبة القيمة المضافة    وزارة التخطيط ووكالة جايكا تطلقان تقريرا مشتركا حول 70 عاما من الصداقة والثقة المصرية اليابانية    رابطة الصحفيين أبناء الدقهلية تؤكد انحيازها التام لحرية الإعلام    وزير الثقافة يستقبل وفد الموهوبين ببرنامج «اكتشاف الأبطال» من قرى «حياة كريمة»    محافظ أسيوط يسلم جهاز عروسة لابنة إحدى المستفيدات من مشروعات تمكين المرأة    سعر طن الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025    أزمة وتعدى.. صابر الرباعى يوجه رسالة لأنغام عبر تليفزيون اليوم السابع    نجم الأهلي السابق: أفضل تواجد عبد الله السعيد على مقاعد البدلاء ومشاركته في آخر نصف ساعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفهوم القراءة.. هل تغير في عصرنا الإلكتروني؟
نشر في صوت البلد يوم 04 - 06 - 2016

تأثرت عملية القراءة بما تعرضت له الثقافة من تحول تكنولوجي حيث تغير هذا الكل المركب الذي يشمل العادات والمعتقدات ولم يعد يتصف بالانتقائية في عصر مواقع الشبكات الاجتماعية وارتباط الإنسان بهاتفه الموصول بشبكة الإنترنت. أحد الجوانب السلبية لممارسات القراءة في عصر الفضاء الافتراضي، كما يرى البعض أن القراءة أضحت سطحية وعابرة؛ فالإنسان أصبح يقرأ ما يقع بين يديه غثا أو سمينا، وتقلصت قدرته على الانتقاء، بل وفي كثير من الأحيان يجد الإنسان نفسه يقرأ ما ينتقيه الآخرون له. أما عن الجوانب الإيجابية فربما أهم ما يميز النصوص الإلكترونية هو التنوع والتفاعلية؛ فقد أصبح بإمكاننا التعليق على النصوص، ونسخها بكبسة زر، ومشاركتها مع الآخرين في اللحظة الآنية، بل وأمكن الآن التواصل مع مؤلف النص والنقاش معه. استطلعنا آراء عدد من المنوطين بصياغة السياسات الثقافية، والمتخصصين في الثقافة الرقمية وناشرين لكلا النوعين الإلكتروني والمطبوع، حول تغير مفهوم القراءة ارتباطا بالثورة التكنولوجية:
يقول المهندس فادي صبحي جريس، صاحب مكتبة الأنجلومصرية العريقة، التي تعمل في صناعة النشر منذ بدايات القرن العشرين واتجهت للنشر الإلكتروني منذ سنوات: «القراءة الإلكترونية مكنت القارئ من أن يحمل كتابه معه في أي مكان وأي وقت، بل أن يحمل مكتبته الإلكترونية الكاملة معه أثناء السفر أو بالمواصلات، وهي تتميز بأنها أسهل من القراءة الورقية خاصة فيما يتعلق بقراءة الموسوعات والقواميس؛ لأن القارئ يصل إلى المعلومة التي يريدها بمجرد كتابة أول حرف من الكلمة التي يريدها بخلاف الكتب الورقية التي يتطلب البحث فيها الذهاب إلى الفهرس ثم التعرف على محتوى الكتاب، ثم البحث في الباب والفصل وهكذا، ما يعني أن القراءة الإلكترونية محددة ودقيقة، ولا تتطلب وقتا طويلا» ويلفت من واقع خبرته أن للقراءة الإلكترونية جمهورها خاصة أنها جعلت الكتاب في متناول أي فرد. فمثلا القراء في الخليج العربي لم تعد لديهم حاجة للسفر إلى مصر للحصول على الكتب التي يريدونها بل يقتنونها إلكترونيا، بل يمكن شراء فترة زمنية للقراءة الإلكترونية لعدة أشهر مثلا إذا كان القارئ يقوم بالاطلاع لإجراء بحث ما ويحتاج لعدد من المراجع في توقيت محدد ولا يحتاج إلى شراء تلك المراجع»
ويرى رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، د. هيثم الحاج علي، أن نوعية القراءة وكمها تختلف كليا بين القراءة الإلكترونية والقراءة الورقية، لأن القارئ في الحالة الأولى يذهب مباشرة للمعلومة التي يريدها وأظن أن هذا أبلغ فارق بينهما». ويشير إلى جانب مضيء للقراءة الإلكترونية ألا وهو «وجود أجزاء من الكتب الإلكترونية على الإنترنت يدفع عددا كبيرا من عشاق القراءة إلى البحث عن الكتاب المطبوع واقتنائه فقد ساهم الكتاب الإلكتروني في الترويج للكتاب الورقي الذي لم يخفت سحره حتى الآن ولا تزال الحاجة إلى الملمس الورقي قائمة، خاصة أن القراءة عبر الوسيط الإلكتروني لا تشبع أو تساعد في قراءة رواية طويلة من مئات الصفحات” وعن الجانب السلبي يرى أن «القراءة الإلكترونية أثرت سلبا على التردد على المكتبات واللجوء إليها». ويلفت الحاج علي إلى أن «أحدث الأبحاث في هذا الصدد تشير إلى اختفاء الكتاب الورقي عام 2040. وربما علينا أن ننمي عادة القراءة الإلكترونية في العالم العربي ونتيح منافذ بيع إلكتروني حتى لا نفاجئ بموت الكتاب الورقي”
في بحثها المعنون «ممارسات القراءة في عصر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات» المنشور في حولية cybrarians journal المحكمة، تقول جميلة جابر، مديرة المكتبة المركزية، بالجامعة الإسلامية بلبنان، «إن القراءة الإلكترونية تتميز بأنها قراءة انتقائية من النص أكثر منها قراءة كلية له، وكما الحال في النصوص المطبوعة فهي تهدف إلى إيجاد المعلومات التي تصب مباشرة في إطار اهتمامات المستخدم البحثية دون الحاجة إلى اتباع مسار النص الأحادي الاتجاه من البداية حتى النهاية». وتضيف: «وعلى عكس اتجاه القراءة العرضية للمطبوع، فإن القراءة الإلكترونية هي قراءة عمودية للنص تمامًا كما لفافة البردي، حيث تظهر المعلومات في شكل نافذة، يتنقل فيها المتصفح من معلومة إلى أخرى عبر النقر على العلاقات المحددة مسبقًا (hyperlinks) أو على المستعرض في طرف الشاشة. وبينما ظل النص المطبوع محدودًا بأبعاد الصفحة التي تحمله وشكلها، تكسب النص الإلكتروني مرونة أكثر في الشكل وطريقة إظهاره. ولكن هذا التمايز بين النص المطبوع والنص الإلكتروني لم يتعد في أغلب حالته عملية تفاعل ما بين التقنيتين. فنحن في بعض الأحيان أمام كتاب مطبوع هجين متوافر إلكترونيًا» وتؤكد «لا أحد ينفي للكتابة الإلكترونية مدى انتشارها وسهولة توصيلها المعلومات إلى المستفيد النهائي بسرعة. إلا أن السؤال المعضلة يدور بشكل أساسي حول إمكانية قراءة النصوص الإلكترونية على الشاشة بسهولة إذ لا يزال عدد من مستخدمي الوسائل الحديثة للمعلومات يلجأون إلى طباعة النصوص على الورق لقراءتها لاحقًا».
في الآونة الأخيرة ظهرت عدة مشروعات شبابية تدعم القراءة الإلكترونية، من بينها منصة «كتبنا» للنشر الإلكتروني التي تدعم نشر إبداعات الشباب، ويقول المهندس محمد جمال، مؤسس «كتبنا»: «القراءة الإلكترونية لن تلغي القراءة الورقية، رغم الإقبال المتزايد عليها» ويشير إلى أنه منذ تأسيس منصة «كتبنا» منذ عام واحد فقط قامت بنشر 253 كتابا، ولديهم 9 آلاف مستخدم، وتم قراءة تلك الكتب أكثر من 14 ألف مرة. ويلفت جمال إلى أن القراءة الإلكترونية غيرت بالطبع من ممارسات القراءة لدى المستخدمين، فهو يبحث عن المحتوى الخفيف شكلا ومضمونا، فهو يحمل معه الكتاب عبر جهاز يتيح له التنقل بسهولة، كما يقرأ كتابات خفيفة مثل القصص القصيرة وكتب الكوميكس المصورة، وبالطبع لا يقرأ كتبا ضخمة أو وروايات أو كتبا فكرية عميقة. ويؤكد أن القراءة الإلكترونية لم تشكل ظاهرة كبرى بعد خاصة أن معدل نمو صناعة النشر الإلكتروني بطيء جدا يبلغ نحو 2 في المائة سنويا من معدل نمو صناعة النشر الورقي التي تقدر في العالم العربي بنحو 4 مليارات دولار، بينما حجم الاستثمار في النشر الإلكتروني لا يتجاوز 80 مليونا في العالم العربي.
ويؤكد رئيس اتحاد الناشرين العرب، محمد رشاد، أنه «لا توجد قاعدة بيانات عن صناعة النشر الإلكتروني في العالم العربي وبالتالي لا يمكننا الرصد الدقيق لظاهرة القراءة الإلكترونية وتأثيرها، هي بالطبع ممارسة مرتبطة بواقع العصر والتغيرات التكنولوجية، لكنها لا تغني عن القراءة الورقية، فالقارئ في أي مكان في العالم لا يزال مرتبطا بالملمس الورقي للكتاب حتى في أوروبا وأميركا، وقد حدث تراجع في معدل النشر الإلكتروني منذ عام 2015 وظهر الإقبال الكبير على الكتاب المطبوع، فلا يمكن لشخص أن يستمتع بقراءة رواية من 300 صفحة على جهاز إلكتروني” ويشدد رشاد على أن «الأصل في النشر هو نشر المحتوى، ومهما مر الكتاب بمراحل كثيرة بدأت بالنقش على الجدران ثم ورق البردي لدى الفراعنة، وألواح الطين لدى الآشوريين، ثم جوتنبرغ وآلته، ثم الأجهزة اللوحية، ستظل القراءة الورقية لها مكانتها وطقوسها.
أما الأديب والروائي إبراهيم عبد المجيد، صاحب رواية «في كل أسبوع يوم جمعة» التي تناولت تأثير الحياة الافتراضية على الحياة الواقعية لشخوصها، فيقول: «بالتأكيد القراءة الإلكترونية لها تأثير على القراءة الورقية لكن لا نستطيع الحكم عليها بأنها قراءة غير جادة»، وعن ممارسة القراءة لديه، قال: «أستفيد من القراءة الإلكترونية مثلي مثل جيلي فقط في قراءة المقالات الصحافية أو الأخبار، لكنني أبدا لا أقوم بقراءة كتاب هام أو رواية عبر الأجهزة اللوحية».
ويشير الكاتب محمد سيد ريان، صاحب كتاب «القراءة والثقافة الرقمية» إلى أن القضية عالمية وليست عربية أو محلية، فقد أثار استطلاع للرأي تم إجراؤه منذ فترة قريبة في بريطانيا على عدد كبير من الأطفال التي تتراوح أعمارهم بين ثمانية أعوام و17 عاما، وأجرته المؤسسة البريطانية الخيرية (ناشونال ليتراسي ترست) نتائج غاية في الخطورة حيث أظهرت أن الشباب البريطاني ينصرف عن قراءة أعمال كتاب مثل ديكنز وشكسبير وكيتس؛ لانشغاله بمواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت مثل «فيسبوك» و«تويتر».
تأثرت عملية القراءة بما تعرضت له الثقافة من تحول تكنولوجي حيث تغير هذا الكل المركب الذي يشمل العادات والمعتقدات ولم يعد يتصف بالانتقائية في عصر مواقع الشبكات الاجتماعية وارتباط الإنسان بهاتفه الموصول بشبكة الإنترنت. أحد الجوانب السلبية لممارسات القراءة في عصر الفضاء الافتراضي، كما يرى البعض أن القراءة أضحت سطحية وعابرة؛ فالإنسان أصبح يقرأ ما يقع بين يديه غثا أو سمينا، وتقلصت قدرته على الانتقاء، بل وفي كثير من الأحيان يجد الإنسان نفسه يقرأ ما ينتقيه الآخرون له. أما عن الجوانب الإيجابية فربما أهم ما يميز النصوص الإلكترونية هو التنوع والتفاعلية؛ فقد أصبح بإمكاننا التعليق على النصوص، ونسخها بكبسة زر، ومشاركتها مع الآخرين في اللحظة الآنية، بل وأمكن الآن التواصل مع مؤلف النص والنقاش معه. استطلعنا آراء عدد من المنوطين بصياغة السياسات الثقافية، والمتخصصين في الثقافة الرقمية وناشرين لكلا النوعين الإلكتروني والمطبوع، حول تغير مفهوم القراءة ارتباطا بالثورة التكنولوجية:
يقول المهندس فادي صبحي جريس، صاحب مكتبة الأنجلومصرية العريقة، التي تعمل في صناعة النشر منذ بدايات القرن العشرين واتجهت للنشر الإلكتروني منذ سنوات: «القراءة الإلكترونية مكنت القارئ من أن يحمل كتابه معه في أي مكان وأي وقت، بل أن يحمل مكتبته الإلكترونية الكاملة معه أثناء السفر أو بالمواصلات، وهي تتميز بأنها أسهل من القراءة الورقية خاصة فيما يتعلق بقراءة الموسوعات والقواميس؛ لأن القارئ يصل إلى المعلومة التي يريدها بمجرد كتابة أول حرف من الكلمة التي يريدها بخلاف الكتب الورقية التي يتطلب البحث فيها الذهاب إلى الفهرس ثم التعرف على محتوى الكتاب، ثم البحث في الباب والفصل وهكذا، ما يعني أن القراءة الإلكترونية محددة ودقيقة، ولا تتطلب وقتا طويلا» ويلفت من واقع خبرته أن للقراءة الإلكترونية جمهورها خاصة أنها جعلت الكتاب في متناول أي فرد. فمثلا القراء في الخليج العربي لم تعد لديهم حاجة للسفر إلى مصر للحصول على الكتب التي يريدونها بل يقتنونها إلكترونيا، بل يمكن شراء فترة زمنية للقراءة الإلكترونية لعدة أشهر مثلا إذا كان القارئ يقوم بالاطلاع لإجراء بحث ما ويحتاج لعدد من المراجع في توقيت محدد ولا يحتاج إلى شراء تلك المراجع»
ويرى رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، د. هيثم الحاج علي، أن نوعية القراءة وكمها تختلف كليا بين القراءة الإلكترونية والقراءة الورقية، لأن القارئ في الحالة الأولى يذهب مباشرة للمعلومة التي يريدها وأظن أن هذا أبلغ فارق بينهما». ويشير إلى جانب مضيء للقراءة الإلكترونية ألا وهو «وجود أجزاء من الكتب الإلكترونية على الإنترنت يدفع عددا كبيرا من عشاق القراءة إلى البحث عن الكتاب المطبوع واقتنائه فقد ساهم الكتاب الإلكتروني في الترويج للكتاب الورقي الذي لم يخفت سحره حتى الآن ولا تزال الحاجة إلى الملمس الورقي قائمة، خاصة أن القراءة عبر الوسيط الإلكتروني لا تشبع أو تساعد في قراءة رواية طويلة من مئات الصفحات” وعن الجانب السلبي يرى أن «القراءة الإلكترونية أثرت سلبا على التردد على المكتبات واللجوء إليها». ويلفت الحاج علي إلى أن «أحدث الأبحاث في هذا الصدد تشير إلى اختفاء الكتاب الورقي عام 2040. وربما علينا أن ننمي عادة القراءة الإلكترونية في العالم العربي ونتيح منافذ بيع إلكتروني حتى لا نفاجئ بموت الكتاب الورقي”
في بحثها المعنون «ممارسات القراءة في عصر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات» المنشور في حولية cybrarians journal المحكمة، تقول جميلة جابر، مديرة المكتبة المركزية، بالجامعة الإسلامية بلبنان، «إن القراءة الإلكترونية تتميز بأنها قراءة انتقائية من النص أكثر منها قراءة كلية له، وكما الحال في النصوص المطبوعة فهي تهدف إلى إيجاد المعلومات التي تصب مباشرة في إطار اهتمامات المستخدم البحثية دون الحاجة إلى اتباع مسار النص الأحادي الاتجاه من البداية حتى النهاية». وتضيف: «وعلى عكس اتجاه القراءة العرضية للمطبوع، فإن القراءة الإلكترونية هي قراءة عمودية للنص تمامًا كما لفافة البردي، حيث تظهر المعلومات في شكل نافذة، يتنقل فيها المتصفح من معلومة إلى أخرى عبر النقر على العلاقات المحددة مسبقًا (hyperlinks) أو على المستعرض في طرف الشاشة. وبينما ظل النص المطبوع محدودًا بأبعاد الصفحة التي تحمله وشكلها، تكسب النص الإلكتروني مرونة أكثر في الشكل وطريقة إظهاره. ولكن هذا التمايز بين النص المطبوع والنص الإلكتروني لم يتعد في أغلب حالته عملية تفاعل ما بين التقنيتين. فنحن في بعض الأحيان أمام كتاب مطبوع هجين متوافر إلكترونيًا» وتؤكد «لا أحد ينفي للكتابة الإلكترونية مدى انتشارها وسهولة توصيلها المعلومات إلى المستفيد النهائي بسرعة. إلا أن السؤال المعضلة يدور بشكل أساسي حول إمكانية قراءة النصوص الإلكترونية على الشاشة بسهولة إذ لا يزال عدد من مستخدمي الوسائل الحديثة للمعلومات يلجأون إلى طباعة النصوص على الورق لقراءتها لاحقًا».
في الآونة الأخيرة ظهرت عدة مشروعات شبابية تدعم القراءة الإلكترونية، من بينها منصة «كتبنا» للنشر الإلكتروني التي تدعم نشر إبداعات الشباب، ويقول المهندس محمد جمال، مؤسس «كتبنا»: «القراءة الإلكترونية لن تلغي القراءة الورقية، رغم الإقبال المتزايد عليها» ويشير إلى أنه منذ تأسيس منصة «كتبنا» منذ عام واحد فقط قامت بنشر 253 كتابا، ولديهم 9 آلاف مستخدم، وتم قراءة تلك الكتب أكثر من 14 ألف مرة. ويلفت جمال إلى أن القراءة الإلكترونية غيرت بالطبع من ممارسات القراءة لدى المستخدمين، فهو يبحث عن المحتوى الخفيف شكلا ومضمونا، فهو يحمل معه الكتاب عبر جهاز يتيح له التنقل بسهولة، كما يقرأ كتابات خفيفة مثل القصص القصيرة وكتب الكوميكس المصورة، وبالطبع لا يقرأ كتبا ضخمة أو وروايات أو كتبا فكرية عميقة. ويؤكد أن القراءة الإلكترونية لم تشكل ظاهرة كبرى بعد خاصة أن معدل نمو صناعة النشر الإلكتروني بطيء جدا يبلغ نحو 2 في المائة سنويا من معدل نمو صناعة النشر الورقي التي تقدر في العالم العربي بنحو 4 مليارات دولار، بينما حجم الاستثمار في النشر الإلكتروني لا يتجاوز 80 مليونا في العالم العربي.
ويؤكد رئيس اتحاد الناشرين العرب، محمد رشاد، أنه «لا توجد قاعدة بيانات عن صناعة النشر الإلكتروني في العالم العربي وبالتالي لا يمكننا الرصد الدقيق لظاهرة القراءة الإلكترونية وتأثيرها، هي بالطبع ممارسة مرتبطة بواقع العصر والتغيرات التكنولوجية، لكنها لا تغني عن القراءة الورقية، فالقارئ في أي مكان في العالم لا يزال مرتبطا بالملمس الورقي للكتاب حتى في أوروبا وأميركا، وقد حدث تراجع في معدل النشر الإلكتروني منذ عام 2015 وظهر الإقبال الكبير على الكتاب المطبوع، فلا يمكن لشخص أن يستمتع بقراءة رواية من 300 صفحة على جهاز إلكتروني” ويشدد رشاد على أن «الأصل في النشر هو نشر المحتوى، ومهما مر الكتاب بمراحل كثيرة بدأت بالنقش على الجدران ثم ورق البردي لدى الفراعنة، وألواح الطين لدى الآشوريين، ثم جوتنبرغ وآلته، ثم الأجهزة اللوحية، ستظل القراءة الورقية لها مكانتها وطقوسها.
أما الأديب والروائي إبراهيم عبد المجيد، صاحب رواية «في كل أسبوع يوم جمعة» التي تناولت تأثير الحياة الافتراضية على الحياة الواقعية لشخوصها، فيقول: «بالتأكيد القراءة الإلكترونية لها تأثير على القراءة الورقية لكن لا نستطيع الحكم عليها بأنها قراءة غير جادة»، وعن ممارسة القراءة لديه، قال: «أستفيد من القراءة الإلكترونية مثلي مثل جيلي فقط في قراءة المقالات الصحافية أو الأخبار، لكنني أبدا لا أقوم بقراءة كتاب هام أو رواية عبر الأجهزة اللوحية».
ويشير الكاتب محمد سيد ريان، صاحب كتاب «القراءة والثقافة الرقمية» إلى أن القضية عالمية وليست عربية أو محلية، فقد أثار استطلاع للرأي تم إجراؤه منذ فترة قريبة في بريطانيا على عدد كبير من الأطفال التي تتراوح أعمارهم بين ثمانية أعوام و17 عاما، وأجرته المؤسسة البريطانية الخيرية (ناشونال ليتراسي ترست) نتائج غاية في الخطورة حيث أظهرت أن الشباب البريطاني ينصرف عن قراءة أعمال كتاب مثل ديكنز وشكسبير وكيتس؛ لانشغاله بمواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت مثل «فيسبوك» و«تويتر».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.