الجيش الروسي يسيطر على ثلاث بلدات في زابوريجيا وأوكرانيا تخوض معارك طاحنة لصد الهجوم    حالة الطقس المتوقعه اليوم الخميس 13نوفمبر 2025....تعرف على درجات الحرارة فى المنيا وجميع المحافظات    من عثرات الملاخ وتمرد عادل إمام إلى عالمية حسين فهمي، قصة مهرجان القاهرة السينمائي    إنهاء أطول إغلاق حكومى بتاريخ أمريكا بتوقيع ترامب على قانون تمويل الحكومة    فلسطين سيئة وتل أبيب تبادلنا الود، تصريح مثير من وزير خارجية تايوان عن دول الشرق الأوسط    الإسكان: طرح 25 ألف وحدة عبر منصة مصر العقارية بتقسيط حتى 7 سنوات وسداد إلكتروني كامل    ثبات نسبي لسعر صرف العملات أمام الجنيه المصري بأسوان — الخميس 13 نوفمبر 2025    أديل تخوض أولى تجاربها التمثيلية في "Cry to Heaven" للمخرج الشهير توم فورد    وزير الخارجية: استمرار الحرب في السودان أمر موجع.. ومصر تتحرك لحماية وحدة الدولة الشقيقة    الصحة: خلو مصر من التراخوما إنجاز عالمي جديد.. ورؤية الدولة هي الاستثمار في الإنسان    10 صيغ لطلب الرزق وصلاح الأحوال| فيديو    صدام وشيك بين الأهلي واتحاد الكرة بسبب عقوبات مباراة السوبر    عوض تاج الدين: الاستثمار في الرعاية الصحية أساسي لتطوير الإنسان والاقتصاد المصري    مصمم أزياء حفل افتتاح المتحف المصري الكبير: صُنعت في مصر من الألف للياء    تراجع جديد.. أسعار الفراخ والبيض في أسواق الشرقية الخميس 13-11-2025    تنمية التجارة يتابع الأداء وتطوير الخدمات دعمًا لتحقيق رؤية مصر 2030    صاحب السيارة تنازل.. سعد الصغير يعلن انتهاء أزمة حادث إسماعيل الليثي (فيديو)    مؤتمر حاشد لدعم مرشحي القائمة الوطنية في انتخابات النواب بالقنطرة غرب الإسماعيلية (صور)    الولايات المتحدة تُنهي سك عملة "السنت" رسميًا بعد أكثر من قرنين من التداول    استخراج الشهادات بالمحافظات.. تسهيلات «التجنيد والتعبئة» تربط أصحاب الهمم بالوطن    فائدة تصل ل 21.25%.. تفاصيل أعلى شهادات البنك الأهلي المصري    عباس شراقي: تجارب توربينات سد النهضة غير مكتملة    أمطار تضرب بقوة هذه الأماكن.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس خلال الساعات المقبلة    حبس المتهمين بسرقة معدات تصوير من شركة في عابدين    قانون يكرّس الدولة البوليسية .."الإجراءات الجنائية": تقنين القمع باسم العدالة وبدائل شكلية للحبس الاحتياطي    نجم الزمالك السابق: «لو مكان مرتجي هقول ل زيزو عيب».. وأيمن عبدالعزيز يرد: «ميقدرش يعمل كده»    حبس المتهم بقتل زوجته فى المنوفية بسبب خلافات زوجية    من «رأس الحكمة» إلى «علم الروم».. مصر قبلة الاستثمار    احسب إجازاتك.. تعرف على موعد العطلات الدينية والرسمية في 2026    غضب واسع بعد إعلان فرقة إسرائيلية إقامة حفلات لأم كلثوم.. والأسرة تتحرك قانونيا    إعلام: زيلينسكي وأجهزة مكافحة الفساد الأوكرانية على شفا الحرب    التفاف على توصيات الأمم المتحدة .. السيسي يصدّق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    القيادة المركزية الأمريكية: نفذنا 22 عملية أمنية ضد "داعش" طوال الشهر الماضي    قرارات جديدة بشأن مصرع وإصابة 7 في حادث منشأة القناطر    مرور الإسكندرية يواصل حملاته لضبط المخالفات بجميع أنحاء المحافظة    المستشار بنداري: أشكر وسائل الإعلام على صدق تغطية انتخابات نواب 2025    بتروجت: اتفاق ثلاثي مع الزمالك وحمدان لانتقاله في يناير ولكن.. وحقيقة عرض الأهلي    أبو ريدة: سنخوض مباريات قوية في مارس استعدادا لكأس العالم    الإنتاج الحربي يلتقي أسوان في الجولة ال 12 بدوري المحترفين    قفزة في سعر الذهب اليوم.. وعيار 21 الآن في السودان ببداية تعاملات الخميس 13 نوفمبر 2025    الاحتلال الإسرائيلي يشن سلسلة اقتحامات وعمليات نسف في الضفة الغربية وقطاع غزة    فيفي عبده تبارك ل مي عز الدين زواجها.. والأخيرة ترد: «الله يبارك فيكي يا ماما»    واشنطن تدعو لتحرك دولي عاجل لوقف إمدادات السلاح لقوات الدعم السريع    فرصة مميزة للمعلمين 2025.. التقديم الآن علي اعتماد المراكز التدريبية لدى الأكاديمية المهنية    بدء نوة المكنسة بالإسكندرية.. أمطار متوسطة ورعدية تضرب عدة مناطق    يقضي على ذاكرتك.. أهم أضرار استخدام الشاشات لفترات طويلة    النيابة العامة تخصص جزء من رسوم خدماتها الرقمية لصالح مستشفى سرطان الأطفال    محمود فوزي ل"من مصر": قانون الإجراءات الجنائية زوّد بدائل الحبس الاحتياطي    خبير لوائح: قرارات لجنة الانضباط «تهريج».. ولا يوجد نص يعاقب زيزو    تأكيد لليوم السابع.. اتحاد الكرة يعلن حرية انتقال اللاعبين الهواة بدون قيود    حيثيات حبس البلوجر «سوزي الأردنية»: «الحرية لا تعني الانفلات»    «يتميز بالانضباط التكتيكي».. نجم الأهلي السابق يتغنى ب طاهر محمد طاهر    قد يؤدي إلى العمى.. أعراض وأسباب التراكوما بعد القضاء على المرض في مصر    مقرمش جدا من بره.. أفضل طريقة لقلي السمك بدون نقطة زيت    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشام مقدسة لدى المصريين القدامى.. وفرعون الخروج ليس عربيًّا
نشر في صوت البلد يوم 09 - 05 - 2016

قال الدكتور أحمد عوض، الباحث في العمارة المصرية القديمة والفلك، ، إن كافة المصادر الأثرية القديمة تثبت أن أراضي الشام كانت أراضٍ مقدسة في العقيدة الدينية المصرية القديمة، وسميت "تا نتر" أي "أرض الإله"، لافتًا إلى أن الصراع بين قوم سيدنا موسى، عليه الصلاة والسلام، وفرعون مصر، كان صراع سيادة على الأرض المقدسة دينيًا لدى طرفي الصراع، حسب قوله.
وأضاف أن المصادر الأثرية أثبتت سيادة المصري القديم على أراضي الشام في غالب عصور مصر القديمة، عكس فترة سيطرة الهكسوس التي شحتّ من المصادر الأثرية التي تثبت اهتمامهم السياسي أو العقائدي بأراضي الشام.
وأوضح عوض أن ما أثير من خلال دراسات قامت بثها وسائل إعلامية عربية تجزم أن فرعون الخروج كان عربيًا من الهكسوس، وليس مصريًا "ليس صحيحًا بالمرة"، مضيفًا أن الدكتور حازم الببلاوي، رئيس وزراء مصر الأسبق رد في مقال له، منشور في جريدة "الأهرام"، في يناير من عام 2013م على الآراء الإسرائيلية، التي تطالب الدولة المصرية بتعويضها ماديًا عن ما تركه أجدادهم من مساكن ومتاع إبان خروجهم من مصر القديمة، استنادًا على الرواية المشتركة بين الديانات السماوية الثلاثة.
وقد جاء الرد المصري على لسان الببلاوي بأن أجداد اليهود قبيل خروجهم قد سلبوا من جيرانهم المصريين زينة من الذهب تقدر بوزن عجلهم الذهبي الذي عبدوه لاحقًا؛ وذلك استنادًا إلى نفس الرواية الدينية، وعليها يكون فارق التعويضات هنا لصالح الدولة المصرية وليس لصالح إسرائيل.
ولكن مع طرح فرضية أن فرعون موسى من الهكسوس نذهب بتلك الإشكالية التاريخية والسياسية إلى نقطة البداية، بخاصة في مسألة التعويضات التاريخية تلك، ومنها نفتح أبواب الجدل عن أحقية ما سلبه اليهود القدامى من جيرانهم، فهل هي حقوق مصرية أم أنها حقوق لقبائل الهكسوس؟ لذا وجب الرد على ذلك الطرح من خلال بعض المفاهيم الثابتة التي وردت في القرآن الكريم، والتي تتوافق أيضًا مع ما ورد في الكتب السماوية الأخرى.
يوضح الباحث الأثري أنه جاء في سورة "غافر"، الآية "36"، أن فرعون طلب بناء "صرح" له حتى يصعد إليه ويتطلع إلى "أسباب السماء"، بحثًا عن إله موسى، وقد جاء في التفاسير أن معنى "أسباب السماء" يقصد بها "أبواب السماء"، وما يوصل إليه منها، وقد جاءت هنا معاني الآية الكريمة متوافقة تمامًا مع الوظيفة المعمارية واللاهوتية للصروح، بناء على المفاهيم الدينية للمصري القديم، فالصرح يمثل بوابة الأفق التي تشرق الشمس وتغرب من بين بوابته الرئيسة؛ لذا تتصدر واجهات المعابد المصرية القديمة كناية عن ذلك التمثيل الرمزي.
وأكد أنه تم توجيه أغلب صروح المعابد في مصر القديمة نحو مشرق الشمس أو مغاربها في أيام أعياد بعينها على مدار السنة، أما البقية الأخرى من الصروح فقد وجهت نحو الموطن الرمزي لشروق الشمس، سواء على الآتجاه الجنوب شرقي للسماء، أو نحو موقع ما يطلق عليها "أرض الإله"، وذلك طبقًا لما جاء في النصوص الدينية المصرية القديمة، وعليها تقترن المكانة اللاهوتية للصرح مع المكانة اللاهوتية للشمس، بصفتها تجسيدًا سماويًا للمعبود الخالق في العقيدة المصرية القديمة، وهي لم تكن موجودة في العقائد العربية ومنها الهكسوس.
وتدل الشواهد الأثرية على أن الصروح قد بنيت من الطوب اللبن المحروق، وهو ما جاء متوافقًا مع ما ورد بالقرآن الكريم في سورة "القصص" الآية "38"، وقد استخدمت أسطح تلك الصروح كمراصد فلكية يعرف منها حركة السنوية واليومية للشمس والنجوم، بخاصة مع حاجة الكهنة لمعرفة ساعات الليل، التي كانوا يحددونها عن طريق حركة النجوم في المساء، وذلك نظرًا لما يترتب عليها من أمور دينية؛ لذا نصبت طبقة من الكهنة العالمين بحركة الأجرام السماوية وعلوم الفلك لمثل هذه المهام الغاية في الأهمية، بخاصة في المعبد الرئيس بمدينة "إيونو" "هليوبوليس" الحالية، وكان يسمى كبير الكهنة هناك "كبير الرائين"، أي "كبير الفلكيين".
وأضاف: اقترنت علوم الفلك بديانة مصر القديمة بشكل مباشر، وتعد من الأسرار المقدسة للكهنوت المصري القديم المحرم تداولها خارج أسوار معابد مصر القديمة، وهو ما ينتفي معه معرفة الهكسوس لأي من تلك الأسرار المقدسة، بخاصة أن الهكسوس كانوا من القبائل المحاربة البعيدة تمامُا عن المعارف الحياتية ولم يتركوا أيًا من الشواهد الأثرية في ذلك الصدد.
ويوضح عوض أنه ورد في سورة "يوسف" الآية "44" عدم قدرة الملأ المحيط بالملك تفسير حلمه المتكرر وإتيانهم بسيدنا "يوسف" ليفسر ذلك الحلم، وهو ما يأتي نقيضًا للأهمية اللاهوتية البالغة للأحلام في الديانة المصرية القديمة، وقدرة الملأ المحيط بفرعون الخروج من تفسير حلمه وتحذيره من نبؤة هلاكه، وعليها يتأكد عدم معرفة الهكسوس بالأسرار المقدسة الخاصة بتفسير الأحلام، وهو ما يؤكد بدوره عدم معرفتهم بالعلوم الكهنوتية، بخاصة الفلك وأسراره الدينية، فالأحلام في المفاهيم الدينية المصرية القديمة تعد رسائل مقدسة ترسل كوحي إلهي من المعبودات مباشرة إلى النائم، كما أن مفهوم النوم نفسه يعد ترحالًا روحيًا للنائم إلى عالم المعبودات المقدس، وقد ظهر ارتباط الأحلام بالوحي الإلهي في صورة ما يُعرف باسم "النوم في المعبد"، ومما يؤكد أهمية الأحلام في مصر القديم ما سجلته الآثار عن حلم الملك "تحتمس الرابع"، الذي على أثر تفسيره تولى "تحتمس الرابع" عرش البلاد دون شرعية وراثية.
جاء في القرآن الكريم أن عصا سيدنا موسى تحولت أمام فرعون إلى ثعبان جبار، وهو ما يعد تحديًا للقدرة الإلهية التي نسبها فرعون لنفسه، وقد جاء اختيار تحول العصا إلى ثعبان دون غيره من الدواب المفترسة الأخرى متوافقًا بشكل مذهل مع ما ورد في الديانة المصرية القديمة، فقد ورد في النصوص الأثرية أن المعبود الخالق في الديانة المصرية القديمة يصارع ثعبانًا ضخمًا سُمّي "أبوفيس"، وهذا الصراع يحدث بشكل يومي كل شروق وحين ينتصر المعبود الخالق على الثعبان تستطيع الشمس أن تشرق على عالم البشر ويعم منها الخير والعدل.
يؤكد الباحث الأثري أنه جاءت معجزة سيدنا موسى على نفس السياق السابق، بتحول عصاه إلى ثعبان جبار يواجه فرعون على الملأ، تحديًا للقدرة الإلهية التي يدعيها فرعون لنفسه بصفته إلهًا، وذلك بناء على الثوابت الدينية التي وضعها هو على نفسه وليس ما جاء به سيدنا موسى، وهو ما يبتعد بدوره كليًا عن عقائد الهكسوس، مضيفًا أن قيام بني إسرائيل بعبادة تمثال على هيئة "عجل" صنع من الذهب الذي سلبوه من مصر جاءت متوافقة تمامًا مع الهيئة الشائعة للمعبود الخالق في الديانة المصرية القديمة إبان الدولة الحديثة.
ورد في المصادر الأثرية، أن المعبود الخالق يولد بشكل يومي على هيئة "عجل" ذهبي ما يلبث أن ينمو أثناء النهار حتى يصبح ثورًا فيلقح بقرة السماء ليتمم بذلك عملية ولادتها قرص الشمس إبان الشروق اليومي، ومن ثم يُعد ذلك دليلًا على تزامن حدث خروج "بني إسرائيل" مع فترة الدولة الحديثة بعد تحرر من غزو الهكسوس من مصر القديمة.
ويوضح عوض، أنه في المصادر الأثرية المنسوبة للأسرة الثامنة عشرة ذكر اسما مسئولين ممن تقلدوا بعض الأمور المهمة في القصر الملكي، وهما "رع موسى" و"سبك موسى"، وهو ما يدل على شيوع اسم "موسى" بين الطبقة العليا الحاكمة في فترة محددة إبان مولد الدولة الحديثة، فقد كان من الطبيعي آنذاك اختلاط أبناء تلك الطبقة العليا في المؤسسات التعليمية سواء كانوا من الأمراء أو أبناء كبار المسئولين، وهي المؤسسات التي تعرف باسم "بيت الحياة".
ويؤكد أن كافة التفاصيل التاريخية لحدث خروج "بني إسرائيل" من مصر القديمة جاءت متوافقة زمانيًا مع المفاهيم الحضارية السائدة إبان الدولة الحديثة، أي بعد تحرر مصر القديمة من غزو قبائل الهكسوس لها، وأن تلك الحقيقة لا تشين حضارة مصر القديمة ولا تضيرها أيضًا، فما اقترفه "فرعون الخروج" من آثام هو وملؤوه قد نالوا عليها عقاب الموت غرقًا، بالإضافة إلى ما عانوه آنذاك من الضربات التسع التي عوقبوا بها قبيل خروج "بني إسرائيل" من مصر القديمة.
وحذر الباحث الأثري من أن للدولة الإسرائيلية "اهتمامًا بالغًا بالأبحاث التاريخية والأثرية التي تبحث في حدث خروج أجدادهم من مصر القديمة، كما أن لها رؤية دينية وسياسية لهذا الحدث فمنه تُدّعم مزاعم شرعية إقامة دولتهم على أرض "فلسطين" بسند وجودهم التاريخي على تلك البقعة العربية".
قال الدكتور أحمد عوض، الباحث في العمارة المصرية القديمة والفلك، ، إن كافة المصادر الأثرية القديمة تثبت أن أراضي الشام كانت أراضٍ مقدسة في العقيدة الدينية المصرية القديمة، وسميت "تا نتر" أي "أرض الإله"، لافتًا إلى أن الصراع بين قوم سيدنا موسى، عليه الصلاة والسلام، وفرعون مصر، كان صراع سيادة على الأرض المقدسة دينيًا لدى طرفي الصراع، حسب قوله.
وأضاف أن المصادر الأثرية أثبتت سيادة المصري القديم على أراضي الشام في غالب عصور مصر القديمة، عكس فترة سيطرة الهكسوس التي شحتّ من المصادر الأثرية التي تثبت اهتمامهم السياسي أو العقائدي بأراضي الشام.
وأوضح عوض أن ما أثير من خلال دراسات قامت بثها وسائل إعلامية عربية تجزم أن فرعون الخروج كان عربيًا من الهكسوس، وليس مصريًا "ليس صحيحًا بالمرة"، مضيفًا أن الدكتور حازم الببلاوي، رئيس وزراء مصر الأسبق رد في مقال له، منشور في جريدة "الأهرام"، في يناير من عام 2013م على الآراء الإسرائيلية، التي تطالب الدولة المصرية بتعويضها ماديًا عن ما تركه أجدادهم من مساكن ومتاع إبان خروجهم من مصر القديمة، استنادًا على الرواية المشتركة بين الديانات السماوية الثلاثة.
وقد جاء الرد المصري على لسان الببلاوي بأن أجداد اليهود قبيل خروجهم قد سلبوا من جيرانهم المصريين زينة من الذهب تقدر بوزن عجلهم الذهبي الذي عبدوه لاحقًا؛ وذلك استنادًا إلى نفس الرواية الدينية، وعليها يكون فارق التعويضات هنا لصالح الدولة المصرية وليس لصالح إسرائيل.
ولكن مع طرح فرضية أن فرعون موسى من الهكسوس نذهب بتلك الإشكالية التاريخية والسياسية إلى نقطة البداية، بخاصة في مسألة التعويضات التاريخية تلك، ومنها نفتح أبواب الجدل عن أحقية ما سلبه اليهود القدامى من جيرانهم، فهل هي حقوق مصرية أم أنها حقوق لقبائل الهكسوس؟ لذا وجب الرد على ذلك الطرح من خلال بعض المفاهيم الثابتة التي وردت في القرآن الكريم، والتي تتوافق أيضًا مع ما ورد في الكتب السماوية الأخرى.
يوضح الباحث الأثري أنه جاء في سورة "غافر"، الآية "36"، أن فرعون طلب بناء "صرح" له حتى يصعد إليه ويتطلع إلى "أسباب السماء"، بحثًا عن إله موسى، وقد جاء في التفاسير أن معنى "أسباب السماء" يقصد بها "أبواب السماء"، وما يوصل إليه منها، وقد جاءت هنا معاني الآية الكريمة متوافقة تمامًا مع الوظيفة المعمارية واللاهوتية للصروح، بناء على المفاهيم الدينية للمصري القديم، فالصرح يمثل بوابة الأفق التي تشرق الشمس وتغرب من بين بوابته الرئيسة؛ لذا تتصدر واجهات المعابد المصرية القديمة كناية عن ذلك التمثيل الرمزي.
وأكد أنه تم توجيه أغلب صروح المعابد في مصر القديمة نحو مشرق الشمس أو مغاربها في أيام أعياد بعينها على مدار السنة، أما البقية الأخرى من الصروح فقد وجهت نحو الموطن الرمزي لشروق الشمس، سواء على الآتجاه الجنوب شرقي للسماء، أو نحو موقع ما يطلق عليها "أرض الإله"، وذلك طبقًا لما جاء في النصوص الدينية المصرية القديمة، وعليها تقترن المكانة اللاهوتية للصرح مع المكانة اللاهوتية للشمس، بصفتها تجسيدًا سماويًا للمعبود الخالق في العقيدة المصرية القديمة، وهي لم تكن موجودة في العقائد العربية ومنها الهكسوس.
وتدل الشواهد الأثرية على أن الصروح قد بنيت من الطوب اللبن المحروق، وهو ما جاء متوافقًا مع ما ورد بالقرآن الكريم في سورة "القصص" الآية "38"، وقد استخدمت أسطح تلك الصروح كمراصد فلكية يعرف منها حركة السنوية واليومية للشمس والنجوم، بخاصة مع حاجة الكهنة لمعرفة ساعات الليل، التي كانوا يحددونها عن طريق حركة النجوم في المساء، وذلك نظرًا لما يترتب عليها من أمور دينية؛ لذا نصبت طبقة من الكهنة العالمين بحركة الأجرام السماوية وعلوم الفلك لمثل هذه المهام الغاية في الأهمية، بخاصة في المعبد الرئيس بمدينة "إيونو" "هليوبوليس" الحالية، وكان يسمى كبير الكهنة هناك "كبير الرائين"، أي "كبير الفلكيين".
وأضاف: اقترنت علوم الفلك بديانة مصر القديمة بشكل مباشر، وتعد من الأسرار المقدسة للكهنوت المصري القديم المحرم تداولها خارج أسوار معابد مصر القديمة، وهو ما ينتفي معه معرفة الهكسوس لأي من تلك الأسرار المقدسة، بخاصة أن الهكسوس كانوا من القبائل المحاربة البعيدة تمامُا عن المعارف الحياتية ولم يتركوا أيًا من الشواهد الأثرية في ذلك الصدد.
ويوضح عوض أنه ورد في سورة "يوسف" الآية "44" عدم قدرة الملأ المحيط بالملك تفسير حلمه المتكرر وإتيانهم بسيدنا "يوسف" ليفسر ذلك الحلم، وهو ما يأتي نقيضًا للأهمية اللاهوتية البالغة للأحلام في الديانة المصرية القديمة، وقدرة الملأ المحيط بفرعون الخروج من تفسير حلمه وتحذيره من نبؤة هلاكه، وعليها يتأكد عدم معرفة الهكسوس بالأسرار المقدسة الخاصة بتفسير الأحلام، وهو ما يؤكد بدوره عدم معرفتهم بالعلوم الكهنوتية، بخاصة الفلك وأسراره الدينية، فالأحلام في المفاهيم الدينية المصرية القديمة تعد رسائل مقدسة ترسل كوحي إلهي من المعبودات مباشرة إلى النائم، كما أن مفهوم النوم نفسه يعد ترحالًا روحيًا للنائم إلى عالم المعبودات المقدس، وقد ظهر ارتباط الأحلام بالوحي الإلهي في صورة ما يُعرف باسم "النوم في المعبد"، ومما يؤكد أهمية الأحلام في مصر القديم ما سجلته الآثار عن حلم الملك "تحتمس الرابع"، الذي على أثر تفسيره تولى "تحتمس الرابع" عرش البلاد دون شرعية وراثية.
جاء في القرآن الكريم أن عصا سيدنا موسى تحولت أمام فرعون إلى ثعبان جبار، وهو ما يعد تحديًا للقدرة الإلهية التي نسبها فرعون لنفسه، وقد جاء اختيار تحول العصا إلى ثعبان دون غيره من الدواب المفترسة الأخرى متوافقًا بشكل مذهل مع ما ورد في الديانة المصرية القديمة، فقد ورد في النصوص الأثرية أن المعبود الخالق في الديانة المصرية القديمة يصارع ثعبانًا ضخمًا سُمّي "أبوفيس"، وهذا الصراع يحدث بشكل يومي كل شروق وحين ينتصر المعبود الخالق على الثعبان تستطيع الشمس أن تشرق على عالم البشر ويعم منها الخير والعدل.
يؤكد الباحث الأثري أنه جاءت معجزة سيدنا موسى على نفس السياق السابق، بتحول عصاه إلى ثعبان جبار يواجه فرعون على الملأ، تحديًا للقدرة الإلهية التي يدعيها فرعون لنفسه بصفته إلهًا، وذلك بناء على الثوابت الدينية التي وضعها هو على نفسه وليس ما جاء به سيدنا موسى، وهو ما يبتعد بدوره كليًا عن عقائد الهكسوس، مضيفًا أن قيام بني إسرائيل بعبادة تمثال على هيئة "عجل" صنع من الذهب الذي سلبوه من مصر جاءت متوافقة تمامًا مع الهيئة الشائعة للمعبود الخالق في الديانة المصرية القديمة إبان الدولة الحديثة.
ورد في المصادر الأثرية، أن المعبود الخالق يولد بشكل يومي على هيئة "عجل" ذهبي ما يلبث أن ينمو أثناء النهار حتى يصبح ثورًا فيلقح بقرة السماء ليتمم بذلك عملية ولادتها قرص الشمس إبان الشروق اليومي، ومن ثم يُعد ذلك دليلًا على تزامن حدث خروج "بني إسرائيل" مع فترة الدولة الحديثة بعد تحرر من غزو الهكسوس من مصر القديمة.
ويوضح عوض، أنه في المصادر الأثرية المنسوبة للأسرة الثامنة عشرة ذكر اسما مسئولين ممن تقلدوا بعض الأمور المهمة في القصر الملكي، وهما "رع موسى" و"سبك موسى"، وهو ما يدل على شيوع اسم "موسى" بين الطبقة العليا الحاكمة في فترة محددة إبان مولد الدولة الحديثة، فقد كان من الطبيعي آنذاك اختلاط أبناء تلك الطبقة العليا في المؤسسات التعليمية سواء كانوا من الأمراء أو أبناء كبار المسئولين، وهي المؤسسات التي تعرف باسم "بيت الحياة".
ويؤكد أن كافة التفاصيل التاريخية لحدث خروج "بني إسرائيل" من مصر القديمة جاءت متوافقة زمانيًا مع المفاهيم الحضارية السائدة إبان الدولة الحديثة، أي بعد تحرر مصر القديمة من غزو قبائل الهكسوس لها، وأن تلك الحقيقة لا تشين حضارة مصر القديمة ولا تضيرها أيضًا، فما اقترفه "فرعون الخروج" من آثام هو وملؤوه قد نالوا عليها عقاب الموت غرقًا، بالإضافة إلى ما عانوه آنذاك من الضربات التسع التي عوقبوا بها قبيل خروج "بني إسرائيل" من مصر القديمة.
وحذر الباحث الأثري من أن للدولة الإسرائيلية "اهتمامًا بالغًا بالأبحاث التاريخية والأثرية التي تبحث في حدث خروج أجدادهم من مصر القديمة، كما أن لها رؤية دينية وسياسية لهذا الحدث فمنه تُدّعم مزاعم شرعية إقامة دولتهم على أرض "فلسطين" بسند وجودهم التاريخي على تلك البقعة العربية".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.