أرادوا أن يعلنوا للعالم أجمع عن جمال بلادهم، وأصالة شعبهم، فلم يجدوا أصدق من الصور الفوتوغرافية، التي لا تكذب ولا تتجمل، بل تنقل الواقع كما هو؛ فاختاروا دار الأوبرا المصرية لتكون أول انطلاقة دولية لهم لما لها من مكانة ثقافية في نفوس العرب جميعاً.. فقد أقامت جمعية الصحفيين العمانيين معرضًا للصور الفوتوغرافية تحت عنوان "ملامح من عمان" بالمسرح الكبير بدار الأوبرا.. افتتحه د. أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب المصري، والشيخ خليفة بن علي بن عيسي الحارثي سفير سلطنة عمان بالقاهرة، وحضر الحفل لفيف من المثقفين والإعلاميين والفنانين علي رأسهم فاروق حسني وزير الثقافة، ومكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين المصريين، ومن الفنانين صفية العمري وأحمد ماهر. يأتي المعرض في إطار فعاليات احتفالات السلطنة بمناسبة مرور أربعين عاما علي نهضتها الحديثة منذ تولي حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - مقاليد الحكم في البلاد. ويضم بين جنباته مائتين واربعين صورة مختارة تمثل أوجه الحياة الاجتماعية والحضارية والإيقاع اليومي لمسيرة البناء في السلطنة وصور من كنوز عمان الطبيعية لمناظر خلابة وآسرة لمختلف الأوجه الطبيعية والجغرافية والتضاريسية والسياحية، وكلها ترسم لوحة فنية في تشكيلاتها الطبيعية الذي وهبها الله لهذه الأرض الطيبة. ويشارك في المعرض عشرة من المصورين العمانيين المبدعين الذين قدموا نتاج جهدهم وحصاد عشرات السنين التي تجولوا خلالها في ربوع السلطنة، متحملين الكثير من المخاطر والصعاب للوصول إلي مناطق يستطيعون من خلالها التقاط صور ناطقة بجمال وروعة السلطنة. يأتني علي رأس هؤلاء المبدعين المستشار محمد بن الزبير بن علي، الذي رغم غيابه عن المعرض بشخصه إلا أن صوره كانت تعلن عن حضوره، وتكشف عن موهبته الفطرية التي كبرت مع اتساع خبرته، واثقلت بالقراءة والثقافة، وتتضح موهبة وذكاء المستشار محمد بن الزبير من صعوبة الزوايا التي اختارها وأتقن استغلالها لتخرج لنا لوحات جمالية تصبح خير سفير لسلطنة عمان. ولقد بدأ اهتمام المستشار محمد بن الزبير بالتصوير في سن مبكرة جداً؛ حيث كان لم يتجاوز الثامنة عندما أهداه والده آلة تصوير ليتنقل بين ربوع وشواطئ وجبال السلطنة ليلتقط صوراً لسحر طبيعتها وأصالة أهلها وظل هكذا حتي أصبح الآن يستخدم أحدث التقنيات في مجال التصوير الرقمي، ويكيف ما لديه من برامج حاسوبية للتحكم في إنتاج صور تعكس فنه وتكون خير سفير للتسويق السياحي لسلطنة عمان. كما شارك في المعرض سيف بن ناصر الهنائي الذي يعد من رواد التصوير الضوئي بالسلطنة حيث مثلها في العديد من المحافل الدولية علي الصعيدين العربي والدولي، وشارك في العديد من معارض التصوير حصد خلالها الكثير من الجوائز. وقد أشاد د. أحمد فتحي سرور بجمال الطبيعة في عمان.. وقال إن مصوري سلطنة عمان عاشقون لبلادهم.. ويتجلي ذلك العشق فيما ترجمته عدساتهم من صور فوتوغرافية تعكس عظمة الخالق في إبداعه، وما حبا به السلطنة من جمال وسحر الطبيعة، وأن أكثر المشاهد روعة وجمالا هي المأخوذة من سلالة؛ حيث جمال الخضرة ونقاء الجو وهو ما يظهر جلياً في الصور المعروضة. أما نقيب الصحفيين مكرم محمد أحمد فقال: لقد عكست الصور الطبيعة الجغرافية والاجتماعية لسلطنة عمان، وكذلك ما أولته السلطات العمانية للمرأة من رعاية واهتمام؛ حيث تظهر الصور المرأة مشاركة للرجل في كل نواحي الحياة تعيش بحرية مغلفة بالعادات والتقاليد علي عكس ما تلاقيه المرأة من عنف في بعض الدول العربية. وأشاد مكرم بالعلاقات السياسية الطيبة التي تربط بين مصر وسلطنة عمان، كما رحب بعضوية جمعية الصحفيين العمانيين في اتحاد الصحفيين العرب حيث انضمت منذ اربع سنوات واستضافت في مسقط اجتماع الأمانة العامة للاتحاد عام 2009، وفي العام ذاته تم انتخاب أحد أعضائها كعضو بالأمانة العامة للاتحاد، كما أن الجمعية سوف تستضيف اجتماع الاتحاد القادم.. مؤكدًا أن جمعية الصحفيين العمانيين صوت حكيم وعاقل. وأكد علي بن خلفان الجابري رئيس مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانيين، أن هذا المعرض الذي تنظمه الجمعية بالعاصمة المصرية القاهرة، يمثل باكورة أنشطتها الوطنية الثقافية خارج السلطنة، وهو إطلالة عامة علي السلطنة بكل مكوناتها الحضارية، حاضرًا وتاريخًا، أرضًا، وإنسانًا، برؤية مجموعة من المصورين المحترفين من أبناء السلطنة، حيث يوفر المعرض تجوالا نابضا بالحيوية وراصدا للأرض والإنسان اللذين يمثلان ديمومة الفعل الحضاري، فالأرض محفز حقيقي للعطاء، والإنسان صانع الحضارة يستمد عزيمته من ذلك العطاء نتاجًا لكل معطيات التاريخ والتراكم المعرفي والإسهام الحقيقي في الحضارة الإنسانية. وأضاف الجابري: لقد تم اختيار القاهرة لأنها الأثري بالثقافة والتاريخ والفن في الوجدان العربي، والأقدر علي استيعاب المدلولات الحضارية والتاريخية للمعرض الذي يمثل بلدًا يفخر بتاريخه الضارب في القدم، وشكل في أكثر من مفصل من مفاصل التاريخ تواصلا مع الحضارة المصرية بكل ثرائها الباذخ. كما أن إقامة المعرض بدار الأوبرا المصرية بكل تاريخها وإسهامها في التواصل الفني الأصيل مع فنون العالم وإثرائها لتلك الفنون بإسهامات فنية يقف العالم احترامًا وتقديرًا لها، هو الآخر مؤشر علي أصالة التوجه ورقي المقصد، حيث التحليق دائمًا في الأعلي، وكما تتسع رحابة المكان لكل عطاءات الطبيعة، كما في رحابة أحضان كهف مجلس الجن الذي يعد ثاني أكبر الكهوف في العالم أو في لهاث أزرق بمحازات بحر عمان وبحر العرب اللذين يمتدان علي سواحل والخلجان لقرابة ألفين وخمسمائة كيلو متر. أما الفنان خميس علي المحاربي المشارك بثلاثين صورة في المعرض، فقال: لقد تم تشكيل لجنة من جمعية الصحفيين العمانيين وونادي التصوير الضوئي وتم اختيار المائتين واربعين لوحة من ألفين لوحة مقدمة، وقد تم الأخذ بالاعتبار أن تكون اللوحات ممتلئة بكل أوجه الحياة العمانية، وأنه قد تم اختيار اسم "ملامح من عمان" للمعرض حيث إن عمان أكبر من أن تحصي، ولأن مساحتها في القلب بحجم كون واسع. أما نسرين الغيلانية الفنانة الوحيدة المشاركة في المعرض، فقالت إنها تشارك بصورتين إحداهما بروتريه وهو ما تخصصت فيه بعد دراسة عمق الوجه، والأخري للطبيعة التي تجبر كل متذوق لفن التصوير وتجذبه لالتقاط الكثير من الصور.وأضافت أنها واجهتها بعض الانتقادات عند احترافها في عالم التصوير الصحفي، لكنها لعشقها الفن استطاعت التغلب علي تلك الانتقادات بمساعدة أمها، والتي حرصت علي حضور المعرض.