المستشار عدلي منصور الرئيس المؤقت السابق، قبل انتهاء فترة حكمه الانتقالية سنّ قانوناً جديداً للتظاهر، قال حقوقيون عنه إنه يمثل تحديا كبيراً لحرية التجمُّع وحق التظاهر ضد السلطة، ويقوض خروج تظاهرات مثل التي أجبرت الرئيسين حسني مبارك ومحمد مرسي على الرحيل عن السلطة، حيث ينص القانون على حظر الاعتصامات وأي تجمُّعات غير مصرح بها سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص من عشرة أشخاص أو أكثر، كما يلزم القانون منظمي الاحتجاج إخطار الشرطة قبل ثلاثة أيام من التظاهرة على الأقل، مع أهمية تقديم أسماء وعناوين ومطالب المتظاهرين، كما يمنح القانون قوات الأمن القول الفصل في تحديد ماهية الاحتجاج والتعامل معه وفق رؤيتها. ومع صعود الرئيس عبد الفتاح السيسي للحكم، تعالت بعض الاصوات بضرورة تعديل بنود القانون، وجعل التظاهر بالإخطار وإلغاء عقوبة الحبس والاكتفاء بالغرامة، وخلال الفترة الماضية ناشد حقوقيون السيسي الإفراج عن النشطاء المحبوسين بسبب خرقهم لقانون التظاهر، ومع كثرة المناشدات تشير تقارير إلى نية حكومة رئيس الوزراء إبراهيم محلب إعادة النظر في بعض بنود القانون ، أبرزها تخفيف العقوبات والاكتفاء بالغرامة فقط بدلاً من الحبس، ومن المتوقع إحالة التعديلات إلى قسم التشريع بمجلس الدولة، للإطلاع عليها ورفعها إلى رئيس الجمهورية للتصديق عليها، سواء بالموافقة أو الإبقاء على القانون القديم. وفي هذا الإطار يرى حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، أن التعديل يأتي استجابة من الحكومة لمطالب النشطاء والقوى الثورية، واتساقاً مع الوضع الأمني الذي أصبح أكثر استقراراً مقارنةً بما كانت عليه الدولة وقت عزل الرئيس محمد مرسي عن الحكم، حيث شهدت الدولة فوضى واحتجاجات عنيفة كانت تستدعي إصدار قانون للتظاهر، وتابع: هناك بعض المؤشرات تدل على رغبة الدولة في تعديل موقفها من قانون التظاهر، أبرزها الإفراج عن الناشط السياسي علاء عبد الفتاح وتنحي إحدى المحاكم عن نظر قضية تظاهرات مجلس الشورى استشعاراً للحرج، مما يؤكد أن الدولة عازمة على تعديل القانون الذي تسبب في إرباك المشهد السياسي في الدولة منذ صدوره، وحول أبرز التعديلات، يؤكد على إلغاء بند موافقة الداخلية على تصريح التظاهر والاكتفاء بالإخطار فقط بالتظاهرة، وإلغاء عقوبة الحبس والاكتفاء بالغرامة فقط، والسماح بحرية الاعتصام. وأوضح جمال عيد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، أن تعديل قانون التظاهر هو إعادة تصحيح لمسار الحراك المجتمعي ضد القانون الذي أصدره الرئيس المؤقت السابق عدلي منصور، حيث كان صدوره اختباراً للديمقراطية في مرحلة ما بعد مرسي، لكنه يرى أن الدولة فشلت في مواجهة الخارجين بقانون العقوبات الجنائية، وأصدرت قانوناً قمعياً لا يتماشى مع مبادئ الحرية التي رفعها المتظاهرون بعد ثورتين، ويشير إلى أن وجود مواد في قانون التظاهر تقيّد بشدة حرية التجمُّع للأحزاب السياسية والجماعات غير الحكومية، مؤشر سلبي في حق الديمقراطية التي يتشدق بها مسئولي الدولة، وبالتالي كان من الخطأ معاقبة المجتمع بسبب ممارسات مؤيدي جماعة الإخوان المسلمين في الشارع بعد عزل مرسي، بعد أن شنَّت مظاهرات شبه يومية في العديد من البلدات والمدن المصرية بعد عزله في 3 يوليو من العام الماضي، ويؤكد أن قانون التظاهر به بعض المساوئ الحقوقية، أبرزها منح قوات الأمن القول الفصل في منع أو تأجيل المظاهرات إذا كانوا يعتقدون - حسب مزاجهم - أنها تهدد النظام والسلم العام، كما سمح للشرطة تفريق التظاهرة بالقوة من خلال استخدام الغاز المسيل للدموع، ومن يقبض عليه يواجه عقوبة تصل إلى سبع سنوات في السجن، وتابع: مثل هذه البنود لابد من إلغائها فوراً حتى تتسق مع متطلبات حرية التظاهر وحرية التعبير الشخصي، سواء بالعبارات أو الشعارات أو حتى الاعتصام. في المقابل رفض د. جمال زهران أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، إجراء أية تعديلات على قانون التظاهر في هذا التوقيت، لأنه يمثل انتقاصاً من هيبة الدولة، خاصةً وأن إعلان الحكومة عن تعديل القانون جاء بعد زيارة وزير الخارجية الأمريكي لمصر، وإعلانه في مؤتمر صحفي توصّله لتفاهمات مع الرئيس حول القانون ، ويؤكد أن الدولة لا يجب أن تخضع لضغوط خارجية أو داخلية أو تستجيب لأية أصوات، وما يتردد حول تعديل القانون يؤكد أن الدولة ثقتها مرتعشة تجاه النشطاء والقوى الثورية، ويؤكد أن السيسي أكد خلال تصريحات سابقة أن دولة القانون ستظل قائمة، وما يحدث من حكومة محلب دليل على تراجع دولة القانون لصالح دولة الضغوط والخوف من الحركات الشبابية، ويرى أنه طالما أخطأ بعض المتظاهرين في خرق قانون التظاهر عليهم أن يتحملوا مسئولياتهم، وخلاف ذلك ستشهد الدولة تراجعات كثيرة في مواقفها منذ 30 يونيو. واتفق في الرأي د. عماد جاد الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن تعديل قانون التظاهر يؤكد نجاح معركة الأمعاء الخاوية التي أطلقها نشطاء وحركات ثورية، للتضامن مع حبس عدد من النشطاء المحبوسين بتهمة خرق قانون التظاهرة، وفي هذه الحالة فإن الدولة تواجه شبح معارك مماثلة من أجل فرض وجهات نظر هذه الحركات على الدولة، ويشير إلى أن تخفيف نصوص القانون الحالي من الحبس والغرامة إلى الاكتفاء بالغرامة فقط، يضع الدولة على محك الفوضى وانتشار التظاهرات والاحتجاجات، ويترك لأعضاء جماعة الإخوان المسلمين الحرية في الاعتصام والتظاهر كيفما شاءوا، بعد أن خارت قواهم وهدأت وتيرة العنف في الشارع بفضل قانون التظاهر الحالي، ويطالب منتقدي القانون بضرورة مراجعة مواقفهم مرة أخرى، لأن الدولة في مرحلة انتقالية تتطلب نصوصاً قانونية قاسية من أجل تهدئة الأوضاع وعودة الاستقرار.