دأبت بعض الفضائيات والمواقع الالكترونية على توفير اتصالات مدفوعة الأجر تتلقى شكاوى الزوجات المعذبات بحجة أنها تقدم النصائح القويمة لهن لعلاج سوء العلاقة بين الزوجات وزوجاتهم، إلا أن القائمين على هذا الأمر لا يجدون دوماً بديلاً عن النصح بالطلاق، خاصة وأنه في هذه الحالة يروّجون لأنفسهم تجارة أخرى وهي قضايا الطلاق، حتى أن أحد المواقع الإلكترونية أعلن عن تلقي 24 ألف شكوى من زوجات يطلبن المشورة القانونية، وهو ما دفع الموقع إلى تشكيل لجنة قانونية لتولي قضايا هؤلاء النساء. فالعديد من شركات الدعاية اقتحمت بيزنس الطلاق وخصصت أرقاماً تليفونية خدمة صوتية لتلقي مشاكل الزوجات وتقديم المشورات القانونية مقابل مادي لدقيقة الاتصال، بينما خصصت بعض القنوات الفضائية برامج يتلقى فيها الضيوف اتصالات المشاهدين عبر أرقام تحسب فيها الدقيقة لتقديم نفس الخدمة (الطلاق السريع). هذه الظاهرة من المؤسف لاقت استحساناً من جانب جمعيات حقوق المرأة باعتبارها تكشف حجم المعاناة التي تواجهها المرأة طلب الطلاق، فإنه على الجانب الآخر حذرت هيئات اجتماعية من التأثير السلبي لتلك الموجة على كيان الاسرة؛ التي تعاني من العديد من الضغوط التي تدفع إلى الطلاق خاصة الطلاق المبكر للزوجين خلال السنوات الأولى للزواج، حيث تتنوع تلك الضغوط ما بين الضغوط الاجتماعية والاقتصادية والنفسية. تأثير نفسي التأثير النفسي بما تعرضه القنوات الفضائية وأجهزة الإعلام من برامج وانعكاسه على زيادة معدلات الطلاق فقد اتهمت دراسة أخرى صادرة عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية الأعمال الدرامية ساهمت في زيادة معدلات الخيانة الزوجية بنسبة 33.5% أدت إلى زيادة معدلات الطلاق واتهمت فنانات مثل: نانسي عجرم وروبي وهيفاء وهبي وماريا وغيرهن بأنهن ساهمن في زيادة حالات الطلاق ودفع الأزواج إلى التمرد على زوجاتهن. د.سهير عبدالعزيز مديرة المركز الدولي لدراسات الأسرة والتنمية تقول: هناك مؤامرة غربية وراء انتشار المكاتب والمواقع الإلكترونية وخدمات الاتصال التي تقدم نصائح لكيفية الطلاق السريع في الدول العربية بهدف ضرب قيم التماسك التي تدفع المجتمع للأمام، وهي القيم الأسرية العريقة المتأصلة في الوقت الذي نجد الغرب قد حرم منها وتفككت الأسر اجتماعياً ودمرت نفسياً. كذلك كان تفكير الغرب في كيفية القضاء على التماسك الاجتماعي داخل الأسرة العربية، فانتشرت مواقع الإنترنت المشبوهة وبرامج الفضائيات التي تحرض على الطلاق، ولا هدف لها سوى ضرب قيم المجتمع الإيجابية السائدة . وتؤكد د.سهير أن هناك العديد من الأمراض الاجتماعية بدأت تتسلل للمجتمع دفعت البعض إلى استثمارها من خلال مواقع الإنترنت والقنوات الفضائية لتقديم الحلول السريعة للطلاق، في حين أن الحفاظ على كيان الأسرة يجب أن يكون من أولويات أي حكومة وضمن برامجها الإصلاحية فقبل تحديث الطرق والخدمات ويجب الحفاظ على كيان المجتمع وإعادة القيم الإيجابية الغائبة وتوعية المقبلين على الزواج بواجباته حتى لا يصبح الزواج مكتوباً على ورقة طلاق. ويختلف مع الرأي السابق د.صلاح الفوال الخبير الاجتماعي فيرى أن تأثير مثل هذه المواقع ضعيف ولن يصل بأي حال من الأحوال إلى هذه الأرقام المعلنة التي تشير إلى ارتفاع نسبة الطلاق بشكل لا يصدقه عاقل. ويشدد د.صلاح على أن هذه المواقع والبرامج يديرها مجموعة من المحامين الذين يسعون إلى الربح والشهرة فقط وليس معنى ذلك هو الاستغناء عن الإنترنت كوسيلة جيدة ومؤثرة فى إيجاب المعلومات التي أصبحت متاحة للجميع أو العمل على منعها، ولابد أن نتعامل معها في الإطار وعدم تحميلها مسئولية التحريض على انهيار الأسرة المصرية التي تعاني من مشاكل اقتصادية طاحنة تتصدر أهم أسباب الطلاق. يقول د.محمد رأفت عثمان أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر: الشريعة الإسلامية تحدد أسباب شرعية الطلاق وإنما هو أمر متروك للزوج كحق من حقوقه وفي حالة خيانة الزوجة لزوجها يحسن له طلاقها وبالنسبة للزوجة، فقد حدد الشرع شروطاً للطلاق وهي في حالة إذا كان الزوج مقصراً في الإنفاق عليها أو يلحق بها ضرراً نفسياً وبدنياً وهنا من حقها اللجوء للقضاء بطلب التفريق وهذا ما يراه بعض الفقهاء في حين يرى البعض الآخر أنه ليس من حقها الطلاق ولكن للقضاء الحق في الحكم على الزوج بعقوبات لإضراره بزوجته. ويضيف: أن قدرة المرأة المادية وتوفر الثراء لها لا يعد حقاً لها في طلبها للطلاق مشيراً إلى اتجاه بعض التي تخصصت في تشجيع النساء على الطلاق عبر عرض خدماتها على الإنترنت فهذا سلوك مرفوض لأن المطلوب الإصلاح بين الزوجين، كما هو الأمر العام للإصلاح بين الناس وليس التشجيع على الانفصال. ويوضح أنه لذلك أمر الله عز وجل بالإصلاح بين الزوجين في حالة الخلاف لقوله تعالى: "فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما "، وبالتالي فالإصلاح مطلوب . أما د.فيروز عمر استشارية الطب النفسي ترى أن مثل هذه المواقع الإلكترونية تبحث عن الحل للعلاقات الاجتماعية والأسرية الموجودة من خلال جراحة البتر دون تفكير أو سعي لأي وسيلة إصلاح دون البحث عن علاج دوائي. وتضيف: إن الغريب أن هناك عشرات المواقع الالكترونية تعمل بنفس الأسلوب والتوجه بالتركيز على تعريف المرأة بحقها في الطلاق وكيفية الحصول على ذلك دون أن نجد موقعاً واحداً يُعرّف المرأة بواجباتها وأن تكون خير شريك ورفيق له في حياة اجتماعية هادئة. وهنا يكمن الخطر، إن المرأة لديها مشاكل عديدة داخل عدد كبير من الأسر وعلاقتها بالرجل في بعض الأحيان غير واضحة، فالبعض يحاول أن يظهرها وأنها علاقة صراع وحروب ليكون بذلك هو الهدف، وهذا الفكر مادي مباشر.