"رُبّ مضرة نافعة "هكذا استقبل عدد من خبراء الاقتصاد في مصر عودة العلاقات الدولية بين مصر وروسيا والزيارات الأخيرة التي أقمها الوفد الروسي للقاهرة من اجل تناول أهم الملفات الحيوية بين الطرفين سياسياً وعسكرياً وتوفير الأسلحة والمعدات الحربية للقوات المسلحة لحل الأزمة التي افتعلتها الولاياتالمتحدةالأمريكية بقطع المساعدات العسكرية ومنع تسليم الأسلحة المطلوبة للجيش المصري ،ورغبة روسيا في إقامة اتفاقيات اقتصادية مشتركة لفتح آفاق استثمارية جديدة للقطاع التجاري والصناعي المصري وتوثيق سبل التعاون بين الدولتين.حيث اعتبر اقتصاديون هذه الخطوة بداية جيدة وموفقة للنهوض الحقيقي بالاقتصاد الوطني بعيداً عن منح مساعدات أمريكا التي تهدف التدخل في شئون البلاد والضغط والتهديد المستمر وقطعها في حال الخروج عن تلك القواعد الأمريكية . د.حمدي عبد العظيم الخبير الاقتصادي ، أكد أن عودة العلاقات الإستراتيجية بين مصر وروسيا من شأنها تدعيم الاقتصاد المصري في النهوض وتدعيم السلطات المصرية في الاستغناء عن المساعدات الأمريكية بشكل كامل دون تردد مقابل الاعتماد الكامل على العلاقات الخارجية الجديدة مع كل من روسيا والصين واليابان بجانب العلاقات الإقليمية بمنطقة الخليج والمساعدات التي تم الحصول عليها خلال الفترة الأخيرة من سقوط الحكم للرئيس المعزول محمد مرسي والتي تقدر بحوالي 12 مليار دولار أسهمت بصورة مباشرة وعاجلة في الحفاظ على الاحتياطي النقدي وزيادته لحوالي 25ملياردولار، بجانب استقرار العملة الأجنبية وارتفاع تعاملات البورصة المصرية نتيجة لعودة الثقة في نفوس المستثمرين مجدداً .لذا على الحكومة الحالية أن تولي اهتمام بالغاً بالعلاقة الإستراتيجية مع روسيا وتطويرها في صالح الاقتصاد وتنمية الاستثمارات الوطنية والاستفادة من الخبرات الروسية المتطورة في شتى المجالات لمواكبة التقدم النمو الاقتصادي وإحداث طفرة استثمارية عالية . وأشارت د.دينا خياط رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب المصريين الأحرار، إلى أهمية التعاون المصري الروسي الذي من شأنه فتح المزيد من العلاقات السياسية والإستراتيجية التي تنعكس بدورها مباشرة على النهوض بالاقتصاد المصري من خلال التعدد بين دول العالم للانفتاح الاقتصادي والتجاري نظراً للدور الذي تلعبه روسيا مع مصر و منطقة الشرق الأوسط خلال العقود الماضية سواء من حيث تقديم المساعدات الحربية والعسكرية في حرب أكتوبر1973 وموقفها بجانب العرب في مواجهة إسرائيل ، مشددة علي عدم اقتصار حكومة د.حازم الببلاوي حجم الاستفادة من عودة هذه العلاقات بين البلدين فقط في الحصول على حزمة من الأموال للحد من الأزمة الاقتصادية إلي يمر بها الوطن خاصة في ظل عجز الموازنة العامة للدولة وارتفاع حجم الديون الخارجية ؛وإنما يجب خلق فرص من المشروعات الاستثمارية الضخمة تعمل على إعادة تنشيط عجلة الاستثمار وجذب المستثمرين العرب والأجانب نتيجة عودة الثقة في قلوب الجميع اتجاه الاقتصاد المحلي ،إضافة لتوفير عدد من فرص العمل والحد من نزيف البطالة بإقامة العديد من المشروعات المقترحة في القطاع الصناعي والسياحي ،بجانب توريد القمح الروسي للبلاد، مشيرة إلي أن روسيا قامت بمبادرة لرفع الحظر الدولي عن السياحة الوافدة لمصر عقب ثورة 30 يونيو ودعمها الكامل للدولة. ويرى د.إيهاب الدسوقي رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الادارية أن للعلاقات الدبلوماسية والإستراتيجية بين مصر وروسيا في الوقت الراهن على المستوى الاقتصادي والعسكري أهمية كبرى في إحداث حالة من التوازن بين مصر والدول الأخرى باعتبارها الخطوة الجيدة التي تمنح الاقتصاد الوطني قبلة الحياة مرة أخرى من حيث تحفيز الدول الغربية على عودة ثقتها في الاقتصاد المصري وقطاع الاستثمار الذي من شأنه النهوض خاصة الاقتصادي ،في ظل عزم دولة روسيا على تقديم المزيد من المساعدات المالية بجانب المساعدات العسكرية التي تهدف التنويع في مستوى الأسلحة والاستحواذ علي صفقة السلاح مع مصر بعد أن كانت مقتصرة علي الولاياتالمتحدةالأمريكية، وتوريد القمح الروسي للسوق المصري بكميات كبيرة و تسهيلات في السداد بجانب الديون الخارجية على مصر لروسيا وذلك في سبيل تفعيل أسس التعاون بين البلدين. ومن جانبها ؛وصفت د.ماجدة قنديل المدير التنفيذي لمركز الدراسات الاقتصادية التوقيت الذي شهد عودة العلاقات المصرية الروسية ب" المناسب " المقرر أن تنعكس نتائجه مباشرة على مستوى الاقتصاد المصري خاصة القطاع الاستثماري والسياحي ،فضلاً عن التعاون المشترك في مجال التكنولوجيا المتطورة في صناعة الأسلحة والمعدات الحديثة التي تساهم في تطوير الأسلحة الحربية للقوات المسلحة وسد احتياجاتها الحربية خاصة عقب تلويح وتهديد الولاياتالمتحدةالأمريكية مؤخراً بقطع المساعدات العسكرية عن الجيش المصري ،هذا بالإضافة لأهمية هذا التعاون في إنعاش الاقتصاد الوطني في إقامة العديد من المشاريع الاستثمارية الكبرى في مصر مثل مشروع الطاقة النووية ذلك الحُلم الذي تسعي لتحقيقه منذ فترة الستينيات وحتى الآن ،على الرغم من تقديم دولة روسيا عرضا في بداية التسعينيات لمصر بإنشاء محطتين لتوليد الكهرباء من خلال الفحم بجانب مزايا تمويلية أخرى،وأيضاً مشروع البرنامج النووي الذي فشل بفضل تدخل بعض العناصر الفاسدة التابعة للأنظمة السابقة لوقفه .مشددة في الوقت ذاته الحكومة الحالية الإسراع في وضع بروتوكولاً سريعاً يحدد العلاقة بين مصر وروسيا وقائمة الأعمال المشتركة بين الطرفين والتي تتضمن أولوياته الملف النووي المصري وتطبيقه في الضبعه ، واستيراد القمح الروسي بأسعار مناسبة بما يحقق الأمن الغذائي للبلاد.مع توقيع اتفاقيات شاملة لتوسيع حجم التجارة الدولية الحرة بين مصر وروسيا وانعكاسها على تنشيط السياحية والواردة لمصر . وأوضح د.عبد الرحمن عليان أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس أن الأحداث السياسية والأمنية التي مرت بها الدولة خلال الأعوام الثلاثة الماضية حتى الآن أثرت سلباً على الاقتصاد القومي وذلك نتيجة لهروب العديد من المستثمرين العرب والأجانب للخارج خوفاً من ملاحقات خسائر جديدة لسوء الأوضاع ، لذا تعد عودة العلاقات الخارجية لمصر بالعديد من الدول العربية والأجنبية التي شهدت تراجعاً في ظل الأنظمة السابقة وعلى رأسها دولة روسيا التي تعد من أهم الدول الصناعية في العالم الغربي .لذا يجب علي القائمين على إدارة المرحلة الانتقالية تكريس المزيد من الخطط التي تتعلق بالملف الاقتصادي ووضع قائمة من المشروعات الهامة والضخمة التي تهدف لإعادة تشغيل الإنتاج ومزيد من الاستثمارات التي تنعكس أثرها على تحقيق العدالة الاجتماعية التي تحاول الحكومة الحالية جاهدة لتحقيقها لتلبية مطالب المواطنين عن طريق إعادة استغلال الاستثمارات والعلاقات الخارجية بدول هامة مثل روسيا والصين واليابان التي تحسنت عقب أحداث 30 يونيو 2013 التي تتمتع بدرجة عالية من التقدم في المجالات الصناعية والتكنولوجية التي يجب الاستفادة منها في إعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة والصناعات الكبيرة كالحديد والصلب والنصر للسيارات والآلومنيوم لإتاحة الفرصة أمام مصر في الدخول لمجال الإنتاج وصناعة السيارات العالمية . وفي سياق متصل ، أشارت د. يمن الحماقي أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس ، إلى ضرورة استغلال الحكومة الحالية للفرصة بشكل صحيح بداية من توطيد العلاقات الخارجية مع دولة كبرى في العالم بحجم روسيا خاصة في المجال الاقتصادي بجانب المجال العسكري الذي أثبتت عبر التاريخ مدى قدرتها على الوقوف الحقيقي بجانب الحروب التي خاضتها مصر ، وعودة هذه العلاقات مرة أخرى في الوقت الحالي من خلال رغبة روسيا في دعم مصر مجدداً في المجال الاقتصادي عن طريق تقديم قرضاً بملبغ حوالي 2مليار دولار لسد العجز المتفاقم في الموازنة العامة للدولة الذي وصل حوالي 190 مليار جنيه ، استيراد القمح الروسي الذي يحقق فائضا يساعد في مواجهة العجز بجانب الاستثمارات الروسية في مجال صناعة السيارات المتوقع من خلال المفوضات الروسية إعادة تشغيل مصنع النصر للسيارات والاستعانة بالخبراء الروس في الصناعة ، مع توجيه العناية الروسية بالمشروعات السياحية بين البلدين بزيادة الوفود من روسيا لزيادة الدخل القومي المصري. في حين نفي د.فتحي صقر مستشار وزير التنمية المحلية الأسبق،قطع العلاقات الخارجية بين مصر والولاياتالمتحدةالأمريكية مقابل عودة العلاقات الخارجية بين مصر وروسيا ،مؤكداً أن نجاح مصر في التعاون الروسي جاء نتيجة لسلسلة العلاقات الخارجية وتطويرها عقب أحداث 30يوينو وإسقاط حكم جماعة الإخوان المسلمين بداية من العلاقات الدولية بمنطقة الخليج ووصولاً لروسيا والصين واليابان ذات المكانة الاقتصادية والصناعية في العالم والتي تسعي الحكومة المصرية للاستفادة من هذه العلاقات في إحداث التوازن الدولي وعقد المزيد من الاتفاقيات الدولية التي تتضمن الحصول على احتياجات الدولة اقتصادياً وعسكرياً من الأسلحة والمعدات الحربية خاصة بعد تراجع الولاياتالمتحدة عن تقديمها لمصر، وهو الأمر الذي يتطلب أمام الجيش المصري التنويع في مصادر الحصول على الأسلحة لضمان عدم تحكم الدول الخارجية في المواد العسكرية للدولة ، موضحاً في الوقت ذاته أن التعاون الدولي بين الطرفين الروسي المصري في الوقت الحالي غير ناجح لعدم وجود تكافؤ اقتصادي صناعي بين الدولتين ،وبالتالي لا يمكن الاستغناء عن العلاقات الأمريكية والمصالح الإستراتيجية ودورها الحيوي لمصر على الصعيد التجاري والاقتصادي والعسكري أيضاً جنباً إلى جنب مع لتعاون مع روسيا كمصدر لتأمين صفقات الأسلحة التي تحتاجها مصر .