رغم أنها لم تستغرق 48 ساعة، إلا أن زيارة الرئيس محمد مرسى إلى روسيا حققت الكثير من أهدافها المرجوة، على كل المستويات: السياسية، والاقتصادية، والعلمية، والتكنولوجية، وفى ثنايا هذا التقرير ترصد "الحرية والعدالة" الحصاد الاقتصادى لهذه الزيارة التاريخية: ففى مجال الزراعة، تم الاتفاق على: 1- تشكيل لجنة لمراجعة قواعد الحجر الزراعى بين البلدين وتطويرها، بوصفها عاملا مساعدا لتنشيط وسيولة البضائع بين البلدين. 2- بحث سبل تطوير ونقل التكنولوجيا للمراكز البحثية المصرية، مثل: مركز البحوث الزراعية، ومركز بحوث الصحراء، وتدريب الباحثين المصريين فى روسيا. 3- حصول مصر على منح من الجامعات والمعاهد البحثية الروسية لدراسة الماجستير والدكتوراه؛ بحيث يستفيد شباب الباحثين من تلك الفرصة التى كانت موجودة فى فترات سابقة. 4- توريد روسيا احتياجات مصر كافة من القمح دون حد أقصى. 5- زيادة صادرات روسيا من الحبوب إلى مصر إذا وصل المحصول المحلى لروسيا هذا العام إلى 95 مليون طن. وفى مجال الصناعة: 1- إحياء المفاوضات المصرية الروسية حول تحرير التجارة بين البلدين وإعطاؤها دفعة كبيرة. 2- بدء اللجان الفنية فى عملها فورا لبحث الخطوات التنفيذية القادمة لرفع حركة التبادل التجارى بمعدلات كبيرة. أما فى مجال الاستثمار: 1- الاتفاق على البدء فى إجراء دراسة فنية خلال شهر على أقصى حد للمشروعات المصرية الروسية القائمة بالفعل، والعمل على إحيائها، مثل: مصنع الحديد والصلب. 2- الاتفاق على بحث كيفية تطوير الأفران الأربعة الموجودة بمجمع الحديد والصلب لرفع التقنية، وجعل المنتج على مستوى يرقى إلى التصدير الخارجى. 3- الإعلان عن رغبة روسية كبيرة، سواء من جانب الدولة أو رجال الأعمال، فى الاستثمار فى التعدين والثروة المعدنية والمناجم فى مصر بشكل عام، وبخاصة فى إنتاج الفوسفات. 4- الاتفاق على الاستثمار المشترك فى السودان، وتحديدا فى مشروع لإنتاج الأخشاب، وتشكيل فريق عمل لبحث كيفية الاستفادة من الأشجار الكثيفة فى السودان، على أن يقام مصنع لصناعة الأخشاب فى مصر لأول مرة، بحيث يكون قاعدة كبيرة لهذه الصناعة. 5- إعلان الجانب الروسى رغبته فى صناعة سيارة بمصر؛ مما يفتح المجال لبحث إعادة تشغيل مصنع النصر للسيارات، والاستفادة من الإمكانيات الموجودة به، على أن يرسل الجانب الروسى فريقا لتقييم قدرات هذا المصنع لإعادته للعمل مرة أخرى بعد أن كان موضوعا تحت التصفية لتوقف الإنتاج به تماما. 6- إعلان الجانب الروسى رغبته فى تصنيع جرّارات زراعية فى مصر. وفى مجال البترول: 1- إجراء الجانب الروسى إمدادات بالطاقة فى الفترة القادمة لسد حاجة الاستثمارات الجديدة التى تحتاج إلى طاقة كبيرة، سواء كانت محطات كهرباء أو تنمية صناعية. 2- الاتفاق مع الجانب الروسى على دخول الشركات الروسية الكبرى فى مجال الاستكشاف والبحث عن الغاز والبترول فى مصر، من خلال اتفاقيات جديدة، ومشاركتهم فى مناقصات لأماكن امتياز جديدة. 3- طلبت مصر من الجانب الروسى التعاون فى مجال الثروة المعدنية لتجهيز خريطة جيولوجية لمصر، وتطوير منجم فحم المغارة المتوقف عن الإنتاج منذ فترة طويلة بالاستعانة بالخبرة الروسية. 4- طلبت مصر دخول الشركات الروسية فى مجال البحث والاستكشاف والتنقيب عن المعادن والثروات المعدنية. 5- التعاون فى مجال البحث العلمى والتطوير ونقل التكنولوجيات الجديدة فى قطاعات مثل: البحث عن غاز وزيت الطَفلة. 6- توجيه الدعوة للشركات الروسية الكبرى العاملة فى مجال تكرير البترول للإسهام فى تطوير المعامل. وفى مجال الطاقة: 1- الاتفاق مع الجانب الروسى على إرسال لجنة خاصة للوقوف على إمكانية مشاركتهم فى إقامة المحطة النووية المصرية فى الضبعة، وتطوير المفاعل التجريبى الذى أقامه السوفييت عام 1956، والمساهمة فى البحث عن اليورانيوم فى مصر. 2- الاتفاق مع الجانب الروسى على تطوير التوربينات والمحولات الخاصة بالسد العالى لرفع كفاءته لمواجهة الاحتياجات المتزايدة. وفى مجال السياحة 1- دعم فرص عودة السياحة المصرية لمعدلاتها الطبيعية سريعا. 2- الترويج للسياحة العلاجية التى يتميز بها الروس. 3- متخصصون فى الشأن الروسى: نواة لتدشين "تحالف حقيقى" 4- تستهدف زيادة تصدير القمح الروسى وتحديث توربينات السد العالى 5- رسالة قوية للولايات المتحدة التى تتبع سياسة "المساعدات المشروطة" قال عدد من الخبراء والمتخصصين فى الشأن الروسى: إن زيارة الرئيس محمد مرسى إلى روسيا، والزخم الإعلامى الذى حظيت به، والاتفاقات التى وقعها مع نظيره الروسى فلاديمير بوتين، تكشف عن التغييرات الجوهرية فى القاعدة التى اتبعها النظام السابق فى السياسة الخارجية، مؤكدين أن الزيارة تشير لمرحلة جديدة، ونقلة نوعية فى العلاقات بين البلدين. ففى البداية، ترى د. نورهان الشيخ -أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، المتخصصة فى الشأن الروسى-: "إن الزيارة تكتسب أهمية كبرى لمصر وروسيا على حد سواء، وظهر ذلك فى النتائج التى أسفرت عنها الزيارة على صعيد زيادة تعميق العلاقات الثنائية والتعاون الاقتصادى فى مجالات تصدير القمح الروسى، وإعادة تحديث توربينات السد العالى". وأضافت الشيخ فى تصريح ل"الحرية والعدالة": "إن مصر تشكل أهمية كبيرة بالنسبة لروسيا الساعية للعودة من جديد لملعب السياسة الدولية، فهى تستخدم الأسلوب الاقتصادى كرأس حربة فى سياستها الخارجية وتركز على قطاع الطاقة، والتعاون التقنى فى المجالات الصناعية والتنموية، والتعاون العسكرى، بجانب إمكاناتها الهائلة فى تطوير البنية التحتية لقناة السويس وساحل البحر الأحمر". وتابعت: "مصر ستجنى الكثير من الثمار من هذه الزيارة، خاصة فى مجال حصولها على كميات كبيرة من الغاز المسال ومشتقات نفطية للتصدى لأزمة انقطاع الكهرباء خلال الصيف، بجانب إنشاء صناعات ثقيلة، وتحديث مولدات كهرباء السد العالى، وترسانة الإسكندرية، والفرن العالى لشركة حلوان للحديد والصلب". وأوضحت: "إن الزيارة ستعمل على تنشط قطاع السياحة الروسى الذى يشكل نصف عدد الوافدين إلى مصر كل عام، ويصل عددهم لحوالى 3 ملايين نسمة، بعد أن انخفضت معدلات السياحة بعد الثورة". وفى السياق ذاته، يقول د. محمد حسين -أستاذ العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة-: "إن الزيارة تحمل بين طياتها رسالة قوية للولايات المتحدة بصفة خاصة، والغرب بصفة عامة، فى ظل اتباع واشنطن لسياسة المساعدات المشروطة تجاه القاهرة، وشروعها فى تقليص المساعدات المالية". وأضاف حسين: "إن الرئيس مرسى يسعى بهذه الزيارة لإحداث تغيير فى القاعدة التى اتبعها النظام السابق فى السياسة الخارجية، ليولى اهتماما أكبر بالتعاون مع روسيا، وهذا سيعطى ثقلا أكبر لمصر خلال عمليات التفاوض مع واشنطن فى القضايا ذات الاهتمام المشترك، خاصة أن واشنطن لن تمنح القاهرة قدرا كبيرا من المساعدات المالية مثلما كان الحال فى الماضى، ولن تحل أيه دولة محلها، لذا كان من الضرورى التوجه لتعزيز العلاقات الدولية مع مختلف الدول، خاصة الكبرى؛ للحصول على المساعدات اللازمة للنهوض". واتفق السفير إبراهيم يسرى -المدير الأسبق لإدارة الاتفاقيات الدولية بوزارة الخارجية- مع "حسين" فى أن الزيارة تحمل رسائل لواشنطن والغرب، قائلا: "إن النجاحات التى حققها الرئيس مرسى فى السياسة الخارجية فاقت بكثير أداءه فى السياسة الداخلية، وهو يتحرك بسرعة كبيرة، فهو يحاول أن يطرد سلبيات الماضى الكئيب، ويحاول أن يعيد لمصر وزنها وثقلها". وأوضح يسرى، فى تصريحات ل"الحرية والعدالة"، أن مرسى خلال هذه الزيارة يسعى لطرد سلبيات الماضى، ومنها تدخلات بعض الدول فى الشأن الداخلى المصرى بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، فقد استثمر الرئيس ذكرى مرور سبعين عاما على بدء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين لزيارة موسكو". ومن جانبه، أشاد أندريا سبتانوف -المحلل السياسى، الخبير فى شئون الشرق الأوسط- بزيارة الرئيس مرسى لروسيا، مؤكدا أن الزيارة تفتح كثيرا من أبواب التعاون بين البلدين فى العديد من المجالات. وأضاف سبتانوف -خلال مداخلة هاتفية بفضائية النيل للأخبار- أن موسكو وجهت دعوة للرئيس مرسى؛ لأنها تعرف دور مصر المحورى فى المنطقة، مضيفا أن الزيارة تبعث التفاؤل ومزيدا من التعاون. وأشار إلى أن مصر تحتاج إلى مساعدات مالية لتحسين وضعها الاقتصادى، موضحا أن روسيا تبحث تقديم قرض بقيمة 2 مليار دولار، بخلاف فتح استثمارات روسية فى الاقتصاد المصرى. وأشاد بقوة بالسوق المصرية التى تستوعب الكثير من الاستثمارات، مؤكدا أن هناك تطابقا فى وجهات النظر بين البلدين فى الكثير من القضايا الإقليمية، بخلاف القضية السورية.