لم يعد الموقع الاجتماعي "الفيس بوك"، مقصرًا علي التواصل بين الأصدقاء والأقارب، ومعرفة أخبار القريب منهم والبعيد، بل إن هذا الموقع يمثل شبكة هائلة تتسع وتتمدد، كلما زاد الطلب عليها، حتي أصبح وسيطا جاذبا لقطاعات عريضة من الناس، التي وجدت فيه ضالتها لخلق فضاء فسيح؛ للتعبير الحر والتواصل الاجتماعي من مختلف أنواعه.. إحدي الدراسات تشير إلي أن عدد مستخدمي "الفيس بوك" يتخطي اليوم عدد قراء الصحف في العالم العربي؛ فمصر - مثلا - تحتل المرتبة الأولي، عربيا، من حيث عدد المشتركين في "الفيس بوك"! وتقدر الدراسة العدد بثلاثة ملايين ونصف المليون مشترك؛ لتتقدم مصر في هذا الخصوص علي المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة. يعتبر موقع "الفيس بوك"، أيضا، وسيلة ترويجية جيدة جدا للنشطاء السياسيين، رغم أن بعض الحكومات العربية تسعي لحجبه، ويجتهد بعض رجال الدين لتحريم الموقع، إلا أن استخدام "الفيس بوك" في الأغراض السياسية، يتم بشكل دقيق في العالم الغربي، ومتوجس قليلا في العالم العربي.. ففي بريطانيا استخدمت لجنة الانتخابات البريطانية "الفيس بوك" لتسجيل الناخبين. أما الرئيس الأمريكي السابق، جورج دبليو بوش، فقد أنشأ صفحة علي الفيس بوك، وحظيت صفحة بوش في "الفيس بوك"، علي الرغم من قلة شعبيته أمريكيا وعالميا، بالترحيب من قبل أكثر من20 ألف مستخدم للموقع خلال الساعات الأولي من اشتراكه. لكن في قطاع غزة، فإن حركة حماس التي تسيطر علي القطاع تري أن عشق المواطنين واندماجهم مع مواقع الشبكات الاجتماعية، ومنها الفيس بوك يسهل من مهمة إسرائيل في تجنيد الجواسيس. وفي هذا الصدد، قال رونين برجمان، خبير الاستخبارات الإسرائيلي ومؤلف كتاب الحرب السرية بين إسرائيل وإيران: "إن رصد مواقع الشبكات الاجتماعية علي الإنترنت هو أقل ما يمكن أن تتوقعه من أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية.. إن إسرائيل تستخدم المعلومات الشخصية الموجودة علي شبكة الإنترنت للتعرف علي من يمكن أن يساعد إسرائيل". وفي مصر، وجه د. محمد البرادعي، المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، نداء علي صفحته الخاصة علي موقع "الفيس بوك" علي شبكة الإنترنت يدعو فيه إلي الإصلاح في مصر حيث يتزعم البرادعي جبهة المعارضة في مصر. في حين يري الشباب المعارض في مصر العلاقة مع الفيس بوك أنها تشبه ما كان يفعله البطل الناشط سياسيا، في الأفلام القديمة، يلقي المنشورات في الشارع ثم يهرب قبل أن يكتشف البوليس السياسي أمره.. تغيرت الحال اليوم.. فإذا قررت مجموعة من النشطاء تنظيم احتجاج، فإن الدعوة إليه لن تستغرق سوي بضعة سطور علي "الفيس بوك"، تضمن وصولها إلي قطاع كبير من مستخدمي الموقع. التنافسات السياسية عبر الفيس بوك ليست هي ما يحدث فقط، هناك جرائم من الممكن الكشف عنها وإدانة أصحابها من خلال صفحتهم الخاصة، التي نشروا فيها ما يدينهم شخصيا. من هذه الحوادث ما قام بنشره الجندي الأمريكي روبرت رودريجيز، الذي نشر شريطا في "الفيس بوك" يظهره وهو يستهزئ بطفلين عراقيين؛ مما أدي إلي إحالته للتحقيق. لكن ليست هذه الحادثة فقط، هناك جرائم اجتماعية يكشفها هذا الموقع، فقد شارك الفيس بوك في حصول المحامين في أمريكا، علي أدلة دامغة لإثبات الخيانة الزوجية، وبالتالي الحصول علي الطلاق من أول جلسة، هذا ما أكدته الجمعية الأمريكية لمحامي الأحوال الشخصية، في كشف دقيق أن 81 بالمئة من أعضائها استخدموا في عملهم البيانات المتوفرة علي صفحات المواقع الاجتماعية، مثل: فيس بوك، وتويتر، ومايسبيس، ويوتيوب، ولينكدين.. الطريف في الأمر أن إحدي المحاميات تقول إنها استمتعت في بعض قضايا الطلاق التي نابت فيها، أنه شيء لا يصدق، أن تجد حجة دامغة تمكنك من حسم القضية بتلك السهولة علي طبق من فضة، حين تجد صورة لخصم موكلك علي صفحته الخاصة. والصورة تدينه تماماً.