تتناوله إلا بعد انقضاء زمن وجود السياسي في ساحة الحكم. تلك الساحرة المستديرة الصغيرة، التي تتلقفها أقدام اللاعبين، وتتعلق بها عيون الجمهور المُتيم بهواها، وتحقق من ورائها الفضائيات الملايين الكثيرة، لم يخل وصولها "كأس العالم 2010"، من اضطرابات منذ المباريات الأولي. ففي مبارايات كأس العالم عام 2006 انتهت بنطحة اللاعب الجزائري زين الدين زيدان للمدافع الإيطالي، وأدت تلك الضربة إلي طرد زيدان من المبارة، ثم اتهام الصحف الغربية له بالعنصرية بما أنه لاعب مسلم في الفريق الفرنسي. وفي كأس العالم هذا العام، كان إعلان قناة الجزيرة عن التحول في بثها لمباريات كأس العالم من القمر "نايل سات" إلي "عرب سات" والسبب أن بث القناة لأول مباراة في كأس العالم بجنوب أفريقيا علي القمر "نايل سات" تعرَّض للتشويش من طرف جهات غير معروفة. لكن لم يمر وقت قليل حتي وجهت أصابع الاتهام نحو مصر كونها الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك قمرًا صناعيا هو "نايل سات". لكن رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري المهندس أسامة الشيخ نفي أي مسئولية لإدارة نايل سات عما حدث من عطل في مباراة افتتاح كأس العالم. لكن هذا لم يمنع قناة الجزيرة من تحويل بثها إلي قمر آخر، وهذا يترجم إلي خسائر كبيرة في الإعلانات لقنوات النايل سات نتيجة عدم عرض المباريات عليها، مما دفع التليفزيون المصري لشراء مجموعة من المباريات من "شبكة الجزيرة"، كي يتم عرضها علي شاشته دون تشفير. لكن يظل السؤال الأهم بما أن كرة القدم هي لعبة رياضية، بل لعلها أهم لعبة بين سائر الألعاب الأخري كونها تجتذب ملايين البشر في كل أنحاء العالم ومن الجنسين، ومن جميع المستويات الإجتماعية، بما أن الأمر كذلك، لماذا لا يحق للجميع مشاهدتها دون قنوات مشفرة؟.. لماذا تتحول تلك اللعبة لتصير متابعة مباريات كأس العالم حكرا علي الأغنياء فقط؟ لماذا تدخل قوانين السوق والربح والإعلانات في كل شيء في حياتنا، حتي الألعاب؟ لم يمر أسبوع علي الفضيحة التي تعرضت لها،حتي جلست دوقة يورك "سارة فيرجسون"، لتتحدث بكل ثقة، وهدوء ورزانة مع ملكة الإعلام الأمريكي أوبرا وينفري. والدوقة سارة- لمن لا يعرفها _ هي مطلقة الأمير أندرو الابن الأصغر للملكة إليزابيث ، والمرشح الرابع لاعتلاء عرش إنجلترا. لقد اختارت الدوقة سارة بذكاء شديد برنامج أوبرا شو لتظهر به كي تبرر ما حصل منها من سوء سلوك لا يحكمه عقل. بدأت الحكاية حين تم تصوير الدوقة سرا من قبل صحيفة "نيوز أوف ذا وورلد" وهي توافق علي تقاضي رشوة من أحد الأشخاص، وتبين فيما بعد أن هذا الرجل صحفي متنكر في شخصية رجل أعمال، واتفقت سارة معه علي تقاضي 500 ألف جنيه إسترليني مقابل تسهيل لقائه مع زوجها السابق الأمير أندرو. وفي حديثها عبر برنامج "أوبرا شو" توجهت الدوقة باعتذارها للعائلة المالكة، وبررت ما حصل بأنها كانت واقعة تحت تأثير الشراب، وفي حالة ثمل شديد استغلها هذا الصحفي ليقوم بتصويرها كي تحقق صحيفته مزيدا من الانتشار عبر فضائح للمشاهير. تفتح هذه الحادثة الباب للحديث في نقطتين: الأولي هي انتشار مهنة البابراتزي في الغرب، إذ يحقق أصحاب هذه المهنة الكثير من الأموال لقاء الحصول علي صور أو معلومات شخصية مثيرة عن إحدي الشخصيات المشهورة. حكايا البابراتزي ومغامراتهم في مطاردة المشاهير كثيرة جدا، لا يتسع المجال لذكرها هنا، لكن من ضمنها مثلا اتهام مصوري البابراتزي بأنهم السبب وراء موت الأميرة ديانا في النفق الباريسي عام 1996، حين اضطر السائق لتجنب عدسات المصورين عبر زيادة سرعة السيارة، فنتج عن ذلك الحادث المروع الذي ذهبت ضحيته ديانا مع دودي الفايد. لا توجد مهنة بابراتزي حقيقية في العالم العربي، حتي علي مستوي الفنانين، تتم إحاطة حياتهم وحياة عوائلهم بسرية تامة، بل يحاول الفنانون العرب الظهور بشكل ومضمون فائق المثالية سواء في صورهم أو أخبارهم التي تتناولها الصحف، وهذا أمر بعيد عن الحقيقة طبعا، وإذا حدث وانتشرت معلومة معينة عن فنان ما تتناول حياته الخاصة، أو تصوره في إحدي الوضعيات، فإنه يسارع إلي نفيها وتبريرها. أما علي مستوي السياسيين فإن حياتهم هي سر حربي لا يمكن للصحافة أن تتناوله إلا بعد انقضاء زمن وجود السياسي في ساحة الحكم. لذا تكون النقطة الثانية التي تؤدي إليها واقعة دوقة يورك هي فكرة "الاعتراف"، حيث تجرأت الدوقة سارة _التي مازالت تُحسب علي العائلة المالكة البريطانية_ بعد انقضاء أسبوع فقط علي إدانتها بتقاضي الرشوة، علي الظهور إعلاميا وسرد الحكاية من وجهة نظرها الخاصة. وبغض النظر إن كانت الدوقة علي حق فيما قالته أم لا، فإنها امتلكت جرأة الاعتراف بالخطأ جهراً، والاعتذار عنه، وهكذا يكون ظهورها الإعلامي في "أوبرا شو" حدثاً ترويجياً آخر صار يحسب لها لا عليها، ربما ستتمكن عبره من الحصول علي مبالغ تفوق الرشوة التي عرضها عليها الصحفي المتنكر.