انتخابات مجلس الشيوخ 2025، توافد المصريين على مركز الاقتراع في ألبانيا    المصريون في الرياض يشاركون في انتخابات مجلس الشيوخ 2025    جنوب سيناء تستعد لانتخابات الشيوخ ب15 مقرًا و18 لجنة فرعية    وزير قطاع الأعمال يزور طنطا للكتان ويلتقي محافظ الغربية وأعضاء النواب    النقل: استمرار تلقي طلبات تأهيل سائقي الأتوبيسات والنقل الثقيل    المحكمة الدستورية العليا تقضي بعدم دستورية الرسوم المفروضة على رسو العائمات السياحية    وزير الإسكان يتفقد وحدات «سكن لكل المصريين» بمدينة برج العرب الجديدة    الجيش الأوكراني: استهدفنا منشآت نفطية في عدة مناطق بروسيا    رئيس عربية النواب: أهل غزة يحملون في قلوبهم كل الحب والتقدير لمصر والرئيس السيسي    كل ما تريد معرفته عن وديتي الأهلي غدا أمام منتخب الشباب وبتروجيت    وديًا.. العين الإماراتي يفوز على إلتشي الإسباني    استقبال شعبي ورسمي لبعثة التجديف المشاركة في دورة الألعاب الأفريقية للمدارس    بعد اتهامه بالاغتصاب.. أول تعليق لمحاميه أشرف حكيمي    جوردون يتعاطف مع إيزاك: الناس تنسى أنك إنسان في هذا السيناريو    هايد بارك ترعى بطولة العالم للاسكواش للناشئين 2025 تحت 19 عامًا    صحة كفر الشيخ تحرر 302 محضر مخالفة للمنشآت الغذائية في يوليو    التحقيقات تكشف سبب وفاة طفل منشأة القناطر بعد العثور على جثته ببركة مياه    أمطار على 5 مناطق بينها القاهرة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس خلال الساعات المقبلة    نقابة الموسيقيين تعلن دعمها للقيادة السياسية وتدين حملات التشويه ضد مصر    60 مليون جنيه.. إجمالي إيرادات فيلم أحمد وأحمد في دور العرض المصرية    جامعة أسيوط تقيم ندوة بعنوان علم المناعة بين الأمراض الجلدية وأمراض الروماتيزم    تعاون بين «الجمارك وتجارية القاهرة».. لتيسير الإجراءات الجمركية    إصابة 7 أشخاص في حادث تصادم ب الشرقية    المصريون بالسعودية يواصلون التصويت في انتخابات «الشيوخ»    انطلاق قمة «ستارت» لختام أنشطة وحدات التضامن الاجتماعي بالجامعات لعام 2024-2025    مراسل إكسترا نيوز: الوطنية للانتخابات تتواصل مع سفراء مصر بالخارج لضمان سلاسة التصويت    في 16 قرار.. تجديد وتكليف قيادات جديدة داخل وحدات ومراكز جامعة بنها    «بيت الزكاة والصدقات»: غدًا صرف إعانة شهر أغسطس للمستحقين    هل يشعر الأموات بما يدور حولهم؟ عالم أزهري يجيب    «يونيسف»: مؤشر سوء التغذية في غزة تجاوز عتبة المجاعة    «الصحة» تطلق منصة إلكترونية تفاعلية وتبدأ المرحلة الثانية من التحول الرقمي    مدبولي يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات بمجلس الوزراء خلال يوليو 2025    مفاجأة.. أكبر جنين بالعالم عمره البيولوجي يتجاوز 30 عامًا    تنظيم قواعد إنهاء عقود الوكالة التجارية بقرار وزاري مخالف للدستور    تنسيق المرحلة الثانية للثانوية العامة 2025.. 5 نصائح تساعدك على اختيار الكلية المناسبة    "صحة غزة": شاحنات تحمل أدوية ومستلزمات طبية ستدخل القطاع اليوم عبر منظمة الصحة العالمية    استمرار انطلاق أسواق اليوم الواحد من كل أسبوع بشارع قناة السويس بمدينة المنصورة    شكل العام الدراسي الجديد 2026.. مواعيد بداية الدراسة والامتحانات| مستندات    ابحث عن طريقة لزيادة دخلك.. توقعات برج الحمل في أغسطس 2025    أيمن يونس: شيكابالا سيتجه للإعلام.. وعبد الشافي سيكون بعيدا عن مجال كرة القدم    الهيئة الوطنية للانتخابات: سفراء مصر بالخارج يدعمون التصويت    22 شهيدا في غزة.. بينهم 12 أثناء انتظار المساعدات    النشرة المرورية.. سيولة فى حركة السيارات على طرق القاهرة والجيزة    زلزال بقوة 5.6 درجة يضرب قبالة سواحل مدينة كوشيرو اليابانية    ترامب يخطو الخطوة الأولى في «سلم التصعيد النووي»    90 دقيقة تأخيرات «بنها وبورسعيد».. السبت 2 أغسطس 2025    وفاة والد معتمد جمال مدرب الزمالك السابق    حروق طالت الجميع، الحالة الصحية لمصابي انفجار أسطوانة بوتاجاز داخل مطعم بسوهاج (صور)    رسميًا.. وزارة التعليم العالي تعلن عن القائمة الكاملة ل الجامعات الحكومية والأهلية والخاصة والمعاهد المعتمدة في مصر    سعر الذهب اليوم السبت 2 أغسطس 2025 يقفز لأعلى مستوياته في أسبوع    الصفاقسي التونسي يكشف تفاصيل التعاقد مع علي معلول    عمرو دياب يشعل العلمين في ليلة غنائية لا تُنسى    استشارية أسرية: الزواج التقليدي لا يواكب انفتاح العصر    مقتل 4 أشخاص في إطلاق نار داخل حانة بولاية مونتانا الأمريكية    محافظ سوهاج يقرر غلق محلين بسبب مشاجرة بعض العاملين وتعطيل حركة المواطنين    أمين الفتوى: البيت مقدم على العمل والمرأة مسؤولة عن أولادها شرعًا (فيديو)    هل يشعر الأموات بما يدور حولهم؟ د. يسري جبر يوضح    وزير الأوقاف يؤدي صلاة الجمعة من مسجد الإمام الحسين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علي جعفر العلاق في نداء البدايات: توتر في النص وأحساس بالنغم
نشر في صوت البلد يوم 06 - 07 - 2013

يواصل علي جعفر العلاق في نداء البدايات ( المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2013) ما كان قد ابتدأه في ديوانه " ذاهب لاصطياد الندى 2011 " بناءه القصيدة بناءً لا يخلو من توتر يتركها مشدودة في اتجاهين، كل منهما عكس الآخر. وهذا يظهر من تقديمه المكثف للديوان ، وهو قصيدة قصيرة أكبر من (الهايكو) وأقل حجما من القصيدة. ويتجلى توتر النص في تركيزه على الطائر الذي يحلق على أساس أن التحليق يعبر عن حرية هذا الطائر، وانطلاقه في فضاءات بلا حدود، غير أن الذكرى، هي التي تجعل من هذا التحليق تحليقا في قفص. فإذا بالانفتاح يتخذ صفة الانغلاق، مؤكدا أن الطائر المحلق طائر حبيس في لحظة اليتم، ولحظة اليأس، ولحظة الماضي، وإذا بالتحليق لا يعدو أن يكون حضورا في الغياب:
حلق الطائئرُ حتى آخر الذكرى
وحتى آخر اليأس
وأرخى
لشذا اليتم جناحيه
القديمين
وغاب(ص5)
يحتاج التحليق لجناحين منتصبين، قويين، منفردين لا إلى جناحين مرتخيين، متهدلين، ويحتاج لطائرٍ يتمتع بالقوة والحيوية لا باليأس، ولا بالإحباط، ولا باليتم، ويحتاج لطائر يتمتع في تحليقه بالحضور، لا بالغياب. من خلل هذه الثنائيات يتضح أن القصيدة عند العلاق، وإن كانت قصيرة جدا مكثفة تمتلئ باتنافر الذي يشيع فيها أجواءَ التوتر، وهذا التوتر يطرد في قصائد أخرى، منها قصيدته ‘ الشاعر ‘ (ص7) التي ينطلق فيها من مفارقة تتكئ على عنصرين متنافرين، أحدهما عكس الآخر. فالشاعر الذي يرث أسلافه يرث ضوءهم لا السلاسل، فالضوء خلافا للسلاسل يغريه بتأمل الفراشات: قافية، رعدٌ حميم، غبطة تشبه الطيش، وطيش يشبه الحكمة، وراقصون يؤدون رقصاتهم بأقدام حافية مقيدة بسلاسل من ذهب، والذهب غائم. وأقدام الراقصين المغلولة بالذهب الغائم كأنها لغة حافية، وهذا جله ينم على أن التوتر لا يتجلى عند العلاق على مستوى المعنى حسب، بل على مستوى التشكيل اللغوي، والنسق المجازي، إذ هو لا يكتفي بما يكتفي به غيره من ترف مجازي، وتعسف استعاري، وإنما يمعن في تكسير الأعراف المتبعة في تفعيل اللغة المجازية، وها هي ذي الفراشاتُ التي استعيرت سابقا للدلالة على حشد من الصور الشعرية- تتحول إلى حصىً، والشعراء إلى أودية تتلمس مجراها بين ذلك الحصى :
شعراءُ
يضيئون من فرط وحشتهم
ويسيلون
بين حصى القافية (ص8)
وهذا التوتر- على مستوى اللغة- يتجلى أيضًا في قصيدة له أخرى بعنوان ‘ يقظة ‘ إذ يظهر فيها النوم خارجًا من نومه، صافيا، ليس كدرًا. والحجارة التي على كثب من المنزل تبدو ثملة، منتشية، بالضوء، والطريق يتلفت للسبب ذاته مثلما تتلفت الجدران:
والفراشاتُ
ضاءتْ على مدْخل البيْت
كمْ حجرٍ
حكّهُ الضوءُ حتى بدا ثملا
كمْ طريقٍ
تلفتُّ منتشيًا
كمْ جدارٍ (ص10)
وقد يكون التوتر في قصيدة العلاق ناجمًا عن اختياره نموذجا يرسم لنا صورته في تهكم يقرّبُ القصيدة من المفارقة الدرامية. فهو في قصيدة عنوانها ‘ طاغية ‘(ص27) يرسم لنا هذه الصورة التي يظنها القارئ كغيرها من صور الطغاة، غير أن طاغيته يختلف عن غيره من الطغاة، فهو لا يكره الغيم حسب، ولا صوت الناي الحزين حسب، ولا يجهش بالبكاء متأثرًا بالغناء الشجي، ولا يشرب كغيه خمرة مصفاةً، أو ماء عذبا نميرًا. وإنما يحتسي دم الماضي، فهو الشرابُ الذي يقيم على تعاطيه منذ كان. وهو لا يقيم في موضع، ولا في ظلمة أو في نهار ، إنما يعْبُر على الدوام من مكانٍ لآخر تاركا خلفه المآسي التي لا يرفّ لها جفنه، ولا يقشعرُّ لهوْلها بدنه:
ما بكى يوما
على قبر غزال
ما انحنى يوما
على حلم أحد
بعضه يكفي
لتهديم
بلدْ (ص28)
فما بين الصورة المعتادة للطغاة، وهذه الصورة، تنبض القصيدة ببعض التوتر الذي يشحنها بطاقة انفعالية كبيرة تتجلى في ذلك الاستقطاب الذي يجمع بين نموذجين، أحدهما مترسب، متراكم، في وعي المتلقي، والثاني يكسر به الشاعر القالب النمطي للطاغية، مخالفاً بذلك جل ما لدى المتلقي من توقع.
ولعلي جعفر العلاق في شعره ولعٌ بالموسيقى، وشغف بالإيقاع، وإحساس دقيق بالنغم، وهذا شيء يجده القارئ في قصائده بما فيها تلك القصائد التي تصنف في قصيدة النثر التي كتبها الماغوط وأنسي الحاج وأدونيس، وأمجد ناصر وأحمد الشهاوي وآخرون. بيد أن العلاق الذي سبق لنا أن تناولنا قصيدته ‘ عاشقان ‘ في كتابنا ‘ الصوت المنفرد ‘(2011)، وما فيها من الإحساس المفعم بالجرْس، يفجأنا في نداء البدايات بقصيدة لافتة للنظر بما فيها من تشكيل إيقاعي مبتكر يقوم على تجاوز الوحدة التقليدية في الشعر وهي البيت أو الشطر أو(المصراع) والقصيدة التي أعنيها- ها هنا- هي : العودة إلى بابل(ص41).
فعدا عن أنها قصيدة تمثل تجربة شعرية جديدة على مستوى الرؤيا المعبرة عن وضع خاص مر به العراق ويمر به منذ اجتياح ‘الثعابين ‘ و'الغربان ‘ لبابل ، سواء أكان هذا الاجتياح على مستوى الأرض، أم على مستوى الجو، وعدا عن أن فيها صورا وتراكيب تلفت القارئ لما في لغة الشاعر من انزياحات أسلوبية تضفي على شعره طابعا لفظيا خاصا به يميزه من غيره ، عدا عن هذا كله، فإن فيها ظاهرة جديدة مبتكرة وهي المزج بين تفعيلتين من تفعيلات الشعر الحر، هما تفعيلة الرجز: مستفعلن، والمتدارك: فاعلن. وقد انتظمت التفعيلتان في القصيدة انتظامًا أدى للانفلات من وحدة البيت،والشطر، والمصراع، مثلما ذكر. فالتفعيلتان تتكرران في نسق يجعل من الصدر مفتوحا على العجز، ومن العجز مفتوحا على صدر البيت التالي:
مضت قرونٌ
ويمضي غيرها
سفنٌ تحطمتْ، وحمامٌ
تاهَ
كم سنةٍ
ضعنا وضاع مغنينا
الغرابُ مضى
لا عندليبَ
على التيار
لا مَطرٌ
على الأغاني.. (ص41)
فهذه الأسطر، والتراكيب جميعًا، إذا نُظر إليها من منظور عروضي وُجد أنها تتساوق على نحوٍ تتكرر فيه مستفعلن وفاعلن وصورهما بانتظام دقيق، وهاتان التفعيلتان مثلما هو معروف- هما الوحدتان الوزنيتان اللتان يقوم عليهما بحر من بحور الشعر المركبة، وهو البحر البسيط الذي أبت نازك الملائكة، ونفت، قابليته للاستعمال في الشعر الحر، كونه ليس من البحور الصافية التي تعتمد تكرار تفعيلة واحدة ، وشايعها في هذا كثيرون جدا منهم عبدالله الغذامي.
وهذا النسق سبق أن لجأ إليه السياب ، ولجأ إليه محمود درويش، في ديوانه ‘ هي أغنية… هي أغنية ‘ 1986. ولكن التجارب التي من هذا القبيل لم تحقق نجاحًا يذكر. بيد أن العلاق بكسره الحاجز التقليدي الذي يفصل البيت عن الذي يليه والمصراع عن الذي يقابله، جعل من القصيدة بيتا واحدا، فإذا قرأنا الجزء الآتي منها:
ضعنا
وعدنا
وضعنا
مثل أغنيةٍ
تسيل من وترٍ
أعمى كأغنيةٍ
في ذروة اليأس
هل للبحر ذاكرةٌ، تكفي
لحشرجةِ
الغرقى،
وهلْ عُجنتْ ناياتنا
بعظام الميتينَ.. (ص43-44)
فالأسطر المذكورة، من الوجهة العروضية، تتكرر فيها مستفعلن فاعلن دون أي تغيير، أو تعثر، وعندما نبلغ كلمة(الميّتين) نتوقف عند الصوت الأخير، وهو النون المتحركة بالفتحة، ومنهما يتألف مقطع عروضي قصير وهو الذي يسميه علماء الصوتيات مقطعا مفتوحا لأنه ينتهي بحركة، وقصيرا لأن الحركة فيه قصيرة. وهذا المقطع يجعلُ البيت، إذا تسامحنا في المصطلح، مفتوحًا على بداية البيت الذي يليه، وكأن الفراغ الذي يفصل بين الكلمة(الميتين) وكلمة(لقد) في بداية الجزء التالي فراغ وهمي، ووجوده بصريٌّ لا أكثر ، والقصيدة لا يتحقق وجودها على المستوى البصري حسب، بل تتحقق أيضا على مستوى الملفوظ، والمسموع، الذي يتردد صداه ويعذبُ لدى السامع رهيف الحس، دقيق الشعور، ولهذا فإنَّ الأسطر التالية :
لقد / عدنا
قساةً نغني
ليس في دمنا .. إلا المشانقُ (ص44)
فإذا اسْتُقبِلَتْ دون كلمة الميتين، وما بينهما من تواصل لفظي، وتفاعل صوتي، ينتج عنه اتساقٌ وزني، كان الاستقبال مختلا، والتلقي قاصرًا. فالتفعيلة فعلن تتألف من الصوت الأخير في كلمة (الميتين) وكلمة ( لقد) ومن يقرأ هذه القصيدة ويوازن بينها وبين قصيدة محمود درويش التي حاول فيها تطويع البحر البسيط لكتابة قصيدة من شعر التفعيلة يجد الفرق كبيرا، ففي قصيدة درويش ثقل واضح، كمن يقتلع الألفاظ من جوفه اقتلاعا، فلا يكون وقعُها على الأسماع إلا ثقيلا ناشزًا لغياب الانسجام الصوتي، والتناغُم الرشيق:
لو عدت يومًا إلى ما كانَ هل أجدُ
الشيء الذي كان، والشيء الذي سيكون
والعزف منفردُ
والعزف منفردُ(ص23)
وتبعا لما في هذه القصيدة من تعثر، وتغييب، للانسجام الصوتي، لم يكرر درويش هذه التجربة التي لم يكتب لها التوفيق، مثلما عزف السياب عن تكرار محاولاته لتطويع البحر الطويل لقصيدة تعتمد التفعيلة الواحدة. وخلافا للشاعرين الكبيرين اتكأ العلاق على التدوير في أداء يختلف عن التدوير الذي اعتدناه في قصائد تقوم على تكرار تفعيلة واحدة لا اثنتين، على نحو ما نجد في هذا المثال الذي تتكرر فيه فاعلاتن:
مدن تأتي وتمضي
هذه زنزانتي
بين حوار الضوء
والظل
جدارٌ وجدارْ
وهذا النوع من التدوير شائعٌ في الشعر الحديث، ويكاد لا يخلو من أمثلته ديوانٌ. أما العلاق فقد جاءنا بقصيدة جديدة، أخضع فيها البحر البسيط لمثال لا يقوم على مصراع أو مصراعين، ولا على شطر أو شطرين، مما يجعل الدلالات والإحساسات التي يعبر عنها، أو تعبر عنها الصور، والتراكيب، تتدفق في سلاسة تامة، وتجري في أجزاء القصيدة جريان الماء في النهر العميق، وإن بدت الفراغاتُ- من حين لآخر – علاماتٍ تدلُّ على انتهاء وحدة من القصيدة، وبدء وحدة أخرى. وبذلك يكون العلاق قد نجح في رأينا بترويض البحر البسيط، وتطويعه، لأساسيات الشعر الحر، ترويضًا ينسجم مع غايات الإبداع الحقيقي في الأدب، والفن، وهي الوصول لحلول جديدة لمشكلات الكتابة الإبداعية إن كانت ثمة مشكلات، وترويض المستعصي منها ترويضَ السائِس للنّمِرَة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.