مما يجعل هؤلاء النجوم يتسولون الحب والتقدير قبل المال ويبحثون عمن يحرر موهبتهم المحاصرة قهرا ويعيدهم إلي جمهورهم، حيث رفع الفنان محمد أبو الحسن لافتة فنان سابق ومتسول حاليا أمام مبني الإذاعة والتليفزيون فسرفع أصوات هؤلاء النجوم خلال هذا التحقيق مطالبين بحقوقهم. بداية يوضح محمد أبو الحسن أن رغبته في العودة إلي جمهوره الذي افتقده منذ سنوات هو السبب في هذه الخطوة وليس البحث عن المال، حيث إن وحده الفن يضفي علي الشعور بأنني كائن حي قادر علي العطاء وإمتاع الجمهور وهو الهواء الذي أتنفسه، لذا يطالب صناع القرار بمدّه بلفتة فن تمنحه اكسير الحياة. ليس أبو الحسن الوحيد الذي يعاني التجاهل الشديد، فقائمة الانتظار طويلة وتتضمن الفنان القدير المنتصر بالله، الذي أبعده المرض عن الأضواء طويلاً، وخلال رحلة علاجه عاني من تجاهل الأصدقاء والزملاء الذين شاركوه مشواره الفني المحفور في الذاكرة والوجدان. حيث يقول المنتصر بالله إنه بات أقرب إلي "خيل الحكومة" الذي ينتظر رصاصة الرحمة، إلا أنها لا تأتي، للأسف، ربما لأن الساحة الفنية اكتظت بوجوه جديدة أو لأن المسألة باتت تحكمها المصالح الشخصية أو لأسباب أخري. المحصّلة أن جيلاً كاملاً من المبدعين هُمشوا بلا سبب، علي رغم أن قدرتهم علي العطاء ما زالت في أوجها. وكذلك سهير الباروني التي حفرت اسمها، عبر سنوات طويلة من العطاء الفني، كإحدي أشهر نجمات الكوميديا، قدمت خلالها أدواراً مهمة كان آخرها مشاركتها المتميزة مع محمد هنيدي في فيلمه "فول الصين العظيم" إخراج شريف عرفة، وقبل ذلك بسنوات كانت الباروني بعيدة عن الأضواء وذاكرة صناع الفن، وحتي نجاحها مع هنيدي لم يعدها إلي الأضواء مجدداً. فتقول سهير الباروني عانيت كثيراً في الفترة الأخيرة بعد تجاهل القائمين علي الدراما التليفزيونية والأفلام السينمائية، تمنيت أداء دور صغير أعود به إلي جمهوري وإلي الفن الذي أعشقه وأعتبره حياتي كلها، لكن يبدو أننا أصبحنا بنظرهم خارج نطاق الخدمة فنياً،خاصة بعدما سيطرت المصالح الشخصية علي العملية الفنية، إضافة إلي الإهانات التي نتعرض لها بسبب أجورنا المتدنية والتي توازي أجور الكومبارس مقارنة بالملايين التي يحصل عليها صغار النجوم. وفي السياق ذاته سيد زيان الذي أبعده المرض أيضاً عن جمهوره، علي رغم تماثله إلي الشفاء إلا أنه محتجب عن الأضواء قهراً حيث يقول اشتد المرض علي في الفترة الأخيرة، ودخلت في غيبوبة طويلة تجاهلني خلالها النجوم الذين ربطتني بهم رحلة الفن. ويرجع أسباب ابتعاده عن الأضواء إلي أن الساحة الفنية لم تعد كما كانت سابقاً وأن المخرجين والمنتجين يعتمدون علي أسماء معينة، مما جعل النجوم القدامي في المقام الثاني، فتقاعد كثير منهم علي رغم أهمية الفن الكبيرة في حياتهم. إيمان الطوخي فنانة من جيل الوسط، ابتعدت عن الساحة الفنية أكثر من 17 عاماً قبل أن تستعيدها الذاكرة مجدداً في فيلم سينمائي رشحت لبطولته، مما يشير إلي أن حالة التجاهل لا ترتبط بجيل الكبار فحسب. فيما يؤكد د. أشرف زكي نقيب الممثلين أن المسألة أولاً وأخيراً عرض وطلب من المخرجين والمنتجين، وتحكمها عوامل كثيرة أهمها مدي نجومية الفنان، لذا لا دخل للنقابة في هذه المشكلة. وتتفق معه ماجدة موريس وتقول :علي رغم الحالة المزرية التي وصل إليها هؤلاء النجوم ومعاناتهم من الوحدة القاتلة وتناسي الجمهور لهم، إلا أن المسألة في النهاية عرض وطلب، فالمنتج والمخرج لهما الحقّ في اختيار طاقم العمل، ولكل زمن جيله.