التي احتوت كل الأديان بعد أن عاش أهلها معا في تراحم وود وألفة لم يكن يسعي إلا لقراءة الواقع الذي أمامه من منظور موضوعي، فهل كان كتاب الأمس أكثر تفتحا من كتاب اليوم؟ وهل يدفع المجتمع المصري كله فاتورة الدم التي يحرض عليها بعض القائمين علي الدراما المسرحية الآن؟ وأسئلة أخري تتولد للوصول إلي حل لغز ما يتم عرضه علي المسارح الذي يشعل النار في الهشيم فيصاب من لا ذنب له بالحريق. في البداية يقول الكاتب محمود الطوخي والمعروف بآرائه الجريئة والقوية: الدولة لها دور أساسي في حل جذور مثل تلك المشاكل، والفن ما هو إلا مرآة لما يحدث فعلا في المجتمع، لذلك لم أفكر في الكتابة في هذا الاتجاه لأني أعتقد أن تلك النغمة لن تجد صدي لدي جمهور المسرح بصفة خاصة، فالتواصل المباشر الذي يحدث بين جمهور المسرح والنص المسرحي يجعل من طرح مثل هذه القضايا الحساسة لعبة غير مأمونة العواقب. أما د. هدي وصفي، مدير مسرح الهناجر بالأوبرا، فقالت: خلال مهرجان ال100 يوم الذي نظمه مسرح الهناجر ضم العديد من العروض للفرق المستقلة والهواة من جميع أنحاء الجمهورية، لا توجد مسرحية تتعامل بشكل مباشر مع هذه الفكرة، ويبدو أن التعرض لمثل هذا الموضوع كأنه السير علي وتر مشدود فوق رماد مشتعل.. لكن فكرة المسرح بشكل عام هي تأكيد الاستنارة والثقافة العامة.. تأكيد حقوق الإنسان كإنسان والاحترام المتبادل بين الناس وقبول الآخر أيا ما كان اختلافنا معه. فالمسرح دائما ضد الظلم والاستغلال ومع احترام الآخرين وتنمية المجتمع بالتعاون والتآخي وبذلك يكون للمسرح دور كبير في تعزيز الوحدة الوطنية، وفي ترسيخ مفاهيم وقيم الوحدة ولو بطريق غير مباشر، وما دمنا أتينا علي ذكر الهناجر، فتجدر الإشارة إلي أن مسرحية "خالتي صفية والدير" قدمت من قبل علي مسرح الهناجر من إخراج ناصر عبد المنعم. أما الناقدة د. نهاد صليحة تؤكد علي أن المسرح بشكل خاص يتجنب الخوض في القضايا الحساسة نظرا لعلاقته المباشرة مع جمهوره، حتي إنني لا أتذكر أعمالاً مسرحية حديثة تعرضت لمثل هذا الموضوع، أما عن الأعمال المتطرفة فلا نستطيع أن نسميها فناً من الأساس، الفن هو الأحاسيس الجميلة والمعاني الراقية ولم يكن أبدا مجالاً لتجريح الآخرين والخوض في مقدساتهم وأعتقد أننا يجب أن نتعلم من الفن الحقيقي في حياتنا الواقعية فنبتعد عن كل ما يسيء إلي الآخر، فمما يؤسف له بكل تأكيد أن يمتهن أحدنا الآخر ونحن أخوة وأبناء وطن واحد. ويقول الناقد د. أحمد سخسوخ: لا نستطيع أن نعتبر الكتابات الفنية تعبر عن فكرة الوحدة الوطنية تعد ظاهرة في الدراما، فهي قليلة وربما نادرة.. فعلي المستوي العالمي نجد الكاتب الألماني "ليسنك" من الكتاب القلائل الذين تعرضوا لفكرة العلاقة بين الأديان المختلفة. أما في مصر، فربما كانت البداية في أعمال "سيد درويش" الغنائية والأشعار عن الوحدة الوطنية أثناء ثورة سنة 1919. ويوضح: وكذلك مسرحية الريحاني الشهيرة التي كانت تعرضت للعلاقة بين المصريين مختلفي الديانات بطريقة لطيفة، وعرضت فكرة أن المصري نسيج واحد ولا يعرف الخلاف بسبب الدين أو غيره، وربما نبتت بذور هذه الفكرة سياسيا أيام الرئيس الراحل "السادات" عندما استعان بالإخوان المسلمين لتحجيم المد اليساري، ولكن بذور الفرقة أتت بنتائج أكبر من المراد منها. ويضيف: أما عن الأعمال الفنية الصادرة عن جوانب متطرفة فذلك لا يصح علي الإطلاق، فالدين وكذلك الفن لهما أساليب متسامحة ومتصالحة مع الذات ولا يجب أن نزج بالدين في أعمال فنية، نحن جميعاً عنصر واحد هو المصري وهذا هو الشيء الوحيد الذي سيكتب له الخلود.