استنكر التيار المدني للأحزاب السياسية المختلفة الدعوة التي أطلقها د. محمد البرادعي رئيس حزب الدستور بانسحاب القوى المدنية من مجلس الشورى واعتبارها دعوة شخصية تمثله، اعتراضًا على مناقشة قانون السلطة القضائية الذي يهدف لتصفية الحسابات مع القضاة، في حين اعتبر البعض أن استمرار أعضاء المجلس في العمل البرلماني التشريعي داخل الشورى يمنع من تمرير هذه القوانين التي تمكن الجماعة من الحكم بشكل منفرد. في حين ترى القوى المعارضة أن الاستمرار في العمل داخل هذا المجلس لا جدوى منه، بل أنه يضفي عليه الشرعية في تفصيل القوانين والتشريعات التي تعمل لصالح جماعة الإخوان المسلمين، بالتعاون مع نواب التيار المدني داخله. د. وحيد عبد المجيد، الأمين العام المساعد لجبهة الإنقاذ الوطني، أكد على ضرورة تنفيذ دعوة البرادعي بالانسحاب من الشورى الذي يقوم الآن بتفصيل القوانين والتشريعات لصالح جماعة الإخوان المسلمين بالتعاون مع نواب التيار المدني داخله، وإعطائه الشرعية لما يقوم به حزب الحرية العدالة من تشريعات تضلل الشعب المصري، لذا استمرارهم في هذا المجلس غير مفيد وغير صحيح على الإطلاق وسيتحملون نتائج العوار الشديد الذي ستخرج به القوانين والتشريعات التي يقوم بها المجلس الباطل، والذي سقطت شرعيته بانهيار المادة 229 من الدستور التي أوجبت الانتخابات خلال 60 يومًا، وبالتالي أي تشريع يخرج من هذا المجلس هو تشريع باطل لسقوط الشرط القائم عليه في نص هذه المادة، مشددًا على انسحاب ممثلي الأحزاب المدنية وحزب النور، والعودة إلى قواعدهم المجتمعية والثورية، والعمل على سقوط قناع الهيمنة والهرولة من جانب جماعة الإخوان لإخراج تشريعات تخدم مصالحهم وتعمل على تحويل مصر إلى ولاية تحت إمارة المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين. مجلس الإخوان وطالب محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، بغلق الشورى لعدم قدرته على القيام بمهمة التشريع كما ينبغي في الوقت الحالي، خاصة بعد إصداره لحزمة من القوانين الجاهزة التي يتم إصدارها مسبقًا من داخل مكتب الإرشاد العام لجماعة الإخوان المسلمين ومجلس الوزراء بما يصب في صالح الجماعة، من خلال تطبيق سياسات تتفق مع هذه الأغراض بالتعاون السري مع د. أحمد فهمي رئيس المجلس، وبالتالي تصبح جميع القوانين والأفعال الصادرة عنه مشكوكًا في مصداقيتها ونزاهتها. وبالتالي يجب اقتصار دوره على الاستشارية فقط، أما دوره بشأن التشريع بهذا الشكل العبثي يجب أن يتوقف وأن يقتصر دوره الراهن فقط على إصدار وتشريع قانون الانتخابات البرلمانية بعد عرضه على المحكمة الدستورية؛ حتى يكون لدينا أساس تقوم عليه الانتخابات التي ستتم بعدها تشكيل حكومة جديدة. واتفق د. مجدي حمدان، عضو المكتب التنفيذي لحزب الجبهة الديمقراطية، مع دعوة البرادعي للأعضاء المدنيين بالانسحاب من الشورى؛ وذلك لأن الدور المنوط للشورى القيام به وفق المادة 230 من الدستور، والتي تعني التشريع في حدود قوانين ممارسة الحياة السياسية والانتخابية إلا أن تجاوز هذه المادة ويتطرق لمناقشة ووضع التشريعات الخاصة بالصكوك والقضاء المصري، ليعكس المخطط الإخواني في الاستحواذ على جميع مؤسسات الدولة بما فيها السلطة القضائية عن طريق المجلس الإخواني، الذي تحول لآلة لتشريع وإصدار القوانين التي تصب في مصلحة الإخوان المسلمين والتيار الإسلامي، وبالتالي أصبح انسحاب أعضاء التيار المدني منه محاولة جديدة لكشف زيف الجماعة التي تسعى لإصدار قانون السلطة القضائية الذي يقضي بعزل ستة أعضاء من المحكمة الدستورية العليا عقب إقراره مباشرة. وطالب محمود العلايلي، السكرتير العام المساعد لحزب المصريين الأحرار، أعضاء الأحزاب المدنية بمجلس الشورى بتقديم استقالاتهم "فورًا" كبداية الانقلاب على ممارسات الجماعة المرفوضة سواء بالاعتداء على مؤسسات الدولة وتوجيهها وفق رغبات ومخططات الجماعة، وخاصة محاولات التمكين من القضاء ومعاقبة القضاة على وقوفهم أمام أطماع الجماعة في السيطرة على الدولة بالقانون، خاصة بعد أن استطاعت السيطرة على وزارة الداخلية وتحويلها لحماية النظام الحاكم، وتعيين نائب عام إخواني لقمع وإرهاب المعارضة.. إضافة لتعيين مجلس الشورى من الأغلبية الإسلامية، وتحصين قراراته من الطعون. لذا أصبح الانسحاب من الشورى واجبًا على كل وطني، لمساندة قضاة مصر ضد الهجمة الإخوانية، تحت قناع دعوة تطهير القضاء الكاذبة التي تهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية. ويرى ناصر عبد الحميد الناشط الحقوقي، أن دعوة الانسحاب جاءت ردًا على محاولات جماعة الإخوان المسلمين في ارتكاب مذبحة القضاة والنيل من القضاء، خاصة عقب الدعوة التي أطلقوها تحت اسم "تطهير القضاء"، برغم أن موقف القوى الثورية من هذا التطهير مختلف عما يطالب به الجماعة، وهو المطالبة بالتطهير الداخلي للمؤسسة القضائية باعتبارها مؤسسة من مؤسسات الدولة التي شهدت العديد من المؤامرات الفاسدة على أيدي النظام السابق، التي يستمر على نهجها النظام الحالي في الحكم من خلال محاولات "أخونة القضاء" عن طريق قانون السلطة القضائية الذي يسعى مجلس الشورى لتمريره الآن. معارضة فاشلة في حين رفض د. محمد محيي الدين، النائب بمجلس الشورى عن حزب غد الثورة، دعوات رئيس حزب الدستور د. محمد البرادعي وغيره من القيادات المدنية بانسحاب ممثلي القوى المدنية من مجلس الشورى، باعتبارها دعوة تأتي في إطار السلبية المرفوضة والتي تنتهجها المعارضة من جبهة الإنقاذ الوطني، والتي تمكن حزب الأغلبية من الانفراد بالمجلس لتمرير قوانينه التي يسعى لها في ظل غياب المعارضة، وبالتالي يكون البقاء بداخله حلًا واجبًا اتباعه والانسحاب قرار أخير إذا أصرت الجماعة على تمرير قانون السلطة القضائية الذي لا يجوز للمجلس تمريره ومناقشته سوى بحضور مجلسي الشعب والشورى معًا، وبالتالي يصبح دوره تشريع القوانين المهمة والعاجلة للمرحلة الراهنة لحين إجراء الانتخابات البرلمانية وليس قانون السلطة القضائية، لذا في حال تمرير القانون سيدرس الحزب تقدم أعضائه بالاستقالة من المجلس فورًا. وقال د. إيهاب الخراط، عضو مجلس الشورى عن الحزب المصري الديمقراطي: إن الدعوة للانسحاب في الوقت الراهن اعتراضًا على السلطة القضائية وما يتعرض له القضاة من هجوم وحملة ممنهجة وموجهة تعد خطوة غير صائبة وسابقة لأوانها، خاصة أن الحلول والمواقف التي بإمكان المعارضة اتخاذها كثيرة، وبالتالي دعوة التيار المدني للانسحاب مرفوضة؛ لأنها أضاعت من قبل على مصر فرصًا كثيرة، فعندما انسحبت المعارضة المدنية من الجمعية التأسيسية للدستور تسببت في تمرير الدستور بجميع الأخطاء والعوار الدستورية التي تشوبه؛ وذلك لعدم استمرار وإصرار القوى المدنية حتى آخر يوم على مواجهة هذه المواد الشاذة التي وُضعت بالدستور، في حين وقف نواب الشورى المدنيين وتمسكوا لآخر لحظة بموقفهم من قانون "التظاهر السلمي" و"الجمعيات الأهلية"؛ لعدم السماح بتمريرهم، وأيضًا لن ينسحبوا الآن ولن يسمحوا بالتعدي على السلطة القضائية أو التمهيد لتزوير الانتخابات القادمة من خلال وضع القوانين التي تخدم فئة من الشعب دون الباقي. مخاطر الانسحاب بينما يرى النائب عبد الشكور عبد المجيد، رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي، إن استقالة نواب التيار المدني في الوقت الراهن سيكون لها مخاطر وأضرار أكبر من نفعها، خاصة إذا كان عدد نواب التيار المدني لا يكفي لوقف تمرير قانون السلطة القضائية، فإن وجودهم سيؤثر في تعديل بعض القوانين الأخرى بما يتوافق مع مصلحة المواطن، على سبيل القوانين التي يشرع الشورى في مناقشتها الآن قانون التظاهر السلمي وقانون كادر الأطباء.. وغيرها من القوانين، التي لا يجوز للأعضاء المدنيين الآن الانسحاب قبل حسمها لصالح الشعب. وأضاف رئيس الهيئة البرلمانية، أن التيار المدني لم يصمت على قانون السلطة القضائية ووضعه داخل لجنة المقترحات لمناقشته، خاصة وأنه لا يحق للمجلس مناقشة اقتراحات مشروعات القوانين، وفق النص الدستوري الذي يعطي له الحق في مناقشة مشروعات القوانين المقدمة من الحكومة فقط. وحدة الصف ووصفت د. منى مكرم عبيد، النائبة بمجلس الشورى، دعوة البرادعي ب"الشخصية" التي لا يمكنها أن تمنع التيار المدني من المعارضة الفعالة، والقائمة على احترام الديمقراطية والرأي والرأي الآخر، بعكس دعوة الانسحاب التي تكرس للأخونة وتراجع الحياة السياسية والمعارضة إلى ما قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير. وأضافت : إن المجلس في إصدار لوثيقة تهدف لتوحيد مواقف الأحزاب المدنية تجاه القوانين المعروضة على البرلمان؛ بهدف إنشاء حالة سياسية تشكل ضغطًا في مواجهة أساليب الأغلبية في فرض آرائها عبر آليات التصويت، وتفعيلًا لدوره في متابعة أداء الحكومة السياسية وممارسات الوزراء المنتمين لها والدفاع عن المبادئ التي قامت من أجلها الثورة وهي: "عيش، حرية، عدالة اجتماعية". وأشار النائب صلاح الصايغ بحزب الوفد، أن البرادعي ليس وصيًا على نواب مجلس الشورى أو التيار المدني لكي يتحدث باسمهم، معتبرًا أن دعوته رؤية شخصية وهو حر فيها لكنه لا يلزم بها أحدًا، خاصة وأن كل نائب حر له أن يحدد لنفسه الآلية التي يعمل بها في المعارضة، والمسار الذي يتحرك فيه. موضحًا أن نواب المجلس جاءوا بانتخابات حرة من الشعب المصري، وبالتالي دعوة الانسحاب من المجلس خيانة للشعب الذي عينه للقيام بالدور التشريعي لحين الانتهاء من مناقشة القوانين المهمة والعاجلة للمرحلة الانتقالية متسائلًا: كيف يمكن توجيه الدعوة بالانسحاب في الوقت الحالي الذي تمر به مصر، والذي تحتاج فيه لتوحيد الصف للعبور من النفق المظلم الذي تقف فيه؟ . وانتقد النائب فريد البياضي، عضو مجلس الشورى، الدعوة التي وجهها البرادعي لهم للاستقالة للتنديد بمشروع قانون السلطة القضائية، واعتبرها أمرًا سهلًا لن يؤثر بأي شيء على مسار الموقف والمشهد السياسي ككل، ولن يقف دون مناقشة وتمرير هذا القانون؛ لذا فإن إصرار التيار المدني على الاستمرار يأتي لمواجهة أعضاء المجلس والأغلبية الإخوانية التي تسعى لتمرير هذا القانون رغم مخالفته للدستور، لذلك لا يمكن لدعوة البرادعي الشخصية أن تفرض على الأحزاب المدنية داخل المجلس وليس خارجه؛ لأنه كان من الأفضل إطلاق دعوة لتوحيد المصريين على خدمة هذا الوطن وليس الدعوة للانشقاق والتنافر أكثر مما أصبحنا عليه، وأن يكون وسطًا بين كل الأحزاب في إطار العمل الديمقراطي.