الشتاء ليس فقط فصل الأمطار والبرودة فهذه هي الأشياء المعروفة التي لا تخفي على أحد لكن للشتاء خصائص أخرى أثبتتها الدراسات والأبحاث العلمية الحديثة، لاسيما الصادرة عن مراكز بحوث ودراسات مكافحة الجريمة ومعاملة المجرمين بكلية الحقوق جامعة القاهرة ، وهي الجرائم حيث يزيد عدد حالات السرقة المنظمة والانتحار. وفقا للدراسات الأمنية بالولاياتالمتحدةالأمريكيةوألمانيا فإن هناك علاقة بين معدلات الجريمة وفصول السنة وقد أشارت الدراسات إلى أن جرائم الصيف عشوائية مزاجية تمر دون سابق تخطيط فحرارة الجو والانتظار في طابور أو إشارة مرور يدفعان الناس للعراك الذي قد يتطور إلى جرائم وهذا هو حال الدول الحارة أما جريمة الشتاء فأعقد وأخطر لأنها تتم بعد دراسة وتخطيط مسبق. وأضافت الدرسات أن جرائم بلاد الشرق ذات طبيعة مزاجية أو رد فعل على سلوك خاطئ وتحل محلها في بلاد الغرب الجرائم المسلحة والسطو وأكدت كذلك أن الشرطة الاتحادية في ألمانيا رصدت ازدياد نسبة الجرائم خلال الصيف مقارنة بالشتاء ورصدت الولاياتالمتحدة زيادة معدلات نوعيات معينة من الجرائم في الجنوب الحار عن شمالها البارد وتم رصد أن كل ارتفاع بنسبة درجة واحدة في الجنوب يقابله ارتكاب 7 جرائم قتل بين كل 100 ألف مواطن .. بل وأيضا انخفاض درجة الحرارة نتيجة لغياب الشمس يؤدي لجريمة الانتحار . دراسة أخرى نشرتها صحيفة " كوريير ديلاسيرا " الإيطالية تفيد بوجود اعتقاد سيكولوجي يسود منذ زمن بعيد عن أن هناك علاقة وثيقة بين درجة حرارة الجو وسلوك الانسان وأن عدد الجرائم يزداد تدريجيا كلما اقتربنا من خط الاستواء بينما تزداد حالات " السكر " والإدمان بالاقتراب من المناطق القطبية. وأوضحت الدراسة أن دول الشرق الأوسط تنطبق عليها هذه الظاهرة وكانت " مصر " نموذجا لذلك حيث أشارت الدراسة إلى أن شهر ديسمبر من أكثر الشهور حدوثا لجرائم الاعتداء على الملكية بمصر بينما شهر أغسطس يشهد أعلى نسبة للقتل المتعمد والضرب المؤدي للموت بينما يشهد شهر مارس وأبريل ارتفاع جرائم الاعتداء الجنسي التي تنخفض في الشتاء . وأشارت الدراسات إلى أنه في مقابل كل 100 جريمة من جرائم الاعتداء على الاشخاص بشمال مصر تقع 181 جريمة اعتداء على المال بينما تقع 8.84 جريمة من جرائم المال مقابل كل 100 جريمة من جرائم الاعتداء على الاشخاص في صعيد مصر . ومن جانبه يقول د.أحمد العقباوي أستاذ علم النفس بكلية الطب جامعة الازهر : " بالفعل هناك العديد من الدراسات النفسية في علم الجرائم أثبتت أن العوامل الجغرافية تقع ضمن أسباب الجرائم حيث تزداد جرائم معينة تبعا لتغير المناخ والحرارة والبرودة والجفاف والامطار والرياح " . وأضاف : " جرائم العنف ملحوظة في المناطق الحارة وتنخفض في المناطق الباردة في حين أن الجرائم المتعلقة بالسرقة تظهر في الفصول والأماكن الباردة وتتفاوت نوعية الجرائم أيضا تبعا للتضاريس حيث تقل الجرائم في المناطق الالمنبسطة وتزداد في المناطق الوعرة الجبلية وهذا بالطبع بالاضافة للعوامل الاجتماعية والاقتصادية كالفقر الذي له دور في جرائم الشرف والسرقة ". ووفقا للدكتور عاصم درويش أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة فإن السلوك الاجرامي تتحكم فيه العديد من العوامل ما بين اجتماعية كالأسرة والمدرسة والأصدقاء وعوامل اقتصادية وثقافية وعوامل طبيعية متمثلة ف يالمناخ " فالانسان ابن بيئته " وقد يتعرض للضغوط الاقتصادية المباشرة وأشار إلى أن بعض الاحصائيات الفرنسية أكدت وجود علاقة بين درجة حرارة الجو والجرائم .. ففي الشتاء مع انخفاض درجة الحرارة تنشط حالات السرقة المنظمة لأن الليل الطويل والظلام وانخفاض فرص العمل المؤقتة كلها عوامل تدفع للسرقة على عكس الصيف حيث أن ارتفاع درجات الحرارة يزيد من حيوية الجسم فيصبح أكثر عرضة للاستثارة والاندفاع بالاضافة لنشاط الغريزة الجنسية فتكثر جرائم الاغتصاب وبالتالي جرائم الشرف.