إذا شعرت بأنك عصبى، سريع الغضب، تتعدد مشاجراتك اليومية مع من حولك، فاعلم أن للأحوال الجوية وتقلباتها دور فعال فى إصابتك بهذا الشعور والعكس صحيح، فيمكن أن يفجر الطقس أحاسيس النشوة والسعادة بداخلك، هذا ما ذهبت إليه د.أيملى حلمى أستاذ الجغرافيا الطبيعية المساعد بجامعة المنوفية. فى دراستها المتخصصة فى مجال المناخ التطبيقى التى تناولت أثر تقلبات الأحوال الجوية على الحالة المزاجية لسكان بعض أقاليم مصر بالتطبيق على الرجال والسيدات بالمدن والقرى فى 3 أقاليم جغرافية: هى إقليم البحر الأحمر، وإقليمالقاهرة والدلتا، وإقليم الساحل الشمالى. وكان أهم ما توصلت إليه الدراسة هو أن الطقس الحار والخماسينى يلقى بظلال من الإجهاد الحرارى الثقيل لدى الإناث أكثر من الذكور، إذ ينعكس بوضوح فى التقلب المزاجى والميل إلى الانفعالات التى يغلب عليها العصبية. فضلا عن السلوكيات العدوانية التى تظهرها الرغبة فى المشاجرة. وترتبط هذه السلوكيات بشعورهن بالإجهاد والتعب وشدة التعرق الذى يصيبهن بالحرج الشديد، بينما ترتبط الأيام الباردة لديهن بالهدوء والتحسن المزاجى. وتؤكد أيملى حلمى على أن النساء يعانين فى أثناء الطقس الخماسينى من ارتفاع معدلات الإصابة بحساسية الصدر وحساسية الأنف والحساسية الجلدية، فضلا عن انخفاض ضغط الدم وزيادة نوبات الصداع، مما يؤدى إلى تقلب مزاجهن. ويتميز إقليم الساحل الشمالى بانخفاض حدة التطرف فى درجات الحرارة على مدار شهور السنة مقارنة بإقليم الساحل الشرقى وإقليم الدلتا الداخلى، وهو ما انعكس فى ضعف تأثير تقلبات الطقس على الحالة المزاجية وما يرتبط بها من سلوكيات سلبية للرجال والسيدات على السواء الذين خضعوا للدراسة، وأخيرا، يحفز المطر جملة المشاعر الإيجابية ما بين الفرح والمرح والاستبشار بالفرج. وتطرقت أيملى حلمى فى دراستها إلى الطقس الذى يثير السلوكيات السلبية؛ حيث قالت إن العديد من الدراسات والأبحاث السابقة التى تناولت العلاقة بين الإنسان والعناصر الجوية فى الأماكن المغلقة والمفتوحة، قد أثبتت أهمية الحد قدر الإمكان من الإجهاد الحرارى، لكونه عاملا مساعدا فى إثارة السلوك العدوانى. ومن بين تلك الدراسات، دراسة قام بها عالم يدعى «سميث» عن التأثير البيئى فى السلوك العدوانى معتمدا على تحليل تقارير المباحث الفيدرالية الأمريكية، واستنتج أن معدلات الجرائم المرتبطة بالعنف مثل الاغتصاب والسرقة والقتل ترتفع خلال الطقس الحار. كما أثبتت هذه الدراسة صحة الاعتقاد الشائع بأن العدوان أكثر حدوثا فى الطقس الحار مقارنة بالطقس البارد. وتشير أيملى حلمى إلى أنها قد قامت بتحليل عدد جنايات القتل فى مصر خلال فترة 2001/2005 بالاستعانة ببيانات غير منشورة، وكان متوسط عددها خلال الفصل البارد (نوفمبر إلى مارس) يبلغ 53.2 جناية فى إقليمالقاهرة والدلتا. بينما يبلغ فى الفصل الحار (أبريل إلى أكتوبر) 60.4 جناية فى ذلك الإقليم. وينخفض المتوسط فى إقليم الساحل الشمالى مقارنة بإقليمالقاهرة والدلتا، ليبلغ حده الأقصى فى الفصل البارد بمتوسط 19.2 جناية مقابل 18 جناية فى الفصل الحار، وهكذا يمكن القول بأن الطقس الحار يعد أحد المثيرات للسلوك العنيف. وفيما يتعلق بجنايات الانتحار خلال عامى 2004/2005، فقد بلغ متوسطها فى الفصل البارد 22.2 حالة، 25.14 حالة فى الفصل الحار فى إقليمالقاهرة والدلتا مقابل 9.4 حالة فى الفصل البارد، و13.63 حالة فى الفصل الحار فى إقليم الساحل الشمالى خلال الفترة 2001/2005. وكما أن الطقس يثير الطاقات السلبية فهو قد يكون باعثا للطاقات الإيجابية، فتوضح أيملى حلمى أن الباحثين فى جامعة ميتشيجن الأمريكية قد حددوا درجة الحرارة المثالية للسعادة وهى حوالى 22 وهى أن الطقس الممتع، يمكنه تحسين الحالة المزاجية، فضلا عن تحسين الذاكرة وتحقيق نوعا من التفتح الذهنى والأفكار الخلاقة. وفى تحليل أيملى حلمى لتأثير الطقس فى الحالة النفسية والتغير المزاجى لسكان الأقاليم الثلاثة الخاضعين للدراسة تبين أن سكان إقليم البحر الأحمر من الذكور الموجودين بالقرى (تحت الثلاثين) يشعرون الخمول والكسل فى الجو الحار، بينما يتحسن مزاجهم فى جو الحرارة المعتدل. ويعد اشتداد سرعة الرياح دافعا لإصابة الذكور فوق الثلاثين بالقلق، وبالتالى يعودون إلى منازلهم. أما الذكور الموجودون بالمدن (تحت الثلاثين) فيصبحون أكثر عصبية وتنخفض ساعات نومهم كنتيجة لتقلبات الطقس الحار. ونفس الأمر ينطبق على من هم فوق الثلاثين من ذكور المدن، وتنتعش حالتهم المزاجية فى الأيام المطيرة. أما بالنسبة لإناث البحر الأحمر من سكان القرى فوق الثلاثين فهم يعانين من العصبية والاكتئاب فى الطقس الحار، أما فى الطقس المائل للبرودة فيتحسن مزاجهن ويتحسن نومهن مما يشعرهن بالحيوية والراحة. وفى إقليمالقاهرة والدلتا يتجسد المزاج السيئ للذكور تحت الثلاثين فى القرى فى الطقس الحار الخماسينى، نظرا لطبيعة عملهم فى بيئات مفتوحة تحت وطأة أشعة الشمس المباشرة والحرارة المرتفعة وظواهر الجو الترابية، ولكن يضعف تأثير الطقس على هؤلاء الذكور مقارنة بسواهم الأصغر سنا؛ إذ يعرب هؤلاء عن عدم ارتباط أى من المشاعر السلبية أو عادات النوم ومدته، أو القدرة على العمل بأى من فصول السنة. وتزيد فاعلية تأثير الطقس الحار على هؤلاء الإناث فى القاهرة ومدن الدلتا مقارنة بالأخريات فى القرى لعمل 77%منهن فى بيئات مفتوحة لمدة تتجاوز 8 ساعات يوميا، وتنعكس هذه الظروف فى شعور 69% بالعصبية و57% بالقلق و58% بسرعة الغضب، ولذلك يعربن عن الحالة المزاجية والنفسية خاصة فترة الخماسين،أما الطقس البارد فيساعد 57% منهن على النوم المريح وزيادة القدرة على العمل لدى نصفهن مع زيادة نشاط 38% وشعورهن بالارتياح. فى إقليم الساحل الشمالى، يرتبط الفصل البارد نوعا ببعض المشاعر السلبية خاصة الاكتئاب الذى يتعرض له 64% من ذكور المدن تحت الثلاثين، وإن كان يتلاشى لدى 98% سريعا مع حبات المطر، شريطة اختفاء البرق والرعد الذى يصيبهم بالانقباض والخوف والضيق ،وهكذا ترى أيملى حلمى: أن العواصف الرعدية من التقلبات الجوية المثيرة للاعتدال المزاجى لكل من الذكور والإناث على حد سواء فى أقاليم الدراسة الثلاثة. وفيما يتعلق بإناث مدن إقليم الساحل الشمالى، فمزاجهن أكثر تأثرا بالحرارة من الذكور فى إقليم الساحل الشمالى. ففى الطقس الحار، تزداد العصبية بالنسبة للنساء فوق وتحت الثلاثين، وفى الطقس البارد تزداد رغبة 64% من الإناث تحت الثلاثين فى النوم لأكثر من 8 ساعات يوميا هروبا من اضطراب مزاجهن.