تباينت الآراء السياسية والقانونية في مصر حول إعلان جماعة الإخوان المسلمين عن توفيق أوضاعها وإشهارها وفقًا لقانون الجمعيات الأهلية الحالي وتحولها إلى جمعية تحت اسم "جمعية الإخوان المسلمين"، عقب تقرير هيئة المفوضين بالمحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة والذي أوصى بتأييد الحكم السابق صدوره من محكمة القضاء الإداري بتأييد قرار مجلس قيادة ثورة يوليو 1952 حل جماعة الإخوان المسلمين ومصادرة أموالها، وعدم قبول الطعون على الحكم استنادًا إلى أنها أقيمت من غير ذي صفة، واعتبار أن جماعة الإخوان المسلمين "كيانًا غير قانوني"، واعتبر التيار الليبرالي هذا الحكم بالقديم الذي لم يأتِ بجديد، خاصة وأن الجماعة بالفعل ليس لها أي وجود أو شكل قانوني.. بينما اعتبر خبراء في القانون إعلان جماعة الإخوان المسلمين إشهارها وتوفيق أوضاعها طبقًا لقانون الجمعيات الأهلية الحالي لتتحول إلى جمعية الإخوان يلزمها بتطبيق أحكام القانون والالتزام بالعمل الأهلي فقط، وبالتالي يحظر عليها ممارسة أي نشاط سياسي أو تجاري ويخضع تمويلها وميزانيتها للرقابة. ومن جانبه رفض د. أحمد البرعي الأمين العام لجبهة الإنقاذ الوطني، الدعوى المقامة أمام القضاء الإداري لانتهاء إجراءات إشهار جماعة الإخوان المسلمين والتي يعتبرها غير صحيحة، خاصة وأن إشهار جمعية الإخوان المسلمين لابد أن ينشر في الجريدة الرسمية وهو ما لم يتم إجراؤه متسائلًا: "كيف سمحت وزارة الشئون الاجتماعية بإشهار جمعية لها حزب سياسي ولا تعمل في المجالات المحددة للجمعيات الأهلية في القانون؟"، مضيفًا أن الجماعة أشهرت نفسها بالمخالفة للقانون، وبالتالي يجب تقديم اللوائح وقرار الإشهار للرأي العام للوقوف على حقيقة مصادر تمويلها، في ظل حالة الالتباس الذي يعانيها أعضاء هذه الجماعة ما بين الفصل بين العمل الدعوى والعمل السياسي لهذه الجماعة. وأضاف الأمين العام لجبهة الإنقاذ الوطني أن جماعة الإخوان غير قانونية ومخالفة لأحكامه بداية من الحصول على مقر مكتب الإرشاد بالمقطم بمبلغ ستة ملايين جنيه وبناء عدد من الطوابق الكبيرة دون تراخيص وبالمخالفة للقانون. وقال د. وحيد عبد المجيد أستاذ القانون وعضو جبهة الإنقاذ الوطني، أن لجوء جماعة الإخوان المسلمين العمل بقانون الجمعيات الأهلية القديم في توفيق أوضاعها وإشهارها بمحاولة للهروب من القضاء والقانون والحصار الذي فرض عليها من كافة القوى السياسية والحزبية التي تساءلت كثيرًا عن مصادر تمويل هذه الجماعة والبرامج التي تسير عليها داخل التنظيم، لعدم وجود وضع قانوني يتم على إثره تحديد نشاطها، مؤكدًا أن قرار الإشهار الذي أصدرته جماعة الإخوان به الكثير من العوار القانونية خاصة وأن إشهار الجمعيات الأهلية في حالة إنشاء جمعية جديدة يحتاج ما لا يقل عن ستة أشهر للإشهار وفقًا للعمل بالقانون الحالي الذي لجأ إليه قيادات الجماعة في الإشهار، وهذا ما يخالف المدة القصيرة التي انتهت خلالها من إجراءات غير قانونية. الأمر الذي يؤكد أن الجماعة لجأت إلى التلاعب بالقانون في عملية إشهار جمعية الإخوان المسلمين، خاصة وأنه في حال انتهاء الجمعية من أوضاعها على اعتبارها جمعية قديمة، يكون أيضًا غير قانوني لأن جمعية الإخوان لم تكن موجودة منذ سنة 1957 عندما صدر أول قانون للجمعيات الأهلية، ينص على أن الجمعيات لابد أن توفق أوضاعها وأن الجمعية التي لم توفق أوضاعها ستكون غير قانونية، لذلك فكان على جماعة الإخوان المسلمين أن توفق أوضاعها منذ ذلك الوقت وهذا لم يتم، وبالتالي في حال إشهار الجمعية على أنها قديمة ووفقت أوضاعها فهو إجراء مخالف للقانون. ووصف سامح عاشور نقيب المحامين والقيادي بجبهة الإنقاذ الوطني، الطريقة التي أعلنت بها جماعة الإخوان المسلمين عن توفيق أوضاعها وإشهارها وفقًا لقانون الجمعيات الأهلية الحالي وتحولها إلى جمعية بهذا الشكل المفاجئ والسري بالحقيقة التي لا تستطيع الجماعة نكرانها وهي انتهاك أحكام القانون والقضاء وتسخيره وفق رغباتهم وأهدافهم وإن كان عن طريق التلاعب بالأحكام والقرارات.. مطالبًا وزارة التضامن الاجتماعي بإعلان كافة تفاصيل إشهارها للرأي العام لضمان الشفافية حول هذا الإجراء، لافتًا إلى أنه في حال تحول جماعة الإخوان المسلمين إلى جمعية أهلية وقيامها بممارسة العمل السياسي فإن كل الجمعيات الأهلية ستتحول لأحزاب سياسية مثلها، وبالتالي يصبح على الجمعية الالتزام بأحكام قانون الجمعيات الأهلية الذي لجأت إليه والذي يحظر على كافة الجمعيات ممارسة العمل السياسي بما فيهم الإخوان المسلمين، إضافة لخضوع مصادر تمويلها وميزانيتها للرقابة. وأوضح المستشار أحمد الفضالي رئيس حزب السلام الديمقراطي ومنسق تيار الاستقلال، أن النطق بالحكم في دعوى حل جماعة الإخوان المسلمين وإغلاق مقرات الجماعة كحكم واجب النفاذ، وذلك بعد تقرير هيئة مفوضي الدولة بشأن حل جماعة الإخوان المسلمين في الدعوى التي أقامها التلمساني منذ أكثر من ثلاثين عامًا، وذلك بالدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا والمقرر حسمها يوم الثلاثاء القادم السادس والعشرين من شهر مارس الجاري؛ لافتًا إلى أن الإخوان المسلمين جماعة غير شرعية، وأنهم سيودعون تقرير هيئة المفوضين في دعوتهم خاصة أنه سيتم الفصل فيها يوم الثلاثاء القادم. هربًا من الحل في حين أكد عبد المنعم عبد المقصود محامي جماعة الإخوان المسلمين، على تقديم الهيئة القانونية للجماعة بطلب إلى الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري بإعادة المرافعة في الدعاوى التي تطالب بحل جماعة الإخوان المسلمين، وإغلاق جميع مقارها بمحافظات الجمهورية والتي تم حجزها للحكم ، وذلك للانتهاء من تقنين أوضاع الجماعة وحصولها على رقم الإشهار الذي يحمل رقم 644 لسنة 2013 بمقر المقطم، نافيًا أن يكون تقنين أوضاعهم خلال اليومين السابقين اعترافًا منهم بأن الجماعة لم تكن شرعية قبل ذلك، مؤكدًا أن محاكم الجنايات قد أكدت في عدد من حيثيات أحكامها بأن جماعة الإخوان المسلمين جماعة شرعية ولها الحق في مباشرة عملها وأن قرارهم جاء كنوع من التزايد للشرعية وزيادة في الحذر ضد محاولات البعض لمحاولة تشويه صورتها خاصة بعد نجاحها في الانتشار الكبير الذي حققته على مستوى الشارع المصري دون منافس لها في ذلك. وأوضح د. مختار العشري عضو اللجنة القانونية لجماعة الإخوان المسلمين، أن الجماعة قننت أوضاعها القانونية وفقًا لقانون الجمعيات الأهلية تحت اسم جمعية "الإخوان المسلمين"، كجمعية مركزية لها فروع في جميع محافظات الجمهورية، مشيرًا إلى أن الجماعة انتهت من هذه الإجراءات قبل تقرير هيئة مفوضي الدولة بالمحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة، والذي يقضي بإصدار حكم نهائي بأن جماعة الإخوان المسلمين ليس لها أي وجود قانوني، ووضعها الراهن على الساحة غير شرعي، وهذا جاء نتيجة عدم تسوية الجماعة لأوضاعها منذ أن تم تأسيسها. وبالتالي تصبح الجماعة بهذه الخطوة قطعت جميع الشكوك التي يحاول المغرضون ترويجها لزعزعة مكانتها وسط الشعب، لافتًا إلى أن تقاعس المجلس العسكري أثناء توليه الحكم ولم يصدر القانون الذي يتم من خلاله للجماعة تقنين وضعها القانوني مما أدى لتأخير هذا التقنين، إضافة لعدم إقرار مجلس الشورى القانون الجديد. في الوقت نفسه تواجه الجماعة ضغوطًا واتهامات بعدم الشرعية والانتهاكات، الأمر الذي دفع الجماعة للجوء للقانون الحالي للانتهاء من هذا التقنين. وأضاف أحمد عارف المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين، أن النظام السابق هو ما كان يمنع الجماعة من إشهار وتقنين أوضاعها في ظل الاعتقالات المستمرة لأعضائها وتوجيه اتهامات بالغة الخطورة وتسميتها على مدار العقود السابقة بالمحظورة إلى أن سقطت هذه الأنظمة العسكرية الفاشية والديكتاتورية، حتى أصبح لهذه الجماعة الحق في الإشهار وممارسة كافة الحقوق والواجبات إسوة بباقي الجمعيات التي تعمل وفق قانون الجمعيات الأهلية، مستنكرًا اتهام الجماعة بالتزوير وانتهاك الأحكام القانونية في عملية الإشهار خاصة وأن الجماعة لديها مئات الأحكام والقضايا التي تؤكد وجود هذا الكيان سواء في أعمال البر الخيرية أو غيره.