دعا خبراء مصريون متخصصون في السياسة والقانون الدولي والعلاقات الدولية وشئون البرلمان، الحكومةَ المصريةَ إلى التّعامل مع ملف أزمة نهْر النيل على أنها "مسألة حياة أو موت" و"قضية أمن قومي"، مع تفويت الفُرصة على أولئك الذين يخططون لتأجيج الصِّراع وإشعال نار الخلاف وتأليب دول المنبَع بحوض النيل، ضدّ دول المصبّ، وبخاصة مصر، مطالبين بدراسة "إعلان دول المنبَع عن نيتها توقيع اتفاقية إطارية في 15 مايو 2010، بمعزل عن مصر والسودان، وتقدير الموضوع بحجْمه الطبيعي "دون تهوين أو تهْويل". واعتبر الخبراء في أن "هناك العديد من الخِيارات المتاحة أمام مصر للتعامل مع الأزمة، أولها: "التفاوض أو ما يسمى بالخيار الدبلوماسي. وثانيها: التحكيم الدولي أو ما يسمى بالخيار القانوني. وثالثها: تقدير حاجة مصر الشديدة للمياه، حيث يبلغ عدد سكّانها 80 مليون نسمة، وتمثل مِياه النيل 85% من احتياجاتها من المياه، وهو ما يُمكن تسميته بالخِيار الإنساني. ورابعها: "التهَور والردود العنيفة أو ما يُسمى بخِيار الحرب أو الخِيار العسكري". وكانت بوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا وكينيا ورواندا وتنزانيا وأوغندا، قد اتفقت في 13 أبريل الماضي على اتفاق إطار جديد حول "الاستِخدام المنصِف لنهْر النيل"، لكن مصر والسودان – أكبر المستهلكين لمياه النهر - رفضتا الاتفاق واشترطت مصر عدم المساس بحِصَّتها التاريخية في مياه نهْر النيل والنص في الاتفاق الجديد على حقّ مصر في رفْض إقامة أية مشروعات على النيل، من شأنها الإضرار بحصة مصر. وحذّر محمد علام، وزير الموارد المائية المصري دول حوْض النيل من توقيع الاتفاق. ويُشار إلى أن اتفاقية عام 1929، التي مثلت القِوى الاستعمارية البريطانية في إفريقيا في أحد جانبيها، تمنح مصر 55.5 مليار متر مكعّب سنويا، وهي أكبَر حصّة من المياه المتدفّقة في النهر وتبلغ 84 مليار مترا مكعبا، كما تمنحها حق الاعتراض (الفيتو) على إقامة سُدود وغيْر ذلك من المشروعات المائية في دُول المنبَع، التي تضمّ ستّاً من أفقَر دول العالم. وتغذي مياه النيل، قطاع الزراعة في مصر والذي يعمل به نحو ثلث إجمالي الوظائف ولا يمكن أن تعتمد مصر - عكس دول المنبع - على الأمطار، لكونها تعتمد على 87% من احتياجاتها المائية من نهر النيل. وفي محاولة للوقوف على حقيقة الأزمة، والسيناريوهات المحتملة لتطورها، رصدت صوت البلد عددًا من الأسئلة مثل: ما حقيقة الموقِف القانوني لمصر في ضوء حقوق مصر التاريخية في مياه النيل؟ وأين الخلَل في الأداء المصري لملف مياه النيل.. رغم أهمِيته القُصوى واعتباره مسألة حياة أو مَوت وقضية أمن قومي؟ وما هي المخاطِر المتوقَّعة، في ظل التّهديدات التي تطلقها دُول المنبع؟ وأخيرا، ما هي الخيارات المحتملة؟ وطرحتها على كل من المفكر والسياسي المصري د. محمد جمال حشمت، مسئول الملف الإفريقي بنقابة الأطباء ود. السيد مصطفى أبو الخير، خبير القانون الدولي والعلاقات الدولية والكاتب والمحلل السياسي محمد جمال عرفة، المتخصص في الشئون الإفريقية والنائب البرلماني د. حمدي حسن، المتحدث باسم الكُتلة البرلمانية للإخوان المسلمين في مجلس الشعب المصري. الكاتب والمحلل السياسي محمد جمال عرفه، المتخصص في الشئون الإفريقية. 55.5 مليار متر مكعب + الفيتو!! في البداية، يُرجِّع الكاتِب والمحلل السياسي جمال عرفة القصّة كلها إلى اتفاقية عام 1929، التي أبرمتها بريطانيا باسم مُستعمراتها في شرق إفريقيا مع مصر، وقد حدّدت (أولا) نصيب مصر من مياه النيل ب 55.5 مليار مترٍ مكعَبٍ، وألزمت (ثانيًا) دول منابِع النيل وبُحيْرة فيكتوريا، بعدم القيام بأي مشاريع مِياه بدون موافقة مصر ومنحت (ثالثًا) مصر حقّ النقض "الفيتو" على أيّ مشروع تنفِّذه دول أعالي النيل على النهر، من شأنه التأثير على كميات المياه التي تصِل إلى مصر، باعتبارها دولة المصبّ. وقال عرفة، المتخصص في الشؤون الإفريقية: "الجديد في الموضوع، أن دول المنبَع الإفريقية – التي تنبع مياه النيل من أراضيها وتصبّ في مصر والسودان – بدأت تُطالب منذ عام 2004 بحقِّها في إقامة مشاريع سدود وجسور على مسار النيل، بدعوى توليد الكهرباء والزراعة الدائمة، بدل الزراعة المَوسِمية، وتطالب بتوقيع اتفاق إطار جديد بخلاف اتفاق عام 1929، بدعوى أن مَن وقّع الاتفاق، هي بريطانيا التي كانت تحتل أوغندا وإثيوبيا وباقي دول منابِع النيل، وظهر أن وراء هذه التحركات الإفريقية أصابع أمريكية وإسرائيلية للضغط على كل من مصر والسودان. وأوضح عرفة أن إثيوبيا كانت قد بدأت تشْييد قُرابة 10 سدود، بعضها تموله الصين وإسرائيل، ووصل الأمر إلى حدّ قول وزير الثروة المائية التنزاني أن بلاده ستمدّ أنابيب بحوالي 170 كيلومترا من بحيرة فيكتوريا، لتوصيلها إلى حوالي 24 قرية وأجزاء واسعة في الشمال الغربي لبلاده، التي تتعرّض لأزمة مياه وجفاف، وأنها لا تعترف باتِّفاقية مياه النيل، التي تعطي الحق لمصر، أن توافق أو لا توافِق على أي مشروع على النيل. واختتم المحلِّل السياسيي جمال عرفة بقوله: "موقِف مصر قانوني، وهناك اتِّفاقيات دولية لا يجُوز خرْقها، خُصوصا أنه لا توجد اتفاقيات دولية تتعارض مع ما تُطالب به مصر من حقِّها في أن يصِل الماء لها، لأنه شريان الحياة وبدونه تعطش مصر". " طبقا للقانون الدولي، فإن حقوق مصر ثابِتة بالعديد من الاتِّفاقيات الدولية، خاصة قانون الأنهار الدولية، الذي يحمي كافة حقوق مصر في حصَّتها ويدعم موقِفها القانوني، فضلا عن مبدإ قُدسية الحدود المورثة عن الاستِعمار " د. السيد أبو الخبير، الخبير في القانون الدولي الموقف القانوني لمصر، ومن ناحيته، أوضح د. السيد أبو الخير أنه "طبقا للقانون الدولي، فإن حقوق مصر ثابِتة بالعديد من الاتِّفاقيات الدولية، خاصة قانون الأنهار الدولية، الذي يحمي كافة حقوق مصر في حصَّتها ويدعم موقِفها القانوني، فضلا عن مبدإ قُدسية الحدود المُورثة عن الاستِعمار أو ما يُطلق عليه (مبدأ أوتي بوسيتيديس جوريس في القانون الدولي) ويطلق عليه الفِقه الدولي العربي (مبدأ قدسية الحدود المورثة عن الاستِعمار)، أي ثبات الوضع الذي كان قبل الاستِقلال، ومنها الموارد المائية". وفي تصريحات خاصة ل swissinfo.ch، قال أبو الخير، الخبير في القانون الدولي: "هذا فضلا عن أن استِقرار هذا الوضع لمدّة طويلة، يجعلها بمثابة قاعِدة قانونية لا يجوز مخالفتها، فضلا عن جعلها قاعدة عامة، طِبقا لقانون المعاهدات الذي عَرّف القاعدة الآمرة في القانون الدولي في المادة (53) على أنها: (القاعدة المقبولة والمُعترف بها من قِبل المجتمع الدولي ككل، على أنها القاعدة التي لا يجوز الإخلال بها والتي لا يُمكن تعديلها، إلا بقاعدة لاحِقة من القواعد العامة للقانون الدولي لها)"، مشيرا إلى أن "القاعدة الآمرة في القانون الدولي، لا يجوز الاتِّفاق على مخالفتها". وأضاف أبو الخير: "كما نصّت المادة (35) من قانون المعاهدات على الآتي: (ينشأ التِزام على الدولة الغيْر من نصّ في المعاهدة، إذا قصد الأطراف فيها أن يكون هذا النصّ وسيلة لإنشاء الالتزام وقبلت الدولة الغيْر ذلك صراحة وكتابة)، معتبرًا أن "هذا ما حدث في الاتفاقيات المذكورة لاحقًا ولم تعترِض أيٌّ من دول حوض النيل على أي من الاتفاقيات السابقة، مما يعني قبولها بكل ما ورد في هذه الاتفاقيات". مُتّفقا مع أبو الخير، بيّن د. جمال حِشمت أن "الموقف المصرى من الناحية القانونية لا بأس به، لأنه يُقرِّر حقّ دول المصبّ منذ عشرات السنين، لكن الموقف القانونى لمصر كانت تدعمه في الماضي مواقِف أخرى، سياسية وثقافية وتعليمية وتنموية، تخلّت عنها الحكومات المصرية خلال الثلاثين عاما الأخيرة، ومِن ثمَّ لم يبقَ اليوم سوى الحقّ التاريخى لمصر في مياه النيل كدولة مصبّ"! أيْن الخلل في الأداء المصري؟ ويُلخِّص د. حمدي حسن الخلل الذي أصاب الأداء المصري لملف مياه النيل - رغم أهميته القُصوى واعتباره مسألة حياة أو موْت وقضية أمْن قومي - في أن "مشكلة الحكومة المصرية في إدارة ملف على هذه الدرجة من الأهمية، مثل علاقتها بدول حوْض النيل، دون اهتمام، مع ترك الملعب خاليا في الساحة الإفريقية والانسحاب منها، ممّا قدّم الفرصة على طَبَق من فضّة لإسرائيل لتلعب مُنفردة! وفي تصريحات خاصة ل swissinfo.ch، يقول حسن، المتحدث الإعلامي للكُتلة البرلمانية للإخوان في مجلس الشعب: "كانت لمصر علاقات قوية مع مُعظم الدول الإفريقية، وكان أهمّ ما يميِّزها: الدّور الذي لعِبه الأزهر الشريف وعلماءه وجامعته في استِقدام وتعليم الطلاّب الأفارقة من غالِب دول القارة، من خلال فتْح باب البعثات للطلاّب لتعلّم العلوم الشرعية والتفقُّه في الدِّين، إضافة إلى المساعدات التقنية التي كانت تقدِّمها مصر للدول الإفريقية". متفقًا مع حسن، أوضح حِشمت أن الخلل في الموقِف المصري، هو غِياب مصر فى ضوء غياب الإستراتيجية المناسبة للاهتمام بمياه النيل والدّور الإفريقي عموما، وذلك لانشِغالها بقضايا إقليمية انتُدِب للقيام بها من قِبل النظام الدولي الأمريكي الصهيوني، وفي ظل محاولات عديدة لإبعاد مصر عن التّواصل مع إفريقيا أو حتى مع السودان. ومن المعلوم أن السُّدود التي أقامها الكِيان الصهيونى في أوغندا منذ بداية الثمانينيات من القرن الماضي، كانت معلومة وتابعتها لِجان الإغاثة المصرية، التى وفَدت من نقابة الأطباء، ولكن الأمر لم يشغل الحكومة المصرية حتى اكتمَل بناؤها وظهر صوتهم العالي. ومن جهته، أكّد عرفه أنه لا يمكن إعفاء سياسة مصر الخارجية من خطإ تركِها الأزمة تتفاقم طِوال هذه السنوات، رغم أنها أزمة تتعلّق بوجود الدولة وكِيانها. فقد ارتبطت سياسة مصر الخارجية على مَرِّ العصور، بمُعطيات جيوستراتيجية أملتها عوامل جغرافية وتاريخية اتَّسمت بثبات نِسبي، أبرزها اعتماد مصر - شبه الكامل - على مياه نهر النيل، الذي ينبع من خارج أراضيها ويجري داخل دول عدّة قبْل أن يصل إلى حدودها الجنوبية، ومِن ثمّ اعتبار المساس بحصّة مصر من مياه النيل، خطّ أحمر، وكذا تحوّل حدودها الشمالية الشرقية (جهة سيناء) لبوابة لغزْو مصر، فأصبح أحد أهداف السياسة المصرية هو حماية هذه الجَبهة بكل السُّبل، واعتبار قضيَّتيْ المياه والأمن، قضايا إستراتيجية لا جِدال أو خلاف حولها، أيا كانت الأنظِمة الحاكمة، لأن القضية قضية وجود وحياة، لا توجُّهات أو خلافات. وكان من الطبيعي وِفق هذه الحقائق، أن تشكل منطقة حوْض النيل، منطقة أمْن ومجال حَيوي لمصر، حيث كانت مصر تسعى لتقديم خدمات لدول أعالي النيل واستثمارات تُعوِّضها عن المطالبة بإيقاف العمل باتفاقيات المياه، ولكن ما حدث في السنوات الماضية، هو أن مصر انكفأت داخليا وتقوقعت بفِعل الضغوط الأمريكية التي كبّلتها منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد، فانسحبت ليس فقط من المناطق الحيوية التي تهُم أمنها القومي، مثل السودان أو فلسطين، وإنما من إفريقيا كلّها تقريبًا، وباتت الروابط معها ضعيفة، برغم أن هذه الدول بدأت تتَملْمل منذ عدّة سنوات وتطالب بمنْع مصر والسودان من الحُصول على حصتهما الحالية من المياه. والحقيقة، أنها ليست مسؤولية مصرية فقط، وإنما عربية أدّت لتغلْغُل صهيوني في إفريقيا يضُر المصالح العربية هناك ويحاصِر العالم العربي من الجنوب. المخاطر المُحتملة وردّا على سؤال حوْل: ما يُمكن أن تقوم به مصر في حال تنفيذ دُول المنبع لتهديدهم بتوقيع اتفاقية إطار جديدة، دون مصر والسودان في 15 مايو 2010، قال حسن: "أيا كان الأمر، وقَّعوا على اتفاقية إطار أم لم يوقعوا، فإن توقيع الاتفاق بدون مصر، هو بمثابة إعلان الحرب على مصر، وذلك لأن مصر تحصل على 85% من احتياجاتها من المياه من نهر النيل، رافضا "استِخدام مصر للحل العسكري في كل مراحله، بدء من التلويح بالتّهديد وانتهاءً بإعلان الحرب، مُرورًا بكل الوسائل، بما فيها المناورات العسكرية". ومستغربا "أنه في الوقت الذي توفر فيه مصر الأمن لإسرائيل على الحدود مع غزّة، بل وتنظر إلى الفلسطينين في غزة على أنهم التهديد الحقيقي لأمن مصر، فإن إسرائيل تتلاعَب بأمن مصر القومي من خلال استِعداء دول المنبع على حوض النيل ضد مصر". وفي تصريحات خاصة لخَّص حِشمت أهم المخاطر المُحتملة في ظل التهديدات التي تطلقها دول المنبع في: "الضغوط التي تُمارَس على النظام المصري، لتقديم مزيد من التّنازلات في قضايا إقليمية وعالمية، وخلق حالة من الضّعف والهلَع لدى المصريين، بحُكم السيطرة على مصادر المياه الرئيسية للبلاد واحتمالات التورّط في حروب حقيقية للدِّفاع عن حقوقنا المشروعة". متفقا مع حِشمت، يضيف عرفة "المخاطر المتوقّعة تتلخّص في أن تَمضي هذه الدول غيْر عابئة بالرفض المصري، في إقامة سدود ومشاريع على النيل تؤدِّي لنقصِ موارد المياه القادمة لمصر والسودان.. ويزيد هذا الأمر خطرا أن فيضان النيل هذا العام كان ضعيفا، وهناك توقّعات بأن يستمرّ ضعفه في السنوات المقبلة أيضا، في حين تحتاج مصر للمزيد من المِياه بأكثر من حصّتها الحالية (55.5 مليار متر مكعب)، التي ترفض دول أعالي النيل حتى أن تحصُل عليها. ويُشير عرفة إلى أن "كل هذا يرفَع من درجات الخطر بصورة كبيرة. وقد تضطر مصر للدّخول في حروب مع هذه الدول وتدمير أيّ مشاريع تبنيها على النيل تضُر أمْن مصر المائي، ولو أن هناك شكوك في وقوع هذه الحرب بسبب تغيُّر الأوضاع الدولية والتحالفات الأمريكية مع دول أعالي النيل، خصوصا أثيوبيا، التي حاربت بالوكالة عن أمريكا في حرب الصومال الأخيرة"، مختتمًا بقوله: "المخاطِر الأخرى، أن يؤدّي التناوُش المستمِر والعداء، إلى مزيد من التّمكين للدولة العِبرية في إفريقيا ومنابع النيل، حيث توجد حاليا بالفعل، وتبني مشروعات زراعية وسُدود تؤثِّر على حصّة مصر والسودان، ما سيضُر الأمن القومي المصري بصورة خطيرة".
المفكر والسياسي د. محمد جمال حشمت، مسئول الملف الإفريقي بنقابة الأطباء الحلول المُقترحة!! ويُلفت حِشمت الانتباه إلى أن "الحلول المُقترحة الأصيلة، وقتها يتقلّص، لكن لابدّ من اهتمام إستراتيجي بقضية النيل واهتمام بالغ بالتوجّه ناحية الدول الإفريقية بخُطَط تنموية وسياسات اقتصادية وتجارية، لأنها بلاد واعِدة لم نُفلِح في تسويق أنفُسنا إليهم، بعد أن كُنّا مصدرهم الرئيسي في التعاون الإفريقي، وهو وضع يشهد به المهتمّون بالشأن الإفريقي أو الدبلوماسيون أصحاب الخِبرة في هذا الشأن". ويضيف حسن إلى مقترحات حشمت، أن "خِرِّيجي الأزهر من الأفارقة في دول المنبع السّبع، هم ورقة مهمّة يمكِن استِخدامها وتفعيلها في نزْع فتيل الأزمة وتهدئة حالة الغضَب، إضافة إلى إمكانية استِثمار الجُهود التي بذَلتْها وتبذُلها لِجان الإغاثة الإنسانية والطبية التابعة للجمعية الشرعية بمصر ونقابة الأطباء المصريين واتحاد الأطباء العرب على مدى السنوات العشرين الماضية لعدد كبير من الدول الإفريقية، وخاصة تلك التي تعرّضت للمَجاعات أو الأزمات". وحول دور الكُتلة البرلمانية للإخوان داخل مجلس الشعب في حل الأزمة، قال حسن: "تقدّمنا للمجلس بورقة عمَل، تتضمَّن العديد من المُقترحات والآليات، غير أن نُواب الأغلبية كالعادة، لم يهتمّوا بالأمر ولم يُعيروه اهتماما ولم يتفاعلوا معه". ويُشير عرفة إلى أن "أولى الخُطوات المقترحة لحل الأزمة، هي المُصارحة ووضْع كل الحقائق على مائدة الحوار، ما تفعله دول منابِع النيل وما يُمكن أن تفعله وما تستطيع أن تقدِّمه مصر والسودان من حلول أو يقوموا به من ردٍّ عسكري أو غير عسكري، في ضوء الصّراحة المُطلَقة حوْل التدخّلات الأجنبِية عمومًا، والصهيونية خصوصًا في دول منابِع النيل؛ خاصة أن الأمر لم يعُد سِرّا، وهناك مُعدّات وحفارات لشركات إسرائيلية تعمَل بالفعل في إثيوبيا". ثاني الخطوات: اعتبار أمْن دول حوْض النيل كُتلة واحدة ووضع أسُس لهذا الأمن، تقوم على تكافُل وتكامُل دول المنابِع والمصب على تلبِية احتياجات بعضها البعض والتكامل بين بعضها البعض في توفير المياه أو الكهرباء، وتبادل السِّلع والبضائع والأغذية وحماية أمنها المُشترك. وهناك خُطط مصرية في هذا الصدد وُضعت، لكنها لم تُكتَمل بسبب عدَم توافُر مناخ الثِّقة بين البلدان مثل: فكرة استفادة دول الحوض بجُزء من الفواقد المائية للتّساقط المطري على حوض النيل وإنشاء صندوق لتمويل المشروعات يلحق بالبنك الإفريقي للتنمية بصورة مؤقّتة، فضلا عن مساعدة مصر لدول أعالي النيل في بناء السدود، كما يجري حاليا، بشرط عدم حجْزها المياه واستفادة دُول الحوْض منها. ثالث الخطوات: إعطاء ملف المياه أولوية قصوى لدى حكومات حوض النيل وتناوله عبْر المستويات العُليا الأمنية والإستراتجية، وليس فقط على مستوى وزراء أو مسؤولي المياه". والخطوة الرابعة: يكون هناك اتِّفاق على عدم تدويل أزمة حوْض النيل واعتبارها شأنا إفريقيا خاصا بدول النيل العشرة، بما يمنع أساليب التدخّل الغربية والصهيونية وتحريضها وتأليبها الدول على بعضها البعض. ولهذا، فمن الضروري تحكيم العقل وعدم الاندِفاع في التهديدات والسعْي لتعظيم (دبلوماسية المياه) لا (عصا المياه)"، على حد رأي جمال عرفة.