على الرغم من عدم وصول شحنات منه إلى السوق المحلية، لكن شبح الحديد الصيني يسيطر على السوق الداخلية، ويشتعل الصراع بين صناع وتجار الحديد خلال الوقت الحالي. ففي الوقت الذي طالب فيه صناع الحديد بضرورة فرض رسوم حماية على واردات الحديد بنسبة تصل إلى 20%؛ من أجل حماية الصناعة المحلية والحفاظ عليها من الإغراق المرتقب للحديد الصيني، إلا أن بعض التجار رفضوا فكرة فرض رسوم حماية على واردات الحديد، بما يصب في صالح المستهلك المحلي طالما أن الحديد المستورد عالي الجودة ومطابق للمواصفات. ويشير "محمد المراكبي"، رئيس شركة المراكبي للصناعات المعدنية إلى: أن شركات الحديد المحلية عانت كثيرا خلال المرحلة الماضية نتيجة استمرار استيراد الحديد من الخارج على الرغم من تراجع الأسعار وزيادة المعروض على الطلب المحلي. وأضاف: إن المشكلة الحالية تكمن في أن الصين لديها كميات كبيرة من الحديد، وتسعى لتصريفها إلى العديد من الدول، لافتا إلى أن الصين تدعم صادراتها 20%، بما يعني أن الحديد سيدخل السوق المحلية بأسعار منخفضة عن السعر المحلي، بما يخلق منافسة غير عادلة من المنتج المحلي ويهدد استثمارات الشركات. وقال "محمد سيد حنفي"، مدير عام غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات: إن صناعة الحديد المحلية ليست في حاجة إلى صدمات جديدة، لافتا إلى أن استيراد الحديد الصيني سيكون له مردود سلبي على الصناعة المحلية لأنه سيكون أقل سعرا وأقل جودة . وأشار إلى: أن عدة دول قامت باتخاذ إجراءات احتياطية من أجل حماية صناعاتها الداخلية من غزو الحديد الصيني الذي يعاني ركودا كبيرا داخل الصين، حيث فرضت أمريكا 100 دولار .كرسوم حماية على واردات الحديد الصيني، كما قامت بعض الدول بمنع استيراد الحديد الصيني تماما مثل أندونيسيا، والهند. وشدد "حنفي": على ضرورة قيام الحكومة ممثلة في وزارة الصناعة والتجارة الخارجية باتخاذ إجراءات مماثلة في وزارة الصناعة المحلية، مثل فرض رسوم وقائية بواقع 20% على واردات الحديد بشكل عام ، مشيرا إلى أن الحديث بشأن أن الصناعة المحلية ضد المستهلك ليس صحيحا مطالبا بالحفاظ عليها، خاصة أن أسعار الصيني تقل عن جميع الأسعار العالمية ومنها الحديد التركي. وأشار إلى: أن شحنات من الحديد الصيني دخلت إلى الأسواق اللبنانية المجاورة خلال الأيام القليلة الماضية، بأسعار تصل إلى نحو 530 دولار بينما تصل أسعار الحديد المحلي إلى نحو 600 دولار للطن، بما يعني أن الفارق في السعر سيكون بنحو 70 دولارا، بقيمة 420 جنيها في الطن، بما يؤثر على القدرة التنافسية للمنتج المحلي. وقال "سمير نعمان"، رئيس القطاع التجاري بشركة حديد عز: أن عددا من منتجي الحديد المحلي تقدموا بمذكرة عاجلة إلى وزارة الصناعة لسرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الصناعة المحلية، مشيرا إلى أن جودة الحديد الصيني ليست عالية، بالإضافة إلى أن طول مدة الشحن التي تصل نحو 50 يوما سيكون لها تأثير على جودة الشحنات وقد تتعرض للصدأ بسبب العوامل الجوية. وفي المقابل انتقد "سعد الدسوقي"- رئيس شركة السيوف لتجارة حديد التسليح، وأحد وكلاء عز وبشاى- المطالب الخاصة بفرض رسوم حماية على واردات الحديد من الخارج، مشيرا إلى: أن أسعاره مرتبطة بالأسعار العالمية وبالتالي ليس هناك أي مخاوف من استيراد الحديد من أي دولة في العالم . وأكد: أنه ليس منطقيا أن يتم حرمان المستهلك المحلي بشراء حديد بأسعار منخفضة طالما أن جودته عالية ومطابقة للمواصفات القياسية المصرية المعمول بها . واستبعد "الدسوقي" دخول كميات كبيرة من الحديد الصيني بأسعار منخفضة كما يروج أصحاب المصانع خلال الوقت الحالي، لاسيما أن تكلفة الشحن من الصين إلى القاهرة 50 يوما ، وبالتالي فإن الأسعار ستكون معقولة ولا تقل عن الحديد المحلي بنسبة كبيرة. وقال "محمد الخرابتلي"، رئيس الشركة المصرية لتجارة الصلب: أن المشكلة الحقيقية التي تواجه الصناعة المحلية حاليا هي تراجع المبيعات بسبب ضعف الطلب على الحديد . وأشار إلى: أن المصانع المحلية عانت خلال العامين الماضيين بشكل كبير، ولكن على الرغم من ذلك ليس منطقيا أن يتم فرض رسوم حماية على واردات الحديد طالما أن المنتج المستورد مطابق للمواصفات، وأوضح "الخرابتلي": أن المستهلك يبحث دائما عن السعر المناسب والجودة العالية، وإذا توفر ذلك في المنتج المحلي ستكون له الأولوية في الشراء، أما إذا زادت أسعار المنتج المحلي على أسعار المستورد بشكل كبير فإن المستهلك سيتجه إلى شراء المستورد . وانتقد "أحمد الزيني" -رئيس مجلس إدارة شعبة مواد البناء بغرفة القاهرة التجارية- محاولات صناع الحديد المحليين استصدار قرار وزاري لتحجيم استيراد الحديد من الخارج، لافتا إلى أن هذا الإجراء حال حدوثه سيكون ضد المستهلك المحلي . وتساءل "الزيني" عن سبب رفض دخول الحديد الصيني إلى السوق المحلية طالما أنه يتوافق مع المواصفات القياسية التي تقررها هيئة المواصفات والجودة، لافتا إلى أن أي كميات غير مطابقة لن تسمح هيئة الرقابة على الصادرات والواردات بدخولها. وطالب "الزيني" المصانع المحلية بضرورة خفض أسعار إنتاجها، وخفض هوامش الأرباح من أجل زيادة قدرتها على المنافسة مع المستورد، خاصة أن الشركات المحلية لديها مميزات كبيرة أهمها الحصول على الطاقة بأسعار معقولة ، وكذلك توافر الأيدي العاملة الرخيصة .