محمد عساف مواطن سوري قدم إلى مصر هربا من جحيم بشار الأسد، تاركا ماله وأملاكه، متسللا حدود البلدان المجاورة حتة وصل إلى مصر، الملاذ الآمن له ولكل السوريين الفارين من نيران الأسد وقواته. محمد عساف ليس هو الوحيد الذي اتخذ قرار بالفرار، فقد سبقه 1500 أسرة سورية جاءت إلى مصر عقب اندلاع الثورة السورية "مارس2011" تاركين بيوتهم وممتلكاتهم وأموالهم نجاة بأنفسهم وذويهم من مجازر الجيش النظامي، أضف إلى ذلك ما يقرب من 1500 أسرة لم تسجل بعد في مكتب الإغاثة السورية بالقاهرة. التي يديرها "ملهم الخن" مع بعض زملائه، للعمل على مساعدة تلك الأسر لحين إيجاد عمل لهم في مصر، أو العودة إلى وطنهم الم سوريا بعد انتهاء الأحداث هناك، حيث يتكفل المكتب بتكاليف الإقامة والغدذاء وكل سبل معيشتهم، عن طريق مبلغ يوزع عليهم شهريا حسب حاجة كل أسرة، وتاتي التبرعات إلى المكتب عادة من عدة جهات أبرزها نقابة الأطباء المصرية واتحاد الأطباء العرب وجمعية بيت العائلة وبعض الجمعيات الأخرى مثل الجمعية الشرعية والتي تتعامل مباشرة مع الأسر دون الارتباط بالمكتب. بكثرة في محافظة القاهرة، في عدة مناطق أهمها مدينة السادس من أكتوبر بنحو 500 أسرة، ومدينة نصر 400 أسرة، وعين شمس 150 أسرة، والرحاب 100 أسرة بالإضافة إلى بعض المحافظات أهمها دمياط 50 أسرة والمنصورة والإسكندرية، وجاء أغلبهم من حمص ودرعا وحلب ودمشق أكثر المدن السورية مواجهة مع النظام السوري. هجرة الأسر السورية الى مصر لم تكن بتلك الكثافة التي عليها الآن قبل ثلاثة شهور، حيث إن دخول الثورة السورية إلى دمشق وحلب وسيطرة الجيش الحر على أجزاء كبيره منها، ضاعف من هجرة السوريين إلى مصر، وهو ما اضطرهم للجوء إلى مصر إما خوفا من الأحداث أو لتتبع أجهزة بشار الأسد الأمنية لهم أو لهرب أحد أبنائهم من الجيش النظامي هناك، ويدخلون مصر بشكل مباشر من سوريا أو بطريق غير مباشر عبر الأراضي الأردنية أو لبنان أو تركيا. توجه الأسر السورية ظروفا صعبة رغم دعم مكتب الإغاثة والجمعيات الخيرية الأخرى، كما يفندها ملهم الخن، حيث يواجهون العديد من المعوقات أولها ما يأخذونه من اموال لا يدبر حاجاتهم الشهرية وبالتالي يعيشون تحت ظروف مادية صعبة طوال الشهر، بالإضافة إلى عدم توفر فرص عمل لهم بما يسدد تلك الاحتياجات وتعرض أطفالهم للأمراض ونقص في لبن الرضاعة، هذا بخلاف بعض أنواع الاستغلال الذي يتعرضون له من جانب بعض المصريين، حيث يفرضون عليهم أعلى الأسعار سواء في المسكن أو الطعام، زكذلك مشاكل الإقامة وعدم وجود سند قانوني لإقامتهم، فهناك بعض تلك الأسر ممن انتهت إقامتهم وهم حتى الآن لم يستطيعوا تجديد إقامتهم، كما أن عدم تواصل السفارة السورية في مصر بهم أثر عليهم سلبا في تخليص بعض أوراق الإقامة وكذلك أوراق تسجيل أطفالهم في المدارس. ورغم كل ذلك، فإن كل هذه الأسر تقوم بعدة أنشطة كلها طبقا لمنطقة تواجده ، حيث إن الأسر المتواجدة في مدينة 6 أكتوبر يتجمعون أسبوعيا يوم الجمعة أمام مسجد الحصري للقيام بمسيرات لدعم الثورات السورية ، كذلك للتعرف على المشاكل التي تواجههم وحلها، بالإضافة إلى أن النساء قاموا بعمل أشهى الأكلات السورية وتسويقها بالمنطقة لمساعدة أزواجهم ماديا وكذلك تفصيل ملابس للأهالي. وهناك تجمع لسكان مدينة الرحاب من السوريين كل يوم خميس للقيام بمسيرات أيضا لدعم الثورة ومناقشة الأوضاع هناك، ومحاولة خلق فرص للتعرف على كافة أفراد الجالية، كما تضمن أنشطة الجالية السورية في القاهرة بعض الوقفات الإحتجاجية أمام السفارتين السورية والصينية، بالغضافة إلى تواجد بعض المضربين عن الطعام أمام مقر جامعة الدول العربية ، بجانب خيمة الجالية السورية التي كانت موجودة ولا زالت حتى وقت قريب بميدان التحرير قبل أن تزيلها قوات الشرطة يوم السبت قبل الماضى ضمن حملة تطهير ميدان التحرير، وفغي ذلك يقول أحد أعضاء الخيمة، أنهم لم يتسببوا يوما في تعطيل الطريق، كما أن الخيمة كانت ملتقى للسوريين من حيث تنظيم الندوات والمسيرات. ويشير محمد العساف أحد أعضاء الجالية السورية إلى أن هناك بعض الفتيات السوريات قد تزوجن من مصريين، وذلك بعد موافقة ذويهم، نافيا ما يسمى ب " زواج السترة " داخل مصر، وهو ما يتم على الحدود بين سوريا والدول المجاورة، حيث تتزوج في مقابل دفع مبلغ من المال للأهل . ويقول عامر زروق أحد السوريين المقيمين في دمياط إنهم مروا بتجربة شاقة خلال مرحلة انتقالهم من سوريا إلى مصر، حيث تركوا ممتلكاتهم مهربوا من أعلى جدران منازلهم، بعدما قصفته قوات الجيش، وقاموا ببيع مصنوعات الأسرة من أجل الرحيل إلى مصر، والوضع بالنسبة لنا صعب جدا، فنحن لم نجد عملا حتى الآن بالإضافة لنقص الحاجات الأساسية ، لأى أسرة من مأكل ودواء وحليب رضاعة للأطفال . رزوق أشار أيضا إلى تكفل أحد جيرانهم بإيجار المسكن الذي يقطنونه، بالإضافة إلى إمدادهم ببعض الأطعمة من قبل بعض الجيران الآخرين، وفي الوقت نفسه يطالب الحكومة بتسهيل اجراءات قيد أولاده بالمدارس الحكومية طبقا للقرار الذي أصدره الرئيس مرسي، بمعاملة أولاد السوريين مثل معاملة المصريين. وفي حين يقول الناشط السوري خليل الكوردي، إن هناك عمليات نصب تتم باسم مساعدة الجالية السورية، حيث يتم ضبط مثل هذه الحالات باستمرار . فهد الورداني ذو الستين عاما يروي أسباب هجرته قائلا:" كنا نتعرض للتفتيش ومضايقات من الأمن بشكل يومي، حتى انهم قاموا بمداهمة المحل الذي أملكه في حمص، وبعدها أجبروني على ترك المنزل مثل باقي العائلات السورية الذين أجبرهم النظام السوري على ترك منازلهم من خلال التخويف والقصف، فخفت على أسرتي وجئنا إلى مصر، بعدما رفضت دول الخليج إستقبالنا". وعن معيشته في القاهرة يكمل الورداني "الظروف في مصر أفضل بكثير عنها في مخيمات اللاجئين بتركيا والأدرن، حيث قامت لجنة الإغاثة بتوفير سكن لنا، كما أن أهل الخير هنا يساعدوننا بالأكل.