ما زالت الجهات والهيئات الحكومية والوزارات تتعامل مع المستثمرين وفقا للأعراف التي كانت مطبقة في عهد النظام السابق، وتسببت في هروب استثمارات بمليارات الجنيهات إلى الخارج، وفي هذا الإطار تكشف "صوت البلد" واقعة غربية خالفت وزارة المالية فيها كل القوانيين والعراف التي تحكم التعاقدات والتعاملات المالية، خاصة إذا كانت هذه التعاقدات والتعاملات مع الدولة نفسها. ففي مفاجأة من العيار الثقيل قررت وزارة المالية مصادرة مبالغ طائلة من مستحقات المطابع الخاصة لدى وزارة التربية والتعليم، بحجة وجود مستحقات ضريبية متأخرة عل المطابع منذ نحو 7 سنوات. بدأت معالم هذه المأساة بعد تعاقد وزارة التربية والتعليم مع عدد من المطابع الخاصة على طباعة الكتاب المدرسي وعلى الفور بدأت الخيرة في تنفيذ التزاماتها بالتعاقد من جانبها مع موردين للورق والبدء في العمل حتة انتهت من طباعة كتب التيرم الأولوقامت بتسليمها للوزارة في مواعيدها المحددة. وتم توزيع معظم الكتب على المدارس بالجمهورية، وبدأت المطابع في الاستعداد مبكرا لطباعة كتب التيرم الثاني ولكنها ارادت ان تحصل على مستحقاتها المتأخرة لدى وزارة التربيوة والتعليم، أو على الأقل جزء منها لتوفي بالتزاماتها لموردي الورق والخامات. إلا أن بعض المطابع فوجئت بوزارة التربية والتعليم تبلغها أن وزارة المالية اكتشفت فجأة أن لها مستحقات ضريبية متاخرة على المطابع، وانها ستقوم بخصمها من أرصدتهم لديها، علما بأن المالية تواجه عجزا في تمويل طباعة الكتاب المدرسي، ويبدو أنها أرادت سده عبر هذه الخطوة. وبالفعل خصمت وزارة التربية والتعليم مبالغ كبيرة من مستحقات المطابع التي أكد أصحابها انهم ملتزمون بتقديم الإقرارت الضريبية السنوية لوزارة المالية، ولم تعترض الوزارة على اي من هذه القرارات ولم تخطرهم بأي مستحقات أو متأخرات ضريبية عليهم. وتسائل أصحاب المطابع " أين كانت وزارة المالية طوال 7 سنوات، ولماذا لم تخطر أصحاب المطابع بأي شكل من الأشكال القانونية المتعارف عليها بتلك المتأخرات الضريبية، مؤكدين عدم احقية وزارة التربية والتعليم في خصم مستحقات أصحاب المطابع لصالح وزارة المالية؟ من جانبه أكد الدكتور عوض الترساوي استاذ القانون الدولي أن قانون ضمانات الاستثمار يحظر على الدولة مصادرة اموا المستثمرين أو استقطاعها بطرق إدارية أو الحجز عليها مشيرا إلى أن ما قامت به وزترتي التعليم والمالية أمر غريب لا يوجد له أي سند قانوني ويعد نوع من أنواع التعسف الذي لا يمكن قبوله. وأضاف أن الضرائب هي الدين المستحق لوزارة المالية بعد الانتهاء من الربط النهائي الذي يستلزم مجموعة من الإجراءات والخطوات أولها إخطار العميل برفض الإقرار الضريبي وأسباب الرفض ثم يصبح الأمر نزاع بين طرفين ولا تصبح القيمة الضريبية واجبة السداد للوزارة إلا بعد استيفاء جميع الطرق القانونية.؟ وأشار إلى أن الدين الضريبي يسقط بالتقادم ولا يستمر لأكثر من خمس سنوات، موضحا أنه لا يجوز لوزارة الرتربية والتعليم الخصم، لصالح وزارة المالية واصفا ما حدث بالتعسف المقصود. مشيرا إلى حق المطابع في المطالبة بمستحاقاتها وفوائدها إلى أن يثبت حقها في التعويض بسبب قيام الوزارة باتخاذ إجراء غير جائز من الناحية القانونية. وأوضح أنه لا يحق لوزارة خصم مستحقات مستثمر لصالح وزارة أخرى، مشيرا إلى أن مثل هذه التصرفات تفقد المستثمرين ثقتهم في الدولة، لافتا إلى ان قواعد الاستثمار السليم لا بد أن تبنى على الوضوح والشفافية. ووصفت هذه الخطوة بأنها شكل من أشكال الجباية، مشيرا إلى انه حتى في حالة وجود التزامات ضريبية على كاهل المطابع فلا يحق لوزارتي التربية والتعليم أو المالية خصمها دون اتباع الإجراءات القانونية، مطالبا الحكومة بمراجعة قراراتها قبل اتخاذها خاصة إذا كانت مرتبطة بمستقبل الاستثمار في مصر. ويرى محسن عادل نائب ريئس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار أن وزارة المالية لا بد أن تتعامل برفق مع المستثمرين في مختلف القطاعات مشيرا إلا أن الوطن يحتاج لجهد كل مستثمريه ورجال أعماله مشيرا إلى أن القرارات التعسفية تضر بالمستثمر وبمناخ الاستثمار عموما والمستحقات الضريبية في كل الحالات يمكن جدولتها تيسيرا على أصحاب المطابع مستنكرا خصم تلك المستحقات فجأة مؤكدا أن تلك الطريقة لا يمكن قبولها في ظل الظروف الراهنة التي نحتاج فيها إلى طمأنة كل المستثمرين سواء المصريين او الجانب لدفع عجلة الانتاج إلى الأمام. ومن جانبه يقول الدكتور حازم الببلاوي وزير المالية الأسبق أن أموال الدولة لها حق الامتياز مشيرا إلى أنه من حق وزارة المالية في حالة التأكد التام من وجود مستحقات ضريبية متأخرة على أي مستثمر له مستحقات جهة حكومية ما أو وزارة أخرى أن تخصم منها المتأخرات الضريبية مؤكدا أن حق الدولة مقدم على حقوق الآخرين وهذه قاعدة متعارف عليها ويمكن اللجوء إليها لتحصيل أموال الدولة لدى الغير في حالة تعثر تحصيلها بالطرق الطبيعية. أما الدكتور عبدالله شحاته رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب الحرية والعدالة فيقول إن وزارة التربية والتعليم لا تقوم بعملية الخصم ولكنها ترسل في طلب موافقة وزارة المالية بعمل الخصم حسب المتأخرات الضريبية على المطابع مشيرا إلى أن هذه الواقعة حدثت من قبل مع دار الهلال عندما كانت تطالب وزارة التربية والتعليم بحوالي1,7 مليون جنيه، فتم خصم حوالي 800 ألف جنيه منها في صورة مستحقات ضريبية متأخرة. وأشار إلى استحالة قيام وزارة المالية بخصم هذه المبالغ دون وجود متأخرات ضريبية على المطابع، وفي حالة قيامها بالخصم دون وجود متأخرات ضريبية يدخل مسئولوها السجن فورا. وعن الاجراءات التي لم تتخذها المالية مثل إخطار العميل بالمستحقات الضريبية المتأخرة قال شحاتة كل الجهات عارفة اللي عليها.