بالإضافة إلي أن معظم الكتب التي تنشر لديهم بلا رقم إيداع. ويؤكد كثير من الناشرين إلي أن أهم المعوقات التي تواجه نشر الكتاب المصري والعربي تتمثل في عدم وجود اتحادات قوية للنشر وعدم وجود جهة مستقلة تحتوي النشاطات الثقافية وترعاها في كثير من البلدان العربية مؤكدين أن الارتفاع المستمر في أسعار الكتب نتيجة لارتفاع أسعار الخامات أدي إلي تزوير الكتب في بعض الأسواق العربية وضياع حقوق المؤلف وخسارة الناشر. د. شعبان خليفة أستاذ المكتبات والمعلومات بجامعة القاهرة أشار إلي التطور الطباعي، وتطور حركة النشر وازدهارها رغم المعوقات التي تواجهها، مهاجما عدم إتاحة المعلومات أمام المؤلفين، الأمر الذي انعكس سلبا علي النشر، وجعله يعيش أزمة حقيقية تتمثل في نقص المحتوي الفكري والمعلوماتي للكتب المنشورة، وطالب في نهاية كلمته بحماية حقوق المؤلف الفكرية وإزالة كل المعوقات أمام توزيع الكتاب، والعمل علي توسيع حركة الترجمة. ومن جانبه اعطي حسين البنهاوي إشارة عن تاريخ النشر في مصر ، حيث اخترع المصريون أوراق البردي التي كانت بمثابة أوعية المعلومات التي تصدر لكل بلدان العالم فضلاً عن المخطوطات المدونة في مصر ولما أدخلت الحملة الفرنسية أول مطبعة إلي مصر، تخوف المصريون من طباعة القرآن الكريم علي جلود الخنازير الذي أعتقدوا انهم يطبعون عليها حتي انشأ محمد علي المطبعة الأميرية ، وأثرت حركة النشر في مصر، ففي القرن التاسع عشر والعشرين ازدهر الكتاب ووصل إلي كل الدول الإسلامية كأندونيسيا، واستمرت حركة النشر بمصر قوية حتي قيام ثورة يرليو التي أممت بعض دور النشر كدار المعارف ، مما أثر علي النشر وتقلص دور القطاع الخاص مرة أخري ، وفي الفترة الاخيرة ازدهر الآن شكل واخراج الادب المصري. وقد طالب بضرورة عمل دراسات موثقة عن المراكز التي تهتم وترصد نسب توزيع الكتاب ، لتعطي رصدا واقعيا للامور دون تزييف فضلاً عن ضرورة تدخل جامعة الدول العربية التي لا تهتم إلا بالقضايا السياسية علي حساب القضايا مثل توزيع الكتب وارتفاع اسعارها . أما محمد رشاد مدير الدار المصرية اللبنانية للنشر والتوزيع فطالب بالحد من ظاهرة تزوير الكتب، خصوصا في لبنان، مشيرا إلي الدور الإيجابي الذي يلعبه اتحاد الناشرين المصريين العرب في هذا الأمر، وغيره من الأمور مثل التحسن الملحوظ في حركة النشر، مطالبا بأن ينضم إلي هذه الاتحادات عدة جهات أخري منها الجامعات باعتبار أن النشر طباعة ورسالة في آن واحد، مطالبا العمل علي اكتشاف المواهب الجديدة، محملا المؤسسات الثقافية مسئولية هذا الغياب. من ناحيته أشار د. خالد العامري مدير دار الفاروق للنشر والتوزيع إلي أهمية القراءة باعتبارها من أهم وسائل التعليم الإنساني، ويحكي أن أول مكتبة وضعها المصريون القدماء كتبوا علي بابها "هنا غذاء النفوس وطب العقول". مشيرا إلي أن النشر يحتاج إلي عمر "نوح"ومال "قارون"وصبر "أيوب"، مبدياً أسفه من قلة عدد نقاط البيع في مصر والدول العربية، ففي مصر لا تتعدي عدد نقاط البيع 001 مكتبة، معظمها غير موزعة توزيعا جغرافيا جيدا، وبالتالي تكون حركة البيع فيها ضعيفة، تستثني من ذلك مكتبة دار المعارف التي تمتلك 12 فرعا في أفضل الأماكن في مصر، لا تتعامل ماديا معنا بالشكل المطلوب، حيث تتأخر مستحقاتنا لديها كثيرا. ويشير د. هشام صفوت إلي أن وضع رسوم جمركية علي الكتب وقيود علي الاستيراد والتصدير بين الدول العربية وارتفاع نسبة الأمية في الوطن العربي بشكل عام. الأمر الذي دفع بعض أصحاب دور النشر العربية إلي عدم طباعة أكثر من 0002 نسخة من كل عنوان وبالكاد يتم تصريفها، وبهذا ينخفض نصيب الفرد العربي إلي أقل من صفحة واحدة في الشهر. غياب العمل المؤسسي أما د. مني فاروق بقسم المكتبات بجامعة حلوان فتري أن بعض مشكلات النشر في مصر والدول العربية يتسبب فيها الأنظمة مثل عشوائية الرقابة. وارتفاع الرسوم المفروضة علي الناشرين كالضرائب مثلاً والتي تفرض عليهم مثلهم مثل تجار الملابس والأغذية وكذلك ارتفاع أجور الشحن، وغياب الإعلام الحقيقي في مجال الكتاب، وعدم وجود الدراسات الإحصائية البيلوجرافية بعد توقف النشرة العربية للمطبوعات وانخفاض الميزانيات المخصصة لشراء الكتب بالنسبة للمكتبات، حيث لا تتعدي تلك الميزانية نسبة 6.0% إلي 7.0% من ميزانية المؤسسة التي تتبعها المكتبة في حين أنه يجب طبقاً للمعايير الدولية ألا تقل عن 5% من ميزانية المؤسسة، أما المشكلات التي يتسبب فيها الناشرون فتتمثل في غياب العمل المؤسسي بين الناشرين العرب، وعدم الاهتمام بتطوير وإرساء تقاليد المهنة، ووضع المعايير المناسبة لتقييم أدائها، كذلك بعض التجاوزات التي تصدر عن بعض الناشرين العرب وعلاقتهم بالمؤلفين مشيرة إلي أن دور النشر العالمية تضع دستوراً ينظم العلاقة بين الناشر والمؤلف. من ناحيته أشار الكاتب الصحفي نبيل فرج إلي أن مصر كانت أول دولة عربية دعت في صحافتها في أوائل القرن التاسع عشر إلي المحافظة علي حق المؤلف في وقت ليس ببعيد عن إصدار أقدم القوانين الدولية الخاصة بحماية الملكية الفردية، وهي اتفاقية برن التي أبرمت في 9 سبتمبر عام 6881، وتنص علي حماية هذه الحقوق مدي حياة المؤلف، ولمدة خمسين سنة بعد وفاته، ولذلك فالدفاع عن حقوق الملكية الفكرية الأدبية والمادية جزء من الدفاع عن حقوق الإنسان، وأي مساس بهذه الحقوق يعد اعتداء عليها وعلي العدالة، ويعتبر مقال "حق ضائع"الذي كتبه اللبناني نجيب الحداد في هذا التاريخ المبكر أواخر القرن التاسع عشر أول مقال كتب في الثقافة العربية عن هذا الموضوع، حيث يطالب بالمحافظة علي حق المؤلف، لأن مثل هذا التأليف والإبداع يفيد الأمة كلها. و أكد د. حسام لطفي أستاذ القانون بجامعة القاهرة أن جميع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالملكية الفكرية التي انضمت إليها مصر وصدق عليها رئيس الجمهورية، صارت جزءاً من التشريع المصري، ولذلك يعد القانون كل انتهاك لحق الملكية الفكرية مكوناً لجنحة تقليد، يستلزم تعويض المؤلفين المجني عليهم، كما يحق لهم إجراءات تحفظية بهدف متابعة وملاحقة قراصنة حق المؤلف بغية كفالة حماية جنائية ومدنية سريعة وفعالة. جسور الثقة ويؤكد شعبان محفوظ صاحب دار نشر علي ضرورة توطيد العلاقة ومد جسور الثقة بين المؤلفين والمترجمين من جهة والناشرين من جهة أخري. ووضع عقد نشر نموذجي تستهدي به كل دور النشر في مصر يحقق التوازن بين حقوق كل من المؤلفين والناشرين. السعي لدي وزارة التربية والتعليم لإدخال مقررات التربية المكتبية بين مقررات الدراسة في المراحل التعليمية الثلاث و إنشاء شركة توزيع واسعة النطاق تحمل الكتاب المصري إلي حيث يوجد القارئ سواء داخل مصر أو في المحيط العربي والمحيط الإسلامي والمحيط العالمي والعمل علي زيادة عدد المكتبات العامة بصفة خاصة في مصر، حيث وجد أن العدد الموجود حالياً حوالي 0052 مكتبة لا تعوض عجز الأفراد عن شراء الكتب، وقد نصت المعايير الدولية علي ضرورة وجود مكتبة عامة ثابتة لكل 0006 نسمة والسعي لدي وزارة الإعلام لتقديم برامج تليفزيونية وإذاعية لعرض الكتب بالمجان والتعريف بها علي نطاق واسع وخاصة كتب الثقافة العامة وخفض أسعار إعلانات الكتب في جميع وسائل الإعلام و السعي لدي الصحف والمجلات العامة لتخصيص أبواب ثابتة ودائمة لعروض الكتب والسعي لدي وزارة المالية ، لتشجيع صادرات الكتب عن طريق منح المصدرين دعماً إضافياً من قيمة مجموعة ما يصدره للخارج، وكذلك خفض الجمارك علي آلات الطباعة والورق والأحبار وكل مستلزمات إنتاج الكتاب ، والسعي لدي اتحاد الناشرين المصريين لتنظيم برامج تدريبية للناشرين والعاملين في دور النشر للالتزام بمعايير محددة في عملية إخراج الكتب. وأشار محمد رضوان مدير دار وكالة الصحافة العربية إلي أن تعثر النشر العربي يعود إلي سببين لا ثالث لهما : ضمور الأسواق العربية بسبب حواجز الأنظمة السياسية التي تعامل الكتاب معاملة المخدرات والناشر معاملة المهربين، وضعف البنية المالية والاقتصادية لمعظم الناشرين، نتيجة لقيود الرقابة علي أنواعها، فتمنعهم من تطوير هذه الصناعة والاستثمار فيها. وأضاف : يدور التساؤل الأول عن أزمة النشر المطروحة حول العدد المتواضع من الكتب الجديدة التي تصدر سنوياً في مجمل الأقطار العربية وبلغة عربية واحدة مقارنة بعدد الكتب التي تصدر في الدول الأوروبية والأميركية، بتعدد لغاتها، إلي جانب الأرقام المخزية لتوزيع الكتاب في جميع أنحاء العالم العربي. نحن كناشرين مثلاً نقوم بنشر ما بين 30 عنواناً و50 عنواناً في السنة الواحدة، موزعة بين مختلف أنواع التأليف من سياسة وتاريخ ومذكرات ورواية وشعر وآداب متنوعة. أما عن الكتب الأكثر انتشاراً، فقال: بحسب ما يتوافر لدينا من أرقام هي : كتب السياسة، الرواية، التاريخ، والمذكرات، الشعر والآداب ، والأقل انتشاراً، ومردوداً تجارياً هي كتب الشعر، باستثناء شعراء كبار كنزار قباني وأحمد عبد المعطي حجازي ومحمود درويش ومحمد الفيتوري وغيرهم .. لذلك يعتمد انتشار الكتاب إلي حد كبير علي سمعة المؤلف وشهرته مصداقية. وأشار إلي ضعف التسويق قائلا انه ليس هناك من شركة واحدة لتسويق الكتاب في مصر أو في العالم العربي لها مصداقية وقواعد تلتزم بتسديد الأتعاب المالية المترتبة عليها. أما عن المشكلات التي تواجه دور النشر فهي أن الكتاب لايزال يعامل كسلعة مستوردة كالأجهزة والألبسة والروائح العطرية، بل والسيارات والأثاث. ولا تزال تفرض علي الكتاب القادم من الخارج رسوم جمركية في سلسلة من الشرائح الضرائبية، تصل إلي أكثر من أربعين في المائة، مع أن القانون صريح في ذلك حيث قرر خمسة في المائة علي مستلزمات الطباعة والكتب. لكن فلاسفة القطاعات المالية والضرائبية، يتفننون في ايجاد مخارج لإضافة أعباء تفوق ذلك، لتعدد الجهات التي لها شرائح موارد لا بد أن تستوفيها. فضلاً عن الشحن علي الطائرات وهناك قرار يمنح الكتب تخفيض خمسين في المائة لكنه لا يطبق في معظم شركات الشحن العربية. وأعتقد أن شركة الطيران التونسية تكاد تكون هي الوحيدة التي تطبق ذلك علي الكتب التي تشحن من تونس علي متنها.