سؤال يطرح نفسة كثيراً، هل تحققت أهداف ثورة الثالت والعشرين من يوليو الستة التي قامت عليها؟ وهي القضاء على الاستعمار وأعوانه، والقضاء على الإقطاع، ومنع سيطرة رأس المال على الحكم، و إقامة جيش وطني قوي، وإقامة حياة ديمقراطية سليمة، وإقامة العدالة الاجتماعية تحقق بعضها، لكن البقية تعطلت، ولم يعد لها وجود طوال ستين عاماً، حتى جاءت ثورة الخامس والعشرين من يناير التي نادت بالحرية والعدالة الاجتماعية واتخاذ خطوات لبداية حياة ديمقراطية، يكون أساسها الحرية والعدالة الاجتماعية للمواطن، حتى يتمكن من الحصول والمطالبة بحقوقه السياسية، ولابد أن يستمر الشعب في ثورتة ليتمكن من استرداد حقه المهدر منذ ثورة يوليو 52 والحصول عليه من ثورة يناير 2011 ، وبرغم أن الرئيس أنور السادات استمد مشروعيته من ثورة يوليو ومن بعده الرئيس حسنى مبارك، لكن كلا الرجلين تهاونا فى إقامة حياة ديمقراطية سليمة، وتاهت العدالة الاجتماعية، وأصبحت المناصب تورث، وتردت أحوال العلاج والتعليم، أيضاً توغل أصحاب المال في الحكم بعد رحيل عبد الناصر؛ فعصفوا بمبدأ " القضاء على الإقطاع" وأصبح رجال الأعمال يتحكمون فى مصير الملايين ، حيث غابت العدالة وسيطر رأس المال على السلطة حتى وصل الأمر إلى شراء السلطة للوصول إلى كرسى مجلس الشعب (البرلمان)، وغابت الديمقراطية وضاعت الكثير من أهدف ثورة يوليو. د.جمال زهران أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس قال : إن كل إنجازات ثورة يوليو لم يتحقق منها إلا القليل واكتفى رؤساء مصر بالمضي على نفس السياسات القديمة منذ عهد الملك فاروق من حيث مشاركة رجال المال السلطة، واحتكار المناصب وتوريثها وإذلال الشعب بعدم تحقيق العدالة الاجتماعية، وإذا كان عبد الناصر قام بتحرير الوطن من الفساد ؛ فإننا بحاجة إلى تحرير المواطن من القهر والظلم ونتمنى أن يكون ذلك من نصيب ثورة الخامس والعشرين من يناير.. مشيراً إلى أن الثورة الوحيدة الشعبية التي قامت فى مصر لابد أن تكون جميع قرارتها ثورية وتخالف الأحكام والقوانين، لأن الشرعية الثورية تعلو على القوانين والدساتير الساقطة، ومما لا شك فيه أن ثورة يوليو وثورة يناير وجهان لعملة واحدة فى المبادىء وقاما على تزايد الظلم والقهر والاستبداد على الملك فاروق والرئيس مبارك، ولكنهما يختلفان فى رياح التغيير، فالأولى غيرت النظام الملكى يقوة السلاح، أما الثانية فبقوة الشعب الذي هو مصدر السلطات، إن العدالة الاجتماعية والديمقراطية يمثلان تحديا حقيقيا أمام ثورة يناير ، حيث إن المواطن لم يشعر بأى رياح للتغير منذ الإطاحة بالنظام المباركي، وبالعكس تزايدت المطالب الفئوية التي ربما لن يستطيع النظام الإخوانى الحاكم فى البلاد أن يحتويها. الإقطاع ورأس المال وأوضح أبو العز الحريرى عضو الهيئة العليا لحزب التحالف الشعبى الاشتراكى، بأن ثورة يوليو كانت سبباً مباشراً فى القضاء على الإقطاع وسيطرة رأس المال، ولكنها غابت عن تحقيق العدالة الاجتماعية وإقامة حياه ديمقراطية التى لم تعرفها الدول العربية جميعها، وللأسف تاهت الديمقراطية بين عبد الناصر والسادات ومبارك، حيث كانوا يشعرون بأن الظروف غير مواتية للديمقراطية التي ينادي بها المثقفون والنخبة، ولكنهم فتحوا أبواب السجون والمعتقلات لمعارضيهم وكل من تسول له نفسه التلفظ على القيادة السياسية، وكانت المساحة الهامشية للديمقراطية ضئيلة جداً فى عهد حسني مبارك إلا أنه كان نظاما قمعيا ، اختبأ ثلاثين عاماً وراء قبضته البوليسية، موضحاً بأن ناصر أنشأ المصانع والشركات والبنوك حتى أحدث حالة صناعية اقتصادية سرعان ما تآكلت ووقعت تحت وطأة الفساد والمفسدين، وانحرفت سياسات الأمن بسبب تدخله فى كل شىء حتى تحول وأصبح المحرك الرئيسى للبلاد فى عهد الرئيس السادات ومبارك، مشيراً إلى أن ثورة يوليو ذهبت بعد النكسة إلى الرأسماليين لإعادة بناء الجيش والبلاد، وتمكن السادات من الانقلاب على مبادىء الثورة رغم أنه خرج من رحمها، وسار عكس اتجاهاتها فقد كان من المؤيدين لإلغاء الأحزاب، حتى جاء مبارك وقضى على مكتسباتها نهائياً، إلى أن قامت ثورة يناير لتعيد إلينا نفس المبادىء الثورية التي لن يتنازل عنها الشعب هذه المرة. انجازات وطنية ويرى وحيد الأقصرى رئيس حزب مصر العربى الإشتراكي: إن ثورة يوليو برغم أنها لم تحقق أهدافها التي قامت من أجلها إلا أنها تبقى علامة فارقة فى التاريخ بفضل قائدها الذي أصدر قانون الإصلاح الزراعى وجعل الفلاح المصرى صاحب أملاك بعد أن كان أجيرا عند الطبقة الأرستقراطية، كما استطاع تأميم قناة السويس ولم يردعه العدوان الثلاثى والتف الشعب وراء زعيمه، وأدخل مجانية التعليم حتى أصبح أولاد الفلاحين فى مناصبب عليا بالبلاد فى القضاء والجيش والشرطة، مشيراً إلى أن بعض أهداف الثورة لم تتحقق فى عهد عبد الناصر ؛ لأن العدوان الاسرائيلي والنكسة لم يتركوه يعمل على استكمال أهداف الثورة التى بدأها، ولم تسنح له الفرص الكافية ليقوم بدوره العظيم فى بناء الدولة المصرية، وللأسف من جاء بعده لم يسمح لنفسه أن يفكر ولو قليلاً في كيفية استكمال ما بدأه الزعيم الراحل، حيث ضل الطريق كل من أنور السادات وحسنى مبارك، حتى قامت ثورة يناير فصحى الشعب من غفوته التي طالت كثيراً، ويريد الآن استكمال ما بدأه ناصر والمطالبة بالعدالة الاجتماعية وإقامة الديمقراطية والقضاء على الاحتكار وسيطرة رأس المال على الحكم، والسؤال الذى يفرض نفسه الآن، هل بعد صعود الإخوان لسدة الحكم سوف تتلاقى مبادئهم مع مبادىء عبد الناصر ويسيرون على دربه ليستكملوا ما انتهى منه عبد الناصر، رغم الخلاف السياسى الذى لن يمحوه التاريخ؟ لننتظر ثم نرى ما الذى سيقدمة الإخوان لشعب مصر؟ وأشار عبد الغفار شكر وكيل مؤسسي حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، إلى أن المعاناة السياسية المصرية لن تختفى طالما استمر الحاكم الأوحد فى السلطة، وهكذا كانت تدار مصر منذ الملكية حتى الجمهورية، وللأسف قامت ثورة يوليو للقضاء على الحاكم الفردى فتحولت بدون أن تدري إلى نفس السياسيات الخاطئة، وأصبح ناصر الحاكم الفرد ومن بعده السادات ومبارك، ولم يقدما جديداً على الساحة الإقليمية والدولية لمصر باستثناء ما قدمه ناصر فى تجربته الرائعة فى إقامة المصانع وتأميم قناة السويس وإعادة بناء القطاع العام، وللأسف اتجه سلفه إلى بيع ما بناه ناصر وانتهجوا سياسة الخصخصة التى بمقتضاها تم بيع البلد، واتجهنا إلى رجال الأعمال وأهدرنا مبدأ القضاء على سيطرة رأس المال، وهكذا لم يعد متبقى من ثورة يوليو الإ مبادئها التى قامت عليها ولم تحقق منها إلا القضاء على الاستعمار، وإقامة جيش وطنى قوى، بينما تطالب ثورة يناير بما لم يتحقق فى ثورة يوليو، ولذلك جاءت ثورة يناير لتؤكد على مشروعية ثورة يوليو وبأنها الامتداد الطبيعى لمتطلبات الشعب من ستين عاماً، معتقداً بأن الرئيس مرسى قد يحقق العدالة الاجتماعية، ولكنه سوف يفشل فى تحقيق حياه ديمقراطية، لأن جماعته لا تؤمن بالتعددية أو المشاركة، ولكنها تؤمن بالمغالبة. هل أهدافها ماتت ؟ ويرى رفعت السعيد رئيس حزب التجمع، أن ثورة يوليو وأهدافها ماتت بموت ناصر، والزعيم الراحل عمل على بناء مصر بعد استلامه مهمة رئاسة الجمهورية لكونه كان يطمح إلى بناء وحدة ورؤية عربية مشتركة، مشيراً إلى أن ما تم إنجازه فى ثورة يوليو لم يستمر طويلاً بعد تولي السادات ومبارك مسئولية الحكم، وعملا على إهدار ما تم إنجازه، كما أن مبادىء وأهداف ثورة يناير لم تتحقق بسبب تنافس تيارات من القوى السياسية الإسلامية والليبرالية، وصعد الجميع على أكتاف الثوار والشهداء وأخذوا أغلبية البرلمان حتى وصلوا إلى كرسي الرئاسة، ليضحكوا على الشعب ويوهموا الجميع بأنهم أقدر الناس على تحقيق تطلعات الشعب من الحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية، ولكن بمنظور إخواني.