وإذا كان الرئيس أوباما من الممكن أن يتوقع بينه وبين نفسه الحصول علي هذه الجائزة في يوم ما بعد وقت طويل أو حدث كبير، لكن علي الأقل ليس الآن بعد تنصيبه رئيساً منذ تسعة أشهر فقط، يحق لأوباما أن يكون رجل سلام، كما يؤكد حصوله علي الجائزة، لكن حتي اللحظة الحالية لا يوجد أكثر من طموح مشترك، تشاركنا به الأكاديمية السويدية بتمنياتها بأن يكون أوباما رجل سلام،وبالتالي فقد منحته جائزة استشرافية لما هو منتظر منه لاحقاً، وإن كانت بهذه الجائزة قد وضعته أمام خيار حتمي بألا يكون رجل حرب، أو أن يكون عليه تقديم برهان عملي لاستحقاقه هذه الجائزة، هذا مع الأخذ بعين الاعتبار أن مفهوم فكرة السلام مفهوم متباني بحسب موقع الرؤية، فما تراه الأكاديمية السويدية فعل سلام، قد يراه آخرون من منظور آخر مختلف كليا• لابأس يمكننا هنا تذكر حصول الرئيس أنور السادات علي جائزة نوبل للسلام،إبان توقيع معاهدة السلام مع اسرائيل، اذ رغم مرور كل هذا الوقت مازال الخلاف حاداً بين مؤيدي سياسته ومعارضيها،في اعتباره رجل سلام، أو رجل تنازل• أما في الأدب فإن الأسباب السياسة لا تبعد كثيرا في حصول هيرتا مولر الكاتبة الألمانية الرومانية علي جائزة نوبل في الأدب، لقد تمكنت الكاتبة هيرتا مولر من الفوز بجائزة نوبل (هنيئا لها)، لتتمكن عبر هذا الفوز من إبعاد الأسماء التي وضعت في أعلي قائمة المرشحين، الكاتب الأميركي فيليب روس، والإسرائيلي عاموس عوز، والياباني هاروكي موراكامي، والشاعر العربي أدونيس، والكاتبة الكندية مارغريت أتوود• أبعدت مولر هذه الأسماء، أو بعبارة أدق استبعدت الأكاديمية السويدية قائمة من الكتاب الذين يستحقون الجائزة كما يري نقاد الأدب، واختارت كاتبة لم تكن تخطر علي بال حققت شهرة محلية داخل بلدها فقط، ربما من هنا يحق للكاتبات التفاؤل بهذا النصر النسوي، مع الانتباه الدقيق أن أدب مولر ينتمي إلي أدب العالم، وليس له أي صلة بالأدب النسوي• ما كتبته مولر يتناول حيوات المحرومين من الوطن ، عبر لغة تعتمد التكثيف الشعري والنثر الصريح• وبذلك تكون لجنة الجائزة أعطت اسماً من الأسماء غير المكرّسة عالمياً، وإن كان له حضوره الكبير في ألمانيا• ربما من هنا جاء اختيار الأكاديمية لها، كاتبة تمتلك تاريخاً سياسياً مع العالم القديم،روائية من أصل روماني (تنتمي إلي الأقلية الألمانية التي تعيش في رومانيا)، منشقة علي نظام تشاوشيسكو، إذ كانت قريبة من مجموعة أدبية اتهمها النظام بأنها نواة المعارضة• تعرضت للتحقيق والملاحقة، رفضت التعامل مع البوليس السياسي، فطردت من عملها (كمترجمة في مصنع للسيارات)،, عاشت في هلع نظام ستالين ، كما أنها هرّبت مخطوطات كتبها إلي الخارج، إذ كان ممنوعا عليها أن تنشر في رومانيا، فقررت مغادرة بلادها حين حانت لها الفرصة، وكان ذلك قبل سقوط الجدار بسنتين، لتختار العيش في برلينالغربية وبذلك تكون مولر هي المرأة رقم 12 التي تفوز بجائزة نوبل، كما أنها المرة ال13 التي يكرَّم فيها شخص يمثّل الأدب الألماني، وكان آخر الفائزين بالجائزة غونتر غراس•