تشجيعا لإنشاء وتوسيع نشاط الشركات من خلال إصدارات الأسهم، وزيادات رءوس أموال الشركات المضاربة في البورصة، بما ينعكس على الأداء الاقتصادي ويساعد على دفع عجلة النمو وتوفير فرص عمل أفضل، قررت هيئة الرقابة المالية إصدار لائحة لتداول الصكوك الاسلامية، الأمر الذي استقبله خبراء اسواق المال بردود أفعال متباينة، فبينما يراه البعض أداة لتحفيز دخول سيولة جديدة لبورصة الأوراق المالية، يرفضه آخرون من حيث المبدأ؛ انطلاقا من رؤيتهم ان الصكوك الاسلامية وإن كانت قد تجذب اموالا اجنبية الا انها قد تفتح بابا آخر على الصعيد المحلي وتثير تساؤلا يؤثر على مستقبل البورصة والمستثمرين فيها؛ حيث يرون أن من يرفض دخول البورصة من حيث المبدأ ويعتبرها حرامًا لن يقتنع بفكرة الصكوك كما حدث مع فروع المعاملات الاسلامية بالبنوك. وكان رئيس هيئة الرقابة المالية د. أشرف الشرقاوي، قد أكد أن الهيئة بصدد إقرار تداول الصكوك الاسلامية، وأن الأنظمة المعمول بها فى سوق المال المصرية لا تمانع في وجود مثل هذه الادوات.. موضحا بأن هناك مؤشرات عالمية تعمل بالبورصة وفقا للشريعة الاسلامية وتضم الشركات التى تطبق في معاملاتها الشريعة الاسلامية. ومن جانبه، يرجح رئيس البورصة د. محمد عمران هذا الاتجاه، قائلًا بأن هناك مؤشرات عالمية تعمل بالبورصة وفقا للشريعة الاسلامية، مشيرا إلى أن الهدف الرئيسي من وجود بورصة للاوراق المالية هو تشجيع إنشاء وتوسيع نشاط الشركات من خلال إصدارات الاسهم وزيادات رءوس الاموال، والذي ينعكس على الاداء الاقتصادي ويساعد على دفع عجلة النمو وتوفير فرص العمل. ويذكر أن حجم التداول على الصكوك الاسلامية في العالم كبير؛ حيث تبلغ نحو 3 ترليونات دولار. وعن التعاملات الاسلامية في البورصة المصرية، يضيف د. عمران بأنه تم طرح وثائق صناديق إسلامية في البورصة منذ 2006، وتقتصر استثمارات هذه الصناديق على أسهم شركات تعمل في أنشطة لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، مما يعني استبعاد الشركات العاملة في صناعة المشروبات والسجائر أو تقديم تمويل مقابل فوائد وتلتزم الشركات التي تتولى إدارة صناديق الاستثمار الإسلامية بالخضوع لتوجيهات لجنة للرقابة الشرعية بشأن السياسات الاستثمارية. خطوة إيجابية ومن الاتجاه المؤيد للصكوك الاسلامية في البورصة، يقول وائل عنبة رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب لاحدى شركات ادارة المحافظ المالية: ان اقدام هيئة الرقابة المالية على طرح تداول الصكوك الاسلامية في مصر خطوة ايجابية تزداد اهميتها في الوقت الحالي حيث تعاني البورصة نقصا شديدا في السيولة. وهذا الاجراء من شأنه تحفيز دخول السيولة لبورصة الأوراق المالية، فضلا عن كونها أداة يمكن أن تستخدمها الحكومة لإنشاء مشروعات انتاجية. ويضيف بأن الصكوك الاسلامية ستساعد على جذب شريحة جديدة من المستثمرين ممن لا يقبلون التعامل مع الفوائد الثابتة، خاصة في المصارف المختلفة الامر الذي انعكس ايضا على السندات في اسواق المال. ويستعرض عنبة مميزات الصك الاسلامي، قائلا: إنه يعتبر أداة تستخدم لتمويل مشرع بعينه حيث يقوم طالب الصك وليكن شركة بعمل دراسة جدوى اقتصادية لمشروع محدد بعدها يتم طرح الصك وتحدد الفائدة سنويا حسب ربح المشروع، وتكون اموال الصكوك الاسلامية منفصلة عن رأسمال الشركة ويكون هناك هيئة شرعية لمراقبة مصادر تمويل المشروع. وبالنسبة للحكومة، فمن الممكن أن تستخدم تلك الصكوك ضمن أدوات الدين الداخلي عبر توظيفها في إنشاء مشروعات إنتاجية ذات عائد؛ بخلاف السندات حيث يمكن أن تصدر الحكومة السندات لتمويل عجز الموازنة أو صرف الأجور والرواتب. تأثير غير ملحوظ وعلى الجانب الآخر، يرى د. أيمن متولي رئيس الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار، أن طرح الأداة المالية بطريقة اسلامية لن يكون له تأثير ملحوظ في جذب رءوس أموال محلية جديدة إلا أنها من الممكن ان تكون أكثر فائدة في جذب اموال اجنبية. ويعلل متولي رؤيته تلك بأن الشريحة التي ترفض دخول البورصة من حيث المبدأ انما تمثل فئات قليلة جدا، ولفت الى ان ذلك الاتجاه لن يكون مجديا خاصة انه قد جاء بعد تأكيد الأحزاب الإسلامية أن البورصة حلال، ومن ثم فإن طرح أداة اسلامية لن يمثل عامل جذب لهم. ويدلل على ذلك بالموقف الذي حدث ايضا عند طرح معاملات إسلامية بالبنوك حيث إن هذه الفئات القليلة الموجودة إنما ترفض منظومة التعامل في المصارف؛ لذلك لا يعتقد أن السوق في حاجة لابتداع سبل لجذبهم. مناخ صحي ومن جانب آخر، يقول د. محمد سعيد الخبير الاقتصادي: إن طرح أداة إسلامية بالبورصة يتزامن مع صعود الاسلاميين في البرلمان الجديد؛ الامر الذي يعبر عن اتجاه الرأي العام وبالتالي تلقى الفكرة قبولا سياسيا وسيتوافر لها المناخ الصحي، حيث إنه مع بدء العمل الفعلي بالصكوك الاسلامية ستتضح الرؤية وتتبين قدرتها على جذب استثمارات جديدة وفتح باب سوق المال لفئات مختلفة من الشعب المصري، قد تتعزز بتأييد قوى اسلامية ذات ثقل في الشارع ولكن يمكن الاتفاق على أن تنوع أدوات البورصة أمرا مهما لابد أن يؤخذ في الاعتبار ويؤثر في تقييم سوق المال بأكمله. ويضيف بأن اصدار الصكوك الاسلامية تراجع منذ مطلع 2009، واقتصر على الاصدارات الحكومية بالعملات المحلية بعد أن تراجع 50% خلال 2008 تحت ضغوط الازمة العالمية. جدير بالذكر أن اصدار السندات الاسلامية واجه تحديات غير مسبوقة في عام 2008 حيث تراجع الى نحو 15.1 مليار دولار وهو اول أداء سلبي منذ بداية الالفية الثالثة، بعد ان سجل نموا كبيرا بلغ 71% في عام 2007 الى 33.5 مليار دولار. ويعاني سوق الصكوك صعوبات كغيره من أسواق الدين ابرزها ضغوط شح الائتمان وسط تداعيات الأزمة المالية العالمية وارتفاع كلفة الاقتراض والخسائر الضخمة التي تكبدها المستثمرون جراء انهيار أسعار الأصول المالية والعقارية. وعلى صعيد مستقبل القطاع المالي الاسلامي، فيعتبر خبراء ماليون توريق الرهون الحافز القادم لنمو القطاع بجانب مواصل التأمين وفقا للشريعة الاسلامية، وسيرتفع النمو بنسب تصل إلى 20% بمجرد تجاوز أسواق المال تبعات الأزمة العالمية. ويسعى القطاع المالي الاسلامي لتطوير مزيد من المنتجات المصرفية لدخول مناطق نمو جديدة بعد انفراجته الاولى بطرح الصكوك او السندات الاسلامية قبل بضع سنوات.