طالب عدد من السياسيين بضرورة ترتيب آليات العمل الحزبي داخل بعض الأحزاب السياسية، مشيرين إلى أن الساحة السياسية في مصر أمست مكتظة بالعديد من الأحزاب الكرتونية، التي لا يوجد لها أي دور حقيقي في الممارسة السياسية والحزبية، مؤكدين ضرورة إعادة النظر في لوائح العمل الحزبي بما يوفر لهذه الكيانات بيئة عمل جيدة، لإرساء قواعد الديمقراطية داخلها، وإنهاء الصراعات المشتعلة بين قياداتها على المناصب. وقال أحمد رفعت، عضو مجلس النواب، يجب شطب الأحزاب غير الممثلة بالبرلمان، والتي لم تستطيع الحصول ولو حتى على مقعد نيابي واحد داخل غرفتي البرلمان بمجلسي النواب والشيوخ، وذلك لأن قوة الحزب تقاس بمدى تمثيله في البرلمان واصفًا على حد تعبيره أن الأحزاب في حالة فوضى، مؤكدًا أنه لا يزال هناك في مصر أحزاب دينية تعمل في الشارع، لافتًا في الوقت ذاته، إلى ضرورة تطهير المجتمع السياسي من هذه الفئة من الأحزاب، حتى لا نفاجأ بعودتها خاصة مع اقتراب انتخابات المحليات. وأشار محمد مهنى، أمين شباب حزب الحرية المصري، وعضو المكتب السياسي للحزب، إلى أن أبرز المشاكل التي تواجه الحياة الحزبية في مصر، هي مشكلة التعاون بين الجهاز التنفيذي للدولة والأحزاب، لافتًا إلى أن الأجهزة المحلية في مصر تخشى التعامل مع الأحزاب، موضحًا أن هناك إرادة سياسية قد أعلن عنها الرئيس عبد الفتاح السيسي بمنتهى الوضوح، وهي الرغبة الحقيقية في أن يكون هناك دورًا للأحزاب السياسية، أما بالنسبة لدورنا نحن كسياسيين؛ فعلينا أن نحول هذا الأمر إلى واقع ملموس، مضيفًا بأنه يجب دعم المنتديات السياسية وهي الفكرة ذاتها التي أكدت عليها القيادة السياسية، حيث إن تلك المنتديات الفكرية ستقدم تمهيدًا للشباب لمساعدتهم على اختيار الحزب السياسي المناسب؛ ليستطيعوا من خلاله الانخراط في الحياة السياسية بطريقة فعالة ومشروعة. وأضاف عبد العزيز النحاس، نائب رئيس حزب الوفد، وعضو مجلس الشيوخ: "كان يوجد في مصر تعددية سياسية حقيقية وعمل حزبي واضح وفعال، وذلك في الفترة التي سبقت عام 1952، أما بعد هذا التاريخ وإلغاء الأحزاب ثم عودتها مرة أخرى مع نهاية حقبة السبعينيات، فإننا نجد أن الأحزاب في مصر قد عادت بصورة شكلية، لذلك أقول أن الحياة السياسية في مصر لم تنضج بعد، حيث إن عملية نضوج الحياة السياسية لا تأتي في ليلة وضحاها، وأن الدول الديمقراطية سواءً في أوروبا أو أمريكا لم تصل إلى الاستقرار السياسي في فترة زمنية قصيرة، ولكن التوافق قد حدث بعد تجارب كثيرة ومتنوعة". وقال خالد مطاريد، القيادي بحزب الحرية المصري، إن هناك عدة عوامل أساسية تساعد في نجاح نشاطات أي حزب سياسي، أولها أن يكون للحزب وجود بين المواطنين بمعنى ضرورة توافر سبل للتواصل الحقيقي بين قيادات الحزب والجمهور في الشارع، وهذا لن يحدث إلا من خلال قيام الحزب وأعضائه بأمرين، وهما التعبير عن المواطن سواءً في رأيه السياسي مثلاً أو مصالحه ومطالبه أمام الحكومة أو تقديم خدمات عامة للمواطنين مثل تسهيل الحصول على خدمات معينة أو حث الحكومة على بناء مستشفيات في أماكن منسية مثلا وغير ذلك، أي أن يكون هناك تبادل مصالح؛ فينتخب المواطن من يُعبر عنه ويقوم على مصالحه، أما الأمر الثاني فهو الأهم حيث القدرة المالية للحزب، والتي بدونها سيكون من الصعب تنفيذ وتفعيل أنشطة وتوجهات الحزب السياسي. اختفاء دور الأحزاب وفي ذات السياق، أوضح د. فتحي فكري، أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة، أن هناك عدة أسباب أدت إلى اختفاء دور الأحزاب السياسية من الشارع المصري، أهمها انحسار دور هذه الأحزاب في القيام بالعمل التطوعي والخدمي فقط، دون وجود متابعة لمجريات الأحداث السياسية التي تشهدها البلاد، وبالتالي فإننا لا نجد أي ردود أفعال من جانب هذه الأحزاب، خاصةً وأن جزءًا من دور الأحزاب هو التفاعل مع المواطنين، ومن مهامها أيضًا أن تؤيد وتدعم وتعارض وتتحفظ على بعض المواقف سواء داخل مصر أو خارجها، وهذا لم يحدث من معظم الأحزاب المتواجدة على الساحة السياسية في وقتنا الحالي، كما لابد أن نذكر أن هناك أحزاب كثيرة تقوم بأدوار مخالفة للدور الرئيسي لها، وهو الأمر الذي يجب تداركه وبأسرع وقت ممكن. وأضاف "فكري": أنه يجب أن تخرج الأحزاب من حالة الجمود وتعمل على تطوير البرامج الخاصة بها وتقوم بتقديم شخصيات جديدة وتفعيل المقرات الخاصة بها، بالإضافة إلى ضرورة تمويل الأحزاب من قبل رجال الأعمال، ولكن بشكل يخدم الحياة السياسية حتى لا تتحول الأحزاب إلى وسائل ضغط من قبل رجال الأعمال، مع الإشارة إلى أن هناك عددًا ضئيلاً من الأحزاب التي لها دورًا حقيقيًا في الشارع المصري. وتابع: ومن منطلق وجود بعض الأحزاب التي أمست بدون أية فاعلية، فأنا أرى أنه يجب دمج هذه الأحزاب، وهناك فرصة لنجاح تلك التجربة ولكن هناك شروط وهي، أن الأحزاب التي ستندمج لابد أن يكون لها تأثير مباشر من خلال العمل على برامج وخطط موحدة، وهذا ما يحدث في جميع دول العالم، حيث إن الحياة الحزبية تحتاج إلى الكيف وليس الكم، ويمكن من خلال وجود سبعة أحزاب قوية مثلاً أن يتم تقديم ممارسات وأنشطة تفاعلية جادة بشكل يخدم الحياة السياسية في مصر. وفي ذات الإطار، أرجع د. رفعت عيد أستاذ النظم السياسية بجامعة القاهرة سبب ضعف وهشاشة الأحزاب في مصر إلى المركزية داخل بعض الأحزاب، مشيرًا إلى أنه بسبب هذه المركزية فإننا نجد أن هناك غيابًا واضحًا لظاهرة التداول السلمي للسلطة داخل بعض الأحزاب، بل من الممكن أن نقول إنه لا يوجد أي تداول حقيقي للسلطة أو المناصب العليا داخل الأحزاب السياسية، فإما أن يسيطر بعض الأشخاص على المناصب القيادية داخل الحزب، أو أن يتم توريث المناصب، وهو ما يؤدي إلى حدوث انشقاقات وصراعات داخل الأحزاب. وأضاف "عيد": "الأمر يحتاج إلى تعديل في قانون الأحزاب، خاصة أن هناك أحزابًا كثيرة ليس لها أي دورًا في الحياة السياسية، فلماذا لا تتوحد الأحزاب ذات الاتجاه السياسي الواحد؟ ولماذا لا نرى اندماجات بين الأحزاب خاصة أن القانون يتيح ذلك؟ وهنا نجد أن الإجابة ستشير إلى شهوة السلطة التي تعد من الأسباب الرئيسية لتدمير الحياة الحزبية في مصر. محمود كرم
شارك هذا الموضوع: * اضغط للمشاركة على تويتر (فتح في نافذة جديدة) * انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة)