هل مصر الأرستقراطية هي نفسها مصر الشعبية؟.. وهل مصر الشعبية تختلف عن مصر أهل الريف؟ مصر بكل أحلامها وآمالها وتناقضاتها؟.. تجيب الروائية ريم بسيوني بلغة جمعت بين الرقة والعذوبة والواقعية عبر روايتها "أشياء رائعة" التي صدرت مؤخرًا عن "نهضة مصر"، بالقاهرة.. ناشرة عطر الوطنية وحب مصر، دون ترديد الشعارات أو تصنع الانتماء للوطن. وتضيف: مصر الوطن والأم، لا يعرفها الكثير من أبنائها الذين ولدوا في نهاية السبعينيات، إذ لم يعاصروا الحروب المتتاليات، ليدركوا معاني الفداء والتضحية من أجل تراب الوطن.. وتتناول بسيوني مصر بوصفها رمزًا متجددًا تستخلص منه الكثير من المسببات تجعل المصريين يرون قطاعًا من بلادهم ويغضون الطرف عن قطاعاتها الأخري؛ في تناول عصري بصياغة أدبية متماسكة. الدكتورة رشا الأرستقراطية المتحررة وأستاذة الفلسفة، إحدي شخوص الرواية، تحمل في ملامحها مضمون "مصر"، ويتضح ذلك جليا في قولها: "لابد أن تقسم مصر إلي إمارات.. وأنتمي أنا إلي الإمارة الفرنسية، وأنت إلي الإمارة ال.. لا أدري؟ إمارة العلماء، والقبطان إلي الإمارة الأمريكية أم البريطانية؟ وأم طه إلي الإمارة ال.. لا أدري؟ إمارة مصرية عربية، إمارة وادي النيل.. إمارة الفراعنة". وفي هذا السياق، حاولت بسيوني تحديد الشخصيات المحورية في الرواية، إلا أنها وجدت صعوبة في تجاهل شخصيات أخري أقل أهمية ربما ظهرت قليلاً في الرواية، ولكن كان لكلماتها مدلول وهدف يصب في المصب الأكبر للرواية. وتوضح: فصورة الأم في الرواية مكثفة ولكنها شديدة الاختلاف؛ إذ إن هناك الأم المحبة المحنكة الخبرة، ولكنها قليلة الحيلة وتري الأحداث حولها وهي تعجز عن التدخل في مسارها وتلك هي والدة البطلة، والأم الأخري أرملة ريفية قوية، والتي تدعي أسماء، والتي تتفاني في حب أبنائها وتهرول وراء طموحاتها لمستقبلهم لتحقق في النهاية أكثر مما تمنت، ولكن بعد أن فقدت كل مذاق بالحياة. أما الدكتورحازم فهو علي النقيض من أسماء، نظرًا إلي أنه شخص يحسب خطواته بدقة متناهية، ويمثل نموذجًا متطرفًا في نظرته للمجتمع من حوله، فرغم أنه من طبقة أرستقراطية ويعشق وطنه "مصر" إلا أنه يتساءل في دهشة: أي مصر تلك التي أعشقها؟ وخلال الأحداث تراعي بسيوني أن تمس عصا التغيير د. حازم بعد أن دفع به القدر إلي مفاجأة لم تكن في الحسبان، الأمر الذي يعكس النظرة الواقعية التي تعاملت بها الكاتبة مع شخصيات روايتها، مما كشف اللثام عن جانب إنساني عميق في الشخصية. أما البناء الهيكلي للرواية، فلم يقل إبداعًا عن المحتوي أو تفاصيل الشخصيات، إذ جاء مستوعبًا تصاعد الأحداث، وصراع الأفكار والاتجاهات التي مثلها أبطال الرواية.