عامان على مقتل الرئيس الليبي السابق معمر القذافي المُلقب بالأخ العقيد و إعلان تحرير ليبيا يوم 23 أكتوبر من العام 2011 بمقتل العقيد الذي حكم ليبيا إثنين و أربعون عامًا من الجدل المتناثر حول هوية القذافي السياسية في إمساكه بزمام الأمور ببلاده التي حولها من النظام الملكي إلى النظام الجماهيري عبر ثورته المعروفة بالفاتح من سبتمبر في العام 1969 و التي كان يُخطط لها من قبل القذافي منذ العام 1959. قام القذافي بتلك الثورة التي أطاحت بعائلة السنوسي و غلق صفحة العائلة المالكة بإدريس السنوسي الذي أتى لمصر كلاجيء سياسي نحو ليبيا جديدة عبر عقيدها الصغير الذي أراد أن يروج لنفسه نسخة ليبية من الزعيم جمال عبد الناصر و جاء اللقاء بين الزعيمين في العام 1969 بإستاد طرابلس ليعلن ناصر أمام الجمهور الليبي المحتشد بالإستاد: (أيها الإخوة المواطنون أترككم غدًا و أمانة قوميتنا العربية ستكون على عاتق أخي و صديق معمر القذافي). من هذا المنطلق أخذ القذافي يمارس سلطاته الإستبدادية على الشعب الليبي و تمر الأعوام و العقود للإطاحة به ثم تنتهي المحاولات بالفشل و تقمع المحاولات بالإقصاء و الإبادة الجسدية على مرآى و مسمع الجميع ليكون جزاء الخارجين كما حدث للأسبقين في طيات المستقبل. كان القذافي يعلن في اجتماعات جامعة الدول العربية عن إقتراب نهاية الحكام العرب و لم يعلم أن التنبوء يلتحم به و إذ بأساليبه القمعية تطول الجميع و كأن التاريخ يعيد بنسخته العربية نسختي روما و إيطاليا ما بين نيرون و موسوليني حيث المحاولات المستميتة للقضاء على الحاكميين لتنتهي المحاولات بإقصاء نيرون الذي فضل الإنتحار عن أن يقتل بيد شعبه و تكررت المأساة ليعوض الشعب الإيطالي فرصة قتل نيرون بقتل و التشهير بجثة موسوليني في العام 1945 بعد الهزيمة المدوية بالحرب العالمية الثانية و تعليقه كالشاة المسلوخة بمحطة بنزين متواضعة و تبدأ إيطاليا في البحث عن هويتها المطموسة من أنياب الفاشية الإيطالية. تعاود الأيام نفسها و تقترب دورية التاريخ ممن لا يستوعب صفحات الماضي القريب و البعيد و على الرغم من ثقافة القذافي الإستعراضية أمام شعبه و الحكام الأخرين لم يستوعب الحروف المتراقصة له بلهيب التحذير بأن النهاية على وشك الحدوث إن لم تستجب لإرادة الشعب و جاء مقتل صدام حسين في صورة الإعدام جرس إنذار له و من قبل الإعدام وقت القبض على صدام في العام 2003 أعلن القذافي عن تحجيم النشاط النووي الليبي و تحول القذافي قاهر الأمريكان إلى القذافي السياسي المهادن و إبتعدت المواجهة الكبرى لأمريكا و تحولت الأنياب إلى الشعب الليبي. ظل شبح صدام مُطاردًا للحكام العرب ليقترب من تونس بثورة الياسمين في 14 يناير من العام 2011 و ذلك بهروب زين العابدين بن علي و يستمر الربيع برياحه العاتية في الإقتراب من روؤس الطغيان لتظهر ثورة 25 يناير المصرية و التي أطاحت بمبارك بعد ثلاثون عامًا من الحكم كما حدث لبن علي الذي مكث بالحكم أربعة و عشرون عامًا و بعد الحادي عشر من فبراير يوم تنحي مبارك إمتد الربيع لليمن يوم 12 فبراير بثورة الشباب ثم تنتفض ليبيا يوم 17 فبراير من نفس العام و يبتلع القذافي طعم الغطرسة كما حدث لبن علي و مبارك و علي عبدالله صالح ليقوم بعمل إبادة قمعية لشعبه و كأن نيرون و موسوليني يعودان من جديد في شخص حاكم ليبيا الأوحد. ظل القذافي يحارب شعبه على أمل أن الشعب مع الشرعية و لكن ظلت شرعيته تتهاوى يومًا بعد يوم ليتكرر سيناريو صدام بالإختباء في خنادق متعددة و يدير معارك الحرب الليبية الليبية من مخبأه مع تصدير إبنه سيف الإسلام كواجهة مستقبلية لإمتداد الإمبراطورية القذافية إلى أن جاءت الأقدار بيوم 23 أكتوبر من العام 2011 بإعلان المجلس الإنتقالي الليبي عن مقتل معمر القذافي و الذي مات كما مات موسوليني و نال مصيره بالتشهير بجثته و وضعه بثلاجة لحوم ليشاهد الجمهور نتاج ثورتهم بطريقة دموية تحمل نبرة الثأر و التشفي. كان للمجلس الوطني الليبي دورًا في مقتل القذافي و لكن بأنامل حلف الناتو الذي لعب دور المراقب خلف الستار لنرى نموذجًا مصغرًا من العراق و إذ بالحروب القبائلية تتكرر بليبيا يومًا بعد يوم خاصةً بعد دخول التيار الإسلامي حلبة الصراع من خلال الجنوب بالكُفرة بلد عمر المختار صاحب ملحمة النضال الخالدة و التي تعاني التشرذم بعد أن كان للقوة عنوان في أراضيها وقت أسد الصحراء. أصبح الآن واضحًا البحث عن الإكتمال لثورة 17 فبراير الليبية كحال كل ثورات الربيع العربي حيث الوقوع ما بين تعنت النظام القائم و تلاعب فلول النظام السابق ما بين مسميات مختلفة حسب السلطة الحاكمة ليصبح أمام المجلس الإنتقالي فرصة تاريخية لإعادة ليبيا لبهائها القديم دون إعادة رسوبات القذافي الماضية و هذه الفرصة مهددة بعدم الإكتمال وسط فكي الشمال حيث حلف الناتو و الجنوب حيث الجماعات الإسلامية ليصبح المجلس بين شقي الرحا.