مع مطلع العام 2011، لم يكن أكثر المتفائلين بتيارات التغيير في العالم العربي يتوقع أن ينجح شعب عربي في خوض انتخابات حرة تأتي بحكومة منتخبة، لكن الشهر الثامن لم يمر إلا بسقوط الصنم العربي الأكبر، الذي حبس أنفاس الشعب العربي الليبي لمدة 42 عامًا متصلة، منذ وصل لحكمها في انقلاب نفذه في 1969. تتضارب الأنباء حتى اللحظة، ربما يذهب القذافي إلى إفريقيا أو فنزويلا، ربما يعتقل أو يقتل، لم تتضح الصورة بعد حول مصير طاغية العرب الأكبر، لكن الأكيد أنه لحق بشقيقيه طاغية تونس زين العابدين بن علي، الذي افتتح موسم سقوط الفراعنة العرب، وطاغية مصر ورئيسها المخلوع محمد حسني مبارك، ليثبت العرب للعالم أنهم قادرون على اختيار مصيرهم وصناعه التاريخ، في انتظار استكمال عرس ربيع الثورات العربية باكتمال الثورة في سوريا واليمن، وانتقالها لإسقاط ما تبقى من طواغيت العرب. فعلها الليبيون إذًا، وحولوا شعار معمر القذافي الشهير "سنزحف عليهم بالملايين.. زنقة زنقة.. دار دار.. شبر شبر.. بيت بيت"، إلى واقع عملي، وخطة عمل واجبة التنفيذ، لكنهم استخدموها لصالحهم، ليسقط الوريث سيف الإسلام في قبضتهم، ويسلم محمد نفسه، وتتردد أنباء عن مقتل أو اعتقال الساعدي، ويقتحم الثوار منزل عائشة، هكذا اختار القذافي مصير عائلته بيديه. زحف الثوار إلى طرابلس وحرروها من احتلال آل القذافي، وسادت الاحتفالات أرجاء العاصمة الليبية بسقوط نيرون ليبيا المجنون، وفرحت ليبيا بانتصار ثوار 17 فبراير الأحرار، في ذكرى دخول رسول الإسلام الأكرم، صلى الله عليه وسلم، لمكة المكرمة فاتحا قبل أكثر من 1400 عام.. من اليوم لن تحكم ليبيا بكتاب أخضر مجنون.. الحكم للشعب.. والشعب فقط.
