تباينت ردود فعل أطراف المعارضة السورية من بيان مجلس الأمن، الذي صدر بعد سقوط مدينة القصير السورية في أيدي القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد، بين ترحيب بالبيان والدعوة لإصداره في شكل قرار ملزم من مجلس الأمن، وبين التأكيد بأن الشعب السوري لم يعد يعول على المجتمع الدولي في حل أزمته التي دخلت في عامها الثالث، بل إنه يقع بالفعل في إطار مؤامرة دولية عليه. ورحب الائتلاف الوطني السوري بالبيان الصادر أمس عن مجلس الأمن، وخاصة فيما يتعلق بالدعوة التي أطلقها المجلس لفتح ممرات إنسانية آمنة إلى مدينة القصير، ويشدد الائتلاف على ضرورة احترام البيان من أجل إنقاذ أرواح المدنيين المحاصرين في المدينة وبأسرع وقت. وأعرب الائتلاف في بيان له، عن أمله في صدور قرار يترجم هذا البيان، في صيغة ملزمة، يتبناها مجلس الأمن، وتحدد خطوات عملية تنهي التلكؤ والتسويف الأممي، وتجبر القوات الغازية على الانسحاب، وتضمن حقن الدماء في سورية، وتؤمن ممرات إنسانية إلى المناطق المنكوبة، وتدعم الثورة بما من شأنه حسم الصراع المستمر لصالح الشعب السوري، مع ضمان الإجراءات الكفيلة بإحالة ملف جرائم نظام الأسد، وكل الجهات التي تدعمه بالرجال والسلاح، إلى محكمة الجنايات الدولية، وملاحقة المسؤولين عن كل قطرة دماء سالت في سورية حتى يلقوا جزاءهم العادل. فيما أكد مؤمن كويفاتية، السياسي السوري المعارض ل«الوطن» أن هذه الموافقة الروسية بالسماح بصدور البيان الآن هي عار على جبين الانسانية وعار على ماسمّي بالمجتمع الدولي؛ حين يسمح بفتح ممرات آمنة في القصير بعد ثلاثة أسابيع من القصف الوحشي البربري الهمجي لشبيحة آل الأسد، والقوات الطائفية المأمورة إيرانياً بقيادة حزب الله، وكان مثل هذا الطلب قد رُفض ليعلم العالم هذا التغول الدولي في دماء السوريين، وهم يتشاركون مع الطرف الروسي في تبادل الأدوار، وكأنهم سلموا بلادنا وشعبنا ورقابنا إلى الجانب الروسي يفعل بها ما يشاء، إثر الصفقة الأمريكية الإيرانية على البرنامج النووي الإيراني، وكله بما يصب في مصلحة الكيان الصهيوني (إسرائيل). واستنكر كويفاتية مضمون البيان قائلا: «لم يتكلم البيان عن المذابح التي أحدثتها عصابات آل الأسد في القصير والعصابات الطائفية الخارجية، ولم يتحدث البيان عن العدوان الخارجي والتحذير وطلب مغادرة سورية». وتابع في تصريحات خاصة: «إن اللعبة صارت مكشوفة لاسيما بعد تقدم روسيا اليوم العدو للشعب السوري بطلب لتحل بدل القوات النمساوية على الحدود مع الجولان، ولا ندري لما كل هذه التسهيلات للروس واسترضائهم على حساب من؟ إنها المؤامرة التي تتولاها أمريكا، وهي مسؤولة وشريكة في سفك الدم الشعب السوري، وشعبنا السوري لن ينسى هذا التواطؤ، لنهيب بالشعب الأمريكي بالانقلاب على هذه الإدارة الخبيثة، ونهيب بكل المنظمات الإنسانية والحقوقية هناك أن ترفع الصوت عالياً ضد جرائم أوباما وحكومته، لنقول وبعد ماذا صدر هكذا قرار، بعد فرار أهل القصير وقتل الكثير من أبنائها، لتاتي هذه المساعدات للقوات الأسدية القاتلة». من جانبه اعتبر معتز شقلب، عضو الأمانة العامة لتيار الكرامة الوطني أن البيان جاء متأخرا ولكنه ربما سمح بخروج مئات الجرحى العالقين ولا يجدون من يسعفهم بسبب تعنت رجال حزب الله الذين يسيطرون الآن على القصير. وشدد «شقلب» في تصريحاته ل«الوطن» على أن الممرات الآمنة مطلوبة في كل ربوع سوريا ويجب وضع حد لتعدي قوات النظام على الجرحى والمشافي الميدانية، وطالب باسم تيار الكرامة الوطني بصدور قرار ملزم من المجلس الأمن يمنع قصف المشافي الميدانية ويجبر النظام على وجود ممرات آمنة للجرحى، ليس للقصير فقط بل في كل ربوع سوريا. أما الدكتور علي الحسيني، القيادي بالتيار الشعبي الحر، أعتبر أن البيان يعبر عن قمة «العهر السياسي والأخلاقي».. عندما يسكت العالم بأسره عن اجتياح دولة من قبل ميليشيات حزب الله ولا يعلقون على الأمر، فلا يكون هناك فائدة للحديث عن الممرات الآمنة ولم يبق بالقصير سكان، بل إن النظام استقدم مجموعات تواليه وأدخلهم للقصير لكي يلتقوا بأي وفد يدخل للقصير من المجتمع الدولي. وأكد أنه لا فائدة من صدور قرار من مجلس الأمن وليس مجرد بيان، مؤكداً أن الشعب السوري لم يعد يعول كثيراً على المجتمع الدولي ولا قراراته التي لم تنصفهم على مر العقود السابقة من التاريخ الحديث، فكيف ينصرنا اليوم وبرغم كل التواطؤ الدولي والصمت المطبق على الفظائع المرتكبة بحق الشعب السوري.