أثبتت حكومة الدكتور هشام قنديل، أنها حكومة عاجزة و"مترنحة"، وأنها تمثل أسوأ حكومة على الإطلاق من حيث قصر رؤيتها وضحالة فكرها السياسى والاقتصادى والاجتماعى، بل ومن حيث زيادة العبء على الأجيال القادمة من خلال السعى للاقتراض والاستدانة بكل الطرق وفى جميع الاتجاهات، ولعل مؤشرات العام المالى المقبل 2013-2014، تؤكد ذلك دون جدال. وبرؤية شاملة حول الاقتصاد الكلى، من خلال الصورة الإجمالية للموازنة الجديدة، ومن خلال الخطة المستقبلية للعام المقبل، فإن الحكومة تتوقع 497 مليار جنيه تقريباً "إيرادات"، والمصروفات التى أدرجتها الحكومة فى الموازنة، وهى الحد الأدنى الضرورى 692 مليار جنيه، أى أن العجز النقدى المتوقع 195 مليار جنيه تقريباًَ. وتروج الحكومة من خلال الصورة السابقة وحجم العجز المرتفع للغاية والمتوقع بالموازنة الجديدة، إلى حاجة الدولة للقروض، والحقيقة أنها لا تريد البحث عن بدائل لسد هذا العجز، لأن هذه البدائل تحتاج إلى إرادة سياسية ورؤية اقتصادية غير تقليدية، وهو ما يعد خارج قدرات واختصاصات هذه الحكومة، وبالتالى ترى أن الحل الوحيد لمعالجة هذا العجز هو الاقتراض من صندوق النقد الدولى، مما سيفتح الباب على مصراعيه للاقتراض من المؤسسات التمويلية المختلفة. ومن أهم البدائل التى تجاهلتها، أو لم تفكر فيها أصلاً حكومة قنديل، أولاً: أرصدة الحسابات والصناديق الخاصة المفتوحة خارج الموازنة العامة للدولة، والتى تبلغ 34 مليار جنيه. ثانياً: 16 مليار جنيه تكاليف المستشارين والخبراء الوطنيين الذين تم تعيين أغلبهم عن طريق الرشاوى السياسية فى عهد النظام السابق، والعجيب أنهم لا يزالون فى مناصبهم بعد مرور عامين من الثورة. ثالثاً: 175 مليار جنيهاً قيمة الأصول الراكدة والكُهنة والخردة بوحدات الجهاز الإدارى للدولة. رابعاً: 60 مليار جنيه، فائض إعادة هيكلة الدعم فى موازنة العام المالى الحالى 2012-2013، حيث بلغ فى موازنة العام الحالى 194.5 مليار جنيه، منها 60 ملياراً يصل لغير مستحقيه، ويرجع ذلك لعدة أسباب، منها أن هذا الدعم يستفيد منه المصريون والأجانب المقيمون على أرض مصر، والفقراء والأغنياء، والدبلوماسيون والباعة الجائلون، رغم أن المفترض أن يوجه الدعم للفقراء فقط دون غيرهم. خامساً: 60 ملياراً "تهرب ضريبى"، وهنا يقول مسئولون بمصلحة الضرائب غن من هذا المبلغ 50 مليار جنيه حولها منازعات قضائية، وهذا يعنى أن الحكومة عاجزة عن تحصيل ال10 مليارات جنيه التى ليس عليها منازعات قضائية، فضلاً عن تقاعسها حول تنشيط الإجراءات وإنهاء المنازعات القضائية بشان الجزء التنازع عليه وهو 50 مليار جنيه. سادساً: مصر أكبر دولة فى العالم لها تمثيل دبلوماسى، فلدينا 183 سفارة فى جميع أقطار العالم، ومتوسط العاملين فى كل سفارة نحو 30 شخصاً، وبعض هذه السفارات فى دول لا يتجاوز فيها عدد المصريين أصابع اليدين، وهؤلاء جميعاً يصرفون رواتبهم وأجورهم من الموازنة، ومن المعلوم أن رواتب الدبلوماسيين تمثل تقريباً أعلى الرواتب فى مصر، هذا فى الوقت الذى لا تزيد فيه سفارات الولاياتالمتحدةالأمريكية عن 73 سفارة حول العالم. المؤشر الأخطر فى هذه الموازنة، هو الذى يرتبط بحزمة القروض التى لجأت إليها الحكومة، حيث أن تكلفة سداد القروض المحلية والأجنبية فى السنة المالية المقبلة 114.4 مليار جنيهاً، فيما تبلغ الفوائد 182 ملياراً تقريباً، وإذا تم جمعهما فإن إجماليهما سيكون 296.4 مليار جنيهاً، أى أن جملة المبلغ المخصص لخدمة الدين منسوباً إلى جملة إيرادات الموازنة العامة حوالى 60% من هذه الإيرادات. إذن، ومن خلال هذه الأرقام، فنحن نتحدث عن أكثر من 345 مليار جنيه يمكن لحكومة عاقلة ورشيدة وواعية تعرف حجم مسئولياتها، أن تنجح فى تحصيلها لإنعاش خزانة الدولة؛ لكن الحكومة الحالية لا تفهم ولا تحاول أن تجتهد لعبور الوضع الحالى، ولم تع خطورة ما سيجنيه هذا الشعب حالياً ومستقبلاً من لجوءها للبدائل السهلة المتمثلة فى القروض.