سادت حالة من الارتباك والتخبط داخل مصلحة الجمارك وأوساط المستوردين والتجار والمستثمرين السياحيين بسبب القرار الجمهوري بتعديل التعريفة الجمركية على عدد من السلع والمواد الغذائية. ففي مصلحة الجمارك تسبب صدور القرار دون إخطار قيادات المصلحة في تخبط المسؤولين، وأجرى محمد الصلحاوى، رئيس المصلحة، اتصالات مكثفة بوزارة المالية، للاستفسار عن القرار الذي صدر الخميس الماضى، واعتبر مستوردون ومستثمرون سياحيون القرار «عشوائياً»، وأنه صدر دون تنسيق مع تجمعات الأعمال المعنية، ويزيد من حالة التخبط، ويساهم في زيادة خسائر قطاع السياحة. وقال مسؤول بارز في مصلحة الجمارك، إن القرار الجمهورى لم يصل إلى المصلحة والمنافذ والموانئ بجميع المناطق، مما يمثل خسائر كبيرة في الإيرادات نتيجة استمرار تطبيق التعريفة القديمة، رغم صدور التعديلات منذ أكثر من يومين. وأشار المصدر إلى أن التعريفة الجديدة لم تطبق حتى الآن، رغم أن المصلحة صاحبة الحق الأصيل في طباعة وتنفيذ التعريفة بشكل مفاجئ حتى لا يساء تطبيقها بالأسواق، وكذا عدم إبلاغهم بتفاصيل التعديلات وموعد التطبيق من جانب وزارة المالية. وتابع: «ما يحدث تخبط، ولم ترد إلينا في المنافذ التعريفة الجديدة والقرار الجمهوري، وشغالين على القديم، وذلك دليل على أن المسؤولين شغالين في عالم تاني»، مؤكدا تأثير ذلك سلبا على الحصيلة وليس السوق. وقال أحمد الوكيل، رئيس اتحاد الغرف التجارية، إن القرار سيؤدي إلى موجة جديدة من ارتفاع الأسعار، ويمثل ترجمة حقيقية للسياسات الاقتصادية الفاشلة والمتخبطة والعشوائية، خصوصا أنها سياسات تساهم في تحجيم الطلب المحلي. وأضاف أن 80٪ من المأكولات البحرية التي تمت زيادة التعريفة الجمركية عليها تذهب لقطاع السياحة، وأن البديل أمام القطاع السياحي هو تغطية الطلب من السوق المحلية، ما سيؤثر على أسعار الأسماك والمأكولات البحرية.وفقا ل"رويترز" وأكد جلال الزوربا، رئيس اتحاد الصناعات، إن القرار يهدف إلى زيادة الموارد وحماية الإنتاج والصناعة المحلية، معتبراً أن معظم السلع الواردة في القرار تعتبر سلعاً ترفيهية وغير أساسية، وهناك سلع لم تكن عليها جمارك تم فرض جمارك عليها لأول مرة، ولتحقيق القيمة المضافة وتحصيل موارد منها. وأضاف أن القرار يحفز مصانع تجميع السيارات في مصر على زيادة المكون المحلي في صناعة السيارات من خلال إعفاءات جمركية على المكونات المستوردة، كما يسعى إلى تشجيع استخدام السيارات الموفرة للطاقة، والتي تستخدم الغاز الطبيعى من خلال تخفيضها بنسبة 25٪. وأشار وجدى الكردان، رئيس لجنة اقتصاديات السياحة في اتحاد الغرف السياحية، إلى أن القرار استمرار للقرارات العشوائية التي تصدر دون تنسيق مع تجمعات الأعمال، معتبرا أن السلع التي شملها القرار باعتبارها «غير ضرورية واستفزازية»، هي سلع أساسية وعادية للسائحين، وجميع المنشآت السياحية تستوردها لتلبية متطلبات السائحين. وأوضح أن السوق المصرية أصبحت طاردة للسياحة بسبب المعوقات والقرارات العشوائية التي تصدر بين الحين والآخر وتزيد من أعباء القطاع، مؤكداً أن القرار جاء بعد تحديد أسعار الموسم السياحي الصيفي، ما سيتسبب في تحمل المستثمرين فارق التكلفة بين السعر المحدد للسائح في الليلة الواحدة، وتكلفة إقامته بعد الزيادات الأخيرة في الجمارك، قائلاً: «القرار خراب بيوت للمستثمرين بالقطاع». وتابع: «سندرس الزيادات الجديدة في الاتحاد، تمهيدا لزيادة أسعار الليالي السياحية بداية من نوفمبر المقبل ،والموسم الشتوي، أما الموسم الصيفي فسيتحمله المستثمرون، لأنه لا يمكن زيادة أسعار الليالي السياحية بعد الاتفاق عليها». وتضمن القرار رقم 184 لسنة 2013، الذي نشر بالجريدة الرسمية، الخميس الماضي، تحصيل ضريبة جمركية تقدر ب20٪ على ما تستورده المنشآت الفندقية والسياحية، وزيادة جمارك معظم أنواع الأسماك والجمبري المستوردة إلى 20٪ بدلا من 5%، وزيادة جمارك الأزهار والورود من 30٪ إلى 40٪، واللوز والجوز والبندق والمكسرات المجففة إلى 10٪ بدلاً من 5٪، كما تضمن القرار زيادة الجمارك على الفواكه بنسبة تتراوح بين 5٪ و40٪ بدلاً من 2٪، حسب نوع الفاكهة. وقال أحمد أبوجبل، رئيس شعبة لعب الأطفال والأدوات المكتبية باتحاد الغرف التجارية، إن زيادة التعريفة الجمركية على بعض الأصناف المستوردة غير الأساسية ومنها الألعاب النارية ومستلزمات الحفلات وأعياد الميلاد لا تمثل ضرراً على التجار ولا المستوردين، نظرا لأنهم سوف يحملون المواطن فرق الأسعار. وأيد «أبوجبل» صدور القرار بدعوى أنه يوفر إيرادات مالية للدولة من رفع التعريفة الجمركية على السلع الكمالية، مؤكداً أن فاتورة استيراد الألعاب النارية تبلغ 600 مليون جنيه سنويًا، منها نحو 590 مليون جنيه عن طريق التهريب مقابل 10 ملايين بالطرق الرسمية.
