أوضح تقرير حديث صادر عن صندوق النقد الدولي ارتفاع القروض المصرفية للسلطة الفلسطينية إلى 1.4 مليار دولار لافتاً الي وجود أزمة سيولة تؤثر على عمليات الحكومة، فأصبحت تهدد بعض أوجه التحسن المؤسسى الذى تحقق فى السنوات الأخيرة (وخاصة فى مجال الإدارة المالية العامة) وأفضت إلى تقلص ثقة الجمهور فى السلطة الفلسطينية. وأوصى خبراء صندوق النقد الدولى بقيام السلطة الفلسطينية وإسرائيل والمجتمع الدولى باتخاذ إجراءات منسقة لمعالجة التحديات الجسيمة التى تواجه الضفة الغربية وغزة من خلال تحسين عملية تحصيل إيرادات المقاصة وضمان تحويلها إلى السلطة الفلسطينية فى الوقت المناسب، نظراً لأن هذه الإيرادات تشكل معظم إيرادات السلطة الفلسطينية وتوسيع نطاق التعاون ليشمل تخفيف القيود التي تفرضها إسرائيل على التجارة الخارجية وحركة السلع وعبور الأشخاص فى الضفة الغربية وغزة، مؤكدين على ضرورة مشاركة المجتمع الدولى فى تنمية الضفة الغربية وغزة بتوفير إطار للتعاون الاقتصادى بين الفلسطينيين وإسرائيل. وأكد الصندوق فى تقريرة على ضرورة أن تقترن الجهود التى تبذلها السلطة الفلسطنينة لكبح جماح العجز المالى بمزيد من المساعدة من المانحين وتعزيز التعاون الاقتصادى مع إسرائيل، موضحاً أن فرص التمويل الخارجية من المانحين الدوليين تتقلص بسبب الأزمات المالية التى تمر بها الدول المانحة والتنافس على المعونات بين العديد من الدول النامية، لذلك يجب أن تتخذ السلطة التنفيذية تدابير إضافية لتصحيح اوضاع المالية العامة. وقال صندوق النقد الدولى أن الوضع الاقتصادى فى الضفة الغربية وغزة يزداد تأزماً بسبب تراجع الموارد العامة واستمرار القيود المفروضة على الحركة والعبور من قبل إسرائيل وتزايد أجواء عدم الاستقرار السياسى، كما تعمقت أزمة السيولة مع الارتفاع الكبير فى المتأخرات والدين المحلى، بشكل يؤثر على عمليات الإصلاح الاقتصادى. وكشف الصندوق عن تباطؤ وتيرة النشاط الاقتصادى وارتفاع معدلات البطالة إلى ما يقرب من ربع القوى العاملة فى نهاية عام 2012 خاصة بين الشباب، ونضوب مصادر التمويل بسبب إحجام مؤسسات القطاع الخاص المصرفية وغير المصرفية بشكل متزايد عن تمويل الحكومة، وفى ظل تكرار عرقلة تحويلات إيرادات المقاصة وعدم كفاية المعونة المقدمة من المانحين فى تغطية عجز الميزانية العامة، كما تأخرت مدفوعات الأجور بشكل متكرر ولاتزال المتأخرات آخذة فى التراكم مما أسفر عن آثار معاكسة على بناء المؤسسات والاستقرار الجماعى، وإذا تركت هذه الاتجاهات دون كابح فسوف تدفع فى نهاية الأمر إلى تساؤل البعض عن شرعية السلطة الفلسطينية وإلى تقويض قدرتها على الحكم بفاعلية. وأشار التقرير إلى تأثير أجواء عدم اليقين السياسى وأحداث المواجهة العسكرية بين حماس وإسرائيل فى نوفمبر الماضى واستمرار توسع المستوطنات فى الضفة الغربية، ونوبات الاضطرابات فى الضفة الغربية مؤخراً، ما يؤكد عدم وضوح الرؤية بخصوص آفاق السلام بالمنطقة وانعكاسات ذلك على الوضع الاقتصادى. وتحدث التقرير عن حالة الركود الاقتصادى فى الضفة الغربية وغزة حيث تباطؤ النمو وارتفاع معدلات البطالة وتراجع نمو إجمالى الناتج المحلى من متوسط سنوى بالغ 10% خلال 2010-2011 إلى 6% فى يناير 2012، وهو ما يرجع إلى نقص المعونة، وعدم تخفيف القيود على الحركة والعبور. ويزداد موقف المالية العامة للسلطة الفلسطينية تزعزعاً مع تصاعد متأخرات المدفوعات المحلية بما فى ذلك أجور القطاع العام وارتفاع دين البنوك المحلية، وفى عام 2012 أدى النقص الكبير فى المعونة وتحقيق نتائج أقل من المتوقعة فيما يتعلق بالإيرادات والإنفاق إلى تراكم قدر كبير من المتأخرات (حوالى 6% من إجمالى الناتج المحلى) مستحقة السداد للقطاع الخاص وصندوق معاشات تقاعد القطاع العام والأجور.