أثارت قضية انهيار العقارات فى مصر فى الفترة الأخيرة جدلاً واسعاً بين خبراء العقارات حيث أرجع بعضهم هذه الأزمة إلى فساد المحليات وإنشغال الحكومة بالسيطرة على مفاصل الدولة وعدم التطرق إلى ملفات الفساد القاطنة بالقطاع العقارى ، مؤكدين ضرورة حصر كافة العقارات المخالفة والآيلة للسقوط وذلك للحيلولة دون وقوع كوارث أخرى ، كما طالبوا بتفعيل دور جهاز التفتيش على أعمال البناء وذلك للقضاء على عمليات البناء المخالف والعشوائى بالإضافة إلى منع البناء على الأراضى الزراعية . وفى إستطلاع آراء عدد من الخبراء العقاريين حول أسباب إنهيار العقارات بشكل متكرر داخل العديد من المحافظات أرجع المهندس زكريا جوهرى الخبير العقارى أزمة إنهيار العقارات التى وقعت فى الفترة الأخيرة إلى منظومة الفساد المسيطرة على قطاع المقاولات والإسكان والتى تشرع للقائمين عليها بالتربح على حساب أرواح المواطنين ، وأضاف أن السبب الرئيسى وراء تكرار الحوادث الخاصة بإنهيار العقارات يرجع إلى فساد المحليات التى تسمح بالبنايات المخالفة ، بالإضافة إلى تقاعس المسئولين فى الحد من ظاهرة البناء المخالف وتكرار البناء على الأراضى الزراعية . ولفت إلى أهمية تطبيق القوانين التى تفرض معايير ثابتة لعملية البناء بالإضافة إلى تطبيق عمليات الصيانة المستمرة خاصة للمبانى القديمة موضحاً أن أغلب العقارات التى تعرضت للإنهيار تنوعت ما بين البناء بدون ترخيص ، أو ارتفاع أدوار المبنى الواحد بدون ترخيص فضلاً عن التعدى على أملاك الدولة وتجاوز قيود الإرتفاع المحدد للمبنى . كما أشار إلى ضرورة إعادة النظر فى عملية البناء بأكملها مؤكداً ارتكاب الدولة دوراً أساسياً فى مثل هذه الحوادث وذلك نتيجة عجزها عن فرض وإحكام القوانين الخاصة بالبناء بالإضافة إلى غياب الجهات الرقابية والتى نتج عنها استبداد رؤساء الأحياء وإهمالهم للعديد من المبانى التى يقيمها الأفراد بالمخالفة وتسبب فى كوارث حقيقية ، مشيراً إلى أن صعوبة حصول المواطن على ترخيص البناء من خلال القنوات المشروعة هو ما يضطره لدفع الرشاوى والبناء بالمخالفة . وطالب بضرورة وجود سياسة بنائية يتوافر لها قاعدة بيانات تبنى عليها السياسات العمرانية ، بالإضافة إلى ضرورة تطبيق عمليات الصيانة المستمرة خاصة للمبانى القديمة ، وكذلك طرح بديل سكنى مناسب عند اتخاذ قرار بالإزالة وذلك حفاظاً على استقرار الأسر وعدم تعرضها للنشر . ومن جانبه قال المهندس طه عبد اللطيف رئيس شركة قرطبة للإستثمار العقارى أن أسباب إنهيار العقارات فى مصر بصفة عامة ترجع إلى ظاهرة الإسكان العشوائى والذى تفشى فى مصر منذ الثمانينيات ، مضيفاً إزدياد هذه الظاهرة بعد اندلاع الثورة حيث ظهرت آلاف الوحدات السكنية المخالفة وغير الآدمية وذلك نتيجة استغلال العديد من المواطنين لحالات الانفلات التى أعقبت الثورة ، والتخلص من سيطرة الحى الذى يتسبب فى تعطيل العديد من البنايات ويرغم الأهالى على دفع الرشاوى لإتمام عملية البناء ، بالإضافة إلى الإنفلات الأمنى والأخلاقى وانعدام الرقابة حيث أصبح فى استطاعة المواطنين إقامة عمارات شاقة مخالفة لقوانين البناء وفى أقل وقت وبدون رقابة . وأشار إلى أن تستر رؤساء الأحياء والمحافظين على عمليات البناء العشوائى والتعديات على الاراضى الزراعية والبناء المخالف التى تتم بشكل متكرر داخل العديد من المحافظات تنذر بوقوع العديد من الكوارث فى ظل غياب المسئولين وتقاعسهم عن أداء دورهم . ولفت إلى أن الأزمة الحقيقية وراء إنهيار العقارات تتمثل فى غياب تفعيل جهاز التفتيش على أعمال البناء التابع لوزارة الإسكان خاصة بعد الثورة وذلك نتيجة تعقد الإجراءات الإدارية للجهاز على الرغم من إداراك المسئولين لأهمية الجهاز فى رصد ومتابعة كافة المخالفات البنائية للعقارات . وفى السياق ذاته ذكر المهندس عبد المجيد جادو أن ضياع هيبة الدولة وغياب الرقابة وإنفلات الأمن ساهم فى صدر لها العديد من قرارات الإزالة ولكن لم يتم تنفيذ معظمها موضحاً أن محصلة الدولة من الغرامات المقررة على العقارات المخالفة صفر حتى الآن معللاً ذلك بإنشغال الحكومة بالسيطرة على مفاصل الدولة وعد الإلتفاف إلى فساد المحليات الذى نتج عنه العديد من الكوارث . كما لفت إلى خطورة تجاهل دور الأجهزة المعنية بعمليات ابناء والتشييد وأهمها مؤسسة المجمعة المصرية لتأمين المسئولية المدنية على أعمال البناء والتى تهتم بعدم حصول أى مبنى على ترخيص إلا بعد التقدم لها ومراجعة تصميمه بالإضافة إلى دورها فى متابعة عملية التنفيذ ، مشيراً إلى إتمام عمليات البناء فى الوقت الحالى بالمخالفة للكود المصرى الموحد على كافة المحافظات بالإضافة إلى كود الأحمال الذى يجب أن تلتزم به كافة المبانى وذلك فى إطار حمايتها من اخطار الرياح والزلازل وغيرها من الكوارث الطبيعية . وأشاد جادو بقانون البناء الجديد الذى ألغى فكرة التصالح فى المخالفات الخاصة بالعقارات والتى كانت تسمح بدفع غرامات مالية فى حالة وجود مخالفة عقارية مشدداً على ضرورة إلغاء المواد التى تسمح بإرتفاع المبنى حتى ضعف عرض الشارع وهو ما يتسبب فى زيادة الأحمال على العقار .