قال محمد قاسم رئيس المجلس التصديري للملابس الجاهزة ان السياسات الحكومية المصرية ذات الشأن الاقتصادي تحمل تحيزاً تاريخيا ضد التصدير المصري على مدار عقود طويلة وتعرقل جهود تنميته من خلال الحماية المبالغ فيها لسعر صرف الجنيه وارتفاع معدلات الفائدة وانخفاض المساندة التصديرية فضلاً عن عدم وجود استراتيجية واضحة ومعلنة لربط التصنيع المحلي بتفضيلات المستهلك في السوق العالمي. وأكد قاسم في حواره ل"أموال الغد" ان الصادرات المصرية فقدت نسبة كبيرة منها بانخفاض الطلب الاوروبي والامريكي علي الانتاج المصري نظراً لتداعيات الازمة الاقتصادية العالمية متوقعاً ان يظل الاتحاد الاوروبي والولاياتالمتحدة هما الشريكان التجاريان الاكبر لمصر في المستقبل نظراً لثقلهما الكبير بالسوق العالمي واستقبالهما للنسبة الاكبر من الواردات العالمية في عدد كبير من القطاعات الانتاجية. ما تقييمك لسياسات الدولة التجارية وانعكاسها على حركة الصادرات المصرية؟ في تقديري ان السياسات الاقتصادية للدولة بشكل عام لا تزال تحمل نوعاً من التحيز التاريخي ضد التصدير المصري وتتعمد عرقلته وتحجيم قدراته على النمو على مدار عقود طويلة ماضية ومن ابرز هذه السياسات الخاطئة التي تضر بالتصدير الحماية المبالغ فيها لسعر الصرف والاحتفاظ بالجنيه المصري وتقييمه بأعلى من قيمته الحقيقية بما ينعكس سلباً على سعر المنتج المصري في السوق العالمي من منظور المستهلك الاجنبي ومن أبرز هذه السياسات ايضاً الارتفاع المبالغ فيه لسعر الفائدة والقصور الحكومي الواضح في برنامج رد الاعباء التصديرية او ما يطلق عليه بداخل الاوساط الحكومية دعم الصادرات فما يحصل عليه المصدر من دعم يمثل 1.5% فقط من اجمالي القيمة التصديرية التي يتقاضي بموجبها هذا الدعم وهذا يمثل نسبة منخفضة للغاية من نسبة الدعم التي يحصل عليها التاجر الاجنبي في السوق العالمي من دولته كما ان الدولة لا تزال تنتج بسياسة متخبطة ولا توفر قاعدة البيانات اللازمة لتوجيه الصانع المحلي لانتاج منتج حقيقي تتوافر فيه المواصفات التي تحوز تفضيلات المستهلك بالسوق العالمي مما يحقق التنسيق بين النظام الانتاجي المحلي وتوجهات السوق العالمي. وهل تغيرت هذه السياسات ولو نسبياً بعد انتخاب الدكتور محمد مرسي رئيساً؟ لم ألاحظ أي تغير حقيقي او جوهري بالسياسات الاقتصادية للدولة بعد انتخاب رئيس الجمهورية الجديد مع الاشارة الي ان هذه الخطوة تعتبر خطوة جيدة ان يكون لسلطات الدولة رأس يمثلها ولكن لم تعلن حكومة الدكتور مرسي عن توجهها الاقتصادي رأسمالياً كان ام اشتراكياً او مختلطاً او سياساتها المقترحة لرفع مستوى العدل الاجتماعي في توزيع ثمار التنمية المنشودة او معالجة العجز في الموازنة العامة للدولة علي المدى البعيد او حتي الاستراتيجية العامة للتصنيع والتصدير وربط مخرجات النظام الانتاجي بتفضيلات الطلب بالسوقين المحلي والعالمي ولكن علينا ان نشيد بالتطور الملحوظ في الصادرات المصرية علي مدار السنوات القليلة الماضية مع التأكيد علي امتلاك الاقتصاد القومي المصري لمقومات حقيقية قد تدفع لتحقيق معدلات اكبر لنمو الصادرات غير البترولية في المستقبل القريب في ظل تدني مستويات الفساد في الجهاز الاداري للدولة بقيام ثورة 25 يناير. وماذا تقترح لإصلاح منظومة التجارة الخارجية المصرية وإعطاء دفعة لصادراتها؟ اقترح ان تقوم الدولة عاجلاً وليس آجلاً بتحرير سعر صرف الجنيه المصري وتركه يقوم بقيمته الحقيقية التي يستحقها بالسوق العالمي مما يحفز المستهلك الاجنبي على شراء السلع المصرية وتعلن الدولة خطة تمثل توجها صناعيا عاما يهدف لتوفير مقومات تدعم تنافسية المنتج المصري بالسوق العالمي وتجتذب إليها مزيدا من الشركات العالمية العملاقة التي تنتج عند مستويات عالية من التكنولوجيا، و تتوسع كذلك في عقد الاتفاقيات التجارية مع اقطاب السوق العالمي بما يساعد في عملية انسياب المنتجات المصرية الي اسواقها كما اقترح دفع معدلات الفائدة السائدة للانخفاض عن طريق السياسة النقدية وكذلك التوسع في برنامج رد الاعباء ورفع القيمة السنوية التي ترصدها الحكومة لدعم الصادرات في موازنة الدولة للحفاظ علي تنافسية المنتج المحلي بالسوق العالمي مع وجوب الاشارة بأن التوسع في دعم الصادرات المصرية اصبح أمراً ملزماً للحكومة للحفاظ على مستوى صادراتها الصناعية وسط تضخم هذه المساندة التصديرية في كثير من دول العالم التي تنافسنا ا في السوق العالمي فعلى سبيل المثال تمنح الولاياتالمتحدةالامريكية مساندة تصديرية بنسبة تصل الى 24.2% من اجمالي القيمة التصديرية في الوقت الذي تمنح فيه الصين مساندة تصل الى 16.3% من اجمالي صادراتها وتمنح الهند 5% من اجمالي الصادرات في حين دوران معدل المساندة التصديرية المصرية كنسبة من اجمالي الصادرات حول 1.5% وهو ما يمثل ظلما بينا للمصدر المصري في السوق العالمية خاصة مع ارتفاع تكلفة عوامل الانتاج في مصر نسبياً بما ينعكس ايضاً علي تنافسية صادراتها. ألا ترى ان الوضع المالي الحالي للدولة لن يمكنها من التوسع في المساندة التصديرية؟ لا نخفي ان الزيادة المستمرة في عجز الموازنة يمثل مؤشراً خطيراً من خلال انعكاساتها على الدين المحلي والخارجي واعبائهما المتزايدة بما يحجم قدرات الدولة علي مساندة المصدرين ولكني لا اطالب الدولة بمنافسة الولاياتالمتحدة او الصين في المساندة التي تمنحها للمصدرين ولكني اطالبها بتحريكها بزيادة تدريجية مع وجوب الاشارة الي ان هناك دراسات اعدها المجلس التصديري للملابس الجاهزة تؤكد ان كل جنيه تنفقه الدولة علي المساندة التصديرية تسترد امامه 6 جنيهات بشكل غير مباشر من خلال مساهمة هذه المساندة في زيادة الانتاج المحلي الموجه للتصدير وما يصاحب ذلك من ارتفاع في مستويات التوظيف وسداد تأمينات اجتماعية وخلافه وهذا يعني ان الدولة لن تخسر بتوسيع مساندتها للمصدرين. في ظل الأزمة العالمية ومشاكل منطقة اليورو ..هل تتوقع تغيراً في خريطة الحلفاء التجاريين لمصر على المدى القصير؟ لا أتوقع مطلقاً حدوث أي تغيرات في الحلفاء التجاريين لمصر على المدى القصير ولكني اعتقد بثبات الاتحاد الاوروبي والولاياتالمتحدةالامريكية الحليفين الاقتصاديين المهمين لمصر مستقبلاً وذلك لكونهما الكتل العالمية الأكثر استيراداً ومن ثم فاسواقهما تمثل الاسواق المتسعة القادرة علي استيعاب الزيادة المستقبلية المخططة لصادراتنا كما انني ارشح السوق الافريقية لبحث زيادة الصادرات المصرية إليه خاصة من الأدوية والأجهزة المنزلية كما ارشح السوق العربي واسواق دول جنوب شرق اسيا لاستقبال مزيد من الصادرات المصرية مستقبلاً حال شروع الحكومة في بناء علاقات اقتصادية قوية معها. وكيف ترى امكانية توقيع اتفاقية تجارة حرة مع الولاياتالمتحدة مستقبلاً ومراجعة الكويز؟ أجد ان بروتوكول الكويز حمل لمصر مقومات كبيرة في تنمية صادراتها للولايات المتحدةالامريكية خاصة من الملابس الجاهزة خلال الفترة السابقة والحديث عن مراجعته الآن بتخفيض نسبة المكون الاسرائيلي من 10.5% الي 8.5% قد لا يفيد بشكل جوهري ولكني اطالب الحكومة المصرية ببذل مزيد من الجهد لتوقيع اتفاقية تجارة حرة مع الولاياتالمتحدة خلال الفترة المقبلة خاصة مع قيام الثورة المصرية واهتمام الحكومة بحقوق العمال وكفالة حقوق الانسان بشكل عام للمواطن المصري وهي النقاط التي مثلت مواطن اختلاف جوهرية في المفاوضات المصرية الامريكية بشأن توقيع هذه الاتفاقية على مدار سنوات ماضية وكان التعنت فيها للجانب المصري. وهل بحث المجلس التصديري للملابس تعويض انخفاض الطلب الاوروبي والامريكي على الانتاج المصري بفتح اسواق بديلة؟ بحثنا بالفعل فتح اسواق جديدة في الدول العربية وتركيا ودول الشرق الاوروبي مثل رومانيا وبولندا وبلغاريا لتعويض نسبة الفاقد في الطلب العالمي علي الملابس الجاهزة المصرية بانخفاض الطلب الاوروبي والامريكي نتيجة الأزمات التي تعاني منها اقتصاديات هذه الدول ولكني اعتقد ان اي من هذه الاسواق او غيرها لن يستطيع تعويض الانخفاض في طلب اوروبا وامريكا نظراً لانهما يعدان من الدول الاكثر استهلاكاً في العالم للملابس الجاهزة فقد اثبتت بعض الدراسات ان الولاياتالمتحدة واليابان ودول الاتحاد الاوروبي تستقبل نحو 80% تقريباً من واردات السوق العالمي من الملابس الجاهزة وهو ما يعكس بوضوح اهمية اسواق هذه الدول بالنسبة للمنتجات المصرية.