يفتح البرلمان المصري، اليوم الأحد، النار على وزارة البترول، وعدد من الشركات العاملة بالقطاع، بعد أكثر من استجواب حول التجاوزات بالوزارة، وشبهات وجود فساد إداري داخلها، بما أدى لورود جملة من الاستجوابات حول ما أطلق عليه "إهدار المال العام في هيئات البترول"، والتي من المقرر أن يتم مناقشتها خلال ساعات قليلة بحضور عبدالله غراب، وزير البترول. اتهم أعضاء اللجنة عددا من شركات البترول بتعيين مجموعة من المستشارين برواتب خيالية، ترهق الموازنة العامة، فضلا عن قيام روؤساء مجالس إدارة عدد من الشركات بتعيين ذويهم وأقاربهم وزوجاتهم في مناصب قيادية بتلك الشركات، بما أحدث جدلا موسعًا داخل اللجنة، تم شن هجومًا عنيفًا على إثره على السيد وزير البترول. وقال النائب رأفت العدوي، عضو مجلس الشعب، إن هناك عددا من القضايا ضد شركات بترول بعينها على مائدة عبدالمجيد محمود، النائب العام، والتي ما إن ثبت تورطها في الاتهامات بالفساد المالي والاداري، فإن اللجنة سوف تكشف فورًا عن أسمها، وسوف تتخذ الاجراءات اللازمة ضدها على الفور، تعظيمًا لمصلحة الوطن. وأكد على أن وزارة البترول متخمة بالفساد، الذي تقوم لجنة الصناعة والطاقة بالبرلمان بتتبعه من آن لآخر، لإصلاح تلك المنظومة بشكل عام، بما يعود في الأخير في صالح الوطن. وبدأت أولى حلقات الصراع الدائر بين البرلمان ووزارة البترول عندما دعا أعضاء لجنة الصناعة بالبرلمان عبدالله غراب، وزير البترول، لحضور واحدة من اجتماعاتها لمناقشة عدد من التجاوزات بالوزارة، ومنها أنه قام بتعيين مستشار شخصي له براتب شهري يبلغ 15 ألف جنيه مصري. وفي السياق ذاته، فإن البرلمان وجه انتقادات متعددة لوزير البترول بشأن مشكلة العمالة المؤقته، إذ تم مطالبة وزير البترول بتوفيق أوضاع كافة العاملين، بعد جملة الاعتصامات والاحتجاجات التي قاموا بها مؤخرًا، ليعد الوزير بذلك، طالبًا مهلة رسميه لحل الأزمة، بعد أن تم تثبيت نحو 42 ألف عامل عقب الثورة. وكان قد أثير منذ أسابيع قليلة إشكالية عن قيام السيد عسكر، عضو البرلمان المصري عن حزب الحرية والعدالة، بتقديم (توصية) لوزير البترول بشأن تعيين نجله بالوزارة، وهو الأمر الذي أربك حسابات الإخوان المسلمين، وندد به منافسيها، لتقوم على الفور بنفيه رسميًا، مؤكدين أن المستند مرسل من أحمد الوتيدي، وكيل أول وكيل وزارة البترول، إلي المهندس محمد مجدي توفيق، رئيس مجلس إدارة شركة جاسكو، لإعادة تعيين أسامة عسكر، نجل النائب السيد عسكر، الذي فصله جهاز أمن الدولة من عمله بسبب انتماء والده للإخوان خلال عهد النظام السابق. أزمة البنزين وفيما اعتبره البعض دلالة على ضعفها، خاصة أنصار حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، الذين يرغبون في إسقاطها، راحت حكومة د.كمال الجنزوري تتحسس كافة الطرق لحل أزمة البنزين التي اشتعلت بالقاهرة وعدد من محافظات مصر خلال الفترة الأخيرة، إلا أنها في الوقت ذاته راحت تلقي بالمسئولية الكاملة على عاتق "فلول الحزب الوطني المنحل"، وتتهمهم بالتسبب في تلك الأزمة. خرج د.جودة عبدالخالق، وزير التضامن الاجتماعي، بتصريحات جريئة وقوية يتهم فيها أنصار الحزب الوطني المنحل بالتسبب في أزمة البنزين، مطالبًا المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يدير شئون البلاد خلال المرحلة الانتقالية الحالية بإيجاد عدة حلول لهذه الأزمة المتكررة، وتفويقت الفرصة على المتآمرين، ومن ضمن تلك الحلول أن يقوم بتغليظ العقوبة على من يقوم بالإخلال والتلاعب في منظومة توزيع وتداول المواد البترولية. أكد في تصريحاته عن الأزمة المثارة حاليًا أن الانتاج لا يكفي معدلات الاستهلاك المحلية المتنامية بصورة كبيرة، معتبرًا أن سبب المشكلة في الأساس هو قيام فلول الحزب الوطني بتهريب البنزين للداخل والخارج.. يأتي هذا في الوقت الذي ثارت فيه شائعات بالشارع المصري عن قيام عدد من شركات البترول المصرية بتهريب حصص كبيرة من البترول لشركات حسين سالم، متهمين رجل الأعمال مجدي راسخ بتسهيل عملية تهريبها، وهي الشائعات التي أكدها عبدالخالق، الجمعة، عندما أتهم شركات راسخ، صهر علاء مبارك، بإثارة تلك الأزمة. اتخذ عدد من نواب البرلمان المصري، وعدد من السياسيين موقف الحكومة الذي وصفوه ب "الضعيف" في معالجة هذه الأزمة المتكررة بالشارع المصري، للتنديد بها، والمطالبة بإسقاطها، خاصة بعد أن فسد شهر العسل بينها وبين الإخوان المسلمين، وقام البرلمان بسحب الثقة منها، والمطالبة بتشكيل حكومة ائتلاف وطني جديدة، يشكلها حزب الحرية والعدالة. قام كل من الطرفين ب "تسيس" الأزمة، فالحكومة تلقي الاتهامات تباعا على فلول الحزب الوطني المنحل كي تحفظ ماء الوجه وتخبئ ضعفها في معالجة عدد من القضايا، والاخوان، صاحبة أكبر تواجد أسفل قبة البرلمان تتخذ هذا الضعف لتندد به، كمحاولة للضغط على الجنزوري لتقديم استقالته فورًا. ومن ناحية أخرى، أكدت مصادر برلمانية مطلعة ل "أموال الغد" على أن المجلس لن يطلب مجددًا إسقاط حكومة د.كمال الجنزوري، وأنه ارتضى باستمرار تلك الحكومة في موقعها حتى إنتهاء المرحلة الانتقالية، خاصة في ظل قيام حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين بطرح مرشح عنها لخوض الانتخابات الرئاسية، رًا على رفض المجلس العسكري سقاط حكومة الجنزوري، بما اعتبره الاخوان تهديدًا لمكتسبات الثورة.