أكد عدد كبير من الخبراء والمسئولون بقطاع صناعة الأدوية ، أن السبيل الوحيد لتوفير أدوية ذات جودة عالية وبكميات كبيرة هو أن توافق الدولة على إعادة تحريك أسعار الأدوية بما يتناسب مع الإرتفاعات المتتالية لعناصر تكلفة الأدوية . وأشاروا إلى أن أزمة صناعة الدواء الحالية تسببت في توقف عدد كبير من مصانع الأدوية ، بما قد ينذر بحدوث أزمة نقص جديدة في الأدوية خلال الفترة المقبلة ،لافتين إلى أن 90% من المنتجات الدوائية في مصر لم يتم تحريك سعرها منذ أكثر من 10 سنوات . وطالب الخبراء بضرورة وضع استيراتيجية محددة لتطوير صناعة الدواء خلال الفترة المقبلة ، وذلك من خلال حل المشاكل التي تواجهها ولعل أبرزها إعادة تسعير الأدوية ، و تخفيض مدة تسجيلها. د. مجدي علبه رئيس غرفه صناعه الدواء باتحاد الصناعات ، أكد أن إجمالي خسائر شركات الأدوية بقطاع الأعمال تقدر بنحو 128 مليون جنيه خلال العام الماضي 2013 ، بسبب أزمة تسعير الأدوية . وأشار إلى عدم قدرة الصناع على تحمل استمرارا تثبيت الأسعار وتخفيضها في ظل الزيادة المستمرة لكافة عناصر التكلفة بمايشكل عبئا كبيرا يهدد مستقبل تلك الصناعة الحيوية ، لافتا إلى أن كافة المحاولات لتعديل اسعار الأدوية بما يتناسب مع المتغيرات الحالية باءت بالفشل في ظل إصرار الحكومات المتاولية على أن يبقى الوضع كما هو عليه حاليا . وأوضح أن وجود قطاع صناعة الدواء تحت مظلة وزاره الصحه والسكان يعتبر أكبر مشكلة خاصة في ظل طبيعة نشاط الوزارة الخدمي ، في حين أن صناعة الدواء تعد نشاطاً استثمارياً ، بما يحتم ضرورة فصل القطاع عن وزارة الصحة خلال الفترة المقبلة . واشار إلى غياب الرؤية والإستراتيجية الواضحة لصناعة الدواء بمصر سواء بالتسعير أو التسويق، مطالباً بإصدار قوانين وتشريعات جديدة لتغليظ عقوبة غش الدواء والعمل على إنشاء الهيئة العليا للدواء لتشجيع المستثمر المصري والأجنبي وإيقاف نزيف تلك الشركات. وأكد د. مكرم مهنا رئيس غرفه صناعة الدواء السابق ، أن شركات الأدوية الوطنية لن تستطيع الصمود طويلا في مواجهة الزيادات المتتالية في أسعار كافة أنواع عناصر المنتجات . وأشار إلى أن أزمة تسعير الأدوية الحالية تسببت في أن 30% من الأدوية المحلية التي يتم تداولها بالأسواق ، تباع بأقل من قيمتها الحقيقية بما عرض الشركات لخسائر كبيرة . وطالب مهنا وزارة الصحة والحكومة ، بإلقاء نظرة عادلة علي قطاع الدواء ومراعاة مصحله كافة أطراف المنظومة الصحية ، وكذلك سرعة اتخاذ قرار إعادة تسعير الأدوية، إضافة إلي ضرور تخفيض مده تسجيل الأدوية . وأكد د. اسامة رستم عضو غرفه صناعة الدواء باتحاد الصناعات ، أن الفترة الأخيرة شهدت زيادة تكلفة إنتاج الأدوية بمعدل 5 أضعاف القيمة المتبعة حاليا ، مرجعا أسباب ذلك إلى التغيرات المستمرة في سعر صرف الدولار ، وزيادة فاتورة إستيراد المواد الخام المستخدمة في صناعة الأدوية . وحذر من تمادي الحكومة في تجاهل تلك المشكلة ، خاصة وأنه تم رصد إتجاه عدد من المصانع لتعطيل خطوط الإنتاج للأدوية ذات التكلفة المرتفعة ، بما قد يتسبب في إختفاء تلك الأنواع من الأسواق وحدوث أزمة كبيرة . ولفت رستم إلي وجود أكثر من سيناريو لتحريك اسعار الأدوية خلال الفترة المقبلة ، منوها ان السيناريو الأول يتضمن وضع حد أدنى لأسعار الأدوية بما يخفف من حدة الخسائر التي تتعرض لها الشركات ، إضافة إلى تحريك اسعار بعض المستحضرات بنسبة 25% بحيث يتم رفعها لتوازي زيادة التكلفة بما يمثل 50% من اجمالي السعر الحقيقي . وأضاف ان السيناريو الآخر يتعلق بالتعديل علي مراحل بشكل تدريجي ، بحيث يتم اختيار 10% من منتجات الشركات التي تتعرض للخسائر بسبب التسعير ، بحيث يتم رفعها بنسبة 5% سنويا بما يؤدي الي تعديل 50% من اسعار منتجات تلك الشركات لتساعدها علي الاستمرار في الانتاج ومواجهة التكلفة المتزايدة. وأوضح رستم ضرورة أن تطلق الدولة مظلة التأمين الصحي الشامل لضمان توفير حق الدواء الجيد بسعر مناسب ، وكذلك لتطوير الشركات وأن تتجه مؤشراتها نحو الصعود والربح . واشار إلى أن السوق يواجه حاليا اختفاء عدد كبير من الأدوية رخيصة الثمن خاصة ادوية الملينات والسعال والقطرات ، لافتا إلى وجود تضارب في الإحصائيات الرسمية لوزارة الصحة أو نقابة الصيادلة حول حجم العجز الحالي . وطالب رستم بتغليظ العقوبات علي مرتكبي الغش الدوائي خاصة وأنهم قد يتسببون في وفاة المرضي الذين يستخدمونها، مشيرا الي تنامي صناعة أدوية بير السلم في ظل زيادة أرباحها واستخدامهم أدوية منتهية الصلاحية .