قال مصدر حكومى مطلع أن الحكومة تسعى خلال الفترة المقبلة لاتخاذ عدة خطوات تعمل على علاج الاختلالات المالية بقطاع البترول وتحويل الهيئة العامة للبترول إلى هيئة تحقق أرباحًا تمكنها من الإنفاق على أنشطتها الجارية وسداد مستحقات الشركات الأجنبية بدلًا من الاعتماد على الاقتراض. ومنذ 30 يونيو 2013 انخفض اعتماد الهيئة على الاقتراض لاستيراد المواد البترولية نتيجة المساعدات التى تلقتها من الدول الخليجية والتى بلغت 3,9 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2013، وانعكس ذلك على التعامل بين الهيئة والبنك الأهلى الذى يعد أكبر البنوك المحلية المقرضة للهيئة حيث أصدر اعتمادات مستندية لاستيراد الموارد البترولية بقيمة 2,3 مليار دولار فقط خلال 13/2014 مقابل 7,7 مليار دولار خلال 12/2013. ولفت المصدر إلى أن الخطة التى وضعتها الحكومة تتضمن إعادة هيكلة قطاع البترول من خلال وضع برنامج زمنى لفض التشابكات المالية بين الجهات الحكومية وإلزام الجهات المدينة للهيئة العامة للبترول بسداد المتأخرات عليها وفقًا للجدول الزمنى المحدد وبالاستناد إلى قرار يصدره مجلس الوزراء. كما أشار إلى أن الحكومة تدرس مراجعة استثمارات الهيئة العامة للبترول فى الشركات المشتركة بحيث يتم استخدام تلك الاستثمارات فى إعادة الهيكلة المالية لميزانية الهيئة، وللعمل على سداد ديون الشركات الأجنبية والتى تصل إلى نحو 6 مليارات دولار، موضحًا أنه من الممكن أن يتم سداد جزء من المديوينية الأجنبية من خلال التصرف فى بعض أصولها لتقليل تكلفة الاقتراض. وكان المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، قد صرح بأن هناك أولوية حاليًا لسداد متأخرات شركات البترول، مشيرًا إلى وجود تكليفات من الرئيس عبدالفتاح السيسى فى شتى النواحى الاقتصادية، وأن الحكومة تعمل على تنفيذها لخلق مناخ جاذب للاستثمار، وتوفير السلع الاستراتيجية الأساسية للمواطنين. وتبحث حاليًا الهيئة العامة للبترول سبل سداد مستحقات الشركات الأجانب، من خلال الاقتراض من البنوك المحلية حيث يقوم البنك الأهلى بتدبير قرض بقيمة مليار ونصف المليار دولار لصالح الهيئة لسداد مستحقات الشركاء الأجانب ويخاطب بنوك محلية وأجنبية مثل سيتى بنك وجي بى مورجان، كما تعتبر الهيئة من أكبر العملاء المقترضين من البنوك المحلية حتى أن بعض البنوك طلبت من وزارة المالية خلال العام الماضى ضمانة أى قروض لهيئة البترول بعد تجاوزها الحدود الائتمانية للعميل الواحد. وأوضح المصدر أنه من ضمن خطة إعادة الهيكلة النظر فى إمكانية إجراء تعديلات على اتفاقيات البحث والتنقيب مع الشركات الأجنبية بما يؤدى لقيام تلك الشركات بدفع الضرائب المستحقة على أرباحها، بدلًا من الوضع الحالى الذى يفرض على الهيئة تحمل تلك الضرائب ويؤثر على ميزانيتها المالية. وأضاف أن الحكومة تعتزم تفعيل برنامج وزارة البيئة لتحويل المركبات الحكومية من استخدام البنزين والسولار وتحسين كفاءة وسائل المواصلات العامة لتخفيض استخدام الطاقة. فى هذا السياق قال الدكتور إبراهيم زهران، الخبير البترولي، أن بيع أصول هيئة البترول لسداد مستحقات الشركاء الأجانب سيضر بمستقبل قطاع البترول والطاقة في مصر، إلى جانب ضعف قدرته على تنفيذ استراتيجياته الهادفة إلى التوسع في عمليات التنقيب عن البترول والغاز الطبيعي من خلال جذب الاستثمارات الخارجية. وأضاف زهران أن بيع أصول هيئة البترول لابد أن يكون بعد موافقة مجلس الشعب على ذلك، لأنها ملكًا للشعب وليس لوزير البترول أو مسؤل اتخذ قرار بيع الأصول، موضحًا أن عملية بيع الأصول بدأ في عام 2005 في عهد حكومة المهندس سامح فهمي. وأشار زهران إلى ان أزمة بيع الأصول بدأت مع عملية بيع الغاز المصري إلى إسرائيل بأسعار زهيدة لا تتوافق مع السعر العالمي واستيراد منتجات بترولية بأسعار مضاعفة، مما تسبب في تزايد عجز ميزانية قطاع البترول، واتجاه فهمي إلى بيع جزء من الأصول لسد العجز. وطالب زهران بضرورة إعادة دراسة أسباب الديون المستحقة على الهيئة لشركات البترول العالمية وبحث سبل سداد تلك المديونيات بعيدًا عن بيع الأصول التي تضعف من فرص النهوض بقطاع البترول. على صعيد آخر أكد المهندس خالد عبد البديع، رئيس الشركة القابضة للغازات الطبيعية إيجاس، أن سداد مديونيات قطاع البترول لدى القطاعات والوزارت المختلفة يساهم بشكل كبير في تعظيم القدرة على تسديد مستحقات الشركاء الإجانب، إضافة إلى القدرة على الدخول في العديد من المشروعات الاستثمارية بما يعزز زيادة معدلات الانتاج من البترول والغاز الطبيعي، إلى جانب استيراد كميات من الغاز الطبيعي من الخارج لسداد إحتياجات السوق الداخلي. وأضاف عبد البديع أن مديونيات قطاع البترول لدى الكهرباء والتي تصل إلى 54 مليار جنيه تؤثر على قدرة الشركة القابضة "إيجاس" في تدبير إحتياجات محطات توليد الكهرباء من الغاز الطبيعي، وذلك في ظل الطلبات المستمرة لرفع معدلات ضخ الغاز الطبيعي، موضحًا أن قطاع البترول في إحتياج إلى مستحقاته للدخول في مشروعات استثمارية لرفع معدلات الإنتاج من الزيت الخام والغاز الطبيعي. من جانبه أكد الدكتور نبيه سمري، رئيس شعبة الصناعات المغذية للسيارات باتحاد الغرف الصناعية، أن الفترة المقبلة ستشهد تحول كبير في تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي بدلا من السولار والبنرين خاصة بعد قرار وزارة البترول برفع الدعم عن السيارات. وأضاف السمري أن عملية تحويل السيارات للعمل بالغاز ستوفر جزء كبير من مخصصات الموازنة العامة للدولة الموجهة لاستيراد كميات البنزين اللازمة للسيارات، لافتًا إلى أن سعر الغاز الطبيعي الخاص بالسيارات يعد أرخص من المواد البترولية الأخرى، إضافة إلى سهولة الحصول على الغاز من محطات الوقود، حيث أنه متوافر بكميات كبيرة داخل المحطات.