خبراء : مخططات الحكومة ترفع القدرة الإنتاجية للزراعة ..وتدعم نمو الاقتصاد الكلى بمؤشرات غير مسبوقة عبد العزيز طنطاوي : الزراعة تحتضن 30% من العمالة المصرية .. وفشل الحكومة في مواجهة مشكلاتها يحجم نمو القطاع نادر نور : مشكلات القطاع الزراعي تؤثر مباشرة في إرتفاع أسعار المواد الغذائية .. والانتاج الحيواني يساهم في الناتج ب 4% حمدي الصوالحي : أزمة الري والسد الإثيوبي تعرقل الخطط الزراعية .. وعلي الحكومة إتخاذ قرارات عاجلة إنتاج الغذاء ، توفير مدخلات النظام الصناعي ، تهيئة المناخ لنمو الثروة الحيوانية .. مهام رئيسية للقطاع الزراعي في أي إقتصاد بما يؤشر للأهمية الكبري لهذا القطاع الإقتصادي الهام وسط مختلف القطاعات. لذا تعقد كل الحكومات الأمل علي هذا القطاع الإستراتيجي في دعم الأمن الغذائي بها وتنشيط باقي القطاعات الأخري التي تتمتع بدرجة عالية من التشابك القطاعي مع الزراعة. ولكن الوضع في مصر يؤشر لغير ذلك نتيجة لتراجع الدعم الحكومي لهذا القطاع والحالة العامة من اللامبالاة التي تغلب علي نظرة الحكومة لمختلف المشكلات التي تتعلق بمستوي آداء هذا القطاع وفي مقدمتها مشاكل الري التي جاء في مقدمتها "أزمة السد الإثيوبي" الذي ارجأت الحكومة الحديث عنه حالياً وكأنها تمتلك مصادر بديلة لتوفير المياه التي تعد عماد هذا القطاع الإنتاجي الهام إتفق العديد من خبراء الإقتصاد على تواجد الكثير من الأزمات التى تعوق إنطلاقة القطاع الزراعى والنهوض بمنظومة الإنتاج المستهدفة خلال الأعوام المقبلة ، مؤكدين على أن معوقات القطاع لن تحول دون إرتفاع مساهماته الإجمالى المحلى. وأشاروا إلى أن استراتيجية التنمية الزراعية فى مصر تستهدف الوصول إلى 4% من معدلات النمو المستهدفة فى القطاع ومن المتوقع أن ترتفع نسبة مساهمة الإنتاج الزراعى بالناتج المحلى الى 15.5% خلال العام المقبل بعد ان كانت 14.8% خلال الاعوام الماضية فى إطار تفعيل العديد من الأطر الجادة والتى تستهدف مضاعفة إنتاج الحاصلات الزراعية والحد من أزمات الرى بإعتباره الركيزة الأولى لدعم تطوير الإنتاج الزراعى وتوسعة الرقعة الزراعية المستهدفة . من جانبه أكد الدكتور عبد العزيز طنطاوى رئيس مركز بحوث الزراعة أن القطاع الزراعى يعد من ابرز القطاعات التى تساهم فى نمو الناتج المحلى بالدولة على الرغم من كونها مُحاطة بترسانة من المشكلات التى تفشل الحكومات عادة على إيجاد الحلول المناسبة لها ، مشيرًا إلى أن قطاع الزراعة يضم نحو 30% من إجمالى قوة العمالة على مستوى الدولة، كما يساهم بنحو 14 % من إجمالى هيكل الإنتاج المحلى بالإضافة الى مساهمته فى حجم الصادرات المصرية ، متوقعًا إرتفاع حجم مساهمة القطاع بالناتج القومى خلال العام الجاري لتقترب من نسبة 15% مدعومًا بإستقرار الأوضاع السياسية وتعافى أوضاع الإقتصاد ، فضلًا عن مخططات التنمية الزراعية المستهدفة خلال الأعوام الثلاثة المقبلة . أضاف أن مخططات الحكومة الحالية لتطوير القطاع الزراعى والحيوانى تشير إلى إستهداف الدولة لرفع حجم الإستثمارات الزراعية بما يتجاوز نسبة 70% مع الإتجاه إلى تنمية قطاع الرى بإعتباره المورد الرئيسى لنمو القطاع الزراعى وتطوره ، موضحا ً أن تنمية القطاع الزراعى يعد ضرورة أولية لتحقيق الأمن الغذائى القومى والمحافظة على أبرز القطاعات الداعمة لنمو الإقتصاد المصرى خلال الفترة المقبلة . أشار إلى أن محدودية الرقعة الزراعية تعد من أهم التحديات التى تعوق تطوير القطاع حيث تمثل الرقعة الزراعية بمصر نحو 3.5% من جملة مساحة الأراضى المخصصة للزراعة فضلًا عن إستمرار عمليات التجريف المتعمد للتربة الزراعية وإستخدامها فى البناء بما يحد من مخططات الدولة لتنمية القطاع وزيادة مساحة الرقعة الزراعية ، مضيفًا أن برامج الإستصلاح الزراعى التى تقوم عليها الحكومة الحالية تستهدف إستصلاح نحو 700 ألف فدان بالمدن المختلفة . ولفت إلى قدرة القطاع الزراعى على تحقيق إستقرار وتوازن نسبى على مستوى الإنتاج والتصدير خلال الفترة الماضية حيث حققت الزراعة معدلات زيادة إنتاجية فى العديد من الحاصلات الزراعية وإحتلت مراكز متقدمة على مستوى العالم فى عدد من المحاصيل يأتى فى أبرزها محاصيل قصب السكر والأرز والفول السودانى والسمسم بالإضافة إلى الذرة الرفيعة والقمح . وأوضح الدكتور نادر نور الدين أستاذ الزراعة جامعة القاهرة أن منظومة الإنتاج الحيوانى تعانى بعض المشكلات من بينها تهميش دور القطاع الحيوانى وضعف تنظيم آليات النهوض به ، حيث يرتبط فى مصر الإنتاج الحيوانى بالإنتاج النباتى لعدم وجود المراعى الطبيعية كما يساهم فى تحريك قطاع الإنتاج الحيوانى صغار المزارعين الذين يقومون بهذا النشاط ، موضحا ً أن السنوات الخمس الماضية شهدت نموًا واسعًا فى الإنتاج الحيوانى حيث إرتفعت إستثمارات صناعة الدواجن فى مصر لتضم ما يقرب من 2 مليون عامل بالإضافة إلى 60 ألف مزرعة على مستوى الجمهورية الأمر الذى ساهم فى رفع مساهمة القطاع بالإنتاج المحلى لتتجاوز نسبة 4% بالإشتراك مع الإنتاج الزراعى ، إلا أن ظهور أزمة إنفلوزنزا الطيور ، وإستمرار أزمات إنقطاع اليتار الكهربى فضلا ً عن نقص إمداد المزارع الحيوانية بالغاز الطبيعى اللازم لعمليات الإنتاج ساهم فى تخفيض القدرة الإنتاجية للقطاع . ولفت إلى أن أزمات القطاع الزراعى ألقت على الدولة الكثير من التحديات من بينها إرتفاع أسعار المواد الغذائية وهو ما تم رصده من جانب الكثير من تقارير البنك الدولى التى حذرت مصر من إرتفاع اسعار الغذاء بسبب هجرة المزارعين للأراضى وضعف إنتاج حاصلات الحبوب الأمر الذى إعتبرته مصر جرس إنذار لإعادة النظر فى مخططات تنمية الرقعة الزراعية والإهتمام بطرق سبل جديدة لحماية الأمن الغذائى . أوضح أن إرتفاع أسعار السلع الغذائية تأثر كثيرًا بالإرتفاع العالمى فى فى أسعار السلع والمدخلات الزراعية خاصة وأن مصر تعتمد على استيراد 40% من المواد الغذائية بها ، وذلك بالإضافة إلى محدودية مصادر المياه وعدم كفاءة استخدامها وتفتت الأفدنة الزراعية بالإضافة إلى نقص البيانات والمعلومات الدقيقة لدى الحكومة والتى تمكنها من وضع مخططات سليمة للتنمية الزراعية ، مشيرًا إلى أن مخططات الحكومة لتوسيع رقعة الانتاج الزراعى غالبا ما تتجاهل التركيز على المحاصيل التنافسية والتى تساهم فى سد عجز الاستهلاك المحلى ومساعدة الدولة على التصدير للخارج . وقال الدكتور جودة عبد الخالق استاذ الإقتصاد بجامعة القاهرة أن مخططات التنمية الزراعية الحالية تقوم بالإساس على توسيع حجم الاستثمارات بالقطاع وتعزيز المشاركة مع العديد من الدول من خلال توقيع اتفاقيات التعاون الدولية مع الدول ذات المصالح المشتركة بمصر ، بالإضافة إلى مخططات إقامة العديد من المشروعات المشتركة بين مصر والسودان حيث تستهدف الحكومة إقامة مشروع مشترك مع السودان من اجل زراعة 2 مليون فدان على الحدود باستثمارات مشتركة لتأمين الغذاء بين البلدين ، كما تستهدف مخططات تنمية الإنتاج الزراعى إستصلاح 3.4 مليون فدان من الأراضى الجديدة خلال الثلاثة سنوات المقبلة ، حيث تستهدف هذه المخططات إضافة 150 ألف فدان جديدة كل عام للرقعة الزراعية . وأكد أن الارتفاع المرتقب لمساهمة القطاع الزراعى بالانتاج المحلى ليقترب من 15% كما هو متوقعا وفقا لمخططات التنمية المدرجة بمخططات الحكومة ، تقوم على تعديل منظومة الانتاج والتسويق والتمويل الخاصة بالقطاع ، والعمل على الحد من مستلزمات الانتاج المختلفة من تقاوى وأسمدة ومبيدات ، بالإضافة إلى الاستفادة من التطورات التكنولوجية فى دعم آليات المنظومة الزراعية ، وتعزيز عمليات دعم المزارع الصغيرة وفقا لما تنص عليه بنود الدستور الجديد والتى تجبر الدولة بدعم وتمويل المزارع لتحسين جودة الإنتاج الزراعى . وأشار الدكتور حمدى الصوالحى، استاذ الإقتصاد الزراعى، إلى أن أزمات رى الراضى الزراعية من مياه النيل تحجم إنطلاقة نمو القطاع الزراعى بالاضافة الى ازمة بناء السد الأثيوبى وضعف قدرة الحكومة الحالية على إتخاذ قرارات حاسمة مع إثيوبيا لوقف عمليات بناء السد والتى تهدد مصر بالدخول فى منعطف خطير من مستويات الفقر المائى ، موضحا ً أن التشريعات البالية التى قام عليها النظام السابق فى دعم منظومة الزراعة اخلت بالقطاع بعد أن إتجهت لرفع يد الدولة عن دعم المنتج الزراعى وذلك بدعوى تحرير الزراعة فألغت الدعم عن مستلزمات الإنتاج ، كما ألغت نظام التسويق التعاونى للحاصلات الزراعية ورفعت أسعار الفائدة على القروض الزراعية . ولفت إلى أن معدلات النمو بالانتاج الزراعى لم تتجاوز 3.1 % سنويا مقارنة بمساهمة القطاعات الخاص فى نمو الناتج المحلى حيث سجلت مؤشرات العديد من الدراسات الخاصة بالاقتصاد الزراعى تواضع وقصور الاستثمارات والتمويل اللازم لمنظومة الانتاج الزراعى ، وذلك فى إطار إرتفاع الأزمات المحيطة بالإنتاج الزراعى ويأتى فى مقدمتها ضعف القدرة الإنتاجية للمياه التى تعد المورد الرئيس الداعم لمنظومة الانتاج الزراعى .