السياسات الخارجية.. منهج من الصعب تغييره بين ليلة وضحاها ،فغالبا ما تتخذ الدول عقودًا بنفس النهج والسياسة الخارجية المتبعة والتي تحدد الدول الحليفة والمحايدة والمعادية،وخلال الشهرين الماضيين تغيرت السياسة الخارجية لمصر رأسًا على عقب ليصبح أصدقاء الأمس هم معارضو اليوم ،ولعل أبرز تلك الدول تركيا وقطر واللتان تحول موقفهما تجاه مصر تحولا جذريا عقب عزل الرئيس محمد مرسي المنتمي الى جماعة الإخوان من الحكم ؛الأمر الذي أثار التساؤل حول توسعات البنوك الحكومية خارجيا خلال الفترة المقبلة . ولعل توسعات البنوك الحكومية اشتملت على عدد من البلدان التي توترت العلاقات الخارجية معها وفي مقدمتها تركيا التي استهدف بنك مصر افتتاح مكتب تمثيلي بها ،اضافة الى استحواذ بنك قطر الوطني مؤخرا علي البنك الاهلي سوستيه جنرال الذي اثار تساؤلات حول استكمال الجهاز المصرفي لتوسعاته الخارجية وسط توتر العلاقات الدولية وإمكانية تخارج بنك قطر من مصر وغيرها من بنوك البلدان المؤيدة لنظام المعزول . المصرفيون أكدوا أن التوسعات الخارجية يحكمها خطط متكاملة تتناول عدد من المعايير التي تعزز من فرص نجاح هذا التوسع لعل أهمها القيمة المضافة من التوسع التي ستعود على البنك ، فضلاً عن مدى ملائمة السوق المستهدف مع استراتيجيات المصرف الى جانب العلاقات التبادلية بين البلدين والمخاطر التي تتسم بها السوق الجديد ومدي قدرة البنك على استيعابها . بينما تباينوا فيما بينهم حول استمرارية البنوك الحكومية في التوسع بالدول التي شهدت توتر بالعلاقات في ظل تأكيد البعض أن هذا التوتر سيحول دون استكمال التوسعات بينما رأى البعض الآخر أن عالم الأعمال ينفصل عن التوجهات السياسية وبالتالي سيستمر الجهاز المصرفي في توسعاته الخارجية خاصة أنه تم الاعداد لها مسبقا في ظل أوضاع مختلفة عن المتواجدة على الساحة حاليا. قال عصام ابو حامد ، نائب رئيس بنك التعمير والإسكان إن التوسعات الخارجية للجهاز المصرفي أو اية مستثمر تحكمها معايير تتعلق بسياسة الدول الاخرى ومدى قدرتها علي جذب الاستثمارات الأجنبية التي من شأنها أن تدفع المستثمرين الى ضخ أموال في مشروعات داخلها . وأكد أن العلاقات الطيبة المتبادلة بين البلدين عامل من الضروري توافره لتفادي بعض المشكلات المحتملة مثلما حدث مع رجل الاعمال نجيب ساويرس بأحد استثماراته بشمال افريقيا عندما توترت العلاقات بين مصر والجزائر ،مما أثر على احدى استثماراته بها،مشددًا على ضرورة النظر الى المنافع العائدة على الدولة جراء هذا الاستثمار . وأوضح أن أوجه التعاون التي انتهجها بنك التعمير والاسكان مع الجانب الليبي مستمرة من خلال بروتوكول التعاون الذي وقعة البنك مع مصرف التجارة والتنمية لتعزيز كافة المجالات المصرفية والمشاريع الإسكانية والعقارية،لافتًا الى وجود عدد من الفرص الاستثمارية بدول اخرى تتسم بالربحية والنفع على الدولة، الامر الذي قد يعزز من تواجد البنك الخارجي خلال الفترة المقبلة . وشدد على ضرورة أن يتوافر بالتوسع الخارجي قيمة مضافة الى البنك ومكاسب استثمارية ، فضلا عن المنافع العامة التي تعود علي البلد اقتصادياً بشكل عام وتجارياً بشكل خاص نتيجة هذه التوسعات، منوهًا بأن كافة التوسعات الخارجية التي يتخذها أي بنك تقوم على دراسات وافية تشتمل علي عدد من المعايير والعناصر ومنها جاذبية السوق المستهدف والقيمة المضافة التي ستعود علي البنك من خلال هذا التوسع الي جانب القيمة المضافة التي سيسهم بها البنك في السوق. وأوضح أن التفكير في التوسع الخارجي والعوامل الجاذبة بالبلدان الاخري يجعلنا نتطرق الى توفير تلك العوامل بالسوق المصرية لضمان وجود استثمارات اجنبية خاصة اننا اذا نظرنا الي الاحصائيات والارقام نجد أن معدل العمل اليومي والانتاجية لا يتعدي 26 دقيقة/يوم للعامل الامر الذي يتطلب اعادة النظر في المنظومة لضمان زيادة الانتاجية بما يعود بالنفع علي الاقتصاد القومي. العلاقات التجارية تفتح الأبواب المصرفية يرى اسماعيل حسن ، رئيس بنك مصر ايران ومحافظ البنك المركزي الاسبق ، أن التوسعات الخارجية المصرفية المتمثلة في الحصول علي رخص لتدشين كيانات مصرفية او مكاتب تمثيلية او الاستحواذ على نسبة من أسهم مصارف قائمة بالفعل ببلدان اخرى يحكمها عاملان أساسيان هما تركز العمالة وحجم التبادل التجاري بين البلد الأم والسوق المستهدف التوسع به. وأكد حسن أن وجود تبادل تجاري بين البلدين يزيد من الطلب علي الخدمات المصرفية المختلفة الأمر الذي يدعم من خلق نشاط مصرفي علي البنوك التابعة للبلدين وهو ما يعزز من فرص النجاح الاستثمارية للتوسع المصرفي بها . وأضاف أن وجود حجم عمالة بالسوق المستهدف التوجه إليها يكون له أثر جيد على البنوك المصرية بالخارج خاصة التي تمتلك شبكة أفرع منتشرة بكافة انحاء الجمهورية يتأكد المغترب أن ارسال امواله عن طريقها تصل الى أهله دون مشقة. وشدد علي أن العلاقات السياسية المتبادلة بين البلدين تكون عاملا مؤثرا في التوسعات المصرفية بالخارج ، لافتا الى أن حساباتها تعتمد علي قياسات مختلفة خاصة أن تلك العلاقات تتغير مع مرور الوقت واحيانا في فترات زمنية قصيرة جدًا. ونوه محافظ البنك المركزي الأسبق بأن السوق الداخلية تتمتع بارتفاع حجم الطلب علي الخدمات المصرفية المختلفة خاصة مع التوسعات السكانية والعمرانية التي تشهدها الدولة ،الامر الذي يرتفع معه حجم الطلب علي الائتمان ، مما يعزز من فرص التوسع الداخلية ايضا . المساس بالحد من فكرة التوسع مستبعد من جانبه استعبد السيد القصير ، رئيس بنك التنمية الصناعية والعمال، تأثر التوسعات الخارجية المصرفية بالأحداث السياسية التى تشهدها البلاد والتى أسفرت عن توتر العلاقات مع عدد من الدول العربية والأوربية ، مؤكدا ان الاحداث الحالية تؤثر على خريطة توسعات البنوك من خلال إحلال دول محل دول أخرى دون المساس بفكرة التوسع بصفة عامة . وأشار إلى ان البنوك قد تتجه خلال الفترة المقبلة لأسواق الكويت والسعودية والامارات والبحرين والاردن كبديل للسوق القطرية على سبيل المثال ، موضحا ان تدشين فروع ومكاتب تمثيلية للبنوك فى الدول التي توترت علاقتها مع مصر غير مجد فى الوقت الحالى ، لما يترتب عليه من تأثير على عملية الاستثمار والتبادل التجارى بين البلدين وبالتالي من الافضل اتجاه البنوك للتوسع فى الدول التى ستخدم مصر اقتصاديا خلال الفترة المقبلة . وحول امكانية تخارج بنوك من السوق المصرية أكد ان التخارج عملية ترتبط بالبنك الأم وليس بالظروف السياسية للدولة فبالرغم من كل ما مرت به الدولة من احداث غير مستقرة، إلا انها مازالت تمتلك مقومات النجاح الاقتصادى والقدرة على تحقيق معدلات نمو وهو الأمر الذي يعزز من الفرص الاستثمارية بالسوق المصرية،مستشهدا بتخارج بنكي بى انى بى باريبا وسوستيه جنرال الذي ارتبط بوضع المجموعة الأم بالخارج وسعى البنكين لتخطي الازمة التي مرت بها فرنسا والاتحاد الاوروبي . الأسواق الافريقية بديل قوي عن البلدان المتوترة يرى عبد المجيد محيى الدين ، رئيس البنك العقارى المصرى العربى ، ان التوسعات الخارجية للبنوك تتوقف خلال الفترة المقبلة على استمرار توتر العلاقات الخارجية مع بعض الدول من عدمه الي جانب الوضع الاقتصادى للدول الاخرى، فضلا عن الموقف المالى للبنك فى ضوء الاستراتيجية الموضوعة للتوسعات الخارجية وامكانية تعديلها فى حالة حدوث أزمات سياسية تحول دون استكمال تلك التوسعات . وأشار إلى أن أسواق الدول الافريقية من أكثر الأسواق الجاذبة والواعدة للجهاز المصرفي خلال الفترة الراهنة خاصة أن التوسع بها سيسهم في دعم العلاقات مع دول حوض النيل في ظل وجود العديد من الملفات المشتركة مع أفريقيا وعلى رأسها ملف مياه النيل مع أثيوبيا،إضافة الى إنه سيواجه التوقفات المحتملة لخطط التوسع بالدول التي اعادت النظر في تعاملاتها مع مصر عقب ثورة 30 يونيو . واستبعد توسع بعض البنوك الحكومية التي أعلنت من قبل عن خطط توسعية فى تركيا خلال الفترة الراهنة لكونها من الاسواق غير المستهدفة من قبل الدولة فى حركة التجارة والتدفقات الاستثمارية خلال الفترة الحالية،مؤكدا ان السوق المصرية مازال يحتفظ بمقومات النمو الاقتصادى والدليل علي ذلك تحقيق البورصة لمكاسب عقب اسبوع من الاحداث التى شهدتها البلاد خلال الفترة الماضية ليري ان تخارج مصارف من السوق المصرية مستبعد تماما . الخليج والصين وروسيا تفتح اسواقها للتوسعات المصرية محمد بدرة ، عضو مجلس ادارة بنك القاهرة ، قال ان البنوك ستعتمد خلال الفترة المقبلة عند وضع استراتيجيات توسعية بالخارج علي التوجه الى اسواق تابعة للدول الحليفة والتي تخدم سياستها الاقتصادية ومن بينها خلال الفترة الراهنة دول الخليج والصين وروسيا نظرًا لامتلاكها معدلات نمو جيدة وهو الامر الذي سيسهم في تحقيق التبادل التجارى مع مصر . وحول رغبة البنوك التوسع فى أسواق خارجية توترت علاقاتها مؤخرًا مع مصر قال إن تلك القرارات كانت سابقة وسوف تستمر البنوك فى استكمالها، لافتا الى أن عالم الأعمال غير مرتبط بالسياسة بشكل كلي بدليل أن الاتفاقيات التجارية والاقتصادية بين مصر ودول الاتحاد الأوروبى وأمريكا مستمرة رغم توتر العلاقات كما ان مكاتب البنوك تعمل فى الخارج بشكل طبيعى ودون توقف . واستبعد ان تؤثر الحالة السياسية على القرارات الاقتصادية بشكل يؤدي إلى تخارج البنوك الأجنبية من مصر، مؤكدا ان عودة الامن والاستقرار سيكونوا عاملين هامين خلال الفترة المقبلة فى جذب استثمارات جديدة للسوق المصرية . جدول يوضح التواجد الخارجي للبنوك الحكومية البنك البلد الاهلي المصري السودان المملكة المتحدة الولاياتالمتحدةالامريكية الصين جنوب افريقيا (مكتب تمثيلي) الامارات العربية المتحدة (مكتب تمثيلي) اثيوبيا (مكتب تمثيلي) مصر لبنان الامارات العربية المتحدة فرنسا المانيا